الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج وليست زواجا، فالمخطوبة لا زالت أجنبية عن الخاطب، لا تكشف شيئا من عورتها أمامه، ولا تخلو به، ولا تخرج معه، ولا تصافحه.
والبعض لا يعرف معنى الخطبة، فيظن أن الخاطب صار زوجا لابنته، فيسمح بالجلوس متى وكيفما شاء الخاطب، في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما جلسا في غرفة مغلقة، أو خرجا إلى السوق،
ويزيد البعض وربما يتهور بالسماح لهما بالسفر مع بعضهما البعض، فهناك من يريد أن يعيش الحياة الغربية ولو للحظات من عمره.
وربما يترك الخاطب المخطوبة، فيقول الناس: كانت تخرج معه، وتخلو به، فتصبح في أعرافهم كأنها مطلقة بعد الدخول.
ولذلك لا ينصح بإطالة فترة الخطوبة لأن في إطالتها مظنة الفساد، والفساد يأتي من كثرة زيارة الخاطب لربما اصطدم مع أهلها بكثرة طلباتهم، ولربما شعروا بثقل زياراته المتكررة، وكثيرة هي المشاكل التي تنشأ بين الخاطبين، فيكون مصير ذلك وأد الحياة الزوجية قبل بدايتها.
وقد يصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، لأن النفس الإنسانية أمارة بالسوء، فقد يترك الخاطب مخطوبته وقد حملت منه، فماذا تفعل بالجنين بعد ذلك، أتمسكه على هون أم تدسه في التراب؟
وكيف تحل مشكلة كهذه بعد ذلك؟!
لذلك جاء الإسلام بالتحذير الشديد من الخلوة بالنساء، قال النبي ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» رواه الترمذي.
ومن هنا يجب على المرأة أن يكون عندها من العلم الكافي بحال الرجل، وصفاته وميوله ورغباته، حتى تكون على حذر، وعلى دراية في كيفية التعامل معه،
لأن تفكير الرجل يختلف عن تفكير المرأة في الخطبة، فهي تحلم في بيت جميل، وحياة زوجية سعيدة، وتفكر في شكلها يوم عرسها وما سيقول الناس عنها، وعن جمالها.
وأما الرجل فيكون غالبا تفكيره الجنسي هو الغالب على حياته قبل الزواج، فينظر للمخطوبة نظرة جنسية.
ومن هنا جاء الإسلام ليبين: أن مجرد الدخول على النساء فيه من المضرة والفتن ما فيه، قال رسول الله ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ» رواه البخاري: ٤٨٣١.
والحمو: قريب الزوج، من أخ وعم. ويأتي الموت من قبل هؤلاء لأنه يؤمن جانبهم، ويُطمأن من طرفهم، فيدخل على البيت دون شك أو شبهة، فتحصل عندها الفتنة، وما لا يحمد عقباه.
والخاطب كذلك، فهو المحبوب إلى أهل البيت، لاسيما وهو الزوج المستقبلي للبنت، فهو حامي العورة وكافي المئونة، فيؤمن جانبه غالبا، فينبغي الحذر.
وحتى بعد عقد الزواج وقبل الدخول، فالأولى أن لا يتوسع العاقد في علاقته مع المرأة التي عقد عليها، وإن كانت زوجته شرعا، أو في حكم الزوجة، إلا أن العرف يقضي بمراسم احتفالية لانتقال المرأة لزوجها،
والإسلام يحترم أعراف الناس التي لا تخالف نصوص الشريعة وأدلتها، فهذه الأعراف كانت موجودة عند سلفنا الصالح، وأقرها علماؤنا القدامى.
والتحذير هنا وإن كان أقل من الناحية الشرعية إلا أن نسب الطلاق في المحاكم الشرعية قبل الدخول كثيرة، فالأولى أن يترك العاقد المرأة التي عقد عليها دون مسيس.
لأن أعراف الناس تقضي أن المطلقة قبل الدخول لا زالت بكرا، فكيف إذا تبين غير ذلك؟