شرع الله تعدد الزوجات لحكم ومصالح ظاهرة جلية

|

قد شرع الله تعالى -وهو العليم الحكيم- تعدد الزوجات لحكم ومصالح ظاهرة جلية لمن نور الله بصيرته وهدى قلبه للحق وقبوله.

بل إن الكثير من غير المسلمين أقروا بتلك الحكم أو بعضها على الأقل فمن تلك الحكم والمصالح أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال بكثير فلوا اقتصر كل رجل على امرأة واحدة لبقى جم غفير من النساء لا يعرف الحياة الزوجية فيحرم من العقب، ومن إشباع الغريزة الجنسية التي فطر الله عليها البشر.

وقد يفضي ذلك إلى لجوء المرأة إلى ما حرم الله تعالى، والوقوع في مخالب المجرمين، والتخبط في مستنقعات الرذيلة.

ومنها تكثير الجنس البشري الموحد لله تعالى لإعمار الأرض والاستخلاف فيها.

ومنها أن الرجل قد يتزوج امرأة صالحة غير أنها عقيم، فلو لم يشرع الله التزوج بثانية لكان بين أحد الأمرين الأمَرَّين:

إما أن يطلقها وهو لا يريد ذلك، وإما أن يمسكها من غير أن يكون له عقب تقر به عينه في الدنيا وينتفع به في الآخرة،إلى غير ذلك من الحكم والمصالح التي هي نتيجة حتمية لتشريعات العليم الحكيم.

وننبه هنا إلى أن الله تعالى لما أباح للرجل التعدد لم يلق له الحبل على الغارب وإنما ضبط ذلك بضوابط تكفل للجميع حقه وتوقف كل متعد عند حده.

فقال تعالى: ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم )

فالمقصود من الآية الكريمة بيان منهج الله في الزواج ، وأن الزواج بأكثر من واحدة – اثنتين، أو ثلاث، أو أربع – مشروط بشرط العدل بين الزوجات في المبيت والطعام، والشراب والمسكن،

فإن لم يستطع ذلك فعليه بأن لا يزيد على واحدة فقط، فكلمة (فواحدة) تعني الأمر بزواج واحدة فقط، أي إن خفتم الجور في التعدد فتزوجوا بواحدة، ولا تزيدوا عليها.

وأما قوله تعالى:

(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)

فذلك في الميل القلبي، لأن القلب قد يميل إلى إحداهن دون الأخرى،

روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول:” اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك “، يعنى القلب.

ولذلك قال جل شأنه: ( فلا تميلوا كل الميل ) أي فلا تبالغوا في المحبة القلبية، حتى تكون الأخرى كالمعلقة، لا هي زوجة، ولا هي خالية عن النكاح.

وتلك سنة العليم الحكيم في تشريعاته. ولعل هذه الحكم -وغيرها كثير- كافية لتبرير جواز التعدد، ولإقناع من كان له قلب أو ‏ألقى السمع وهو شهيد.

فالواجب على المؤمن أن لا يتوقف امتثاله لأمر الله على معرفة الحكمة، فإن هذا ينافي الإيمان والتسليم لأمر الله .

ثم … لا حرج على المؤمن أن يسأل عن الحكمة ليزداد إيمانا، وليعرف كيف يرد على أهل الزيغ والشبهات، وقد يصل إليها، وقد لا يصل؛ وقد يفهمها، وقد لا يفهم؛ لكن ذلك كله يكون تبعا لإيمانه بما جاء من عند الله، وتسليمه تسليما مطلقا، لا تردد فيه، ولا حزازة، ولا قلق، ولا ريب مما جاء الله في كتابه، وشرعه لعباده.

قال الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا َّ﴾ 

قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن (652) ـ ط عالم الفوائد ـ :

“أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسماً مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم، من الأصول والفروع، وأحكام الشرع، وأحكام المعاد، وسائر الصفات وغيرها.

ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم، حتى ينتفى عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، فتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتنفسح له كل الانفساح، وتقبله كل القبول.

ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضاً، حتى ينضاف إليه مقابلة حكمِه بالرضى والتسليم، وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض” انتهى.

‏ونحن بدورنا نتساءل بالله عليكم أيهما أظلم للمرأة وأكثر اعتداء على حقوقها ؟؟!!

أهم ‏أولئك الذين يدعونها إلى شرع الله تعالى بما فيه من عدل وصيانة وعفة وحكم ومصالح في ‏شؤونها عامة وفي هذا الشأن خاصة، وقد تقدمت الإشارة إلى بعضها،

‏أم أولئك الذين يتاجرون بها وبعرضها، ويدعونها إلى الرذيلة ويمنعونها من الفضيلة، ‏ويحسنون لها القبيح ويقبحون لها الحسن، حتى يوقعوها في فخ العهر والفجور، فيمنعوها ‏من الزواج من رجل معدد، ويقبحون ذلك، ويبيحون لها الزنا، ويحسنونه،

فتحرم من ‏الالتحاق بركب الزوجية والعيش في كنفها والاستمتاع ببرد ظلها، واجتناء طيب ثمرتها، ‏فتدفع بدافع الغريزة مع عدم الورع إلى الزنا والفجور.

‏ثم إن حبلت لا تجد من يرعاها ويخفف من معاناتها، وإن جاءت بولد جاءت به يتيماً منذ ‏ولادته، فتعنى تربيته لوحدها والنفقة عليه وحضانته، ويعيش الولد كذلك يعاني من تبعات ‏ذلك اليتم فاقداً عز الأبوة، وشرف الانتساب الشرعي.

‏فأيهما أظلم؟؟!!

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة