لو أتيت بشجرتين، إحداهما تسقيها وتهتم بها وترعاها؛ فنمت وكبرت وأثمرت، والأخرى أهملتها وتركتها ولم تسقها؛ فذبلت وماتت.
هكذا هي الحياة الزوجية؛ إن سقيتها بالحب والمودة، الرحمة والاحترام والثقة، التقوى وحفظ حدود الله، وغيرها؛ بقيت ودامت لفترة طويلة. أما إن أهملتها ودخل إليها الشك وعدم الثقة، النفور وعدم الاحترام، وغيرها؛ ذبلت وتدمرت، ورويداً رويداً تبدأ تموت ما لم تتداركها.
وأيضاً، علاقة الامرأة بزوجها تتدمر. إذا لم يكن هناك احترام له، طاعة، اهتمام، أداء حقوقه، وغيرها من الواجبات الكثيرة؛ ستذبل العلاقة ويصير عمرها قصير.
وكذلك الزوج، إذا لم يهتم بزوجته، ويرعاها، ويغار عليها، ويعبر عن مشاعره تجاهها بالأفعال والأقوال؛ ستبهت الزوجة وتذبل كالوردة، وربما عدم اهتمام زوجها بها يجعلها لا تهتم بنفسها، إذ تقول هو لا يهتم بي فلماذا أتزين، هو مشغول ولا يعطيني أي انتباه، وهذه من المشاكل التي نسمعها. وطبعاً هذا لا يبرر للمرأة عدم اهتمامها بزينتها وبنفسها لأنه أمر فطري، وواجب عليها لزوجها.
ولكن لنأتي من جانب آخر، طبيعة الأنثى تحب التزين؛ فتكتم هذه الفطرة حتى تتزوج، وتحفظ قلبها له، فعندما ترى منه صدود وإهمال وعدم بوح بالمشاعر، سيجعل الحب الذي بقلبها ينطفئ بالتدريج، وعلى الزوج أن يعف قلب زوجته كما هي تعفه، ويملأ قلبها بالحب لكي لا تلتفت لأي شيء آخر.
وهنا أود التنبيه لنقطة مهمة، وهي البوح بالمشاعر أيّاً كانت، غضب، حزن، فرح، دهشة، ولكن بالمعروف. لأوضح أكثر: أي أن المرأة إذا فعلت شيء لم يرضي الرجل، فبعضهم هنا يكتم، فكررت الفعل فكتم وكتم، حتى أتى يوم وانفجر على زوجته، وبدأ يسرد لها أفعالها الخطأ كلها.
هذا من الخطأ الفادح، إذ لا يجب أن نخفي مشاعرنا عند الخطأ نوضح ذلك، وعند الفرح نبوح بذلك؛ لأنَّ الكتمان سيؤلمه، وعندما يتكلم بعد كتمان سيؤلم زوجته، إذ يخرج بطريقة سيئة مع الغضب ببعض الأحيان.
وكذلك بالأمور التي ترضيه يخفيها عن زوجته، ولا يبوح بمشاعره لها، والحب الذي بقلبه، وطبيعة الأنثى تحب الكلام المعسول، فيكتمه حتى يصبح هناك جفاء بينهم، ولربما تظن الزوجة أنه لا يحبها ويحصل هذا مع الرجال أكثر.
لأن الرجال تعبر عن مشاعرها بالأفعال أكثر؛ ولكن الأنثى لا تفكر هكذا فهي تحب سماع الإطراء والثناء والكلام الجميل من الزوج، وأيضاً تحب أن يعبر لها بأفعاله، فيكسب بذلك قلبها، وحين يكسب قلبها فقد فاز بالسعادة. فالمرأة إذا أعطاها الرجل أعطته أكثر مما أعطى.
وعلى المرأة أن تفهم طبع زوجها، فكثير منهم يعبر عن حبه بالأقوال وبعضهم بالأفعال، وبالأخص عندما يمر على الزواج مدة طويلة، تظن المرأة حينها أن حبه لها كمد؛ ولكن هذا التفكير خطأ فالحب هنا نضج ليسَ كبداية الزواج من الهدايا والورود وغيرها.
يصبح التعبير بطريقة مختلفة:
فعندما يأتي من العمل وهو يحضر لكِ الأغراض التي طلبتها رغم تعبه من الحب، عندما يشتري لكِ الفاكهة التي تحبيها، عندما تمرضي ويأخذك للطبيبة ويحضر لكِ الدواء، عندما يأخذك نزهة أنتِ والأولاد، حين غضبتِ فتغافل، وحين أردتِ التنظيف تحت الكنبة فأزاحها؛ لكي لا تتعبي ظهرك. كلها اعترافات من الحب الناضج لو أبصرتها.
والآن، تأملي قليلاً وتذكري المواقف التي اعترف لكِ بها زوجك وغفلتِ عنها، تذكريها واحمدي الله عليها، وجددي حبك لزوجك، ولا تجعلي هذا الحب يكمد فهو وقود الزواج.
وختاماً، لا أقصد بعدم إخفاء المشاعر أي لا نتغافل عن شيء، لا، فالتغافل بالبيوت لا بد منه، وبدونه لن يصلح عش الزوجية، فهناك كثير من الأمور التي يجب التغافل عنها وعدم تعظيمها والعفو والصفح عنها.
هذا وأسأل الله أن يسعد كل زوجين بحياتهم وأن يجعل بينهم مودة ورحمة.