من ترك المِراء وإن كان محقًّا

|

من ترك المِراء وإن كان محقًّا

تستطيع أن تبصر حالة الفراغ والبطالة التي يعاني منها جموع المسلمين، أو قل الرفاهية الجدالية.

البطالة لا تعني فقط عدم وجود مهنة يمتهنها الإنسان؛ بل كثيرًا ما تعني عدم وجود همّ يحمله الإنسان يكن له وقودًا يدفعه لعطاءٍ صادق، وعمل دائم لا يتوقف لتحسين الواقع؛ حتى لو كان في محيط أقرب وأصغر دائرة من حوله.

كلّ مدة تطفو جدالات لا تخلو من التراشقات والاتهامات المعلبة والتي تعلو وتيرتها يومًا عن يوم؛ جدالات لا تسمن ولا تغني من جوع، لا تُطرح لشيءٍ سوى الجدل ذاته، ولا تثمر شيئًا سوى التشرذم والتفكك والانصراف عن الغايات والأهداف العظمى؛ والتي يجب أن تكون المحرك والحادي للمسلم طوال رحلة حياته.

ننام على جدل ونستيقظ على جدل، وما أن تخفو شرارة موضوع ما، حتى يسارع البعض إلى إشعال موضوع آخر.
ثم ماذا؟! لا شيء.

يخرج أحدنا من النقاش منتفشًا منتشيًا يشعر بالإنجاز وبأنه أدى ما عليه لأنه “قصف جبهة” معارضه، سواء بحق أو بباطل، ويشعر أنه أدى ما عليه لنصرة الأمة وقضاياها المشتعلة. ويخرج الآخر بنفسية منهزمة وعقل مشوش وبال متعكر؛ فقد خسر النقاش، يستعد أفضل لنقاش آخر “لا يسمن ولا يغني من جوع”.

حين تتأمل تلك النقاشات وتنزل لواقع الناس وما يشغلهم، تستطيع أن تدرك جيّدًا معنى الرفاهية الجدالية؛ فكل تلك السفسطة أو جلها في واد والناس وواقعهم في واد آخر تمامًا. تدرك حينها مدى الخديعة التي يحياها هؤلاء، والبطالة والفراغ الذي يعيشونه.

الحل الأمثل لكل هذا، هو العمل. العمل في سبيل الله عز وجل ولإعلاء كلمته. أن يجلس أحدنا مع نفسه جلسة صدق، يستحضر غايته وهدفه وسعيه الصادق لتحقيقه وعمله الذي سيلقى الله عز وجل به، وهمه الذي يحمله وما قدم في سبيله.
الهم الذي يحمله الإنسان هو أعظم مؤشر على سمو نفسه وغاياته أو دناءته.

لشخصٌ واحدٌ تتبناه لتعلمه دينه كما يجب، وتستنهضه للعمل في سبيل الله على نور من ربه، خيرٌ لك وللأمة من تراشقات الليل والنهار؛ حتى لو كان هذا الشخص هو أنت.

ثبت بالواقع أن من كثر عمله، قل جداله.
الأمة في أمس الحاجة لكل صادق، كل الثغور شاغرة تنتظر الفارس الذي يشغلها ويكفي الأمة من قِبلها، وواقع الأمة أعقد من تلك المهاترات؛ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وانهض مستعينًا بالله عز وجل مشمرًّا عن سواعد الجد والعمل.

اسعَ لتغيير هذا الواقع البائس بجِدّ ولا تمُت إلا ساعيًا محاولًا.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة