لا تجمع على نفسك عذابين!

|

لا تجمع على نفسك عذابين!


كنا إذا شكى أحدنا قسوة قلبه، انهالت عليه النصائح بجولة في إحدى المستشفيات. وكنا إذا سحبت أحدنا الدنيا في دوامتها وزخرفها، انهمرت عليه النصائح بزيارة المقابر أو اتباع الجنائز للرجال والتفكر في أحوال الموتى. وكنا إذا غرت أحدنا الحياة وزينتها، نذكره بحقيقة الدنيا وقرب الموت وورد القبر. وكانت تلك النصائح تصيب هدفها مباشرة بإذن الله؛ فيرق القلب ويؤوب.

أما الآن، في زمن تجاوز في جاهليته الجاهلية الأولى، فيقف أحدنا في وسط الابتلاءات التي تنطق بحقيقة الدنيا وتبرز وجهها القبيح، فلا يتعظ ولا تهتز فيه شعرة من تقوى.

فنرى مسلمين تحيط بهم المنايا والبلايا، ويرون الموت بأمهات أعينهم في كل لحظة بلا مبالغة، ويشمون رائحة الجثث والقبور، ثم لا يزيدهم هذا إلا تشبثاً بالدنيا وحرصاً عليها.

هل أتاك نبأ السابّين ربهم جل وعلا حاشى لله ونستغفره ونتوب إليه؟ يا أخي لماذا؟ ألا يكفيك عذابات الدنيا حتى تصر على اقتحام جهنم في الآخرة خالدا فيها؟ وما الدنيا وما فيها جميعاً في الآخرة إلا مثل ما تحمله إبرة من ماء البحر؛ بل أقل! فالبحر محدود والآخرة لا حدود لها!

أتتحمل؟
تتحمل خلود في جهنم بلا نهاية ولا راحة؟ أتجمع على نفسك شقاء الدنيا والآخرة؟ ألم يأتك نبأ أقوام قبلنا كان يوضع المنشار على مفرق رؤوسهم لينطقوا كلمة الكفر، فيشقوا نصفين ولا ينطقوها؟ هل أتاك نبأ سيدنا خباب بن الأرت حين أوقد له الكفار النار ووضعوه فوقها فلم يطفئها إلا شحمه الذائب فوقها؟ هل أتاك نبأ سيدك وحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو محاصر لثلاث سنوات هو والمسلمين، لا يجدون إلا ورق الشجر طعاماً، وربما بعض الزواحف؟

لا أقول هذا تقليلاً لأي ابتلاء يمر به أي مسلم على وجه البسيطة؛ ولكنها الدنيا، هي ذاتها ابتلاء واختبار؛ أقوله شفقة وخوفاً عليك، خوفاً أن تمسك النار.

التسخط على أقدار الله عز وجل ليس حلاً مهما كانت قاسية، ولن تجني من خلفه إلا الخسران فوق الشقاء والعناء، فكيف وأنت قد تصل إلى كفر مخرج من الملة؟ استدرك وتب إلى الله عز وجل، وضع هذا الحديث نصب عينيك دائماً:

عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإن اللهَ –عز وجل- إذا أَحَبَّ قومًا ابتلاهم؛ فمن رَضِيَ فله الرِّضَى، ومن سَخِطَ فله السُّخْطُ”

أخرجه الترمذي وابن ماجة.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة