يرى كثير من الناس الزوج المثالي هو الذي يشغل منصبا راقيا، أو الذي يملك المال الكثير، ظنا منهم أن هذا هو سبب سعادة ابنتهم في الحياة.
وهم يقتبسون ذلك من حياة غربية لا تمت لديننا وحياتنا وحتى عاداتنا بصلة، أو لأفلام ومسلسلات كاذبة تصور للناس أن الحياة ما هي إلا مال ومركب ونزهة، فيخترق عقل الفتيات ذاك الذي يعيش في برج، وتحته الخدم، وعنده المال أنه الرجل المثالي السعيد في حياته، فلا تقبل الفتاة عن مثله بديلا.
ونتيجة لهذه التراكمات الفكرية صار الناس يتفننون في تعقيد أمور الزواج، حصولا منهم على الزواج المثالي كما يزعمون.
فتفنن الناس أكثر ما تفننوا في مغالاتهم في المهور، وهم يظنون بذلك أن الزوجة كلما كان مهرها أكثر كانت غالية على زوجها.
والحق أن صاحب المال الكثير الذي يعيش في الحياة بلا دين، ينظر إلى ابنتهم على أنها متاع كأي متاع يُشترى بالمال.
حتى صارت المرأة في الزواج كأنها سلعة تباع وتشترى، ونحن نسمع الناس ينفرون من فلان، لأنه يغالي في مهر بناته، بالفعل: عملية بيع وشراء.
وكذا سكوت الدعاة عن مثل هذه الأمور أدى إلى تفشي مثل هذه الظاهرة بل تناميها، كيف إذا أضيف إلى ذلك أن العلماء أنفسهم لم يطبقوه على أنفسهم عند زواج بناتهم، فضلا عن عموم الملتزمين بالدين.
ونتيجة لمغالاة الناس في المهور نتج عندنا من المشاكل ما لا يحسد عليه المجتمع منها :-
▪️عدم قدرة العديد من الرجال على الزواج، وبالتالي تأخر سن الزواج، وبالتالي العديد من النساء العوانس التي لا تريد أن تتزوج إلا بمبلغ كبير من المهر، حتى إذا ما طالت بها العنوسة قبلت بأي زوج، وندمت يوم لا ينفع الندم.
▪️تأخر سن الزواج لعدم القدرة يؤدي إلى لجوء العديد من الجنسين إلى المحرمات والفواحش، فلا شك أن البديل عن الزواج سيكون محرما: من أفلام خليعة، وصور هابطة، وعلاقات محرمة، وقد يصل الأمر إلى ما هو أبشع من ذلك أن ترتكب جريمة الزنا والعياذ بالله، خصوصا في جانب الرجال، وما ذلك من النساء ببعيد.
▪️تأخر سن الزواج قد يؤدي إلى مشاكل نفسية كبيرة عند الجنسين، لأن كل واحد يحس بنقص في حياته عن غيره من الناس.
▪️العديد ممن يتزوجون من الغربيات خصوصا من الطلاب الذين يدرسون في بلاد الغرب، بحجة عدم القدرة على أعباء الزواج بعد الخروج من التكاليف الدراسية الباهضة.
▪️كراهية الزوج لأهل زوجته، لأن الموضوع من بدايته يبنى على جهالة، حتى يتراكم على العريس أكوام من الدين، فيشعر أنه مرغم على كل هذا لفرحه بإتمام هذا العرس، فإذا ما تم عرسه وأخذ يقضي دينه، تذكر أن سبب مشاكله ومصائبه وتراكم ديونه أهل زوجته، فتسوء الحياة بينهم، مما قد ينعكس سلبا على الحياة الزوجية.
وصحيح أن الإسلام لم يحدد مهرا معينا للمرأة، ولكنه حث على التيسير في أمور الزواج ورغب في ذلك أشد الترغيب، بل جاء الترغيب في أكثر من ذلك تسهيلا لأمر الزواج، حتى زوج النبي ﷺ امرأة لرجل بما معه من القرآن.
فما نحتاجه في هذا الزمن إلى أقوال رشيدة تتبعها أفعال، وهنا لا بد من دور للمصلحين والخطباء والدعاة، وأكثر من ذلك العلماء في هذا الجانب، لأن المشكلة الأساسية في الموضوع هي الممارسة والتطبيق.
فمتى كان العلم حبرا على ورق، أو كلاما على المنابر، قلت فائدته، ومتى كان العلم يتبعه العمل، عاش الناس بفضل ذلك العلم.