-آلله أمرك بهذا؟
-قال: نعم
-قالت: إذاً لا يضيّعنا.
هي في ميزان الأرض كلمات؛ لكنها في ميزان الله تزن بِثقل الجبال الراسيات.
أم إسماعيل، طفل رضيع، مكان قَفر ناءٍ لا شجر فيه ولا حَجر، وليلٌ بهيم؛ لكن حين يأتي أمر الله تُذعِن له القلوب ساجدِة، لا تناقِش ولا يكون لـ الـ” لوّ” مكان.
المرأة -أم، زوجة، ابنة، أو أخت-؛ لها دور كبير في ثبات الرجل أو زعزعته، وبالتالي ثبات الأمة. هي غصن صغير؛ لكن جذورها عميقة وأثرها كبير.
فرقٌ بين من تقول لزوجها حين يذهب للجهاد: لمن تتركنا؟ وبين من تقول: اذهب نصرك الله فالله يتكفل بنا.
فرقٌ بين من تقول: لا تُنفق على المجاهدين أو اللاجئين أو المحتاجين؛ فنحن أولى وحاجاتنا أهم، وبين من تقول: هَذا سِواري الأخير ضعهُ مع ما ستنفقه فما نقص مالٌ من صدقة قط.
فَرق بين من همّها بمن تزوجت صديقتها، وما آخر مستجدات مشكلة جارتها مع حماتها، وما آخر صيحات الموضة، ومنشورات المشاهير الفارغين والتريندات من أولوياتها والمصدر الرئيسي لثقافتها، وبين من تعمل جاهدة لطلب العلم؛ ترفع الجهل عن نفسها وعن أولادها
بالعقيدة والتوحيد، وترتكز على سنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها لا مجرد استمتاع بسردها، بيتها حِصنٌ من الفِتن والشهوات.
فرقٌ بين من تترك أبناءها للتلفاز والجوال ليزرع فيهم الشوك، ويلوث قلوبهم لتستحيل مستنقعاً يجذُب إليه كل ما خبُث؛ فيكبر الطفل لا يعرِف معنى الاستخلاف، والتمكين ليس له في قاموسه معنى، والإسلام عنده جسد بلا روح، وبين من تجعل أولادها مشروع حياتها، تجعل بين أشبالها والملهيات والسفاسف والتفاهات بُعد المشرق والمغرب، لا تكل ولا تمل من غرس القيم التي تستقيها من كتاب الله وكلام نبيّه وزرع البطولة في قلوبهم، فيغدو الأبناء رجالٌ بقلب ليث، وأرواحٌ بعزمٍ ربانيٍّ يحمّلهم هم أمتهم والذود عنها.
لا ترضي بالسفاسف يا مشكاةً وسط الظُلم، كوني منارة وسط الأمواج المتلاطمة، كوني فخراً لأبنائك يكونوا فخراً لكِ. الأمة تنتظرك؛ فهلا حثثتِ الخطى؟
هامِش: نحن لا نُنكر ما في النفس البشرية من ميل للراحة، وحزن على فراق محبوب، وكره للإنفاق؛ لكن كما قال الله عز وجل: {أحضرت الانفس الشح}؛ فالأنفس جُبلت على البخل وعدم الإنفاق، ونحنُ همّنا مجاهدة النفس ما استطعنا لذلك سبيلاً. وكما أن القلوب دأبها أن تتعلق بمن تحب
إذ تنفطر الأرواح بالبعد عن توأمها؛ هذه المشاعر طبيعية لكن لا نستسلم لها، علينا أن نكون طوعاً لأمر الله ولا نصبر وحسب، بل نصبّر من حولنا ونشحذ الهمم ولا نكون مخذّلين سلبيين متقاعسين.