قد قال الله في كتابه الكريم
{وَليَستَعفِفِ الَّذينَ لا يَجِدونَ نِكاحًا حَتّى يُغنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ}.
بالنسبة للبنات ممن تأخر زواجها أو من لا يتقدم لها إلا القليل؛ عليكِ يا أختي بالتحلّي بالصبر، وأن تحتسبي الأجر، واعلمي أنه قدرٌ من أقدار الله، ويجب أن تستسلمي لحكم ربك وترضي به ولا تسخطي، فلن ينفعك تسخُّطكِ بشيءٍ؛ بل يضيع أجرك ولا يبعد عنكِ البلاء.
اعلمي أنّ الزواج رزق من أرزاق الله، يؤتيه من يشاء، والله كريم حاشاه أن يبصرك ترفعين إليه يديكِ فيردها صفرًا.
واعلمي أنّ هذه الرغبة فطرية، ولكن عليكِ ضبطها بأحكام الله وبما يرضيه؛ فلا تتزيني عند الخروج بل فقط لمن يحل لكِ أن تتزيني له، ولا تحاولي لفت انتباه أي رجل أيّاً كان؛ فهذا فعل لا يليق بكِ كأنثى مسلمة، تعالي عن هذا.
وإيّاكِ ثمَ إيّاكِ أن تظهري أي شيءٍ من نفسك ولا حتى رغبتك بالزواج على مواقع التواصل، والله إنها من قلة الحياء والعفة، وصدقيني ليس هذا الفعل هو ما سيجلب لكِ رجلًا صالحًا، لا والله. اعلمي أنك بسترك وحفظك وصونك لنفسك تأتين بالرجل الصالح، حتّى وإن كنتِ بهذا الكون لا يدري عنكِ أحد ستستغربين كيف، ولكنها أقدار الله والطيبون للطيبات.
عندما تعفين قلبك؛ هل تتوقعين بأن يأتيكِ من هو ليس بعفيف أو قلبه مليء بحب غيرك؟ لا والله، أصلحي نفسك يأتيكِ صالح، حافظي على عفافك ونفسك يأتيكِ عفيف، ويجمعكم الله لو كانت بينكم آلاف الكيلو مترات. بعفافك تجلبين الرجل الصالح وليس بظهورك على المواقع، وتفنُّنكِ في فتن الرجال لن يجلب لكِ سوى سخطٌ من الرحمن.
قال الطنطاوي رحمه الله: (إي والله، وما رأى شابٌّ فتاة إلّا جرّدها بخياله من ثيابها وتخيّلها بلا ثياب، والله أحلف مرّةً ثانية).
نص مخيف جداً، أليس كذلك؟ ستقولين بالتأكيد ليس لهذه الدرجة، أقول معك حق؛ هناك رجال صُلّاح ولا يفكرون بهذه الطريقة، ولكن الرجال هم أعلم بكيف يفكر الرجال.
وأيضاً ليس مقصدي هذا، أنا فقد أريد أن أوضح لكِ أن الرجل يفتن وبشدة، ومحاولتك بأن تفتنيه أكثر لا ترضي الله، واعذريني شيء قبيح جداً وفعل لا تفعله سوى من عدمت الحياء.
وأيضاً الرسول ﷺ قال: “ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ”.
فسبحان الله! أرأيتِ فتنتك كم هي شديدة؟ والله هي صعبة بالنسبة لهم كما هي صعبة بالنسبة لكِ عدم إبداء زينتك، ولكن عليكِ إخفاء زينتك وجمالك عن الناظرين وهم عليهم بغض البصر، وكلٌ سيتحاسب عن نفسه.
أذكر مرة قالت لي جدتي: (الأنثى وردة وكل وردة مختلفة عن الأخرى؛ فهل ترضين أنتِ أن تكوني وردة قد رآها الصالح والفاجر وحاول التغزل بها هذا وذاك فقط لإشباع جزء بسيط لم تستطع الصبر عليه وهو الزواج؟).
وأيضاً، ابتعدي عن أماكن الاختلاط والفتن لأنها مضرة لكِ وتأجج عاطفتك، ولا تقولي لي أنا إنسانة قادرة على ضبط نفسي؛ فما هي إلا حجج وتلبيس من الشيطان لكِ حتى يوقعك بالمحظور.
أعلم أنّ كلامي شديد، ولكن والله هي أشياء وقعت بها كثير من النساء العزباوات اللاتي قد وهمن أن تأخر الزواج شيء صعب ولا يمكنهم الصبر عليه وهي فطرة، أعلم أنها فطرة ولكن خلق الله فينا فطر كثيرة، وعلينا ضبطها من الشهوة إلى الحجاب إلى حبك للتزين، وحبك للظهور، وحتى حبك للفت الانتباه لكِ؛ كلها فطرية ولكن واجب علينا ضبطها بأحكام ربنا وألا نقع، ولا بد من هذا.
ما لم تتحكمي بها؛ تخسرين دنيتك وآخرتك، ما لم تعلمي خطأك وترجعين بالتوبة لربك؛ فلا تتوهمي بما يقولونه بأنه أمر صعب الصبر عليه، بل يمكنك بالاستعانة بالله والصبر وتعلقك بالآخرة وزهدك بالدنيا وطلب ماعند الله.
وأقول لكِ أمراً ينفعك؛ اشتغلي بحب ربك، اسعيْ بأن تملئي قلبك بحبه، اسعيْ لأن يكون عنك راضٍ، حاولي التقرب من ربك بالصلاة والصيام والصدقة والقيام والحجاب الشرعي وغيرها مما يرضي ربنا. ولا تحاولي التفكير بالأمر كثيراً؛ فإن أتى خير وإن لم يأتِ فتذكري أنه قدر من الله عليكِ تقبله، وأنّ هناك جنة فيها النعيم المقيم وقال الله
{وَلَهُم فيها أَزواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُم فيها خالِدونَ}،
وهنالك تلاقين زوجك ينتظرك فلا تبتأسي.
وإلى أن يأتي من ترضين دينه وخلقه فخير ما تتجملين به عدة أمور:
- الحياء؛ فقد ضاع اليوم من كثير من النساء للأسف.
- العفاف؛ فهو جوهرك.
- الحجاب الشرعي الكامل.
- الابتعاد عن أماكن الاختلاط والشهوات التي لا تأتي بنفع وتجلب سخط الله.
- غض البصر، وما أقصده هنا ليس فقط عن الرجال الأجانب؛ لا، أيضاً عن كل ما تشعرين أنه سيزيد رغبتك بالزواج، ابتعدي عن هذه المواطن لكي لا تجرحي نفسك.
- اشغلي نفسك بما ينفعك وينفع أمتك وانتظري؛ ففضل الله واسع.
- تعلّمي الدين والتربية وغيرها، حتى تكوني أم صالحة تنجب رجال صالحين مصلحين لهم يد بنصرة أمتهم وبرفع رايتها.