التدخين محرم، لما يترتب عليه من المضار المهلكة، والعواقب الوخيمة.
قال تعالى :{يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}.
وقال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}.
وقد قال الله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} .
فالتدخين حرام، لأنه من الخبائث وضارٌ بالصحة وسببٌ للوفاة، وقد قال عز وجل:
{ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا}.
وصح عنه ﷺ أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما.
ومعلوم لدى كل عاقل أنه لو سئل أي شخص أين يضع الدخان؟ هل يضعه تحت الطيب أم الخبيث؟ لأجاب كل ذي بصيرة أنه من الخبائث.
وما سبق عام في التدخين، سواء كان عن طريق السجائر، أو عن طريق ما يسمى بالشيشة، ولايعذر الإنسان بحجة أنه لايستطيع التوقف عن شربه لأن الانقطاع عنه ممكن، وقد تركه كثير من الناس، ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمة قوية،
ومما يقوي العزيمة إيمان الشخص بأنه ذنب تجب منه التوبة، وليس عادة يخير المرء بين فعلها وتركها، والله الموفق، والمال المكتسب من الدخان يأخذ حكمه في الحرمة.
وقد ثبت بشهادة الأطباء المختصين أن التدخين سبب إصابة تسعة من بين كل عشرة من المصابين بسرطان الرئة، وكذلك يدخل التدخين ضمن مسببات أمراض القلب والجلطة الدماغية وانتفاخ الرئة والتهاب القصبة الهوائية،
وكذا هو سبب للإصابة بالعنة، أو الضعف الجنسي،وإنه يجب التعامل مع النيكوتين الموجود في التبغ كباقي المخدرات الخطيرة مثل الهيروين والكوكايين.
وننبه إلى أنه ليس كل محرم ورد تحريمه بآية من القرآن، بل ولا حتى بحديث من السنة المطهرة، فالدخان يأتي تحريمه لأدلة عامة مثل: تحريم الخبائث، وتحريم كل ما يضر بصحة الإنسان ويؤدي بنفسه إلى التلف، وكذلك تحريم تبذير المال، وهنالك أشياء تحرم للإجماع أو بالقياس أو لمخالفة مقاصد الشريعة العامة أو لغير ذلك.
ويكفي المسلم العامي الذي ليست لديه القدرة على معرفة حكم الله في المسألة أن يسأل أهل العلم ويعمل بما يفتونه به، وعلى من علم حكم الله في الأمر أن يبادر إلى امتثاله وألا يتعنت في طلب الأدلة التفصيلية على كل مسألة، ويقصر الأدلة على القرآن فقط أو على القرآن والسنة فقط، فللتشريع الإسلامي مصادر أخرى كالإجماع والقياس والاستحسان والاستصحاب والمصلحة المرسلة.
وحين سُئل الشيخ إبن باز عن حكم شرب الشيشة؟ وهل حكمها حكم الدخان؟ وهل تعتبر الشيشة والدخان من المخدرات المحرمة؟
أجاب: شرب الشيشة والدخان بأنواعه من جملة المحرمات؛ لما فيهما من الأضرار الكثيرة، وقد أوضح الأطباء العارفون بذلك كثرة أضرارهما، وقد حرم الله على المسلمين أن يستعملوا ما يضرهم.
فالواجب على كل من يتعاطهما تركهما والحذر منهما؛ لقول الله ﷻ في سورة (المائدة) يخاطب نبيه ﷺ:
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة:4]،
وقوله سبحانه في سورة (الأعراف) في وصف نبيه محمد ﷺ:
{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [الأعراف:157].
وجميع أنواع التدخين والشيشة من جملة الخبائث الضارة بالإنسان، فتكون جميع أنواعهما محرمة بنص هاتين الآيتين وما جاء في معناهما.
ونسأل الله أن يهدي المسلمين لما فيه صلاحهم ونجاتهم، وأن يعيذهم مما يضرهم في الدنيا والآخرة؛ إنه خير مسئول[1].
-[1] نُشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع/ محمد المسند، جـ3، صـ: 443. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 23/ 52).