فما ظنكم برب العالمين

إحسان الظن بالله وبجميل عفوه من مقتضيات العبودية له، ومن مقتضيات الإيمان بصفاته التي يتجلى فيها الكمال الإلهي بأبهى صورة. صفاته المنزهة عن النقص والتشبيه والتمثيل والتعطيل والتكييف، والتي اتصف بها سبحانه ووصف بها ذاته العلية من رحمة، وعفو، ومغفرة، وكرم، وإحسان لعبيده. صفاته التي تطرُق سمع البشر وتعاينها أعينهم؛ وهي تدعوهم للإقبال عليه وعدم القنوط واليأس من رحمته ليل نهار.

فالعبد العارف بربه والمعترف بذنبه؛ واقفٌ على بابه، لا ينفك عنه إحسان الظن بخالقه ومُعطيه ومن عوَّدَه النِّعَم، ولو صدر منه لضعفه وجهله بربه ما صدر من المعاصي والآثام.

ومما ينبغي على المسلم في حياته عامة، وفي الأوقات المباركة خاصة التي تنهمر فيها الرحمات ممن هو أهلٌ لها على عبيده المساكين الفقراء له ولفضله؛ أن يكون المسلم فيها في أعلى درجات حُسن الظن بالله، مستحضراً ومُستشعراً قوله تعالى فيما رواه النبي ﷺ في الحديث القدسي عنه أنه قال سبحانه عز من قائل:
“أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة”

وقوله سبحانه وهو الذي عوَّد عبيده إنعامَه:
“يابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة”.

فانظر وتأمل للملِك الرحيم، الذي له ملك السموات والأرض ومن فيهن، والذي وسعت رحمته كل شيء، وهو الذي أرحم بعبيده من الوالدة بولدها، وأرحمُ بنا منا؛ ثم انظر لنفسك التي تأبى إلا الابتعاد والقنوط وهي تخشى أن لا تَسَعها رحمة الله.. ما أجهلها بربها! وما أرحمه بها!

فَقُم ودع عنك ما أنت فيه من وساوسٍ وسوء ظُنون، وجُدَّ السيرَ إليه واجتهدِ، وناده بفقرك وقُل:مالي سوى قرعي لبابك حيلةٌ

فلئن رددت فأي باب أقرع
حاشا لمجدك أن تقنطَ عاصياً
الفضلُ أجزل والمواهب أوسُع

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة