﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾
ذكر السعدي في تفسيره أن الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم، وأن ذلك مناف للإيمان، ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو، الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا، وينتهز الفرصة في إيصال الضرر إلى عدوه.
يا عباد الله، المقاطع لمنتجات العدو في هذا الزمن صار بطلًا، مع أننا جميعًا نعلم أين هم الأبطال الحقيقيون، فلا يغرك ولا تظن أنك تركته لأجلهم؛ بل لأجل الحذر من وعيد الله سبحانه وتعالى العزيز الجبار منك إذا واليت الكفار. فما بالك إن لم تكن بين صفوف المقاطعين؟ وما حجتك؟
تأمل الآية لعلها تكون سببًا لإعادة التفكير في مجرى حياتك التي لم يصبح لنصرة الإسلام فيها بابًا.
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا}:
هل أنت منهم؟ أتنظر فوقك فترى سماء لا أول لها ولا آخر فتشعر بداخلك بهذا الإيمان الباعث للعمل، الباعث للتعرف أكثر وأكثر على الخالق البديع؟
هل أنت منهم؟ أتدرك حق الإدراك أنك موقوفٌ أمام الملك جل جلاله يوم الحساب مسؤولٌ عن كل لحظة بل كل ثانيةٍ مضت منذ أن بلغت سن التكليف؟
هل أنت منهم؟ أتؤمن حقًا!مالك إذا قيل لك نصرة لإخوانك في الله لم تأخذك الحمية، ولم توقد داخلك نيران الهمة للنهوض لنصرة دين الله؟
{لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ}:
تخيل أن هناك أعداء للخالق وهم أبناء ذلك الماء المهين، تخيل أن الملك سبحانه وتعالى يُعرّفك ويُعرِّف المؤمنين بأن لهم خالق مهيمن عزيز واحد أحد هو الحق سبحانه وتعالى، وأن أعداءه هم أعداء المؤمنين به سبحانه وتعالى، هم أعداء الدين الحق، الدين الذي جاء لإخراجهم من الظلمات، ومع ذلك أُشربوا في قلوبهم العجل، فالعجل الآن هو كل ما يتنازعوا من أجله كل زائفٍ هايفٍ تالف!
{تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ}:
وهنا ما استوقفني بشدة، فتأمل تفسير السعدي وخاف على نفسك! أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها، فإن المودة إذا حصلت، تبعتها النصرة والموالاة، فخرج العبد من الإيمان، وصار من جملة أهل الكفران، وانفصل عن أهل الإيمان.وهذا المتخذ للكافر وليا، عادم المروءة أيضا، فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر، ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير، ويأمره به، ويحثه عليه؟! وطبعًا ستنفي عنك هذا الاتهام وتقول كيف وأنا بين صفوف صلاة القيام والصيام؟ ولكن تنسى هذا المال الذي يخرج لمنتجاتهم، وتلك القنوات والمسلسلات، وتلك الصيحات والموضات، وتلك الأعياد والاحتفالات، وكل أمرٍ لا يمت لدينك بصلة!
{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ}:
يخرجونكم أيها المؤمنون من دياركم، ويشردونكم من أوطانكم، ولا ذنب لكم في ذلك عندهم، إلا أنكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته، لأنه رباهم، وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة، فلما أعرضوا عن هذا الأمر، الذي هو أوجب الواجبات، وقمتم به؛ عادوكم، وأخرجوكم -من أجله- من دياركم، فأيُّ دين، وأيّ مروءة وعقل، في نفس العبد إذا والى الكفار الذين هذا وصفهم في كل زمان أو مكان؟
“لسة مش مقاطع؟”راجع نفسك.