الأنمي، والمنكرات العقدية

|

الأنمي، العقيدة

العقيدة أولا:

إنّ العقيدة هي أساس الدِّين والمِلَّة، وأصل الإسلام، والأصل المشترك بين الأنبياء من بدء الخليقة، فما أُرسلوا صلوات الله عليهم إلا لتصحيحها وتقويم اعوجاج الناس وميلهم عنها.

فالعقيدة: هي الأمور التي يجب أن يُصَدِّقَ بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقينًا ثابتًا لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك.

وهي الإيمان الجازم بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتّسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطّاعة، والاتّباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وعلم العقيدة وعلم التوحيد مترادفان عند أهل السنة، والعقيدة مأخوذة من العقدة؛ لتدل على الثبات والإحكام؛ لأن الإنسان يعقد عليها قلبه، ولنا في الصحابة والصالحين على مرِّ العصور أسوة حسنة، فلم يُفرطوا في عقيدتهم رغم الابتلاءات والإغراءات.

فعقيدتك الإسلامية الصحيحة هي التي عليها مدار العبودية لله، وقبول الأعمال عند الله، وهي التي سالت الدماء ورخُصت الأنفس في سبيل تحقيقها بين الناس، وهي الركن الذي يقوم عليه الدين وبهدمه يهدم جميعا..

وعلى ما تقدم من الشيء اليسير، تدرك أن العقيدة أغلى ما تملكه كمسلم يعبد الله وحده، فبها فلاحك في دنياك وآخرتك، وتُدرك بهذا حجم الخطر والكيد الذي يحاك من أعداء الدّين لهدم هذا البنيان العظيم فيك، وصدك عنه بكل السبل، وشتى انواع المكائد، ولن تهدأ فرائصهم حتى يهُدوا ذلك السدّ المنيع الذي يحفظ عليك دنياك وآخرتك، فتصبح مستباح الفكر والدين، فتفطّن واحذر !

الأنمي من منظور شرعيّ:

لمعرفة الحكم الشّرعي لابد من معرفة أصل الأنمي، وأصله: هو رسوم وصور لأشخاص كاملين من قصص خيالية أو واقعيّة حولت إلى رسوم متحركة.
وحكم رسم ذوات الأرواح: محرم بإجماع العلماء، ومن كبائر الذّنوب التي أكثر ما يستهان بها في زماننا هذا، والعلّة من التّحريم أنّها مضاهاة لخلق الله تعالى وذريعة إلى الشّرك الأكبر، وهي محرمة سواءً كانت حقيقة أم خيالاً، وفي تحريم الأنمي وجهين:

الوجه الأول:

لأنه رسم ذوات أرواح وهو محرم بإجماع العلماء، حقيقة كان أم خيالاً، والأدلة على ذلك:

1- ما رواه البخاري (٥٦٠٧)، ومسلم (٢١٠٨)، عن عبد الله بن عمر رضيّ الله عنهما أَنَّ رسول الله ﷺ قال: ”إِنَّ الذين يصنعون هذه الصور يُعَذَّبُونَ يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم

2- ما رواه البخاري (٥٦١٠)، ومسلم (٢١٠٧)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: ”أَشَدُّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يُضَاهُونَ بخلق الله“.

3- مارواه البخاري (٢١١٢)، ومسلم (٢١١٠)، عن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إِلَى ابن عباس فقال: ”إِنّي رجل أصور هذه الصور فَأَفْتِنِي فيها، فقال له: ادن منّي، فدنا منه ثم قال: ادن منّي ، فدنا حتى وضع يده على رأسه، قال: أُنَبِّئُكَ بما سمعت من رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ، يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسًا فتعذبه في جهنم.، وقال، أي: ابن عباس: إن كنت لا بد فاعلًا فاصنع الشجر وما لا نفس له”.

وأمّا الدليل على تحريمه إن كان خيالًا، ما رواه مسلم (٢١٠٧)، عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: ”قدم رسول الله ﷺ من سفر وقد سترت على بابي دُرْنُوكًا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فأمرني فنزعته”.
والدُّرْنوك: نوع من الستائر.
وفي الحديث دلالة على حرمة رسم ذوات الأرواح وإن كان متخيلاً، لأنه لا يوجد خيل ذوات أجنحة في الواقع.

الوجه الثاني:

أنّ الشّخصيات التي تُصَّورُ تدعو إلى الكفر والإلحاد، وهذا الوجه أشد من الوجه الأول في دلالته على التحريم والإثم المترتّب على ذلك، وذلك لأن أوّل من ابتدأ بتصوير الأشخاص هم قوم نوح، حيث كان المشركون القدامى يصورون صورًا لرجال صالحين ليحيوا بذلك ذكرهم، حتى آل بهم الأمر إلى عبادتهم من دون الله، قال الله تعالى في بيان ذلك:

{وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا . وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا}. [نوح:٢٢-٢٣].

وقال الشّيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: وهذه أسماء رجال صالحين لما ماتوا زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم لينشطوا -بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها، ثم طال الأمد وجاء غير أولئك، فقال لهم الشيطان: إن أسلافكم يعبدونهم ويتوسلون بهم وبهم يسقون المطر، فعبدوهم ، ولهذا أوصى رؤساؤهم للتابعين لهم أن لا يدعوا عبادة هذه الآلهة. اهـ تفسير السعدي(صـ٨٨٩).

فإذا كان تصوير الصالحين ولو بنية حسنة محرّم؛ لأنّه ذريعة إلى الشّرك الأكبر، فتصوير الشخصيات الخيالية التي تدعو إلى الكفر الصريح، والإلحاد، وما يندرج تحت ذلك من المنكرات، محرمٌ من باب أولى.

أبرز المنكرات العقديّة في الأنمي:

١) المواد الالحادية:

إن مما عمت به البلوىٰ: ترويج الأنمي للإلحاد!
ولا عجب أن يروج الملحد لإلحاده، ولكن العجيب أن المشاهد المسلم يقبل ذلك، ويستمر بالمتابعة والتسويق، والتقييم، والدعم، وكل ذلك؛ بحجة الترفيه!

أي ترفيه ذاك الذي يقوم علىٰ نخر الإيمان في قلبك؛ عن طريق مشاهدة هذا المنكر العظيم واستساغته بداعي الأُنس؟
وأي ترفيه ذاك الذي يسقط قلبك في جب من الظلمات المطبقة بعضها فوق بعض؛ بسماعك الكلمات التي تسب، وتنتقص، وتنكر الإله؛ ولا يحمر وجهك، أو يغضب قلبك، أو يقشعر جلدك؟

هذه العقيدة العظيمة التي تَحَمَّل الرسول ﷺ وصحابته، ومن تبعهم؛ أشد أنواع الضرر والعذاب؛ في سبيل التمسك بها والحفاظ عليها ونشرها.
ألم يُعذب الصحابة -رضي الله عنهم- أشد أنواع العذاب؛ ليرجعوا في الكفر؛ فأبوا إلا الإيمان!
ألم يُكْرَه أحدهم علىٰ الكفر بعد العذاب الشديد وقلبه مطمئن بالإيمان؛ فكان حزينًا، كئيبًا؛ لذلك، حتىٰ بعد خلاصه؟

أفيترك المؤمن التأسي بهؤلاء العظماء، ويعض بالنواجذ علىٰ شهواته، وزيف آماله وتصوراته؟

ألم يسمع وعيد الله -عز وجل- للذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا؛ حيث قال:

﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا ثُمَّ كَفَروا ثُمَّ آمَنوا ثُمَّ كَفَروا ثُمَّ ازدادوا كُفرًا لَم يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُم وَلا لِيَهدِيَهُم سَبيلًا﴾ [النساء: ١٣٧]

قال السعدي في تفسيره: من تكرَّر منه الكفر بعد الإيمان؛ فاهتدىٰ ثم ضلَّ، وأبصر ثم عمي، وآمن ثم كفر، واستمرَّ علىٰ كفره وازداد منه؛ فإنه بعيد من التوفيق، والهداية لأقوم الطريق، وبعيدٌ من المغفرة؛ لكونه أتىٰ بأعظم مانع يمنعه من حصولها؛ فإنَّ كفره يكون عقوبةً وطبعًا لا يزول؛ كما قال تعالىٰ:

﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبَهم﴾، ﴿ونقلِّب أفئِدَتَهم وأبصارَهم كما لم يؤمنوا به أوَّلَ مرةٍ﴾.

ودلَّت الآية أنَّهم إن لم يزدادوا كفرًا بل رجعوا إلىٰ الإيمان، وتركوا ما هم عليه من الكفران؛ فإن الله يغفر لهم، ولو تكرَّرت منهم الردَّة، وإذا كان هذا الحكم في الكفر؛ فغيرُهُ من المعاصي التي هي دُونَهُ من باب أولىٰ؛ أنَّ العبد لو تكررت منه ثم عاد إلىٓ التوبة؛ عاد الله له بالمغفرة. اهـ

أفلا تخاف أن تبقى متذبذب النفس والعقيدة، مسلم تعيش بين أهل الاسلام؛ ولكنك تجعل ترفيهك بمشاهدة قصص خيالية، قائمة علىٰ الالحاد والكذب علىٰ الله!

أفلا تخشى أن يغشى قلبك الكفر في ساعة غفلة كنت تشاهد فيها الكفر بالله بداعي الترفيه ذاك!
ألم تسمع قول الله تعالى:

﴿فَلَمّا زاغوا أَزاغَ اللَّهُ قُلوبَهُم وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ﴾ [الصف: ٥] 

في الذين استحبوا لنفسهم المعصية على الطاعة والكفر على الإيمان؟قال السعدي في تفسيره: ﴿فلمَّا زاغوا﴾؛ أي: “انصرفوا عن الحقِّ بقصدهم”
﴿أزاغَ الله قلوبَهم﴾: “عقوبةً لهم علىٰ زيغهم الذي اختاروه لأنفسهم ورضوه لها، ولم يوفِّقْهم الله للهدىٰ؛ لأنَّهم لا يَليقُ بهم الخير، ولا يَصلُحون إلَّا للشرِّ.”
﴿والله لا يهدي القومَ الفاسقينَ﴾؛ أي: “الذينَ لم يزلِ الفسقُ وصفًا لهم، ليس لهم قصد في الهدىٰ”.

وهذه الآية الكريمة تفيد أن إضلال الله لعبيده ليس ظلمًا منه ولا حجَّة لهم عليه، وإنَّما ذلك بسببٍ منهم؛ فإنَّهم الذين أغلقوا علىٰ أنفسهم باب الهدى بعدما عرفوه؛ فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال، والزيغ، وتقليب القلوب؛ عقوبةً لهم، وعدلًا منه بهم؛ كما قال تعالىٰ:

 ﴿ونقلِّبُ أفئِدَتَهم وأبصارَهم كما لم يؤمِنوا به أولَ مرةٍ ونَذَرُهُم في طغيانِهم يعمهونَ﴾. اهـ

لا تقل: تعودت، ولا تقل: من الفراغ.
سيجد الشيطان ألف ألف تبرير لك؛ لتعصي الله، ولكن إن عَلِمَ الله صدقًا في نفسك؛ وَفَّقَك لتَرك وبُغْض ما كنت معتادًا عليه، حتىٰ تصبح أن تُلقىٰ في النار أحب إليك من أن تقع في الكفر، وتلك هي حقيقة الإيمان إذا استقر في قلبك، ثم تنعكس هذه الحقيقة على سائر أعمالك!

٢) الشرك بالله:

ولما علموا وأيقنوا أن فلاح الأمم بتوحيد خالقها وتعظيمه؛ عدلوا في حربهم إليه؛ فامتلأت إنتاجاتهم بالشّرك الصٌريح؛ من تعدد الآلهة، وعبادة البشر والحيوانات، وسب الذّات الإلهية، ووصفه سبحانه بما لا يليق به، وادعاء وجود وكلاء عن الله في الأرض، ووجود آلهة تنازع في صفات الربوية؛ كالرزق والتحكم بالطقس، وغيرها؛ وامتلاك البشر لصفات الله -سبحانه وتعالىٰ-؛ كإحياء الموتىٰ؛ سواءً جلب نفع، أو دفع ضر، أو علم بالغيب، وغيرها من المشاهد التي تحمل في طياتها تعدٍ علىٰ الحق، وشرك، وظلم عظيم تزول له السموات والأرض!

ناهيك عن العقائد الغابرة، التي قاموا بإحياء معالمها وإدخال طقوسها الكفريّة بين المشاهد؛ سعيًا لتطبيع النّفوس عليها، واستساغتهم لبشاعتها.
فما هو الشرك، وماقول الشرع في هذا، وما حكم من يشاهدها؟

الشرك: هو جعل شريك للهِ تعالىٰ في ربوبيته، أو ألوهيته، أو أسمائه وصفاته.
فإذا اعتقد الإنسان أن مع الله خالقًا أو معينًا؛ فهو مشرك، ومن اعتقد أنّ أحدًا سوىٰ الله يستحق أن يُعبد؛ فهو مشرك، ومن اعتقد أن للهِ مثيلًا في أسمائه وصفاته؛ فهو مشرك.

والشرك بالله ظلم عظيم؛ لأنه اعتداء علىٰ حق الله تعالىٰ الخاص به؛ وهو التوحيد.
قال سبحانه:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].

قال ابن كثير في تفسيره للآية: “أي: فقد سلك غير الطريق الحق، وضل عن الهدىٰ وبعد عن الصواب، وأهلك نفسه وخسرها في الدنيا والآخرة، وفاتته سعادة الدنيا والآخرة”

والشّرك بالله أعظم الذنوب؛ فمن عبد غير الله فقد وضع العبادة في غير موضعها؛ كما قال سبحانه:

{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان: 13].

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلىٰ الله عليه وسلم-: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ نِدَّاً دَخَلَ النَّارَ».
متفق عليه.

ومن الشرك: الإشراك بالله في أسمائه وصفاته، والإشراك بالله في حكمه، والإشراك بالله في عبادته.
كل هذه الأقسام شرك بالله؛ فالأول شرك في الربوبية، والثاني شرك في الطاعة، والثالث شرك في العبادة؛ والله -عز وجل- هو الرب العلي الكبير، وهو الخالق لكل شيء وحده؛ فله وحده حق التشريع، وله وحده حق العبادة.

والشرك بالله في حكمه كالشرك بالله في عبادته، كلاهما شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام؛ لأن العبادة حق لله وحده، لا شريك له؛ كما قال سبحانه:

{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف:110].

والحكم حق لله وحده لا شريك له؛ كما قال سبحانه:

{لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)} [الكهف:26].

وكل من اتبع تشريعًا سوىٰ ما أنزل الله؛ فهو مشرك كافر بالله، ورَبُّه ذلك التشريع الذي وضعه إبليس علىٰ ألسنة أوليائه من الكفرة؛ كما قال سبحانه:

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة: 31].

والشرك الأكبر مخرج من الملة، ومحبط لجميع الأعمال، وصاحبه حلال الدم والمال، ومخلد في النار إذا مات ولم يتب منه؛ وهو صرف العبادة أو بعضها لغير الله كدعاء غير الله، والذبح، والنذر لغير الله من أهل القبور، والجن، والشياطين، وغيرهم؛ وكدعاء غير الله مما لا يقدر عليه إلا الله؛ كسؤال الغِنىٰ والشفاء؛ وطلب الحاجات ونزول الغيث من غير الله، ونحو ذلك مما يقوله الجاهلون عند قبور الأولياء والصالحين، أو عند الأصنام من أشجار، وأحجار، ونحوها، قال الله تعالىٰ:

{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} [الزمر: 65].

قال تعالىٰ:

﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِنا سَوفَ نُصليهِم نارًا كُلَّما نَضِجَت جُلودُهُم بَدَّلناهُم جُلودًا غَيرَها لِيَذوقُوا العَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزيزًا حَكيمًا﴾.

قالَ النبيُّ صَلَّىٰ اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن مَاتَ وهْوَ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ».
قال ابن تيمية رحمه الله: “ومن أعظم الاعتداء والعدوان، والذل، والهوان؛ أن يُدْعَىٰ غير الله؛ فإن ذلك من الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإن الشرك لظلم عظيم”.

وفي كل قصة أنمي أو مانجا -تقريبًا-؛ لا تجدها تخلو من الشركيات، والإلحاد، والكفريات بأنواعها؛ إما أن تكون أساسًا للقصة أو بلقطات هنا وهناك.

وتتجلىٰ شركيات الأنمي في ستة أمور -وهي الغالبة في قصص الأنمي-:

  1. شخصيات عبارة عن آلهة -والعياذ بالله-، أو الاستهزاء بالذات الإلهية، وتعدد الآلهة.
  2. شخصيات لها قدرات كاملة لا يقدر عليها إلا الله. قدرات خارقة بأسماء الله عز وجل.
  3. شخصيات الملائكة.
  4. الإلحاد الصريح.
  5. نشر المعتقدات -كالبوذية، والطاوية، والشنتوية

وعامة، نجد علىٰ الأقل طامة واحدة في كل عمل، واليابانيين خاصة أغلبهم شعب وثني ملحد؛ لذا تجد غالبهم لديه بعض الأفكار والمعتقدات الوثنية والخزعبلاتية -كإله الشمس، إله البحر، إله الريح- تعالىٰ الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

وهذه الأمور -من الاعتقادات الكفرية والشركية في ديننا- موجبة للخلود في النار -والعياذ بالله- إذا لم يتب الإنسان منها.

شخصيات عبارة عن آلهة أو الاستهزاء بالذات الإلهية وتعدد الآلهة -والعياذ بالله:

قال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا}
قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.

وقال السعدي رحمه الله في تفسيره:
” أي : إن قعدتم معهم في الحال المذكورة فأنتم مثلهم ؛ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم ، والراضي بالمعصية كالفاعل لها ، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به ، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة ، أو القيام مع عدمها “.
فالراضي بهذا الفعل حكمه حكم الفاعل؛ ومن كره ذلك بقلبه لكن استمر بالمشاهدة؛ فهذا إثمه كبير وهو على خطر عظيم.

قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}.

قال القرطبي: والمعنى لو كان فيهما آلهة سوى الله لفسد أهلها. وقال غيره: أي لو كان فيهما إلهان لفسد التدبير لأن أحدهما إن أراد شيئا والآخر ضده كان أحدهما عاجزا. وقيل معنى ( لفسدتا): أي خربتا وهلك من فيهما بوقوع التنازع بالاختلاف الواقع بين الشركاء. 

نشر المعتقدات كالبوذية وغيرها:

سواء كان تعبداً ظاهراً مباشراً أو غير مباشر؛ وغالبا تكون بطرق غير مباشرة؛ كشخصيات تقوم بوضعيات معينة للتعبد أو تحمل تمائم تجسد عقيدة أو دين ما.

منها: استدعاء قوى التشاكرا.
والتشاكرا هي مصطلح شرق آسيوي وتحديداً هندوسي؛ ويقصد بها بوابات الطاقة. وطاقة التشاكرا هذه لتدخل الجسم تحتاج لمسارات لتتدفق فيها؛ وتكون في عملية تأمل سكوني تحت مسمى اليوغا؛ وهذه العملية لا تتم حقيقةً إلا بالاستعانة بالشياطين.

أختام اليد التي تتحكم بالتشاكرا وتشكيلها في أنمي ناروتو خاصة؛ وفي الهندوسية أيضاً هي تتحكم بالتشاكرا داخل الجسم.

٣) سب الذات الالهية:

إن تعظيم الله -سبحانه وتعالىٰ، المنعم المتفضل علىٰ عباده- بما يليق بجلاله، وعظمته، وقدره سبحانه حق قدره، لهو من أعظم الواجبات التي تتحقق بها العبودية الحقة لله، وهو باب -بل أساس- سعادة العبد، وفلاحه، ونجاته في دنياه وآخرته.
كيف لا؛ وهو سبحانه كل ما في الكون شاهدٌ علىٰ عظمته، وجلاله، وكمال أسماءه وصفاته.
فسبحانه عز من قائل في السماء والأرض :

{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
[فصلت: 11]

قال الشوكاني: (أي أتينا أمرك منقادين).

هذه السموات العظيمة تأتي منقادة طائعة لجلاله وملكه، وهي التي قال عنها رسول الله -صلىٰ الله عليه وسلم-: «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش علىٰ الكرسي كفضل تلك الفلاة علىٰ تلك الحلقة»؛ فسبحانه أحقُ من يُحمد، ويُعَظَّم، ويُعْبَد.

وإن مما تفشَّىٰ بين الناس -وفي المسلمين بشكل فجٍ قبيحٍ-: سب الذات الإلهية، والاستخفاف به سبحانه وبشرعه..
وهذا -والله العظيم- ما نتج إلا عن قلة دينٍ وخفة عقلٍ من هذا الإنسان الضعيف الحقير، وتمادٍ في جناب ربه الذي لولاه لعجز -بضعفه البشري- عن رفع الكأس لشربة ماء!

فسبوه -سبحانه وتعالىٰ عما يقولون علوًا كبيرًا- جهرًا وصراحة مرات، وتلميحًا واستنقاصًا منه ومنه شرعه ونبيه مراتٍ ومراتٍ!
«وإنّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا؛ يهوي بها في جهنم»، وإنه ليلقي بقلة إيمانه وجهله كلمة يخرج بها من ملة الإسلام؛ تعديًا منه، وسبًا لخالقه ومولاه!

وقد قال تعالىٰ: ﴿ما لَكُم لا تَرجونَ لِلَّهِ وَقارًا﴾ [نوح: ١٣]

أي: عظمة، كما قال ابن عباس ومجاهد والضحاك.
وقال ابن عباس: لا تعظمون الله حق عظمته؛ أي: لا تخافون من بأسه ونقمته.

فالواجب علىٰ المسلم أن يعظم الله حق تعظيمه، وأن يحترز مما قد يهدم دينه وفلاحه من سبٍ، أو استهزاءٍ، أو استمراءٍ لذلك، وقبوله والرضا به.

(فَلا تُفِيدُ الآيات، ولا تَنْفَعُ المعجزات عُقُولًا مُعْرِضَةً، وقلوبًا غَافِلَةً، ولا يُعَظِّمُ اللهَ إِلا مَن راه، أو رأى آياتِهِ وعَرَفَ صفاتِهِ؛ ولهذا يَضْعُفُ قَدْرُ الله في القلوب الغافِلَةِ المُعْرِضَةِ؛ فَيُعْصَى ويُكْفَرُ، ورُبَّما يُسَبُّ ويُسْتَهْزَأُ به!
ويُعْصَىٰ العظيمُ بمِقْدَارِ الجَهْلِ بِعَظَمَتِهِ، وَيُكْفَرُ بِهِ وَيُجْحَدُ حَقَّه بِمِقْدَارِ ما نَقَصَ مِن قَدْرِهِ وَمَنْزِلَتِه في القُلُوب، ويُطَاعُ الضَّعِيفُ بمقدار الجهل بضَعْفِهِ، ويُعْبَدُ ويُعَظَّمُ بِمِقْدَارِ ما زادَ مِن قَدْرِهِ وَمَنْزِلَتِهِ فِي القلوب). [١]

[١] تعظيم الله تعالى وحكم شاتمه للطريفي.

حكم سبّ الله تعالىٰ:

لا يَخْتَلِفُ أهل الإسلام في أَنَّ سَبَّ اللَّهِ كُفْرٌ، ويُقْتَلُ الساب له سبحانه؛ وإِنَّما يختَلِفُون في قَبُول توبته، وهل تَمْنَعُه توبته -إنْ تابَ- مِن القَتْلِ أم لا؟ علىٰ قولين مشهورين للعلماء.

والسَّبُّ والاستهزاء من أعظم الأَذِيَّةِ؛ قال تعالىٰ:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا / وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَنَا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب: ٥٧ - ٥٨] .

وأَذِيَّةُ اللَّهِ لا تَعْنِي ضَرَّهُ سبحانه؛ فالأذىٰ علىٰ نوعَيْنِ: أَذًى يَضُرُّ، وَأَذًى لا يَضُرُّ، واللهُ تعالىٰ لا يَضُرُّهُ شَيْءٌ!
ففي الحديث القدسي، قال تعالىٰ: «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي»

واللهُ لَعَنَ مَنْ آذَاهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، واللعن: (طَرْدُ العبدِ مِنَ الرَّحْمَةِ).
والآيَةُ دالة على طَرْدِهِ مِنَ الرَّحْمَتَيْنِ؛ الرَّحْمَةِ الدُّنيويَّةِ والرَّحْمَةِ الأُخْرَوِيَّةِ، ولا يُطْرَدُ مِنَ الرَّحْمَتَيْنِ إِلَّا كَافِرُ بالله!
ويتجلىٰ هذا؛ بأنَّ اللهَ ذَكَرَ بعد ذلك من آذىٰ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ؛ فلم يَذْكُر لعنته لهم في الدَّارَيْنِ؛ لأَنَّ النَّاسَ لَا يُكَفَّرُونَ بِمُجَرَّدِ أَذِيَّتِهِم لبَعْضِهم بالسَّبِّ واللَّعْنِ والقَذْفِ، وَإِنَّما هو بُهْتَانٌ وإِثْمٌ مُبِينٌ؛ إذا لم يكُن علىٰ ذلك بَيِّنَةٌ.

ثمَّ إِنَّ اللهَ تعالىٰ ذَكَرَ أَنَّهُ أَعَدَّ لِمَنْ آذَاهُ عَذَابًا مهينًا؛ كما قال تعالىٰ:

"إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا" [الأحزاب: ٥٧]

والعَذَابُ المُهِينُ لم يَذْكُرْهُ اللهُ في القرآن؛ إلا في حَقِّ الكافِرِينَ به سبحانه.

وسَبُّ الله تعالىٰ كُفْرٌ فوق كل كفرٍ، وهو فوق كفر عُبَّادِ الْأَصْنَامِ؛ لأَنَّ عُبَّادَ الأصنام إِنَّما عَظْمُوا الأحجار لتَعْظِيمهم الله؛ فهم لم يُنْزِلُوا قَدْرَ اللهِ حَتَّىٰ يُسَاوُوهُ تعالىٰ بالأَحْجَارِ، وَإِنَّما رَفَعُوا الأَحْجَارَ حَتَّىٰ تُسَاوِيَ الله؛ ولهذا يقول المشركون بعد دخولهم النَّارَ:

﴿تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ / إِذْ نُسَوِيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
[الشُّعَرَاء : ٩٧ - ٩٨].

هؤلاء رَفَعُوا الحَجَرَ ليُساوي به الله، ولم يُنْزِلُوا قَدْرَ اللهِ تعالىٰ ليُسَاوِيَ الحَجَرَ!
فتعظيمُهُم للحجر من تعظيم الله بزَعْمِهِم!
وَمَن سَبَّ الله، أَنْزَلَهُ تعالىٰ ليكون دُونَ الحَجَرِ؛ بِسَبِّهِ له سبحانه!
والمشركون لا يَسُبُّونَ آلِهَتَهُم ولو لَعِبًا؛ لأَنَّهم يُعَلِّمُونَها؛ لهذا يَسُبُّونَ مَن سَبَّها!

وقد أَنْزَلَ اللهُ علىٰ نَبِيِّهِ قوله تعالىٰ:

﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا الله عَدُوا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
[الأنعام: ١٠٨].

مع أنَّ المشركينَ كُفَّارٌ؛ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ مَنَعَ نَبِيَّهُ مِنْ سَبِّ أَصْنَامِهِم؛ حَتَّىٰ لا يَرْتَكِبُوا بعِنَادِهِم كُفْرًا فَوقَ كُفْرِهِم؛ وهو سَبُّ إِلَهِ محمد؛ صلىٰ الله عليه وسلم.

وبعض ألفاظ سبِّ الله تعالىٰ أعظمُ كُفْرًا من الإلحاد؛ لأَنَّ المُلْحِد نفىٰ وجود خالقٍ وربٍّ، ولِسَانُ حالِهِ: أَنِّي لو أَثْبَتُهُ لَعَظَّمْتُهُ!
وَأَمَّا مَن زَعَمَ إِيمَانَهُ بِاللهِ؛ فهو يُثْبِتُ رَبَّهُ ويَسُبُّهُ، وهذا أَظْهَرُ عِنَادًا وتحديًا!

ونَصْبُ الأصنام في بَلَدٍ مِن البُلْدَانِ، والطوافُ حَوْلَها، والسجود لها، والتَّبَرُّكُ بها؛ أَهْوَنُ عند اللهِ مِن اشْتِهَارِ سَبِّ الله في نوادي ذلك البَلَدِ، وشوارعِهِ، وأَسْوَاقِهِ، ومَجَالِسِهِ؛ لأَنَّ اشتهارَ سَبِّهِ -سبحانهُ- أَعْظَمُ مِن تشريك الأوثان معه، مع كونِ الفِعْلَيْنِ كُفْرًا؛ إِلَّا أَنَّ الْمُشْرِكَ يُعَظْمُ اللهَ، والسَّابَ يُحَقِّرُهُ؛ تعالىٰ الله عن ذلك علوًا كبيرًا!

وسَبُّ اللَّهِ وَاشْتِهَارُهُ فِي بَلَدٍ، أَعْظَمُ مِن استحلال الزنىٰ وتشريعه فيها، وأَعْظَمُ مِن فاحشةِ قَوْمٍ لوط وتشريعها؛ لأَنَّ كُفْرَ استحلال الفواحش كُفْرٌ سَبَبُهُ جَحْد تشريع من تشريعات الله واستهانة بأمر مِن أوامره؛ وأَمَّا السَّبُّ؛ فَكُفْرٌ سَبَبُهُ الكُفْرُ بِذَاتِ المُشَرِّعِ، والكُفْرُ بذاتِ المُشَرِّعِ يَلْزَمُ مِنهُ كُفْرٌ بِجَمِيع تشريعه واستهانة به؛ وهذا أعظم وأشد، مع كون الفعلين كفر؛ إلا أن الكفر دركات، كما أن الإيمان درجات.

وَلَمَّا ذَكَرَ اللهُ كُفْرَ النَّصارىٰ وسَبِّهُمْ الله؛ بوَصْفِهِم الوَلَدَ لَهُ، ذَكَرَ جُرْمَهُم، وَوَصَفَ أَثَرَهُ أَعْظَمَ مِن وَصْفِهِ لشِرْكِ الوَثَنِيِّينَ وعُبَّادِ النُّجُوم؛ فقال تعالىٰ:

﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا / لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا / تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا / أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِى لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا / إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا / لقد أحصاهم وعدهم عدًا / وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا}

لأَنَّ وَصْفَ الوَلَدِ تَنقُصُ من قدر الله تعالىٰ، وَسَبِّ لَهُ سبحانه، وهو أَعْظَمُ مِمَّا لو عَبَدُوا اللهَ وَأَشْرَكُوا غَيرَهُ معَهُ؛ فَرَفَعُوا المخلوق وعَظَّمُوهُ كَتَعْظِيمِ الله؛ لأَنَّ وَصْفَ الوَلَدِ إِنْزَالُ للخَالِقِ ليُشابه المخلوق، وعبادة الصَّنَم رَفْعُ للمخلوق ليُساوِيَ الخَالِقَ، وَإِنْزَالُ قَدْرِ الخَالِقِ أَعْظَمُ مِن رَفْعِ قَدْرِ المخلوقِ، وأَشَدُّ كفرًا.

والسَّبُّ يُنَافِي الإيمان الظَّاهِرَ والباطن؛ يُنافي قول القلب، وهو التصديق بالله، والإيمان بوجوده، وحَقِّهِ بالعبادة؛ وكذلك يُنَافِي عَمَلَ القَلْبِ؛ وهو محبة الله، وتعظيمه، وتوقيره؛ فلا يُقْبَلُ زَعْمُ التَّعظيم لأَحَدٍ وأَنْتَ تَسُبُّهُ؛ كَتَعْظِيمُ اللهِ وَتَوْقِيرِ الوالِدَيْنِ، فَمَن زَعَمَ توقير والدَيْهِ وهو يَسُبُّهُما ويستهزئ بهما؛ فهو كاذِبٌ فِي زَعْمِهِ! وكذلك فَإِنَّ سَبَّ الله تعالىٰ يُنَاقِضُ الإيمان الظَّاهِرَ، وهو القَوْلُ والفِعْلُ.

وقد أجمع العلماء علىٰ كفر من سب الله -سبحانه وتعالىٰ-، ويجب قتله، ولا يأخذ أحكام المسلمين بعد قتله، وفي سقوط القتل عنه بالتوبة خلاف؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الصارم المسلول: “من سب الله تعالىٰ؛ فإن كان مسلمًا وجب قتله بالإجماع؛ لأنه بذلك كافر مرتد، وأسوأ من الكافر؛ فإن الكافر يعظم الرب، ويعتقد أن ما هو عليه من الدين الباطل ليس باستهزاء بالله ولا مسبة له.”

ويدخل في هذا السب: سب الله سبحانه وتعالىٰ وذاته؛ سبًّا مباشرًا، أو سب ما يتصرف الله به من آياته ومخلوقاته التي لا اختيار لها؛ إذا قصد من سَيّرَها وأجراها، والتصريح به سبحانه. [١]

[١] (تعظيم الله وحكم شاتمه للطريفي بتصرف يسير.)

هذا كان فيمن يسب الله سبحانه وتعالىٰ، ولكن ما قول الشرع فيمن يشاهد ما يحتوي علىٰ سب الله والاستهزاء به وبدينه؟!
حرَّمَت نصوص الشريعة المطهرة كل معصية، وسدّت أبواب الوسائل إليها، ونهَت عن التعاون علىٰ الإثم والعدوان، وعن التّشبه بالعصاة، وبيّنت أن مَن أحب قومًا؛ حشر معهم، ومن تشبه بقوم؛ فهو منهم.

وكان مما حرمته الشريعة: مشاهدة تلك الأفلام والمسلسلات، وبرامج الغناء والترفيه؛ المتضمنة لغيرِ لونٍ من ألوان المعصية.
ومشاهدة مثل هذه الأمور: إقرارٌ لأصحابها علىٰ باطلهم، ومن رأىٰ المنكر فأقرّ به، ورضيه ولم ينكره؛ كان في حكم فاعله.
قال الله تعالىٰ:

 {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]

قال ابن كثير -رحمه الله-:
“أي: إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك؛ فقد ساويتموهم في الذي هم فيه”
انتهىٰ.
“تفسير ابن كثير” (3 / 278)

وقال السعدي -رحمه الله-:
“أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة فأنتم مثلهم؛ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل: أن من حضر مجلسًا يُعصىٰ الله به؛ فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها” انتهى.
“تفسير السعدي” (ص 210)

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-:
“لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْمُنْكَرِ بِاخْتِيَارِهِ -لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ-؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلىٰ الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ فَلَا يَجْلِسْ عَلَىٰ مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ»
وَرُفِعَ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْمٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ؛ فَأَمَرَ بِجَلْدِهِمْ؛ فَقِيلَ لَهُ: “إنَّ فِيهِمْ صَائِمًا”؛ فَقَالَ:
“ابْدَؤوا بِهِ”، أَمَا سَمِعْتُمْ الله يَقُولُ:

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ}!

بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ الله جَعَلَ حَاضِرَ الْمُنْكَرِ كَفَاعِلِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ:
“إذَا دُعِيَ إلَىٰ وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ؛ كَالْخَمْرِ، وَالزَّمْرِ؛ لَمْ يَجُزْ حُضُورُهَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الله تَعَالَىٰ قَدْ أَمَرَنَا بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ فَمَنْ حَضَرَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ؛ فَقَدْ عَصَىٰ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِتَرْكِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ إنْكَارِ هذا الفعل وَالنَّهْيِ عَنْهُ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَهَذَا الَّذِي يَحْضُرُ مَجَالِسَ الْخَمْرِ بِاخْتِيَارِهِ -مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ- وَلَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ كَمَا أَمَرَهُ الله؛ لهُوَ شَرِيكُ الْفُسَّاقِ فِي فِسْقِهِمْ؛ فَيَلْحَقُ بِهِمْ” انتهىٰ -بتصرف بسيط-
“مجموع الفتاوى” (28 / 221-222)

وقد روىٰ مسلمٌ (1854) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّىٰ الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّىٰ الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ؛ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ»

فمن جلس يستمع لمثل هذا المنكر أو يشاهده؛ فهو شريك أصحابه في الإثم، وإذا تضمّن كفرًا –والعياذ بالله–؛ كسبّ الدين، أو الطعن في الرسالات أو المرسلين، أو الاستهانة بأحكام الدين وشرائعه، والسخرية منها -كاللحية والنقاب؛ كما يصنع كثير من الضلال اليوم؛ فجلس يصغي إليهم، ولا يغضب لله عز وجل، وهو راضٍ بما يقولون؛ فهو مثلهم.
قال الله تعالىٰ:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة: 65/66]

فمن أتىٰ بكلمة الكفرِ، أو بفعلٍ استوجبَ الكفرَ وهو يعلمُ أنه كفرٌ فهو كافرٌ؛ سواء أتىٰ به جادًا أو هازلًا، ومَن أصغىٰ إليه ولم ينكر عليه، ورضي بما قال أو فَعَل؛ فهو كافر مثله.
بل لو لم يرض بذلك المنكر، وكرهه بقلبه، ثم لم يقم من مكانه، وهو قادر علىٰ ذلك: كان آثما بمجرد الجلوس؛ فلو سلم من الكفر؛ لم يسلم من الوقوع في إثم الجلوس في ذلك المكان.

والحاصل:

أن من شاهد ذلك، وسمعه، ورضي به؛ فحكمه حكم الفاعل له، وأما إذا كَرِه ذلك بقلبه، ولكنه استمر في المشاهدة والاستماع؛ فهو علىٰ خطر عظيم، وإن سلم من الكفر؛ لم يسلم من الوقوع في الإثم والمعصية.
والله تعالىٰ أعلم.

٤) مركزيّة الانسان:

انتشرت هذه الثقافة بين شباب العصر كانتشار النّار في الهشيم، فيروج لها عن طريق الأنمي وغيره، حيث يجعل الفرد متعة نفسه وملذاتها هي الغاية من وجوده في الحياة، وتكون نفسه هي المرجع في كل شيء بلا أيّ ضوابط أو قيمٍ دينيّة أو أخلاقيّة تضبط له البوصلة، وتنير له الطريق، ويرجع أصل ذلك إلى فلسفة الفردانية وهي كما عرفها د. الفرفار العياشي: “توجه نظري وفلسفي يقوم على إعطاء الأسبقيّة للفرد على المجتمع من خلال استناد قرارات الفرد على منفعته ومتعته الشخصية باعتباره مركز كل شيء، وحوله يدور كل شيء، فمصالحه الشخصية تتحقق فوق اعتبارات الدولة وتأثيرات المجتمع والدين”.

ولا شك أن ذلك ضلالة بينة، وحياد عن كلمة التوحيد ومقتضياتها، قال تعالى:

﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، 

قال ابن كثير في تفسيره: أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم.اهـ

الله تعالى ما خلقنا عبثًا، إنما خلقنا لمعرفته بأسماءه وصفاته، وعبادته وحده لا شريك له، ولا يتصور أن شخصًا عاقلًا يغفل عن هذه الحقيقة، أو يُقدم هوى نفسه عليها، بل لا يكون الشخص مؤمنًا كامل الإيمان حتى يحب الله -عز وجل- ورسوله ﷺ، أكثر من نفسه وأهله وماله وولده، فجاء في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: ”والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين“.

وروىٰ البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: ”ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار“.

وشروط هذا هو الإخلاص والمتابعة، بأن يخلص العبد لله عز وجل في الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ويتابع الرسول ﷺ، قال تعالىٰ:

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، 

قال بعض السلف: “ادّعىٰ قوم علىٰ عهد رسول الله أنهم يحبون الله؛ فأنزل الله هذه الآية”.
فذلك هو الامتحان الذي امتحن الله تعالى به صدق العبد، ليميز بذلك الكاذب من الصادق، فكثيرا ما يتعارض ما تريده النفس مع الشريعة، ومن يؤثر ما يحبه الله -عز وجل- ويعمل به، ويقدمه على هوى نفسه فذلك هو المحب الصادق.

وأما من حاد عن الحق وأهله، متبعًا لهواه يحسب أنه نال الحرية المطلقة، وتخلص من القيود؛ وهو في الحقيقة انتقل من عبادة الرحمن إلى عبادة نفسه، والتي بدورها مسخ مستنسخ من أهواء من سبقها من النفوس الخبيثة؛ فينتقل بذلك من عز طاعة الله تعالىٰ إلىٰ سجن هواه ذليلًا، وفي بيان ذلك قال تعالىٰ: ﴿أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ﴾ [الفرقان: ٤٣]
وقال ابن كثير في تفسيره:” ثم قال تعالىٰ لنبيه منبهًا أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال، فإنه لا يهديه أحد إلا الله -عز وجل-.
﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾؛ أي: مهما استحسن من شيء ورآه حسنًا في هوى نفسه كان دينه ومذهبه.” اهـ.
وقال ابن عباس في تفسير ابن أبي حاتم بسند حسن: “كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانًا؛ فإذا رأىٰ غيره أحسن منه؛ عبد الثاني وترك الأول.” اهـ

والشّاهد: أن هذا هو حال الانسان إذا انقاد لهوىٰ نفسه، وبمعرفة الله -عز وجل-، وعبادته؛ يحقق الإنسان غايته؛ وأما ما سوىٰ ذلك وسائل يستعين بها؛ لتبلغه مطلبه الأعظم، وغايته الأسمىٰ في الحياة؛ فما خُلق عبثًا ليلعب ويتسلىٰ، ومن وَعَىٰ أنّ هذه النفس أمانة سترجع إلىٰ خالقها عاجلًا أو آجلًا، إما إلىٰ نعيم أو جحيم؛ لن يفرط بها ويضيعها، أو ينخدع بما يروج له السفهاء.

٥) الولاء والبراء:

قال تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]
وقال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} [الممتحنة: 1].

ومن السنة النبوية:

  • مارواه الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: ”أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، والحب في الله، والبغض في الله عز وجل”.
  • مارواه أحمد عن معاذ رضي الله عنه أنه: سأل رسول الله ﷺ عن أفضل الإيمان، فقال:  ”أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ لِلَّهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ”.

ومن الأدلة على أنّها من نواقض الدين:

  • قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾ [المائدة: ٥١].
    قال الشنقيطي في هذه الاية: ”ذَكَر في هذه الآيةِ الكريمةِ أنَّ مَن توَلَّى اليهودَ والنَّصارى مِنَ المسلِمينَ، فإنَّه يكونُ منهم بتوَلِّيه إيَّاهم، وبَيَّن في مَوضِعٍ آخَرَ أنَّ تَوَلِّيَهم مُوجِبٌ لسَخَطِ اللهِ، والخُلودِ في عَذابِه، وأنَّ مُتَوَلِّيَهم لو كان مُؤمِنًا ما توَلَّاهم”.

ونصوص الوعيد بالخلود في النّار هي للمشركين الذين وقعوا بشرك أكبر يخرجهم من الملة، فتأمل الحال التي أوصل إليها الاستهانة بالمعاصي من باب التّرفيه.

و هذه هي القاعدة العامة و الأصل العريض بقضية الإخلال في عقيدة الولاء والبراء، أما وإنه ثمة مسائل تفصيلية يختلف فيها الحكم رجوعًا لعدة حيثيات مثلا بحيث مدى اختلالها لدى المسلم؛ فكما أنّ الايمان درجات فإن للشرك و الكفر دجات، وهذا التفصيل بالحكم والفتوى ليس موضوعنا في هذا المقال.

٦)الأنمي والسحر:

لا يكاد يخلو فيلم من أفلام الرسوم المتحركة من نوع من أنواع السحر؛ إن لم يكن السٌاحر شريرًا، أو يستخدم السّحر في أعمال الشر؛ فيوضع في قالب الساحر الطيب الذي يستخدم السحر في “الخير والسلام”.

ويمكن ذكر أمثلة عديدة علىٰ ذلك؛ كأميرات ديزني، وخلطات بابا سنفور التي تعيد الحياة والصّحة، وتعيد الأوضاع إلىٰ طبيعتها؛ وكما في مارلن، ودورايمون، ونوبي، ودروبي مع دوري مي، وبن 10، وأدغال الديجيتال؛ وصولًا إلىٰ فتيات القوة، والتي قام البرفيسور بصناعتهنّ وخلقهنّ -حسب زعمهم- من تركيبات كيميائيّة، وهي المعلومة التي يؤكدون عليها ويذكرونها مع كل حلقة من حلقات المسلسل قبل بداية الحلقة.. وغيرهم الكثير، والكثير.

والسحر والشعوذة أشد انتشارا في الأنمي الياباني، إذ أن ذلك يعتبر من ثقافتهم الموروثة التي يروجون لها بكل الطرق.

ومما لا شك فيه: أنه من أهم الأمور التي تناقض عقيدتنا؛ بل إنّ السّحر في ديننا من الموبقات السبع، ومن أكبر الكبائر؛ فما يشاهده المتابع لهذه الأعمال؛ لا يلبث حتىٰ يطبعه مع تلك الموبقات.

نعلم جميعا القاعدة الشهيرة: (ما تكرر تقرر)، وهذا بالفعل تأثير الأنمي والرسوم المتحركة عمومًا علىٰ عقول متابعيها؛ فحين يألفوا مشاهدة السحر وآثاره، فسيألفوه في ذاته ولن يقع في أنفسهم موقع الشناعة التي أوقعه إياه الدين.

إذًا؛ فلنرىٰ رأي الدين في مشاهدة مثل تلك الأعمال:
يقول بعض أهل العلم حين سُئلوا عن حكم مشاهدة أعمال الرسوم المتحركة التي تحتوي على السحر:
(التفكّه بمشاهدة ما احتوىٰ علىٰ العقائد الفاسدة، وأفعال السّحرة؛ منهيّ عنه، وتزداد الخطورة حينما يتعلق الأمر بالأطفال، فإن في مشاهدة مثل هذه الأفلام من الآثار السّلبية عليهم الشيء الكثير؛ فهي تُهَوِّنُ شأن السحر، وتُظهره علىٰ أنه أمر طيبٌ فيه خيرٌ، ويُعين علىٰ الخير؛ وأنه قد تكون الغاية منه ساميةً، وعاقبته حميدةً؛ ولا شك أن هذا يتصادم مع عقيدة المسلم، وقد قال تعالىٰ: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ} [يونس:77]
وقال: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ} [طه:69]

ولم يكن السحر يومًا حميدًا، ولا الساحر حميدًا؛ قال تعالىٰ:

"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"
[البقرة : 102]

وكقاعدة: ما كان من القصص، والأفلام، والمسلسلات- فيه ما قد يؤثر في عقيدة المسلم ولو لوقتٍ، تُحرّم مشاهدته، ما لم يكن القارئ أو المشاهد متحصنًا بالعلم الكافي ومقصود مشاهدته دفع به الشبهات).

وفي جواب آخر على نفس السؤال:
السؤال:

هل يجوز مشاهدة أفلام كرتون التي تتحدث عن السحر؛ كمصباح وخاتم علاء الدين اللذين يحققان كل ما يريده الشخص بزعمهم؟
وهل من يشاهدها لا تقبل صلاته أربعين يومًا؟

الإجابة:
= الحمد لله، أما بعد: قال الله تعالىٰ: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مرّوا كرامًا} [سورة الفرقان، الآية: 72]
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلىٰ الله عليه وسلم- يقول: «من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].

وما ذكر مما يعرض في بعض أفلام الكرتون؛ من أعمالٍ سحرية، وتخييلات وتوهيمات مضللة؛ فإن عرضها من ترويج الباطل، ونشر المنكر؛ وعلىٰ هذا: فلا تجوز مشاهدتها؛ للفرجة، ولا السماح للأطفال بذلك؛ ومشاهدة هذه الأفلام تغرس في عقولهم التّصديق بهذه الخرافات التي لا حقيقة لها.

وهذا الباطل يشترك في إثمه المخترعون لفكرته، والمخرجون لفقراته، والمُروجون له بالعرض والدعاية؛ وعلىٰ كلٍ من هؤلاء وأولئك مثل آثام من ضللوا عقولهم وزينوا لهم مشاهدة هذا الباطل.

فيجب علىٰ من لديه قدرة أن يمنع ترويج هذه الأفلام؛ كما يجب الحذر والتحذير من مشاهدتها؛ قيامًا بما أوجب الله من إنكار المنكر، وصيانة لعقول الناس ودينهم من التصديق بالسحر؛ فقد قال رسول الله -صلىٰ الله عليه وسلم-: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر‏» [رواه الإمام أحمد في مسنده].

ومع ذلك؛ فيُخشىٰ علىٰ مشاهدي هذه الأفلام -المشتملة علىٰ الأعمال السحرية- ألا تقبل لهم صلاة أربعين يومًا؛ لما جاء في الحديث الصحيح: «من أتىٰ عرافًا فسأله عن شيء؛ لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» [رواه مسلم]؛ فالمشاهِد قد يُقال إنه كالسائل للساحر أو الكاهن؛ فالحذر الحذر من الانجرار والاغترار بهذه البرامج المضللة، المفسدة للعقل والدين!

نسأل الله العفو والعافية، وصلىٰ الله علىٰ نبينا محمد، وعلىٰ آله وصحبه وسلم.

-الفتوىٰ الأولىٰ: إسلام ويب
-الفتوىٰ الثانية: طريق الإسلام.

٧)الملائكة:

أبرز المنكرات العقدية في الأنمي:
٧) الملائكة(٢):

الملائكة خلقٌ من خلق الله تعالى، وهم عبادٌ مكرمون، ولا يأكلون ولا يشربون، ولا يعلم عددهم إلا الله، منهم من هو موكّلٌ بالوحي، ومنهم الموكل بالموت والموكل بالأرحام، والموكل بالجنة، والموكل بالنار وغير ذلك.

وكلهم منقادون لأمر الله لا يعصونه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، مخلوقون من نور، كما خُلق الإنسان من صلصال؛ ولذلك كانوا كلهم خيرًا.

ويُعَدُّ الإيمان بالملائكة الركن الثاني من أركان الإيمان، ولا يكتمل إيمان عبدٍ إلا بإقامته، قال الله تعالى(آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) البقرة، وقد حكم الله بالكفر على من أنكر وجودهم، أو كفر بهم.

وعلى المؤمن أن يعلم أن الإيمان بالملائكة يترتب عليه حبهم والابتعاد عما يؤذيهم، فالملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم كما جاء في الحديث، فينبغي إكرامهم والابتعاد عما يؤذيهم والتودد لهم والتشبه بهم في طاعتهم لله تعالى وحسن عبادتهم ودوامِ ذكرهم له عزّ وجل.

وبالرجوع للأنمي ومعظم الاعمال الغربية نجد أنهم ماتركوا إفتراء وصِفت به الملائكة فى العقائد الفاسدة إلا وتبنوه ونشروه وادخلوه فى معظم تفاصيل قصصهم كحقيقة لا نقاش فيها.

ومن أعظم الافتراءات على الملائكة هو تشبيههم بالإناث (وَجَعَلُوا۟ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ ٱلَّذِینَ هُمۡ عِبَـٰدُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ إِنَـٰثًاۚ أَشَهِدُوا۟ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَـٰدَتُهُمۡ وَیُسۡـَٔلُونَ) الزخرف؛ حيث يتم تجسيدهم فى شكل بشر وهيئات أنثوية معظمها ذات شعر أشقر وجسد نحيل قصير وأجنحة.

بل ولا مانع من تجسديهم فى أشكال فتيان مُرد بملامح أقرب لملامح الأوروبيين، فعن أي ملائكة يتحدثون!

والأضل هو تشبيهم للملائكة بالشياطين وأن لا فرق بينهم.

لابد أن تكون مؤمن أن الشياطين هم الذين يندسون فى صفوف الصلاح نفاقا أما الملائكة فمنزهة عن كل عصيان وفجور ولا يُمكن أن يتغير حالهم من الخير الى الشر.

فالمؤمن الحق ينتفض قلبه غيظا على كل ما يمس جناب الملائكة بسوء ويرجو الله أن يكون أهلاً لاستغفارهم وشفاعتهم وتبشيرهم له يوم الحساب، (لَا یَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ هَـٰذَا یَوۡمُكُمُ ٱلَّذِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ) الأنبياء، قيل فى تفسيرها :”لا يخيفهم الهول العظيم يوم القيامة، بل تبشرهم الملائكة: هذا يومكم الذي وُعِدتُم فيه الكرامة من الله وجزيل الثواب”.

فإذا كنت ممن لا يرى بأسا فى كل الفسق الذى يُنشَر تحت اسم ملاك بحجة أنهم يعبرون عن معتقداتهم وحسب؛ فبأى وجه ترجو أن تتلقاك الملائكة يوم القيامة وتبشرك بفضل الله.

أما عن الملائكة في الأنمي:

فتعتبر “الشنتوية” الديانة الرسمية لليابان، وتتصف هذه الديانة بالازدواجية، وهي ازدواجية ملازمة للشنتوية في كل تاريخها؛ وترجع هذه الازدواجية لبنية الشعب الياباني المكوّن من عدة أجناس، فقد أثّر هذا التنوّع علىٰ الديانة، بالإضافة إلىٰ ذلك؛ فقد كان اليابانيون مقلدون، ولديهم ميل إلىٰ الأخذ من الثقافات المختلفة طوال تاريخهم. 1

لا يوجد لدىٰ اليابانيين تصوّر واضح وثابت عن الملائكة؛ كما لدىٰ أهل الكتاب مثلًا، وإنما لديهم مفهوم “الكامي”، وهو مفهوم أساسي في العقيدة الشنتوية، ويُستخدم في اليابان بشكل واسع.

ما هو الكامي؟

لمعرفة كيف يتم تصوير الملائكة في الأنمي؛ يجب علينا أولا التطرق لمصطلح “الكامي”، والذي له ثقل كبير واستخدام واسع في اليابان، وبطبيعة الحال في الأنمي.

«تُعبّر كلمة “كامي” عن المُقدّس أو المعجز أو الأعلى، وكل شيء أو شخص يثير الرهبة، أو يعطي شعورًا بالقوة أو الغموض يمكن أن يُسمّىٰ “كامي”، … وبعض “الكامي” خيّرة، وبعضها شريرة».2
ومن هنا؛ نستنتج أن الملائكة تُعَدُّ من ضمن “الكامي”؛ لكونها مخلوقات سامية، وأعلىٰ من البشر، ولها قدرات تفوقهم.

كما قلنا آنفا، تختلف صور الملائكة في الأنمي كثيرًا، ولكننا سنركز في مقالنا هذا علىٓ صورة بارزة شنيعة، يتم استخدامها بشكل متكرر، ومبثوثة في أشهر الأنميات، ألا وهي صورة (الشينيجامي: كامي الموت).

الشينيجامي (كامي الموت):

تتمثل وظيفتهم الأساسية في قبض أرواح الناس وجمعها، ويتباينون في الطريقة والتفاصيل تباينا واسعًا، من أنمي لآخر.
وهم يقابلون ملك الموت وأعوانه -عليهم السلام- لدينا في الإسلام، فالله سبحانه وتعالىٰ قد وكّل ملك الموت بقبض أرواح الناس عندما تحين آجالهم، قال سبحانه:

{وَهُوَ القاهِرُ فَوقَ عِبادِهِ وَيُرسِلُ عَلَيكُم حَفَظَةً حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنا وَهُم لا يُفَرِّطونَ} [الأنعام:٦١].

ومعنىٰ {وهم لا يفرطون} أي: “وهم لا يضيعون ما أُمروا به.” 3
ومن هنا يظهر لنا الاختلاف الشاسع بين نظرة الإنسان المسلم لملائكة الموت ،والمُنطلقة؛ بإخبار الله سبحانه لنا عنهم، وبين تصويرهم في الأنمي.

فالشينيجامي في كثير من الأنميات؛ هم كائنات غير مبالية، شريرة، ملولة، وعابثة، الخ من الصفات التي تُنافي وتعارض عقيدة المسلم عن الملائكة؛ وهنا سنكتفي بعرض مثالين؛ لتوضيح مدىٰ شناعة الأمر للإنسان المسلم!

المثال الأول: ريوك من أنمي “مفكرة الموت”

هو شينيجامي يملك “مفكرة”، يموت الشخص الذي يُكتب فيها اسمه بالطريقة التي تمت كتابتها؛ وهو يعيش في عالم الشينيجامي، عالم يقع فوق عالم الأرض، وفي لحظة (ملل) أوقع المفكرة لعالم الأرض؛ كي يستمتع بما يمكن للبشر أن يفعلوه فيها!

صفاته: بشع جدًا، يملك أجنحة، غير مبالي، ومستهتر بمهمته، يأكل ويشرب، ويصف عالم الشينيجامي بقوله: “الحقيقة أنه لا يوجد الكثير مما يمكن للشينيجاميين فعله؛ غالبًا ما ينامون أو يقامرون”!!

مثال آخر من أنمي يُدْعَىٰ: (الخادم الأسود)،

توجد فيه منظمة للشينيجامي، مهمتها قبض أرواح الناس الذين حان أجلهم، والشينيجامي في هذه المنظمة كانوا بشرًا، ماتوا؛ فأصبحوا شينيجامي، وهذا موافق للعقيدة الشنتوية؛ فـ «قد جرت العادة الدينية علىٰ أن كل إنسان ميت؛ يمكن أن يصبح “كامي”». 4

وكل منهم له صفاته الخاصة، منهم الجاد، ومنهم المستهتر الذي لا يتبع القوانين، ومنهم المتمرد الذي يستغل سجلات الموتى التي لديه، ومنهم حتى المُخنّث الشاذ!! ولدى كل منهم منجل خاص يستخدمونه في أخذ الأرواح، وحين يموت الشخص يتم عرض سجل حياته..

وبهذا نرىٰ كَمَّ الاختلاف بين الرؤية الإسلامية للملائكة؛ من حيث أنهم منزهون عن الأخطاء، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون؛ وبين كيفية ظهورهم في الأنمي..
والرؤية الإسلامية هي التي يجب علىٰ المسلم النظر من خلالها للملائكة -عليهم السلام-.

وليحذر من يشاهد مثل هذه الأعمال من أن تُنزع الرهبة والمحبة للملائكة من قلبه، ويبدأ بالاستهانة بمن يتكلم عنهم بسوء، أو يستهزئ بهم!


  1. تاريخ الأديان: دراسة وصفية مقارنة – محمد خليفة حسن (ص١٤٢) موسوعة الأديان الحية: الأديان غير السماوية. ↩︎
  2. تاريخ الأديان: دراسة وصفية مقارنة – محمد خليفة حسن (ص ١٤٣). ↩︎
  3. التفسير الميسر: تفسير سورة الأنعام، آية ٦١. ↩︎
  4. تاريخ الأديان: دراسة وصفية مقارنة – محمد خليفة حسن ص ١٤٤. ↩︎

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة