أين الله مما يحدث؟

|

أين الله مما يحدث؟

في هذه الأيام المباركة وقد جلست جلسة خاصة لذكر الله عز وجل؛ تكبيراً وتهليلاً وحمداً وتسبيحاً، وإذ بقلبك يرق ودموعك تسيل، فإذا بك تتذكر أكبر هم وألم يؤرقك ويقض مضجعك هذه الأيام، وهو هم إخوانك المسالة دماؤهم الطيبة الطاهر في كل مكان.

يغذي الشيطان هذه اللحظة عقلك بكل الصور الصعبة والمؤلمة؛ لتسرح معها وتنسى أمر الذكر، وقد يوسوس لك ويقول أين ربك الذي تذكره الآن من كل هذه الفواجع والمآسي، وهنا فقط تتذكر ما انتويته منذ قليل بأنك ستجلس جلسة خلوة مع ربك عز وجل لا تذكر فيها إلاه، فتستعيذ بالله عز وجل من الشيطان الرجيم، وتبدأ في التفكر بالذكر الأشهر في أيامنا هذه (الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله).

يلهج لسانك بالتكبير، وقلبك وعقلك ممتلئ باسم الله عزوجل الكبير، فهو سبحانه العظيم الذي كل شيء دونه، ولا شيء أعظم منه، فتتصاغر في نفسك قوة البشر مهما ادعوا من قوة أو غنى أو ملك.

تذكر المستضعفين بهذه النفسية، فتوقن أن ما من شيء يجري في ملك الله عز وجل إلا بتقديره وعلمه ومشيئته وحكمته، وأنه العليم مطلع على كل شيء حتى خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عدل لن يضيع عنه مجرد الآه التي تخرج من قلب كل مكلوم، منتقم سيُعلِم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون حين لا يستطيعون كف النار عن وجوههم وظهورهم، شكور منعم يجازي الصابرين المحتسبين من أهل البلاء بجنات ونهر تدخل عليهم الملائكة من كل باب تقول لهم سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.

ثم عليك أن تدرك جيداً أنك عبد وجميع الخلائق عبيد لله عز وجل شاءوا أم أبوا، ولا بد للعبد أن يتأدب وهو يتحدث عن مولاه، لا بد أن يدرك أن الكبير المتعال الجبار لا يُسأل ولا يُستعتب على أقداره، ومن يفعل ذلك لا يجني إلا الخسران؛ أما من يسلم أمره لله عز وجل ومشيئته رضاً واستسلاماً، ويتقرب إلى الله عز وجل خضوعاً وانكساراً وتأدباً وتضرعاً؛ فقد التزم طريق الفوز والنجاة بإذن الله.

ودعني أهمس لك بهذا الحديث الذي صححه الترمذي: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ، فمَن رَضي فله الرِّضَى، ومَن سخِط فله السَّخطُ”. فتأمل فيما تردد، هل يستجلب رضا الله عز وجل عنك أم سخطه؟

تضرع إلى ربك الكبير العظيم؛ الذي يعلم طغيان الطغاة وجور البغاة، يمهلهم لحكمة يعلمها ويقدرها؛ لكنه عز وجل سيأخذهم ولن يفلتهم.

حينها تكمل ذكرك (الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)؛ متشبعاً بها عقلك وقلبك وجوارحك، تكمل خلوتك مع خالقك التي تفيض عليك من اليقين والسكينة وتشعر بإحياء قلبك من بين ركام الألم والقهر، فلا يكون لك هم بعدها إلا إرضاء الله عز وجل وتحقيق العبودية كما يحب ربنا عز وجل ويرضى.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة