ثمن ترك الجهاد والتعايش في المجتمعات التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية؛ باهظ وعواقبه وخيمة.
يجب على المسلمين العمل والسعي لتغيير هذه المجتمعات الجاهلية بكل ما يستطيعون عليه سبيلًا، وبعزم وإصرار. نرى اليوم نتائج وأضرار عدم مواجهة الجاهلية في المجتمعات الإسلامية بعد سقوط هذه المجتمعات في أيدي المحتلين، واستبدال الأحكام الإسلامية فيها إلى الأحكام الوضعية الجاهلية التي أخرجت العباد من عبودية الله الواحد الأحد إلى عبودية الطواغيت؛ من البشر، القوانين، الهوى، الأرض، العلم، الوطن، القومية، وغيرها من أمور الجاهلية، والتي ساوت بين الكفر والإيمان.
أصبح اليوم أكثر المسلمين مسلمون بالاسم فقط، وأصبح انتماؤهم وحبهم للأرض والوطن والعلم والقومية وطواغيتهم أشد من انتمائهم لدينهم، ولا يهمهم من يحكمهم وبما يحكمهم.
هناك مجتمعات إسلامية كاملة أصبحت مجتمعات علمانية، لا يعرف أبناؤها عن الإسلام شيئًا غير بعض الرموز الإسلامية، بل وأصبحت تحارب القيم والأخلاق والرموز الإسلامية؛ كالحجاب واللحية وغيرهما أكثر من الدول الكافرة الأصلية.
كانت هذه البلاد بلادًا إسلامية؛ فسقطت في أيدي الكفار، وترك المسلمين فيها الجهاد ضد المحتلين بفتوى من الشيوخ الذين كانوا يفتون الناس بعدم مواجهة الكفار وترك الجهاد ضدهم، مدّعين ضعف المسلمين حينئذ وعدم قدرتهم على المواجهة والجهاد، حيث سيسبب ذلك قتل كثير من الشعوب. وبسبب هذه الفتاوى ترك المسلمين الجهاد، وخضعوا للمحتلين وأحكامهم، وكانت نتيجة ترك الجهاد والاستسلام للمحتلين وخيمة؛ فابتعد المسلمين عن دينهم وانتشر الكفر والشرك والإلحاد والفسق والفجور والمحرمات بين أبناء المسلمين، وسلط الله عليهم عدوهم.
وكانت الشعوب العربية أقل خسارة من الشعوب الأخرى؛ بسبب ارتباط لغتهم بالقرآن الكريم وعلوم أخرى إسلامية، ورغم هذا للأسف الشديد كل هذه المجتمعات عربية كانت أو أعجمية كلها أصبحت ضعيفة؛ نتيجة عدم مقاومة وجهاد الكفار الذين قسّموا فيما بينهم بلاد المسلمين واستطاعوا أن يفرّقوهم إلى بلاد صغيرة، وجعلوا بينهم الحدود وفرضوا عليهم القوانين الوضعية على حساب الأحكام الإسلامية.
وحتى الآن الأعداء مهيمنة عليهم، تفرض وتملي عليهم قراراتها رغم إعلان كثير من الدول استقلالها. وكل هذا رأيناه في العراق والشام والتركستان والبورما وأفغانستان والشيشان وغيرها من قبل؛ حيث قُتل فيها المسلمون وسُجنوا وعُذِّبوا وهُجِّروا ودُمِّرت بلادهم، والكل ساكت أو متآمر عليهم.
ونرى اليوم ذلك جليًّا في حرب اليهود التي لم تخمد نارها بعد على إخواننا المسلمين في غزة، حيث دُمرت المدينة عن بكرة أبيها، وقُتلت منهم الآلاف، يُتّمت ورُمّلت الآلاف، وشُرِّد وهُجِّر كل ساكينها، وما زال اليهود يقصفونهم ويقتلونهم، بينما العرب والمسلمين من حولهم متفرجين، لا حول لهم ولا قوة؛ لأنهم تركوا الجهاد فأذلهم الله تعالى.
ولن يرجع لنا العز إلا إذا رجعنا إلى الإسلام وإلى الجهاد. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم”
رواه أحمد وأبو داود