كيف أضحك والأقصى أسير

جملة قالها نور الدين، والكثير منا يتساءل نفس السؤال: كيف أضحك والأقصى أسير؟ كيف أبتهج بالعيد وأُبدي السرور وأسعد عائلتي رغم كل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة؟ غزة تباد، السودان تنزف، وحال الأمة يرثى له. كيف أبتهج؟ أليس من قسوة القلب أن نغفل عن إخواننا؟

أبدأ مستعينة بالله:


قال الله تعالى في كتاب الكريم

{ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ}.

إظهارنا للسرور واجب؛ فهو من شعائر الله، ويدل على تقوى القلب، فعلينا أن نبتهج وأن نبهج أطفالنا وعائلتنا.

وأيضاً ربنا قد أكرمنا ومنَّ علينا بالعيد بعد شهر طاعة اجتنبنا فيه ما نهانا عنه وتقربنا له بما أمرنا به، وبعد انتهاء هذا الشهر أتى العيد، وهو بمثابة جائزة لنا بعد عبادة شاقة قد أكرمنا الله بها، فكيف لا نفرح؟

وبالمناسبة، هم أيضاً رغم كل هذه المآسي التي حلت بهم يفرحون ويبدون السرور، ويوصلون رسالة لنا أنهم رغم كل هذا القصف والدمار والآلام سيبقون صامدين وسيعظّمون شعائر ربنا ويفرحون ويبتهجون.

وكيف لا نفرح وبهذا الشهر المبارك ربنا قد منّ علينا بأن قد أعتق رقاب كثير منا من النار؟ كيف وقد أطعنا ربنا وامتثلنا لأوامره، واجتنبنا ما نهانا عنه لأجله؟ ومالنا لا نفرح وقد أكرمنا الله بصيامنا لهذا الشهر بلقائنا ربنا؛ حيث قال الرسول ﷺ: “للصائِمِ فرحتانِ، فرْحَةٌ حينَ يُفْطِرُ، وفرْحَةٌ حينَ يلْقَى ربه”؟

وأما جراح الأمة؛ فهذا لم ننسه ولن ننساه أبداً، وسنفرح ونبتهج بالعيد.. لكن بحدود الله، بعدم تجاوزها، فعندما نطيع الله بما أمرنا ونجتنب ما نهانا هنا ننصر إخواننا.

حسنًا، وكيف ذلك؟
بأن نأكل دون إسراف ونلبس مايرضي الله. فكثير من الأشخاص خلال رمضان الذي يكون شهر الطاعة يمتثلون أوامر الله، وعند رحيله ينقضون غزلهم.. تجِدُها بعد أن أطاعت ربها، وصامت شهرها؛ تنقض غزلها بالتبرج بلباسٍ لا يليق بابنة الإسلام والله المستعان.
وكثير من النساء اللاتي نراهنّ يحاولنَ ألا يسرفن في رمضان، ولا يبذّرن فيه؛ ما أن ينقضي وكأنه قد أُحِلّ لهنّ الإسراف والتبذير، سبحان الله!
وينسَيْنَ ما أمرهنّ به ربهنّ: {وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ}. تنسى هذا وتعمل جميع أصناف الأكل والحلويات وتنسى إخوانها في غزة الذين لا يجدون طعاماً ليأكلوه.

وقد قال الدكتور إياد قنيبي: “كلَّما دعتكَ نفسُك إلى معصيةٍ تذكَّر أنَّ أمَّتَك جرِيحةٌ تنتظرُ من يحملُ همَّها، ويتلمس طريقَ عزتها، ومعصيتك وغفلتك تجعلك عبئًا جديدًا على أمتك..
اتق اللهَ فإنَّ الحِملَ كاد يكسر ظهرها!”.
بمعصيتنا لله نكسر ظهر أمتنا، ويزداد حملها ثقلاً، أما لو اجتنبنا هذه الأشياء والمنكرات التي تحصل بالعيد، واتقينا الله ولم نتجاوز حدوده؛ هنا نكون قد قدمنا  لأمتنا خيرا، ولم نزِد حملها بإسرافنا وتبذيرنا وتجاوزنا حدود الله في اللباس والنزه وغيره.

وبالنسبة للنزه؛ فعند خروجنا إليها فواحب علينا مراعاة عدة أشياء، وهي في حديث رسولنا ﷺ: “إيَّاكُمْ والجُلُوسَ بالطُّرُقاتِ فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما لنا مِن مَجالِسِنا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيها، فقالَ: إذْ أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيقِ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ..”.

وأيضاً بفرحنا وسرورنا نغيظ الكفار، ويكتب لنا أجر ذلك كما قال الله عز وجل: {ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍّ نيلاً إلا كتب لهم به عملٌ صالح}.

يريدون منا أن نحزن ويصيبنا اليأس  والإحباط، وواجبٌ علينا أن لا نحقق  لهم ذلك ونبتهج، {ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}.

ختاماً لهذا، فإن شاء الله إن لم نتجاوز حدود ربنا التي وضعت لنا، ووقفنا عندها ولم نعصِه في أيام العيد التي كافأنا بها بعد شهر طاعة، ولم ننسَ أمتنا من الدعاء؛ بهذا نكون بإذن الله لم ننقض غزلنا، ولم ننسَ أمتنا، ولم نحمل عليها أحمالاً زائدة تكاد تكسرها.

وكلّ عام والأقصى محرّر.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة