نصيحة لأصحاب الصفحات العامة

|

نصيحة لأصحاب الصفحات العامة

بما أننا بتنا نستخدم مواقع التواصل بكثرة، في مسائل طلب العلم وغيره؛ علينا أن نعلم أن هناك من هو علينا رقيب ويرانا، وعلينا أن نستغل هذه الهواتف بما ينفع لتكون حجة لنا لا علينا.

باتت الفتاة تتابع قنوات الشباب؛ لما تراه من فائدة بمتابعتهم، وهنا علينا أن ننتبه لخطوات الشيطان واستدراجه لنا وتزيين الأمر للنفس.

تبدأ خطوات الشيطان بدخول الأنثى لقناة الشاب، ثُمّ ما تلبث إلى أن يبدأ يزين لها الشيطان؛ فيعجبها تفكيره وحكمته وبلاغته، ويقع في قلبها ميلٌ له، تحاول تكذيب هذا الشعور وتكمل متابعته، وتصل إلى أن تتعلق به، وأسميه هنا تعلقّاً لأنه ليسَ حبًّا؛ فالحب لا يكون بيوم وليلة ولا بمتابعة منشورات، وما لم يكن بينكم عشرة وكلام وتعلمين تفكيره فلستِ تحبيه؛ ثم إن المنشورات لا تدل على صلاح الشخص أبداً، فكم منهم من هو بالمواقع صالح والواقع يكذب أقواله.

ثم هذه الفتاة تبدأ بالبحث عن معلومات شخصية عنه، وتعلم ما يحب ويكره، ثم تتفاعل على منشوراته كلها حتى وإن لم تعجبها، وبعدها تحاول لفت انتباهه بأشياء هي تعلم أنها تعجبه. ثمّ إن لم تعِ خطر ذلك وتتوقف عن متابعته وتدارك نفسها؛ ستقع بمراسلته والعياذ بالله، وقد يضعف الشاب حينها ويكلمها وتأخذ إثمه وإثمها. وإذا كان الرجل صالح وتدارك هذه الفتنة وقال معاذ الله، حينها ستجلس نادبةً حظها، وتندم وتقول يا ليتني لم أفعل ويا ليت وليت!

وكلها بدايات تزيين هذا الشيطان لها لتقع بالمحظور، ويذهب بحياء الأنثى، ويجعلها تبدي شيئاً من نفسها لهذا الرجل، وقد تتعجب عندما تصحى من هذه الأوهام أنه ليس بالجميل وليسَ من أرادته؛ ولكنه تلبيس من الشيطان.

وغير ذلك، هناك كثير من الوسائل التي يغري بها الشيطان الأنثى، كأن تضع صورتها أو شيء من يدها أو غيره من الأمور للفت الانتباه، أعاذنا الله وإياكنّ.

يا أخية، قلبك عليكِ أن تتحكمي به، وعندما تشعرين باقتراب الفتنة منه ابتعدي، ولا تظني أنك قوية وصعب أن تتعلقي بأحد؛ فالشيطان يأتي من نقطة أنه صالح وكما كنتِ تريدينه؛ فانتبهي، وما إن أحسست باهتمامك بشخص ممن تتابعينهم؛ اعتزلي ما يقرّبك من متابعته فوراً ومن غير تفكير، فسلامة قلبك أولى.

يا أختي، طالب العلم ليسَ حجر لا يشعر أو لا تدفعه غريزته أحياناً، بل هو بشر يخطئ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “كل ابن آدم خطاء”؛ فكلنا نخطئ. وعليكِ أن تحذري من مراسلة طلاب العلم، هناك كثير من الأخوات الفاضلات يمكنك مراسلتهنّ وإخبارهنّ بمشاكلك.

واسمعيها مني: بعض طلاب العلم -ولا أعمم-، تذهبي أنتِ بنية طيبة وتبثّي له مشاكلك وتريدين الحل، فيبدأ يسأل عن أمور شخصية بحجة أنه يريد أن يعرف الداء ليصف الدواء، وأنتِ بحسن ظن به على أنه مستقيم تقبلين، وما تمر فترة حتى يبدأ بالإفصاح عن أموره الشخصية مثل كونه أعزباً وغيرها. وبعدها بتكلمه عن حياته، ثمّ رغبته بالزواج والسؤال عن تفاصيل تخصك ويجعلك تظنين أنه يريد الزواج بكِ وتتعلقين به وبشدة، ومن ثم يأتيكِ جواب صاعق أنه وجد زوجة، أو أنه وعى على نفسه وغلطه، أو إنك لستِ مناسبة، وللأسف تبقى الفتاة غارقة بأحلامها التي كانت تبنيها معه.

والخطأ هنا عليكما أنتم الاثنين؛ فبالبداية أنتِ لماذا تفتحين هذا الباب؟ لماذا تؤذين قلبك؟ أليسَ هناك نساءً كثيرات لتسأليهنّ وتخبريهنّ بمشاكلك؟ لماذا تذهبين لرجل وتفتنين نفسك وتفتنيه؟ ومن قال لكِ إذا كان صالحاً فإنّه لا يشعر؟ لا بل قد يفكر بكِ بطريقة أنتِ لا ترضيها لنفسك، والرجل يبقى رجلاً وتبقى لديه شهوة النساء، والله في كتابه ذكر ذلك وأول ما ذكر النساء؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ﴾.

ثم ألم يقل الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-: “ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما”؟

فيا أخية، لا تقربي هذا الباب؛ فلن يجلب لكِ سوى وجع قلبٍ. احترمي ضعفك وكونكِ تتعلقين بسرعة -وهذا أمر لا نكذبه-، لا تحاولي فالثمن قلبك.

وأما بالنسبة لطالب العلم من يفعل ذلك، أو قد فعل ذلك مع أحد الأخوات؛ فإني لا أعلم ما أقوله لكم سوى أن اتقوا الله. أنتم كطلاب علم مستقيمين، ألا يجب أن تتحلوا بالصفات الحسنة والوقار؟ أول شيء يجب على طالب العلم هو العمل بعلمه؛ وإلا لماذا يتعلمه؟ أليجعله حجة عليه فقط؟

ربما ستقولون هنّ يأتين ويسألن، وهنّ يتجاوزن حدودهنّ، ونحن قد أوضحنا أنه هناك خطأ على النساء، لكن يمكنكم أيضاً أن تقولوا لا نرد على رسائل الفتيات ونتمنى منكنّ أن تراعين ذلك فهذا أسلم لقلوبنا وقلوبكنّ.

أتظنون بعد ذلك أنّ صاحبة الحياء والعفاف ستبعث لكنّ بغير حاجة ضرورية؟ إن فعلت إحداهنّ ذلك فهي عديمة الحياء وتجاهلها هو الحل.

لكن أكلهنّ يتجاوزن الحدود؟ نرجو منكم أن تراعوا أن المرأة تتعلق بسرعة بالرجل، ومن أقلّ لينٍ تشعر به واهتمامٍ في سؤالها.

لذا؛ فلنتقِ الله في قلوب بعضنا ونتكلم بضوابط كما أمرنا ربنا، ولنستحضر دائماً مراقبة الله لنا؛ فمن الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. أجبها على قدر سؤالها ودع عنك ما سواه؛ وإن رأيت منها تجاوزاً فالحظر موجود.

الشيطان وسائله لفتن الناس كثيرة جداً، ويأتي لطلاب العلم وطالباته من أمور لا يظنون أنها تفتنهم، كأن تفتن الأنثى بطالب علم أو العكس، أو بصاحب محتوى ينشر العلم النافع وغيره من الأمور.

وهذه نصيحة للأخوة والأخوات: اتقوا الله في أنفسكم وبمن يتابعكم، صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي أنتَ مسؤول عما ينشر بها وما يراه المتابعون؛ فلا تنشروا إلا ما يرضي الله، وابتعدوا أشدّ البعد عن المزاح، ولا تكثروا من الحديث عن الرغبة بالزواج، لا أحبذ ذلك للشاب، وأرفضه وأشدد على رفضه من الأنثى؛ لأنه يُذهب من حيائها، أشياء كهذه لا تصرح بها على العام أبداً، بل يمكنك أن تقولي لوالدتك أو من تريدين ممن يحل لك التحدث معه بهذه الأمور؛ ولكن ليسَ على العام، فهو باب فتنة عظيم.

وإني قد رأيت بداية مداخل الشيطان من هذه الأمور، المزاح المفرط الذي يلين معه قلب الأنثى للرجل أو العكس، والحديث عن الرغبة بالزواج المفرط وليسَ من باب النصح وتعليم الناس وتوعيتهم عن أمور الزواج؛ بل تصريح عام عن الرغبة به، وهذا أمر قد وقعت به كثير من طالبات العلم للأسف.

اعلمي يا أخية أنّ هناك من يتابعك من الرجال، فحافظي على قلوبهم من أن تفتنيها بخضوع كلامك أو تصوير يدك، أو حديثك عن رغبتك بالزواج وتعسر الأمر، أو عن مواصفات فارس الأحلام، أو فيديوهات رومنسية للرجل والمرأة كأنهم يصلون معاً أو يحضنون بعضهم؛ حتى وإن كانت صوراً كرتونية فهذا حرام وباب فتنة كبير انتبهي له، ولا تخضعي بالقول وتكثري المزاح والنكت التي ليسَ منها فائدة، فالضحك الزائد يقسي القلب.

ولا أرى أنّ هناك داعٍ ابداً لفتح حسابات لستِ مستعدة لها، ولا تريدين نشر شيء ينفع الناس وإنما نشر يومياتك وإنجازاتك، فالحسابات ما لم تفتحها فتاة ذات عقل ودين فإنها ستكون فتنة.

ولا تدخلي لحسابات شاب تعلمين أنه لربما تفتنين به من تفكيره وغيره، وعندما تشعرين بالفتنة اقتربت اهربي منها هروبك من الأسد ولا تلتفتي، فسلامة القلب أهم شيء.

واعلمي أنه حتى إن فتح الرجل مجالاً للسؤال؛ فهذا لا يعني أنه يحق لكِ سؤاله عن كل ما يخطر ببالك، وهناك أمور لا تصح أن تُسأل إلا للنساء، وحتى لو كانت رسالتك مجهولة يبقى هناك ضوابط عليكِ الالتزام بها، كأن لا تخضعي بالقول وتكلمي بأدب وإيجاز، واعلمي أنه حتى لو كنتِ مجهولة برسالتك فأنتِ غير مجهولة عند الله، وهو عليكِ رقيب؛ فاتقِ الله بنفسك وبقلبك أولاً، واتقِ الله بقلب الرجل الذي تسأليه فهو يبقى رجلاً وتبقى غريزته كما هي وإن كان أتقى أهل الأرض، وفتنتك عليه شديدة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء”.

وكذلك الرجال، هناك من يتابعكم من النساء؛ فاتقوا الله بقلوبهنّ من التعلق، انشروا ما ينفع الناس وابتعدوا عن المزاح، وهل نرى بقنوات المشايخ أو الدُّعاة الثقات بها شيء من مزاح أو غيره من تباهي بزينة الدنيا؟ لا والله نكاد لا نرى بها شيئاً يفتن، فكذلك فلتكن صفحاتكم إذا أردتم حقاً نشر العلم. وإذا أجبتَ عن سؤال فتاة فأجب بإيجاز من غير لين بالكلام، الشدة عندها ضرورية؛ لأنّ المرأة تتعلق بسرعة من كلمة أنت لم تلقي لها بالاً؛ فانتبهوا رعاكم الله.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة