كلما تصفحت فيديوهات اليوتيوب وألقيت نظرة على التعليقات؛ أجد عدداً هائلاً من (ادعولي بحاجَة معنية يذكرها، ويردف: دعوة أربعين مستجابة).
أولاً؛ “لم نقف على حديث بهذا اللفظ؛ والظاهر أنه مجرد قول لبعض الناس” [موقع الإسلام سؤال وجواب].
لكننا نعلم النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يقولُ: “دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ”.
كأن يقول لهُ اذكرنا في دعائك يا أخي، أو يعلم الصديق حاجة صديقه من عينِه المتعبة وابتسامته الذابلة؛ فيتوجّه لله داعياً أن يكشف ما به من ضُر.
ثمَّ؛ ذات مرة رأيتُ تعليقاً لفتاة على فيديو لأحد الدعاة: (اللهم …ودعت دعوات هذا ليس باب ذِكرها).
علماً أن ما طلبته من الله بدعائها ليس حراماً ولا حتى مكروهاً، وتفاجأتُ من الردود عليها، والتي جاءت بمعنى: من أنت حتى تطلبي؟ ودعك من هذا، وكلام كله جَرْح في مشاعرها.
لا تسكب مشاعرك على شوراع مواقع التواصل، ولا تهدرها على عتبات المخلوقين، حدّث ربك في سجدتك بما شئت، وحدك بين يدي الله، الدعاء لب العبودية. قل: أنا يا رب مسكين، لا أنفكّ عن احتياجي لك!
تضرع لربك ممرغاً جبهتك على الأرض بدموعك، اطلب من ربٍ كريم لا يردّ من يدعوه. الله يعلم خبايا قلبك ومكنونات روحك، يعلم كم هذا الشيء الذي تتمنّاه يخصك، يؤلمك، يبتر دمعتك وسبب لغصتك.
(من عرف الناس استراح). الناس يا أخي، بشر مثلك مكسورون بحاجات لهم عند الله يودّون بكل ما في القلب لو أوتوها؛ لكن البعض منهم لا يكفّون عن نبذ غيرهم إذا علموا أن حلمك كذا. لسان حالهم: من أنت حتى تحلم بهذا؟ وإذا أخبرتهم أنك تودّ أن تصبح كذا، نظرة عيونهم تخبرك: كيف تجرؤ؟ ربطة عنقك لاتعجبني، عباءتك لا تليق بك، ملامحك لا تعجبني. أو إذا دعوت أمامهم بدعوة معيّنة ودّ بعضهم لو يملك الخزائن ولا يعطيك إياها.
خزائن كل شيء بيد الله عز وجل، المال، الوظائف، حتى مشاعر من حولك. أليست نعمة تستحق الشكر بملئِ الفؤاد؟
مهلاً، فلتحمد الله أولاً؛ ثم تابع المقال.
لكن الله ينظر لقلبك، {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. إذا كان في قلبك تقوى لا تجزَع، أنت مُكرم عند خالقك.
{ادعوني استجِب لكم}.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أنا لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء فإذا أُلهِمت الدعاء فإن الإجابة معه).
توضّأ واطلب من الله ماشئت. حاجاتك العظيمة الصعبة، المعقدة المستحيلة في عرف البشر وواقع الأرض؛ عند الله هيّنة. استكثر الدعاء مستحضِراً أنك تنقطع من الرجاء بالناس إلى الرجاء بالله وحده.
وفي قول جميل لوجدان العلي: (ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير، أعطيتهم وهم هم، فهبني وأنت أنت! ليس لي إلا أنت).
رزَقك الله ما تَتمنى مقروناً بالخير، ورزقك لذّة الأنُس به وحد
توضّأ واطلب من الله ماشئت. حاجاتك العظيمة الصعبة، المعقدة المستحيلة في عرف البشر وواقع الأرض؛ عند الله هيّنة
