قد رأينا وللأسف في السنوات الأخيرة انتشارا خطيرا لمعصية شنيعة، هي من كبائر الذنوب، ومهلكات المعاصي، تهاون بها كثير من الناس، فأفسدوا بذلك في الدين، وتطاولوا على مقام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الظاهرة تتمثل في انتشار الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، والجرأة العظيمة في التحديث عنه صلى الله عليه وسلم من غير تَحَرٍّ ولا تَثَبُّت.
وقد قال صلى الله عليه وسلم (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). رواه البخاري ومسلم وغيرهما
وقال صلى الله عليه وسلم (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم.
فلا يجوز نشر الأحاديث الموضوعة ولا التحديث بها إلا على وجه بيان بطلانها وتفنيدها، ومن فعل ذلك متعمدا فقد عرض نفسه لغضب الله وعقابه لا شك أنه صلى الله عليه وسلم أكثر الناس كراهية أن يُكذب عليه.
روى عنه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال:( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
وليعلمْ كل من نشر حديثا من غير تثبت من صحته – سواء برسالة في الجوالات، أو في منتديات الإنترنت، أو نقله من موقع إلى آخر، أو أرفقه في رسالة – أنه يستحق بذلك العذاب والنكال في الآخرة، هو والذي كذب الحديث وصنعه أول مرة، فإن جرم الناقل للكذب من غير تثبت كجرم الكاذب الذي تجرأ على مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من حدَّث عني بحديث يُرى – أي : يظن - أَنَّه كَذِب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
وقال النووي في شرح هذا الحديث “شرح مسلم” :
“فيه تغليظ الكذبِ والتعرضِ له، وأن من غلب على ظنه كذب ما يرويه فرواه كان كاذبا، وكيف لا يكون كاذبا وهو مخبر بما لم يكن”
ويعظم خطر ما يقع به هؤلاء الناس – الذين ينشرون الأحاديث من غير تثبت ولا تبين – حين ينتشر ما يفترونه في الآفاق، فيقرؤه ملايين البشر، وتتناقله الأجيال أزمنة طويلة، فيتحمل هو ومن ساعده في نشرها الإثم إلى يوم القيامة.
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رأَيت الليلة رجلين أَتياني.. قالا : الذي رأيته يُشَق شِدقُه فكذَّاب يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى تَبلغ الآفاق ، فيصنع به إِلى يوم القيامة ) رواه البخاري.
ونحن لا نملك إزاء كل هذا الوعيد إلا أن نُذَكِّر أنفسنا وإخواننا المسلمين بتقوى الله في ديننا وشريعتنا، فلا نكون معاول هدم وإفساد، فإن انتشار الأحاديث المكذوبة من أعظم عوامل فساد الدين، وما هلك اليهود والنصارى إلا حين افتروا على الله ورسله الكذب، ونسبوا إلى شرائعهم ما لم تأت به الرسل، فاستحقوا بذلك غضب الله ومقته.