بداية الحكاية: نشأة الرسوم المتحركة

|

الرسوم المتحركة

لنبدأ حكاية نشأة الرسوم المتحركة. كان في قديم الزمان، منذ بداية تكوين الإنسان، مخلوق من الجان؛ غوي مبين، عاصٍ لربه، حسود، متكبر، ذو طغيان، ابتُلِيَ وامتُحِنَ بفتنة خلق الإنسان، إذ أمره ربه أن يسجد لآدم المكرم سجود تحية واستجابة لأمر الرحمن؛ فما كان منه إلا كل فسق وكفر وعصيان؛ فأعلنها حربًا أزلية قائمة إلىٰ نهاية الزمان، وتوّعد بإغواء آدم وذريته، وتسييرهم سير العميان، إلا عباد الله الصالحين؛ فما له عليهم من سلطان.

توطأة

قال الله تعالىٰ:

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (٦١) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (٦٢) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)}
[سُورَةُ الإِسْرَاءِ: ٦١-٦٥]

وقال ﷻ:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)  قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨) وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٢٤) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥)}[سُورَةُ الأَعْرَافِ: ١١-٢٥]

فكانت بداية الحكاية، بأول مكيدة شيطانية في الشهوات “شهوة الخلد في الجنان” ، فنسي آدم العهد، ووسوس له الشيطان، وعصَىٰ ربه، ونَسِي قول المنان، وأُهْبِطُوا إلىٰ الأرض جميعًا، وتوالت الفتن، وزاد الامتحان..

ثم بعد تطاول الأزمان، مكر إبليس مكرًا بقوم نوحٍ؛ إذ دعاهم إلىٰ عبادة الأوثان، وكانوا قبل ذلك في عشرة قرون من لدن آدم كلهم علىٰ الإسلام، وحَكَىٰ لنا ابن عباس – رضي الله عنهما – ما كان من أمر هذه الأوثان، وبَيَّن كيف صارت في العرب بعد قوم نوح [وتلك غاية إبليس في صرف الناس عن التوحيد والإيمان، في كل قرن وزمان.]

فقال في تأويل قوله تعالىٰ:

{وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} [سُورَةُ نُوحٍ: ٢٣]:

“صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ؛ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَأٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ. فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ.”

وذكر ابن جرير الطبري في تفسيره للآية:

“حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسىٰ، عن محمد بن قيس: ﴿ويعوق ونسرا﴾ قال: كانوا قوما صالحين من بنى آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صوَّرناهم كان أشوق لنا إلىٰ العبادة إذا ذكرناهم، فصوَّروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون دبَّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقَون المطر فعبدوهم.”1

وذكر ابن كثير في تفسيره “أنه جاء عن ابن أبي حاتم أنه قال:

حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا يعقوب، عن أبي المطهر قال: ذكروا عند أبي جعفر -وهو قائم يصلي- يزيد بن المهلب، قال: فلما انْفَتَلَ من صلاته قال: ذكرتم يزيد بن المهلب، أما إنه قُتل في أوّل أرض عُبِدَ فيها غير الله.

قال: ثم ذكر ودّا – قال: : وَكَانَ وَدٌّ رَجُلًا مُسلِمًا وكانَ مُحَبَّبًا فِي قَوْمِهِ، فَلَمَّا مَاتَ عَسْكَرُوا حَوْلَ قَبْرِهِ فِي أَرْضِ بَابِلَ وَجَزِعُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى إِبليس جَزَعهم عَلَيْهِ، تَشَبَّهَ فِي صُورةِ إِنسانٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَرَى جَزَعَكُمْ على هذا الرَّجُلِ، فهل لكم أَنْ أُصَوِّرَ لَكُمْ مثله، فيكونَ في ناديكم فتذكرونه؟
قالوا: نَعَمْ.

فصوَّر لهم مثلُه، قال: ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه.
فلما رأىٰ ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله، فيكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم.

قال: فمثّل لكل أهل بيت تمثالا مثلَه، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، قال: وَتَنَاسَلُوا ودَرَس[ذهب عنهم العلم بحقيقة أمرهم بالكلية، ومُحي.] أَمْرُ ذِكْرِهِمْ إِيَّاهُ، حَتَّى اتَّخَذُوهُ إِلَهًا يَعْبُدُونَهُ مَنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلاد أولادِهِمْ، فكان أَوَّلَ ما عُبِدَ من غَيْرِ اللَّهِ: الصَّنَمُ الذي سَمَّوْهُ وَدّا.

وبهذا نجحت مكيدة الشيطان في صرف بني آدم إلىٰ الشرك والكفران، من خلال التصاوير، ونحت التماثيل، والأوثان، وهذه المكيدة تُعادُ وتُكرَّر في كل زمان ومكان، مكيدة كُبرىٰ، تزل فيها نفوس بني الإنسان، من لدن قوم نوح إلىٰ هذه الأزمان، وكانت في أهل الرومان واليونان، وفي اليهود وعجل السامري الفنان، وفي تصاوير كنائس أهل الصلبان، والمجوس عباد النيران، والهندوس عابدي الحيوان، والبوذية، والشنتوية، والطاوية، وكل دين ما لأهله عليه من سلطان..

أوصلهم إبليس من خلالها إلىٰ بغيته في الكفر بالله العزيز رب الأكوان، وقد حلّت في زماننا هذا بأعظم ما يكون في عالم الوهم والأفلام، إذ توصل بها إبليس إلىٰ كل الشرور والبهتان؛ فصوروا، وخلقوا، ومثلوا رسومات شتى بكل إتقان، وعاثوا من خلالها فسادًا وغزوًا للبلاد، والأبدان، والأذهان، ونشر كل رذيلة، وما يأباه أهل الفطرة والإيمان، قد أضلوا كثيرا، وكانوا لإبليس جنودًا داعين إلىٰ عبادة الشهوات والشيطان.

ولنا إن شاء الله فيما يأتي لبيان لحقيقة ما في عصرنا من مكايد، وأذرع، وأدوات للشيطان، كالرسوم المتحركة ما تحويه من كفر وطغيان، ودمار للفرد والأجيال؛ موجب لصيحة نذير لهفان، حاثين به المسلمين علىٰ الإصلاح، واستدراك أجيال أمة الإسلام، والله المستعان وعليه التكلان!

نشأة الرسوم المتحركة “توطئة”:

بالعودة إلىٰ منشأ الرُّسومِ والقَصص المُصوَّرة؛ وجدنا أن تعيين البدايات يستحيل؛ إذ أنَّها كانت موجودة في العصور الغابرة، ما قبل التأريخ والكتابة!

فكانت النُّقوش الصَّخرية بمثابة اللُّغة والتَّدوين لناقشيها، وتَحمِلُ وَصفَ حياتهم، أو وصفَ الحيوانات التي كانت في تلك البقاع، وطريقة اصطيادها وهجومهم عليها؛ كأشبه ما يكون بالقَصصِ المُصوَّرة.

وقبلَ الميلاد وبعدَهُ، بقيت التَّصاوير، والنُّقوش، والتَّماثيل؛ مُلازمة للإنسان في تعبيره عن واقعه وعقائده، وأمثال ذلك ما ظهر من آثار ومنحوتات في بلاد الرافدين، والآثار والتَّصاوير الفرعونية، واليونانية، والرومانية، والآسيوية، والفارسية، والبيزنطية، وغيرهم.. تحكي عقائدَ، وما جرىٰ من قَصصٍ وقتئذ.

وقد جاء في صحيح البخاري الحديث (٤٢٧)، في وصف بعض تلك التَّصاوير، وذمِّ مُصوِّريها:

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ -رضي الله عنهن جميعًا- ، ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : “إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ؛ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ؛ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ “.2

فمن جاءَ بالرُّسومِ المتحركة والقَصص المصوَّرة كما نعرفها اليوم؛ ما جاء ببدعٍ من الفعل، إنما كانت ما كان الإنسان، وكثير منها من وحي الشَّيطان، ووسيلة إضلاله، وتحملُ بين طياتها عقائد الرَّسامين، وإن كانت مزخرفةً، ومبهرةً، وغاية في الإبداع!

هذه نظرة بحثية بسيطة، وفيما يلي إن شاء الله، نظرة تاريخية سريعة وقاصرة، لمعرفة تاريخ منشأ الرُّسوم المتحركة من مواطنها التي شاعت فيها، لم نغطي فيها جميع الجوانب، وإنما كانت محاولة تقريبية لفهم المنشأ.

نشأة الرسوم المتحركة في الغرب:

بداية الرسوم المتحركة -بالمفهوم الذي نعرفه- كانت عام ١٧٣٦ ميلاديًا، وهي عبارة عن رسوم طواحين هواء في حالة دوران، وكانت سابقةً لزمنها إلىٰ حد بعيد.3

وقد عُدّ أقدم فيلم رسوم متحركة باقي حتىٰ اليوم؛ هو فيلم لمدة دقيقتين، بعنوان: (الرسم المسحور.. the enchanted drawing) يعود لعام ١٩٠٠ ميلاديًا، من البريطاني الأمريكي : “جي ستيوارت بلاكتون.. J. Stuart blackton” حيث يعتمد علىٰ رسمه بسرعة لوجه رجل، ثم يستخدم خدعة التوقف؛ فيقطع الكاميرا، ويغير ملامح الرسمة، ثم يستأنف التصوير؛ مما يخلق وهم التغيير الفوري.

ثم تطور الأمر عام ١٩٠٦ ميلاديًا؛ حيث أنتج جي ستيورت كذلك فيلم بعنوان: (المراحل الفكاهية للوجوه المضحكة.. humorous phases of funny faces) وهو فيلم مدته ثلاث دقائق، ويظهر في البداية استخدام يد ترسم بالطباشير، ثم أيضًا خدعة التوقف بالكاميرا؛ للإيهام بحركة الرسومات.

وفي عام ١٩٠٨ ميلاديًا؛ ظهر أول فيلم باستخدام أساليب الرسوم المتحركة التقليدية، بعنوان:

(الأوهام.. fantasmagorie)، بواسطة الفرنسي: “إيميل كول Émile Cohl” وعُرض في باريس.

ثم تتطور الأمر قليلًا؛ حيث قام المصوّر البريطاني: “Arthur Melbourne Cooper.. آرثر ملبورن كوبر” بإنتاج فيلم، ظهر عام ١٩٠٨ ميلاديًا، ويسمىٰ: (أحلام أرض الألعاب Dreams of toyland)

ثم في عام ١٩١١ ميلاديًا؛ ظهر أول فيلم رسوم متحركة ملونة، لرسام الكاريكاتير الأمريكي: “وينسر مكاي.. Winsor mcCay” ولكن بدون خلفيات ولا بيئات، بعنوان: (نيمو الصغير little nemo)

أيضًا تم إنتاج أول فيلم باستخدام الصلصال بعنوان: (المعجون المتحرك amimated putty) عام ١٩١١ ميلاديًا، بواسطة البريطاني: “والتر آر. بوث Walter R. Booth” واستخدم فيه أيضًا تقنية إيقاف الحركة؛ لإظهار الصلصال وكأنه يتحرك ويتشكل من تلقاء نفسه.

أما في عام ١٩١٢ ميلاديًا؛ قام رسام الرسوم المتحركة الروسي: “Władysław Starewicz.. فلاديسلاف ستاريفيتش” بصنع ما يعتبر أقدم فيلم رسوم متحركة، تُستخدم فيه الدَّمىٰ، ولكن استخدم فيه حشرات ميتة، بعنوان: (لوكانيدا الجميلة.. prekrasnaya lyukanida)

أما في عام ١٩١٣ ميلاديًا؛ أنتج الرسام والمخرج الأمريكي “John Randolph Bray – جون راندولف براي” أول فيلم رسوم متحركة باستخدام قطع من السيلولويد Cel الشفافة المخصصة للرسم باليد، وظهر هذا الفيلم بعنوان:
(أحلام الفنان the artist’s dream) 

ثم في عام ١٩١٤ ميلاديًا؛ أنشأ الأمريكي “وينسر مكاي.. Winsor McCay” فيلمًا بعنوان:(الديناصور جيرتي.. Gerti the dinosaur) وكان أول فيلم يظهر فيه ديناصور. ‘²’

وبحلول عام ١٩١٥ ميلاديًا؛ شرعت معامل تصوير السينما الأمريكية في إنتاج العديد من المجموعات المسلسلة لأفلام الرسوم المتحركة، مسنِدةً بطولة كل سلسلة إلىٰ شخصية من الشخصيات المألوفة.

وقد قام رسام متقاعد للرسوم الهزلية، يُدعىٰ “ماكس فليتشر”، بابتكار شخصيات: (كوكو البهلوان، وبيتي بوب، والبحار بوب آي)كما ابتكر رسام متقاعد آخر يُدعىٰ: “بات سوليفان” سلسلة: (القط فيليكس).

واشتهرت أيضًا شخصية: (كولنيل هيزا لاير، وكريزي كات، ومَطْ وجف -Mutt & Jeff-) ضمن ما اشتهر من شخصيات للرسوم الهزلية، وكان بعضها قد ظهر في صفحات الرسوم الهزلية الصحفية.

وفي عام ١٩١٧ ميلاديًا في استوديو (فيديريكو فالي)؛ قام الرسام الإيطالي الأرجنتيني “كويرينو كريستياني” بإخراج أول فيلم طويل للرسوم المتحركة في التاريخ، وعرضه لأول مرة يوم ٩ نوفمبر عام ١٩١٧ ميلاديًا بعنوان: (الرسول.. ElApóstol)، وهو عبارة عن نقد ساخر للوضع السياسي في الأرجنتين.

وكذلك كان هناك إنتاجات كثيرة من الخمسينات إلىٰ الثمانينات؛ تشيكوسلوفاكية قبل انفصالها4 وهنغارية5 ويوغوسلافية6 وسوفيتية7 وتشيكية8 وغيرها موجودة حتىٰ الآن، وغالبها قائم علىٰ الرسوم المتحركة الهزلية والساخرة والحكايات وغير ذلك.

ورغم أن هذه الأفلام وصانعيها قد نُسوا إلىٰ حد كبير، إلا أن التقنيات التي ابتكروها كانت تمهيدًا وامتدادًا إلىٰ ما نعهده الآن.

نشأة (ديزني) للرُّسوم المتحركة:

صاحبها (والت ديزني) مواليد عام ١٩٠١ ميلاديًا، عَمِل عام ١٩١٩ ميلاديًا في مجال الإعلانات بأحد استوديوهات مدينة كنساس؛ حيث تعرف حينها علىٰ الرسام (أب أيوركس)، وأنشأ الاثنان شركة خاصة، لكن مشروعهما فشل، ثم أسس عام ١٩٢٢ ميلاديًا شركة خاصة للأفلام، متخصصة في صناعة أفلام الرسوم المتحركة القصيرة الموجهة للأطفال، مثل: “سندريلا” و”القط ذو الحذاء”، وكانت أفلاما صامتة لكنها فشلت بدورها في تحقيق أرباح.

وانتقل في عام ١٩٢٣ ميلاديًا إلىٰ هوليود، وأعاد تجربة حظه مع الرسوم المتحركة؛ فأرسل فيلم: “أليس في بلاد العجائب” إلىٰ موزعة من نيويورك، أبدت إعجابها الشديد بالفيلم، وقابلت ديزني من أجل إنتاج المزيد من تلك الأفلام؛ فكانت من هذه الفترة الإنطلاقة الحقيقة لديزني.

ابتكر (ديزني) عدة شخصيات في الرسوم المتحركة، أبرزها: “دونالد دوك” و”غوفي”، وخصوصا شخصية “ميكي ماوس”، التي ظهرت لأول مرة في ١٥ مايو/أيار عام ١٩٢٨ ميلاديًا في فيلم صامت، بعنوان: “الطائرة المجنونة”، وتحول لاحقًا إلىٰ إنتاج أفلام ناطقة.9

وفي عام ١٩٣٤ ميلاديًا؛ بدأت الشركة بإنتاج الأفلام الكرتونية الطويلة، منها: “بياض الثلج والأقزام السبعة”، وقد عُرض من العام ١٩٣٧ ميلاديًا حتىٰ عام ١٩٣٩ ميلاديًا.

ومن الأعمال الشهيرة كذلك:

  • “بينوكيو” (١٩٤٠)، “فانتازيا” (١٩٤٠)،
  • “دامبو” (١٩٤١)، و”بامبي” (١٩٤٢).

ومرت الشركة بعقبات كثيرة، ثم بدأت الحرب العالمية الثانية، وانخفضت الأرباح في شباك التذاكر؛ فتعاونت ديزني مع الجيش الأمريكي و الحكومة الأمريكية في صناعة أفلام داعمة، وقد أنتجت حوالي عشرين فيلمًا متحركًا قصيرًا لحكومة الولايات المتحدة، وكانت أفلامًا معادية للألمان، واليابان، والجنود؛ بهدف تصوير هذه البلدان علىٰ أنهم متلاعبون بدون أخلاق للجمهور الأمريكي.

مات (والت ديزني) عام ١٩٦٦ ميلاديًا، وتولىٰ ابن أخيه الشركة عام ١٩٨٦ ميلاديًا. ثم استمرت الشركة  في التوسع علىٰ مر السنوات، واستحوذت علىٰ شركات أخرىٰ، مثل: (بيكسار) و(مارفل) و(لوكاسفيلم)، وأنتجت العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.

وحين دخل الكمبيوتر عالم صناعة الرسوم المتحركة؛ دخلت به حقبة جديدة -وهي الأفلام المصنوعة بطريقة”CGI” أو رسومات الكمبيوتر (Computer-generated imagery)-

وأخرجت استوديوهات شركة بيكسار أول فيلم كارتون طويل مصنوع بأكمله بالكمبيوتر، وهو: “حكاية لعبة” عام ١٩٩٥ ميلاديًا، وتطوَّر تدخُّل الكمبيوتر في الرسوم المتحركة؛ مما جعل أفلام الكارتون تنافس -كأي فيلم سينمائي- علىٰ اهتمام الجمهور، ومن ثم شباك التذاكر، وتحقيق إيرادات وأرباح تجارية كبيرة.‘²’

فوصلت شركة والت ديزني للعالمية، وكانت الملهمة لمن جاء بعدها في مجال الرُّسوم المتحركة.

نشأة الرُّسوم المتحركة [الأنمي والمانجا] في اليابان:-

وفقا لمصادر يابانية، فإن أصل الرُّسوم المتحركة، وأقدم قصص مصورة (مانجا) في اليابان تعود للعصور الوسطىٰ إلىٰ منتصف أو أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، وبعض الصُّور فيها تعود للقرن الخامس عشر إلىٰ السادس عشر، إذ جمعت مراحل زمنية عدّة.

فقد وجد في معبد بوذي لفافة ورقية مرسومة بالحبر تدعى:
” تشوجو جيجا- Chojugiga” وتنقسم اللفافة إلى أربع مجلدات قد رسمها رسامون عدّة، في أزمنة مختلفة، وكانت عبارة عن رسومات للحيوانات تتصرف وكأنها بشر، وتلعب بطريقة فكاهية، ورسومات لأنواع الحيوانات، ومخلوقات أسطورية، ورسومات للبشر من الرّهبان والأطفال والرّجال والنّساء عاكسةً حياتهم الاجتماعية.10

  • ثم في عام ١٨٦٢م ، تم نشر المجلة المصوّرة “Japan punch/ لكمة اليابان” (ジャパンパンチ) في مستوطنة يوكوهاما الأجنبية، بواسطة الإنجليزي تشارلز ويرجمان، وكذلك كتب تشارلز عام ١٨٦٤م في مجلة:
    “أخبار لندن المصوّرة- The Illustrated London News” عن انطباعاته وبعض الأحداث التي حصلت في اليابان.
  • في عام ١٨٧٧م ، تأسست المجلة المصوّرة “توان توان نيوز” خلال عصر ميجي.
  • وفي عام ١٩٠٥م أسس رسام الكاريكاتير الياباني كيتازاوا راكوتين: “طوكيو بوكو” وقدم مساهمة كبيرة في تطوير القصص المصوّرة اليابانية السّاخرة.
  • وفي عام ١٩١٥م، أسس رسام الكاريكاتير الياباني إيبي أوكاموتو مجموعة رسامي الكاريكاتير طوكيو مانجا كاي (المعروفة فيما بعد باسم اليابان مانجا كاي).
    خلال الحرب العالمية الثانية، وبسبب مشاركة اليابان في الحرب، ونقص الورق، كانت صناعة القصص المصوّرة في اليابان في حالة من التّراجع.11
  • وفي عام ١٩١٧م كان هناك محاولات بدائية لصناعة أفلام رسوم متحركة بتقطيع الصّور ولصقها يدويًا، استنادًا إلىٰ أعمال أمريكية وفرنسية قصيرة. وكان ذلك العصر (عصر السينما الصامتة) وعلى الرغم من نيل أفلام الأنمي اليابانية إعجاباً كبيراً إلا أن تكلفة الإنتاج كانت باهظة مقارنة بأعمال الأنمي الغربية لذلك فقد الأنمي الياباني شعبيته أمامهم.12
  • عام ١٩٢٨م، أُنتج أوّل فيلم كوميدي متسلسل في اليابان تلعب فيه فتاة دور البطل، وهو عمل رائد في القصص المصورة للفتيات.
  • وفي أواخر الحرب العالمية الثّانية تم إنتاج فيلم بالأسود والأبيض(موموتارو وجندي البحرية- Momotarō: Umi no shinpei)
  • وفي عام ١٩٥٤م، تأسست مجلة المانجا الشهرية للفتيات “ناكايوشي”.13
  • وعام ١٩٥٦م  قام هيروشي أووكاوار رئيس شركة ”توإي“ بمحاولة النهوض باليابان من نكبة الهزيمة في الحرب فشاهد فيلم ”أميرة الثلج – سنووايت“ (إنتاج سنة ١٩٣٧)
    وانبهر بألوان العمل الزاهية وعندئذ صمم ستوديو حديث مجهز بأجهزة التكييف سنة ١٩٥٦م.
    أطلق عليه اسم ”القصر الأبيض“ ثم أسس شركة ”توإي للرسوم المتحركة“ وكان أول عمل لها ”Hakujaden“ وتعني أسطورة الأفعى البيضاء وقد قامت ”توإي“ بإرسال وفد استطلاع لأمريكا واستضافة خبراء إلى اليابان وأدخلت نظام شركة ديزني بالكامل وقامت بتوظيف الكثير من الموظفين وكانت تقوم بإعدادهم في نفس الوقت الذي تستخدم فيه لصناعة الأنمي.14
  • وفي عام ١٩٥٩م، تم تأسيس مجلات المانغا الأسبوعية الأصلية “Weekly Shonen Sunday” و”Weekly Shonen Magazine”.
  • وبعد خمسينيات القرن العشرين، استَلهم المزيد والمزيد من رسامي الكاريكاتير اليابانيين أعمال أوسامو تيزوكا.
  • وفي الستينيات، مع التّطور السّريع للتلفزيون، بدأ عرض القصص المصوّرة الشّعبية علىٰ الشّاشة، وبدأ عصر الرّسوم المتحركة في اليابان. أمثال:
    • ” الفتىٰ آسترو- Astro Boy”
    • لأسامو تيزوكا عام ١٩٦٢م في أوائل الفترة ما بعد الحرب.
    • و”كيمبا الليث الأبيض -Kimba the White lion ١٩٦٦”.
    • و “مغامرات عدنان ولينا- Mirai Shōnen Conan ١٩٧٨”. وغيرهم..
  • وبعد التّسعينيات، توسعت أنواع القصص المصوّرة بشكل أكبر، وتزايد عدد المجلات المصوّرة بسرعة، كما ظهرت القصص المصوّرة عبر الإنترنت. ومن أهم الأعمال وقتها:
    • “بوكيمون Pokémon ١٩٩٧”.

ويعتقد بعض الناس أن تطور القصص المصورة اليابانية بدأ أثناء احتلال الحلفاء العسكري لليابان بعد الحرب، ويؤكد هذا الرأي أن القصص المصوّرة اليابانية تأثرت بشكل كبير بالثقافة الأمريكية، بما في ذلك القصص المصوّرة التي جلبها الجنود الأمريكيون إلىٰ اليابان، وكذلك من التلفزيون الأمريكي، والأفلام والرّسوم المتحركة (وخاصة ديزني).15

وسرعان ما تفوق الأنمي الياباني على الكرتون الغربي، وانتشر في العالم كانتشار النار في الهشيم، وكان نارًا بحق، لفح الناس بسوء معتقده، وأفكاره، وصدّر لهم أداة إلهاء وتضليل عظيمة!

نشأة الرسوم المتحركة في الصين وكوريا [المانهوا] :-

سُجل ظهور الرسومات في الصين على اللوحات الصخرية أو الجدارية أو الخشبية و يطلق عليها الصينيون “شاشات الرسم16، وكذلك ظهرت علىٰ اللفافات الورقية، في فترات قديمة جدا منها ما كان قبل الميلاد خلال أسرة هان ومنها ما بعده، وكالعادة يتم رسم الطبيعة أو الحيوانات والبشر والمخلوقات الأسطورية، وهي تعد أصل القصص المصورة.

قد وجدنا على الشابكة تعليقًا لأحد الكتّاب الصينيين حول كتاب صيني يتتبع تاريخ القصص المصوّرة، وسنحاول نقل تعليقه بإيجاز:

مفهوم المانهوا أو القصص المصورة الهزلية “الكاريكاتورية” ظهر في أواخر عهد أسرة تشينغ (١٦٦٤-١٩١٢) واوائل جمهورية الصين، وكانت عبارة عن هجاء أو تحذير من الظواهر السياسية أو الحياتية، ويتم تقديمه في الغالب بروح الدعابة.

وفقًا للكتاب، شهدت القصص المصورة الصينية ذروتها في التطور خلال مرحلتين:

  • الأولىٰ كانت حول ثورة ١٩١١م ، عندما ظهرت في الصحف والمجلات، رسومات كوميدية ذات محتوى مناهض للإقطاع والغزو.
  • والثانية كانت في الثلاثينيات، عندما اندلعت حادثة ١٨ سبتمبر في عام ١٩٣١م. بدأ بنشاط في إنشاء رسوم كاريكاتورية مناهضة لليابان ملأ الصحف والمجلات ، واستمر في إنشاء محتوى ذي صلة خلال الحرب الأهلية،

وكانت تلك حقبة مضطربة مزقتها الحرب، والقصص المصورة فيها تحكي الوضع السياسي المحلي والدولي.

لاحقًا، ومع انتهاء الحرب واستقرار البلاد، بدأ ظهور المزيد من المحتوى الهزلي الذي يعكس الظواهر الاجتماعية.
وفي العصر الحديث، بدأت العناصر الترفيهية والتجارية تحتل مكانة رئيسية في القصص المصورة، فقد كان تطور القصص المصورة دائمًا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحالة التنمية الوطنية.

ويذكر الكتاب أن فترة الثلاثينيات كانت فيها الرسوم الكاريكاتورية في ذروتها، ومن أبرز الرسامين الصينيين فنغ زيكاي». اهـ17

وبحسب مصدر آخر: أن فترة العشرينات تم استخدام اسم الكارتون رسميًا في الصين منذ عام ١٩٢٥ م، بعد تأسيس الحزب الشيوعي الصيني في عام ١٩٢١م، وكانت فترة نشطة في الأعمال السياسية والوطنية الساخرة.

وفي عام ١٩٢٧م أطلق نادي الرسوم المتحركة، وكان أول مجموعة كوميدية في الصين، يجمع رسامي الكاريكاتور.18

وإن كان البحث ارتكز على القصص المصورة، دون أفلام الرسوم المتحركة، فلأن الأخيرة مشتقة منها وامتداد تطوري لها، وكذلك لأن أفلام الرسوم المتحركة، كانت متأخرة عند الصينيين، جاءتهم بعد دخول الأنمي الياباني والكرتون الغربي إليهم، وفي هذا يقول الكاتب في مقال آخر عن تاريخ القصص المصورة الصينية من ١٩١٩ حتى ٢٠٠٥:

في ديسمبر ١٩٨٠م، تم تقديم الرسوم المتحركة “أسترو بوي” إلى الصين، وهي المرة الأولى التي تدخل فيها الرسوم المتحركة اليابانية السوق الصينية، وفي مايو ١٩٨١م تمت إعادة نشره على شكل شريط فكاهي وتوزيعه في الصين.
وتم تقديم الفيلم الهزلي “مغامرات تان تان” أيضًا في شكل إعادة ترتيب، وكان هذا أول عمل كوميدي غربي يتم تقديمه إلى بلدنا. اهـ19


وسنكتفي بهذا الكلام المجمل عن الرسوم المتحركة، لصعوبة تتبعها من المصادر الصينية، وخشية إطالة البحث.

وفي كوريا فإن النشأة فيها كانت مشابهة لما حصل في الصين، برسوم ساخرة على الصحف، وكان أوّل رسم ساخر عام ١٩٠٩م مع تدخل اليابان في الشؤون الداخلية الكورية، وتهديدها للإمبراطور آنذاك بالتنازل عن عرشه، فقامت مجلة “ديهان مينبو” تصدرها الجمعية الكورية، بنشر رسم كاريكاتوري ساخر، ينقد جوانب مختلفة من الوضع الفوضوي آنذاك، وينتقد بسخرية الحكومة الكورية الموالية لليابان، ولم تستمر المجلة سوىٰ عام واحد وأغلقت. ويعد الكوريون أن هذه كانت البداية للرسوم الهزلية والمتحركة.20

ونجد أن انطلاقة القصص المصورة والرسوم الكاريكاتورية في هذين البلدين كانت متقاربة، تنم عن انتقاد الوضع السياسـي للبلدين وانتقاد التدخل الخارجي، ثم مع استقرار حال البلدين، أخذت الرسوم منحىٰ أخر ثقافي وترفيهي، وكانت تقليدًا للرسوم اليابانية والغربية، وتدّرجت مع دخول التلفزة وعصر المعلوماتية إلىٰ الحال التي وصلت إليه المانهوات الآن.
وأصبح هناك ما يعرف بالـويبتون (Webtoon):

وهو شكل من أشكال القصص المصورة الرقمية التي نشأت في كوريا الجنوبية، ثم انتشرت عالميًا والويبتون مصمم خصيصًا للقراءة على الأجهزة الرقمية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويختلف عن القصص المصورة التقليدية من حيث؛ التنسيق العمودي، وكونه ملوّن بالكامل، وإتاحة التفاعل بين المشاهدين والمؤلفين، وغالب المحتوىٰ المنشور عليه لا ينبغي لمؤمن يخشى الله ويحذر الآخرة أن يشاهده.

نشأة الرُّسوم المتحركة في العالم العربي:

كانت مصر على وجه التحديد صاحبة التّجربة الأقدم في ذلك الفن فلعل الكثيرين قد يصابون بالدّهشة عند العلم بأن هذا الفن قد بدأ في مصر منذ ١٩٣٥م على يد “إخوان فرانكل: ثلاثة إخوة يهود من روسيا هاجروا إلى مصر” ،والذين تمكنوا رغم محدودية إمكانيتهم التقنية من إنتاج العديد من الأعمال وترسيخ شخصية كرتونية مصريّة باسم “مشمش أفندي” محاكين به شخصية ميكي ماوس الأمريكي21 ا.ه‍ـ

وفكرة الفيلم الكرتوني هذا تدور حول شخصية (مشمش أفندي) الذي يهوىٰ الموسيقى، ويعمل في إحدى الصّالات، ويحب بهية الفتاة الرّاقصة التّي تعمل معه في الصّالة نفسها!

وتدّعي صحف مصرية، أن أفلام “مشمش أفندي” ناقشت همومًا مصريّة وحملت على عاتقها مسئولية نشر الوعي بين المصريين بشكل جديد ومصري أصيل!

فأيُّ وعيٍ هذا المبني على الرّقص والغناء؟

وعمومًا اعتمد انتشار الرُّسوم المتحركة في العالم العربي على تعريب أو “دبلجات” للأعمال الغربية واليابانية بشكل أساسي، وكان ذلك في الثمانينات و التسعينات، بمساهمات كويتية وأردنية وعراقية، وعلىٰ رأس من عُني بترجمة الأنمي الياباني؛ “مركز الزُّهرة السّوري”، وذراعه في بثها قناة “سبيس تون”، وكانت نشأتها ٢٠٠٠م.

بالمجمل فإن الوجود العربي بإنتاج الرّسوم المتحركة يعتبر متأخرًا، لأسباب عدّة:

  • التكلفة المادية المرتفعة لإنتاجها، مقابل ربحها القليل.
  • قلة الدعم الحكومي لها، في مقابل أن الدول الغربية واليابان، لما تدخلت الحكومات في دعمها قويت شوكتها
  • قلة التكلفة المادية في التعريب “الدبلجة”.
  • قلة جودة ما أنتج في مقابل جودة الكرتون الغربي والأنمي الياباني.

ومن وجهة نظر “عامر كوخ” مخرج أفلام الكرتون الأردني لأسباب الضعف والتأخر، قال:

“تحتاج صناعة أفلام الكرتون إلى منظومة متكاملة ومتطورة؛ من استديوهات، وفنانين في مجالات مختلفة، وتربويين للمراجعة والتصحيح، وتشريعات تنظم الصناعة وعملية الإنتاج، ومنصات عرض؛ سواء دور سينما أو قنوات تلفزيونية، ومعظمها أمور كانت مفتقدة في دول الخليج خلال العقود الماضية، وبالتالي انتشرت أفلام وبرامج الكرتون المدبلجة؛ فقد كان أسهل للقنوات أن تأتي بمسلسل جاهز وتقوم بدبلجة الأصوات إلى العربية”.

وفي فترة الثمانينات تم إنتاج أعمال عربية كرتونية بشكل ضعيف، ولكن البداية القوية بدأت من التسعينات حتىٰ الآن، أمثال ذلك على سبيل المثال مما تناهىٰ إلىٰ علمنا :-

  • مجلة ماجد: وهي مجلة قصص مصوّرة للأطفال ما بين سن السابعة والرابعة عشرة، كانت المجلة تصدر أسبوعيًا عن شركة أبوظبي للإعلام من سنة ١٩٧٩م وحتى نهاية العام ٢٠١٩م
  • الأميرة والنهر: هو أول فيلم رسوم متحركة عراقي، مستوحىٰ من قصة من قصص وأساطير ما قبل التاريخ في بلاد وادي الرافدين، عام ١٩٨٢م.
  • جزيرة النور: فيلم كرتوني بإنتاج سعودي، عرض عام ١٩٨٩م.
  • قصص الأنبياء بالصلصال: هو مسلسل تلفزيوني وأول مسلسل ديني مصري للأطفال بالصلصال، وتم عرضه لأول مرة عام ١٩٩٨م.
  • محجوب وسلام: مسلسل كرتوني سوداني، ولم أقف على عام إنتاجه.
  • بكّار: مسلسل كرتوني مصري لفتىٰ نوبي عرض أول مرة عام ١٩٩٨م.

ثم توالىٰ الكثير من الأعمال منذ بدايات ألفيتنا الثالثة، منها ما هو بمحتوىٰ ثقافي وتعليمي، ومنها وتربوي إسلامي، ومنها كوميدي ساخر، ومنها تاريخي عربي، ولكن مؤخرًا حصل تأثر بالأنميات اليابانية في حبكتها، فظهر خزعبلات خيالية وسحر، وطِيَرة، ومحتوىٰ منافٍ للتعاليم الإسلامية كالمسلسل الكرتوني سر الكهف الذي أصدر عام ٢٠٢٢م.


  1. أخرجه ابن جرير الطبري ٢٣/٣٠٣ ↩︎
  2. صحيح البخاري الحديث (٤٢٧). ↩︎
  3. https://www.researchgate.net/publication/325131175_alrswm_almthrkt_mn_mnzwr_shry ↩︎
  4. https://youtu.be/puzCBUj467U?si=tnWGIdpc4TdrUJ3_ ↩︎
  5. https://youtu.be/mAYxydCnDhE?si=ajTEXCPprXBcplVO ↩︎
  6. https://youtu.be/osXp6O8ijsI?si=sDgvc1L6mQX6zTEw ↩︎
  7. https://youtu.be/E0OQIraSHqs?si=WaS3lwtkax6IPMDi ↩︎
  8. https://youtu.be/0mace_OE4KQ?si=f-n76BEmAYyfrpsa ↩︎
  9. https://www.ajnet.me/encyclopedia/2015/10/5/%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA-%D8%AF%D9%8A%D8%B2%D9%86%D9%8A-%D8%A3%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%85 ↩︎
  10. https://spice.eplus.jp/articles/265341 ↩︎
  11. https://www.91waitang.com/LanguageWap/articledetail/719 ↩︎
  12. https://www.nippon.com/ar/features/h00043/ ↩︎
  13. https://www.91waitang.com/LanguageWap/articledetail/719 ↩︎
  14. https://www.nippon.com/ar/features/h00043/ ↩︎
  15. https://www.91waitang.com/LanguageWap/articledetail/719 ↩︎
  16. http://www.silkroads.org.cn/portal.php?mod=view&aid=43307 ↩︎
  17. https://zhuanlan.zhihu.com/p/86426051?utm_id=0 ↩︎
  18. https://ar.kpprinted.com/news/the-great-development-history-of-chinese-carto-64442704.html ↩︎
  19. https://zhuanlan.zhihu.com/p/90527076?utm_id=0 ↩︎
  20. https://m.youtube.com/watch?v=go28hlivFRk ↩︎
  21. https://www.researchgate.net/publication/325131175_alrswm_almthrkt_mn_mnzwr_shry ↩︎

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة