المهيمن

تبحث هنا وهناك، ذهابًا وإيابًا.. أصبح الهواء ثقيلًا على رئتيها، فأنفاسُها تتصاعد وتهبط بسرعةٍ مصحوبةً بثقلٍ كبيرٍ.
وجهٌ سُحب منه كل معالمِ الحياة، فكيف لها أن تحيا دون هذا الذي امتزج دمه بدمها، من كانت له بيتًا وأمانًا، رعايةً واهتمامًا؟

ثمّ يُفاجَأ من يتابع هذا المشهد بتبدل معالم وجهها، وذلك لأنها وجدت ما كانت تبحث عنه…وجدت وليدها!

وهذا يا عبد الله واقعٌ نراه في أيامنا هذه كثيرًا، لكن تأمل حين يرى مثل هذا المشهد أهل الإيمان وأهل العلم بالله عز وجل.. أينظرون من نفس المنظور الذي ننظر منه؟

تأمل..
إنَّ امرأةً كانت في السَّبي فقدتْ طفلًا لها، فوجدتْ طفلَها في السَّبي فعرفت أنه ولدها، فأخذتهُ تُرضعه،
فقال لهم النبيُّ ﷺ:

«أترون هذه طارحةً ولدها في النار؟» قالوا: لا، قال: «فالله أرحم بعباده من هذه بولدها»

يعني: بعباده المتقين له.

علمك بالله أنه -سبحانه وتعالى- هو المُهيمن على خلقه الرحيم بهم يجعلك مطمئنًّا خاضعًا خاشعًا له جل جلاله، فله العلم التام، والقدرة الشاملة، والرحمة الواسعة.

هيمنة الله -عز وجل- مطمئنة لقلوب عباده.. فمن يكون الصاحب في السفر والخليفة في الأهل في آنٍ واحد؟ وهو جل جلاله المطلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علمًا.

وكما تحيط الأم وليدها رعايةً وحبًا واهتمامًا؛ فرحمه الله تعالى رحمة حب وعطف لعباده المؤمنين، ولله المثل الأعلى.. وما أدراك ما رحمته جل جلاله!

الفائدة

منظورك للعبادة سيختلف؛ فبعدما كانت مجرد قضاءٍ للواجب، ستصير شكرًا ومحبةً لمن هو أرحم بك من أمك.

تلاوتك للقرآن وتلقِّيك للوحي سيختلف؛ ستُقبلُ عليه إقبال من يثق تمام الثقة في أن هذا هو سبيل نجاته، وسبيل التمسك بحبل الله تعالى.

ومن ثم وجب عليك شكر المُنعِم بالنعم التي لا تعد ولا تحصى.

قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين وهو يتكلم عن حقيقة الشكر وكيف يكون العبد شاكرًا: «وكذلك حقيقته في العبودية، وهو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه شهودًا ومحبةً، وعلى جوارحه انقيادًا وطاعةً».

{مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: ١٤٧].

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة