إن الحجاب في حد ذاته- كغطاء للرأس- أصبح يأخذ عدة أوضاع مختلفة الشكل والحجم والمسمى؛ حتى أضحت معظم المحجبات يرتدينه على اعتبار أنه موضة تتغير بين الحين والآخر كلما تغيرت خطوط الموضة، وظهرت الربطات المختلفة للحجاب، فتجد ربطة تظهر الأذن وأخرى تظهر الرقبة. ناهيك عن شكل الملابس التي يتم ارتداؤها أسفل الحجاب ذاته بصورة تخل بالحجاب نفسه كما فرض وشرع.
لقد تم اختزال الحجاب في عملية تغطية .. تغطية بأي شكل وبأي لون .. تغطية تجري وراء خطوط الموضة التي تنافي الوقار وتلفت الأنظار .. تغطية لا تحقق المعني الشرعي ولا العرفي للستر .. تغطية جمعت بين الضدين وشملت المتناقضين، فلا سترت جسدا ولا أرضت ربا.
إنه حجاب يحتاج لحجاب، تحررت فيه المرأة المحجبة من أصالة معتقداتها الدينية، وذلك دون أن تتخلى عن دينها بزعمها، حيث أظهرت مفاتنها، دون أن تنزع غطاء رأسها، ودخلت المسلمات إلى عالم الجمال والموضة بدون ضابط ولا رابط، وباتت العباءة الإسلامية قادرة على مواكبة الموضة، غربية كانت أم شرقية، حتى أنها فقدت من صرامتها ما يكفي لجعلها عباءة كول.
لذلك أصبحنا نرى ظاهرة مذيعات حجاب الموضة اللاتي ينتشرن على كافة الفضائيات، ويقدمن الدعم النفسي والعملي لهذا النوع من الحجاب الذي فرض نفسه على أرض الواقع الإعلامي، فباتت ظاهرة مألوفة، بل ومبررة في بعض الأحيان لدى البعض الذين يرون هذا الحجاب أحسن حالا من التبرج السافر لدى المذيعات الأخريات.
فلم يكن الحجاب يوما وسيلة لإبراز المفاتن ولإغراء الشباب كما هو حاصل اليوم بما يسمى حجاب الموضة، إنما كان الحجاب ولم يزل خضوعا لأمر الله عز وجل وصونا لعفة وكرامة المرأة المسلمة.
فطالما أختي المسلمة أنك ارتضيت أن تكوني من المحجبات وممن تبحث عن رضا الله ورسوله، فالواجب عليك ارتداء الحجاب كما أمر صاحب الأمر جل وعلا، لا كما تتطلب الموضة أو تشتهي النفس.
هناك أسباب كثيرة وراء ظاهرة حجاب الموضة منها ما هو اجتماعي ونفسي وإعلامي. فيمكن اعتبار أن لهذه الظاهرة مزيج من الدوافع من أهمها ضعف الوازع الديني والأمية الدينية بحقيقة وأهداف الحجاب الشرعية والاجتماعية.
ووصلت الأمية الدينية عند البعض لدرجة اعتباره نوعا من القيد الذي يفرضه المجتمع والعادات والتقاليد، الأمر الذي جعل الفتاة في صراع نفسي في كيفية التوفيق بين الحجاب ومسايرة رياح التغيير بارتداء كل ما هو جديد وجذاب.
فبعض النساء ينظرن إلى الحجاب على أنه عادة أو واجب أُسري فرض عليهن فرضا، وبالتالي يحاولن التحايل عليه.
فمنهن من تضعه أمام عائلتها وفي الخارج تخلعه، ومنهن من تضعه ولكن لا تلتزم بشروطه الشرعية، وربما أهلها -مع الأسف- يرضيهم هذا الحل الوسط ويعتقدون أنه مادامت بنتهم تضع خرقة على رأسها فقد التزمت بالحجاب.
ويروى أنه دخلت نسوة من بني تميم على عائشة -رضي الله عنها-وعليهن ثياب رقاق، فقالت عائشة: إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات، ودخلت عليها عروس عليها خمار رقيق شفاف فقالت: لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا. فكيف لو رأت عائشة ثياب نساء هذا العصر التي كأنها مصنوعة من زجاج؟!