ممّا يقرّب إجابة الله للدعاء هو الإحسانُ بالطّلب والسؤال، والدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
ونجد ذاك جليًّا في دعاء الأنبياء لله تبارك وتعالى وسؤالهم له عز وجل.
ومن سعة فقه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أنّهم كانوا يدعون الله مبتدئين دعاءهم بـ “ربِّ، ربّنا،….”. فلما عصى آدم -عليه السلام- وزوجه الله عزّ وجلّ وأكلا من الشجرة التي نُهيا عن الأكل منها؛ استغفرا الله تعالى وقالا:
﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
ولما طاف سليمان -عليه السلام- على نسائه ليكون له من كلّ واحدة ولد مجاهد؛ نسي أن يقول “إن شاء الله”؛ فلم يكن له إلا شقّ ولد من واحدة، وعرف أن ذلك لذنبه، ودعا الله فقال:
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾.
وإبراهيم -عليه السلام- دعا:
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾.
ويوم سقى موسى -عليه السلام- للمرأتين وتولّى للظلّ؛ دعا ربّه:
﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾.
ويوم أقعد أيوب -عليه السلام- المرض، واشتدّ وطال كربه:
﴿نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
وضعُفَ نوحٌ -عليه السلام- عن مقاومة الكفرة،
﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾.
لنتفكّر بدعاء الأنبياء صلوات الله عليهم. إنّ اسم “الربّ” مقتضٍ لكون هذا الربّ رزّاق، وهّاب، فتّاح، منّان، رحمن، مصلح لشؤون عباده، سيدهم، مالكهم ومدبّر أمورهم.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (14/12-13): (“الله” هو الإله المعبود فهذا الاسم أحقّ بالعبادة؛ ولهذا يقال: الله أكبر، الحمد لله، سبحان الله، لا إله إلا الله، و”الرب” هو المربي الخالق الرازق الناصر الهادي وهذا الاسم أحقّ باسم الاستعانة والمسألة).
وقال في مجموع الفتاوى 10(/286): (فإذا سبق إلى قلب العبد قصد السؤال ناسب أن يسأله باسمه الرب. وإن سأله باسمه الله لتضمنه اسم الرب كان حسنًا، وأما إذا سبق إلى قلبه قصد العبادة فاسم الله أولى بذلك. إذا بدأ بالثناء ذكر اسم الله، وإذا قصد الدعاء دعا باسم الرب).
وقال تلميذه ابن القيم في بدائع الفوائد (193/2-194): (وتأمل كيف صدر الدعاء المتضمن للثناء والطلب بلفظة (اللهم) كما في سيد الاستغفار… وجاء الدعاء المجرد مصدرًا بلفظ الرب نحو قول المؤمنين: {ربنا اغفر لنا ذنوبنا}… وسر ذلك: أن الله تعالى يسأل بربوبيته المتضمنة قدرته وإحسانه وتربيته عبده وإصلاح أمره، ويثني عليه بإلهيته المتضمنة إثبات ما يجب له الصفات العلى والأسماء الحسنى، وتدبر طريقة القرآن تجدها كما ذكرت لك).
من حُسنِ الدُّعاءِ والمسألة حين تدعو مولاك أن تتذلّل له حال دعائك، أن تعترف بفضله وملكه، وتطلب منه إجزال رزقه وفتحه ونصره على عبده المحتاج لربّه المفتقر له. من حُسنِ الدُّعاءِ أن تدعوَ الله بأسمائه الحسنى وفقًا لما تقتضيه معانيها، وتُحسِن توظيفها في مسألتك.
خُذ من فقه الأنبياء وإحسانهم، واتّبع سبيلهم، وادعُ بدعائهم، وافتقر لمولاك كافتقارهم؛ لعلّك تنال إجابةً لمسألتك، ولا تستغنِ وأنت فقير.