في هذا العصر قد كثرت الشبهات والشهوات، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر كما قال نبينا ﷺ: “يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر”، وأظن أننا وصلنا لهذا الزمان لما نراه من صعوبة التمسك بشعائر الإسلام، ومن تمسك بها يصبح المعقد والله المستعان. وأصبح هناك أبواب كثيرة لدخول الفتن؛ مسلسلات، نسوية، اختلاط، شبهات، شهوات، ووسائل التواصل المتاحة بأي وقت.
قد أمرنا الله بالعفاف وغض البصر وعدم إبداء الزينة، وسبحان الله القرآن وضح لنا كل هذا؛ فقال الله عز وجل
{وَقُل لِلمُؤمِناتِ يَغضُضنَ مِن أَبصارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنها وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيوبِهِنَّ وَلا يُبدينَ زينَتَهُنَّ}.
غض البصر واجب عليكِ، ولا تخدعي نفسك بأن تقولي لا أفتن، وما أدراكِ أنتِ؟ وحتى لو لم تفتني فهو حرام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليس لك الآخرة” وهذا الحديث يشمل الرجال والنساء، والنظر سهم مسموم من سهام إبليس. وقد قال الله عز وجل
{وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا}.
وقد فصل ابن القيم في أثر النظرة فقال: (والنظرة أصلُ عامة الحوادث التي تصيب الأنسان، فالنظرة تولدُ خطرة،ثم تولدُ الخطرة فكرة، ثم تولدُ الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة حازمة، فيقع الفعل ولا بد، مالم يمنع منه مانع).
وأمرنا الله بعدها بالعفاف: وليضربن بأغطيتهن ليستروا جسدهن، وقد اعتنى الإسلام بالمرأة وكرمها؛ فشرع ما يحفظها في نفسها ويحفظ حيائها وكرامتها بين الناس. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “المرأةُ عَورةٌ ، فإذا خرجتْ استشرفَها الشَّيطانُ”، ومعنى العورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر.
وجاء في شرح الحديث: سميت المرأة عورة لأن من حقها أن تستتر، والمعنى أن المرأة عورة يستقبح تبرزها وظهورها للرجال الأجانب عنها، وإذا خرجت استشرفها الشيطان ورفع البصر إليها ووكل النظر عليها ليغويها أو يغوي بها.
ولا يبدين زينتهن: كل زينة لا تجوز الإظهار، وأذكر لكِ بعضها: خاتم الزواج بيدك زينة لا يجوز إظهاره، وضع واقي من الشمس الذي يغير لون بشرتك عند الخروج يعتبر من الزينة أيضاً ولا يجوز، لبسك لحذاء يخرج صوت عندما تمشين به فتنة ولا يجوز، وضع مساحيق التجميل على العين وإظهارها من فتحة النقاب زينة لا تجوز.
والزينة لها معانٍ كثيرة، والمرأة تعلم كيف تتزين حتى لو وضعت النقاب؛ لذلك قال الله تعالى {لا يبدين زيتهن} ولم يحدد أي شيء؛ لأنه أي شيء تعلمين أنه يفتن أو به تزين يعتبر حرام،وقد فرض علينا الاحتشام ولو تعفف كل الرجال.
وقال الله:
{وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ ما يُخفينَ مِن زينَتِهِنَّ وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَميعًا أَيُّهَ المُؤمِنونَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ}؛
أي لا يضربن بأرجلهن عمداً ليعلم ما يخفين من زينة، مثل خلخال وغيره. وكثير من الفتيات نرى اليوم قد استبدلو الخلخال بلبس الكعب العالي أو حذاء يظهر صوت عند المشي ويفعلن ذلك عمداً، وإذا نصحتها تبرر لكِ وتضع الأعذار التي لا تصدقها هي نفسها.
وقد أمرنا في نهاية الآية بالتوبة لله؛ لأن قل من لا يخطئ، وقد نخطئ بقصد أو دون قصد؛ لذلك رحمنا وأرشدنا للتوبة لكي يغفر لنا رجاء أن نفوز بالمطلوب وننجو من المرهوب.
ومن العفاف أيضاً عدم ظهور شيء يخصك على المواقع. كثير من النساء تقع به وتظن أنه من الفطرة ولكن هو والله انتكاس للفطرة وليس من الحياء، تأتي فتاة تضع صورة يدها أو وجهها أو غمازة خدها، وبعض النساء لا تضع صورة ذاتها ولكن صورة لفتاة ثانية! أما علمت أنه لا يجوز؟ المرأة كلها فتنة، وظهور شيء منها لا يجوز وهو شيء لا تفعله سوى عديمة الحياء.
وإن فكرتِ بها فماذا تستفدين منها سوى أنك تعلمين أن هذه الصور تجذب الرجال إليكِ؟ وإذا قلتي ليس هذا هدفي؛ فما هو هدفك في فعل ما يُسخط الرب عليكِ؟
ولهذه الأفعال لا يوجد تبريرات؛ لأنه إما حب الظهور الموجود عند النساء ولكن بعضهن ضبطنها واتقين الله وبعضهن سِرنَ وراء أهوائهن، أو محاولة للفت الأنظار لكِ وهذا الشيء بالفطرة لا نكذبه؛ ولكنك عندما تحاولين لفت أنظار الرجال بتزيُّنكِ فهذا انتكاس للفطرة.
والمرأة السوية لا تفعل هذا؛ بل تتعالى عنه لأنها عرفت قدر نفسها، من أرادها يطرق بابها بالحلال. المرأة السوية تتجنب المواقع إلا عند الضرورة ولا تكلم رجال ولا تدخل لصفحات الرجال، ومن تعلق على منشورات الرجال والله هذا من أقبح الأشياء وكثير ما رأيت فتيات يعلقن على منشورات الرجال بحجة الدين، أو السؤال والله المستعان.
أخيتي، اعلمي أن العفاف جوهر ثمين؛ فلا تضيعيه، والحياء شعبة من شعب الإيمان فلا تفرطي فيه.