البناء والهدم

|

البناء والهدم

مقولة كبرنا عليها وتعودنا عليها، أن البناء أصعب بكثير من الهدم، والعكس بالعكس؛ أن الهدم أسهل من البناء، وهذه حقيقة لا محالة.

في جميع الأحوال يكون البناء أصعب من الهدم؛ إلا في حالة واحدة وهي تعاملك مع الأبناء؛ فالبناء هنا صعب، والهدم أصعب.

والهدم المقصود هنا هو هدم الأسوار التي بين الآباء والأبناء، والتي بنيت بالبعد الفكري والنفسي والوقتي؛ فالهدم في هذه الحاله صعب لأنها بنيت على مر سنوات كثيرة منذ البداية. هو هدم الفجوة الكبيرة بين الاثنين وردمها وبناء جسور تواصل مرة أخرى.
هو هدم بناء البعد؛ والذي هو ترجمة لعدم اكتفائهم بك، أو عدم الاهتمام بهم، أو عدم الاحتواء، أو عدم القرب منهم.
وبناء البعد يكون بألا تستمع إليهم، وألا تقضي معهم وقتًا، أو تحل مشاكلهم مع بعضهم أو مع أقرانهم بالمدرسة أو بالنادي أو حتى مع مدرسيهم، وإهمالك لكلّ ما يقربك منهم ويقوي ارتباطكم ببعضكم.

وبناء البعد سهل جدًّا إن انشغلت حتى في وقت الراحة «بالفون» و«الآي باد» و«اللابتوب» مع « الشات» أو، أو …

إن أردت أن تهدم ما ذكرت، إن انتبهت أنه يجب عليك هدم تلك الأسوار؛ سوف تجد الفجوة كبيرة جدًّا، فجوة البعد والمسافات والأسوار بينكم، وقدرتك الذهنية والبدنية والنفسية غير قادرة على الهدم حتى الآن. وأنت هنا تحتاج وقتًا لذلك، ولا بدّ لك من الإدراك بأن الأمر ليس هينًا.

وأرجو بل أدعو الله من كل قلبي أنه أثناء هدمك لتلك الأسوار التي جعلتها بينك وبينهم؛ ألا تقوم ببناء أسوار أخرى تماثلها بشكل مختلف. وأعتقد أن ذلك لن يحدث إلا في حالة واحدة، وهي اتباع منهجية تربوية لا تعاملات مزاجية هرمونية.
بمعنى أننا أحيانًا نتقرب منهم، نشعر بذاك البعد أو تلك الفجوة، وأثناء تقاربنا تنتابنا بعض المزاجية أو بعض القدرات النفسية أو الهرمونات الطاغية فتبعدنا مرة أخرى أو نبعدهم هم عنا أثناء هذا الهدم فنبني سورًا جديدًا. ولكي نتفادى تلك الآفة علينا أن نتبع منهجية تربوية لا مزاجية، وعلينا إدراك المسؤولية الواقعة علينا تجاه أبنائنا وعلاقتهم بنا.

اللهم لا تفتنَّا بأبنائنا ولا تفتن أبناءنا بنا، آمين يارب العالمين.

اللهم علمنا وانفعنا بما علمتنا.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة