شبهات وردود في الاختلاط

|

قضية الاختلاط من أخطر القضايا التي فرضها علينا الغرب بكافة الوسائل وشتى الأساليب، وراح يروج لها في الإعلام المسموم، والمؤسسات النسوية التي تدعو إلى تحرر المرأة وانخلاعها من دينها، على أن هذه القضية قمة التحرر للمرأة من عبودية الرجل.

فهي تعمل وتلتقي به جنبا إلى جنب، فلا فرق بينها وبينه، بل هي زميلته كما يزعمون، والرجل ينظر إليها على أنها أخته.

حتى صار الاختلاط في بلاد المسلمين في كل المجالات وفي كافة الأماكن: في المدارس، والجامعات، والمستشفيات، والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وفي أماكن العمل، حتى في معظم المحال التجارية، وأحيانا محلات الألبسة الرجالية، أو الأشياء الخاصة بالرجال التي لا يحلو لصاحبها أن تبيع عنده إلا امرأة.

ومما لا شك فيه أن آثار الاختلاط وخيمة على جميع أفراد المجتمع، حتى صارت هذه الدول التي تدعي الرقي والحضارة تعمل المدارس غير المختلطة لما رأت من عواقب الاختلاط، ولما يكون في عدم الاختلاط من صفاء الذهن والاهتمام بالعلم، بعيدا عن التفكير بالنساء، والنظر إليهن.

فالاختلاط سبب عظيم من أسباب الشرور والانحلال في المجتمع، من جراء هذه العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء، حتى نشأ في هذه المجتمعات الحيوانية الأسر المفككة، والأولاد غير الشرعيين، عدا عن الأمراض الفتاكة التي سرى الكثير منها إلى بلاد الإسلام، كالإيدز وغيره.

ومن مضار الاختلاط أن من النساء من يقل حياؤها شيئا فشيئا، مما يؤدي إلى تجرئها على زوجها، لكثرة مخالطتها بالرجال، وقد يقل حبها وشوقها لزوجها، لأنها سترى من الرجال من هو أفضل منه وأحسن.


وقد بين الإسلام بما لا يدع مجالا للشك أن التقاء الرجل مع المرأة فيه من الشرور ما فيه، ولا يستطيع عاقل أن ينكر هذا، لأن الشهوة الجامحة والفطرة التي فطر الله الناس عليها تنادي من داخل الإنسان بميول الرجل للمرأة وكذا المرأة للرجل .

فبدأ بالمرأة وحذرها من فتنة الرجل بها، كما حذر الرجل منها، وبين أن المرأة كلها فتنة من صوتها الذي أمر الله ألا تخضع فيه:

«فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا» (الأحزاب: ٣٢).

إلى مشيتها التي أمر الله أن تكون باتزان بعيدة عن لفت الانتباه:

 «وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ» (النور: ٣١).

إلى لباسها الذي لا يصف ولا يشف ولا يلفت أعين الناس إليه:

 «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» (الأحزاب: ٥٩).

كما بين الإسلام أن المرأة عورة يزينها الشيطان عند خروجها في عين الرجل، فقال «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَإِنَّهَا أَقْرَبُ مَا يَكُونُ إِلَى اللَّهِ وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا» رواه الترمذي: ١١٧٣، والطبراني واللفظ له: ٩٩٦٩، وصححه الألباني.

فأي رجل صاحب غيرة يقبل لابنته أن تغلق الباب عليها وعلى رجل ليس بعمها ولا خالها ولا من محارمها؟
وما حجتهم في ذلك؟
أنها تعمل سكرتيرة عنده، أو خادمة في منزله.

وأي فتنة يقاسيها الرجل من موظفة تجلس بجانبه في اليوم أكثر من سبع أو ثمان ساعات، أكثر من زوجته، وكثيرا ما تكون متبرجة، كل ذلك بحجة الزمالة في العمل.

فإذا كان الرجل لا يحتمل منظرا رآه في الطريق للحظات فكيف يحتمل مناظر كهذه؟

ثم يخرج علينا رجال، أحيانا بصورة علماء ومرشدين لأمة الإسلام، وأحيانا يعلنوها جهارا نهارا أنهم من أعداء هذا الدين.

والقنوات الفضائية المسمومة، وحتى تحوز على شعبية كبيرة تتسابق في استضافة أمثال هؤلاء المغرضين، وتبين أنهم أهل الفتوى في الإسلام، فماذا يقولون؟

يقولون بجواز الاختلاط بين الرجال والنساء، ويحتجون بما هو أوهى من بيت العنكبوت. وصار عدد من المثقفين (العوام في دين الله) يحاول مناقشتنا في الشُبه التي يلقيها هؤلاء، فنعرض أهم ما يحتج به هؤلاء:

1۔ يحتجون بأن كلمة اختلاط دخيلة على الإسلام وليست منه، فمن أين لكم وجئتم بهذه الكلمة؟

  • الحقيقة أنه من خلال النظر في النصوص يرى الإنسان أن هذه الكلمة مستقاة من عموم النصوص الشرعية التي تنهى عن الاختلاط وتفهم منه.
    كما يفهم حرمة ضرب الوالدين من باب أولى من قوله تعالى: «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا».
    بل لقد جاءت هذه الكلمة صراحة في الحديث الذي رواه أبو داود من حديث حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه: «سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلنِّسَاءِ: اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ».

2۔ يحتجون: بأن النساء كن يصلين في عهده ﷺ مع الرجال في مسجد واحد، ولم يكن هناك ما يفصل الرجال عن النساء؟

  • نعم صحيح، ولكن المصطفى ﷺ قد عمل ما يمنع هذا الاختلاط المزعوم، فكانت النساء يصلين خلف الرجال، وحثهن على التأخر في صفوف الصلاة، حتى لا يكون الاختلاط بينهن وبين الرجال.
    روى أبو داود في سننه من حديث أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلًا وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَيْمَا يَنْفُذُ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ».
    وقد قال: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» رواه مسلم .

3۔ يحتجون بأن المرأة لا بد لها من الاختلاط في أماكن، مثل السوق، الطريق، فكيف ستستطيع الحياة إذا منعت من ذلك؟

نقول للضرورات أحكامها: لا يمكن أن تمنع المرأة من المشي في السوق إذا كانت تلبس اللباس الشرعي، بعيدة عن الطيب والزينة المحرمة.

وبذلك يتبين أن حجج هؤلاء التي يتعلقون بها واهية، لا يوافقها دين، ولا فطرة سوية.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة