يا حفيدة أمهات المؤمنين، يا مَن تسيرُ على خطى العفيفات، أحدثكِ حديث القلوب لا حديث الحروف؛ فهلّا وعيتِ؟
أعرف نبض قلبكِ الخافق، أعرف حُرقة روحك لاهتمام، أعرفُ أن الجميع حولكِ قد اتخذَ (حبيباً)؛ لكن كل هذه المشاعر ليست مبرّراً لأن تسلمي قلبك لمن لم يطرق باب والدكِ.
ما رأيك أن ترتدي المريول وقفازاً، وهاتِ المشرط لنشرّح العلاقات خارج نطاق الزواج من كل نواحيها.
أولاً؛ دستورنا ومصدر تشريعنا القرآن والسنّة:
{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}
سؤال على الخاص أو نظرة، ثم أعجبني تفكيرك، ثم أنتِ تشبهيني، وبعدها رسالة بتذكير بالصلاة، ثم علِق القلب. ثم خياران؛ إما تكذبين على نفسكِ
أنك تعصمين قلبك ولن تتجاوزوا الحدود، أو تبحثين عن فتاوى ما حكم الكلام دون الاعتراف بالحب، وما حكم الاعتراف بالحب دون لمس الأيدي، وما حكم وما حكم، وتبريرات تعرفين في قرارة نفسكِ أن الرسول إن رآك لن يُسر بكِ.
ولا يغرّنك من يلوي النصوص ويحلّ ويحرم من عنده، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ …… فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ”.
أرأيت؟ الحلال واضح كالشمس، والحرام كَسدف الظلام لا ينكره أحد، لكن حين نتحايل على الحرام ونظن أنفسنا أذكياء وإذا بنا واقعون فيه.
لا تفتحي الباب؛ إن تفتحيه تلجيه، لا تقفي أو تجربي فقط نظرة ماذا يوجد داخل الباب، هممم طيب فقط سأقف لأرى ما نوع الباب لماذا ممنوع، أنا سأقترب فقط لأفحصه متأكدة من إيماني فقط الآخرين ينخدعون، ثم هوووب دخلتِ.
ابتعدي عنه وخافي منه.
لذا؛ واجبنا نحو أوامر الله الطاعة والإذعان، لا المناقشة والتأويلات، سمعنا وأطعنا. وثقي أن ما حرم الله شيئاً إلا وفيه أذىً وخسارة لعبده.
قال ابن تيمية: (والناس إذا تعاونوا على الإثم والعدوان أبغض بعضهم بعضاً وإن كانوا فعلوه بتراضيهم). فسبحان الله! في الزواج يزرع الله المودّة والرحمة، أما ما كان معصية لله ينقلب بغضاً.
ثانياً؛ عُرفاً:
المرأة مرغوبة لا راغبة، يُسعى إليها ولا تسعى هي البتة.
ثالثاً؛ نفسياً:
قرأت ذات مرّة لمحمود أبو عادي إحدى الدراسات الشهيرة في علم النفس الاجتماعي، والتي قارنت بين الزواج التقليدي والزواج عن حُبّ من حيث استمرارية مشاعر الحبّ وصعودها أو خفوتها، حيث وجدت أنّ الزواج بعد خمس سنوات يدخل مرحلة نوعية مختلفة، وأنّ المتزوجون عن حبّ غالباً ما ينحدر المستوى الشعوري للحبّ لديهم تجاه شريكهم الذين قرّروا أن يتزوجوه عن حبّ وشغف، مقارنة بأولئك الذين تزوّجوا زيجة مُدبّرة أو تقليدية برسم وتخطيط عائلي مُسبَق.
رابعاً؛ شعوراً:
قلب قلق، ستبقين خائفة هل سيخطبكِ، أو هل هو صادق أم كاذب، وفوقها قلب يتربص يخاف أن يكشفه أحد.
لا تغتري إن رأيتِ علاقة من أصل مئة علاقة انتهت بالزواج، هل قلبك رخيص لدرجة تجازفي به في علاقة مجهولة لا يرضها ربكِ؟ أنتِ غالية.
لا تقولي لي إنّه مختلف، حتى لو كان ملتحياً وطالب علم، وهذا ليس باباً للقدح بمن يلتحي ولا من طلاب العلم، لكن علينا أن نعرف فكرة أننا بشر لا ملائكة، علقيها أمامك في غرفتكِ، لا تنسيها.
الشيطان لن يتركنا دون أن يمهد لنا سبل المعصية من أبواب عدّة، ووالله لا يمل ولا يكلّ. أفنستسلم له نحن؟ بل نحن مأمورون بالجهاد، مأمورون بسد المنافذ التي يأتي بها الشيطان إلينا.
يا صغيرتي، من لم يطرق باب والدكِ لا يستحق قلبكِ الدُريّ، قلبكِ أغلى من أن تساومي عليهِ في علاقات تسخط الله عليكِ. ما كان مُقدراً لكِ من زواج وعدد أبناءٍ، بل وحتى ماذا ستطبخين له أول يوم زواج؛ ستحصلين عليه، رزقكِ لن يأخذه أحد غيركِ، ولا يدفعنك تأخره إلى البحث عنه فيما لا يرضيِ الله.
وأنهي بعبارة لسليمان العبودي بتصرف طفيف: (ما أجمل أن تقفي حارسة لقلبكِ، تدخلين جوفه من شئتِ، وتخرجين من حرمته من شئتِ، وإذا استعصى عليكِ طرد أحدهم من أعماق القلب، انتضيتِ سيف العزيمة، وقطعتِ عنه الواردات والإمدادات والخيالات. فإذا بالساكن المستعصي خرقة بالية، ومحض جثة تدفنينها وتوارينها في أدنى مقبرة).
إن كُنت على علاقة؛ اقطعيها حالاً بلا أي تفكير، وإن لا زلتِ تجاهدين نفسك في خضم الفتن؛ فثبتكِ الله وأعف قلبكِ ورزقكِ زوجاً يصب عليكِ الحب صباً.
استعلي بدينكِ وكوني أمة لله؛ يرزقك الزوج الصالح والسند الذي يليق بقلبكِ.