يعيش كل واحد منا حدثاً ما بحياته يتمنى لو أن عينه ما شاهدته، يحاول وبكل قوته جاهداً أن يخفيه عن مناظر الملأ.
حاله يقول: لو كانت هناك أغلفة لكل ما نكره؟ أتذكر عندما أتى لي أخي بهديةٍ وكانت ذات لونٍ لا أُحبه، حينها ركضت مباشرةً واشتريت غلافاً باللون الذي أحب وغلفت الهدية، لعلّني أستطيع أن أحبها أكثر عندما أصبحت أجمل باللون الذي احب! في الحقيقة تقبلتها وأحببتها كثيراً، فظاهرها كما أحب تماماً؛ لكن للبواطن موضع آخر في القلب! فليس كل ما تراه العين يريح قلوبنا، دائماً ما يأتي العقل ويذكرنا ببواطن أخفيناها عن أعين الناس، وحتى عن أعيننا لعلّنا نستطيع العيش بقلب مطمئن، لعلّنا نتخلص من تلك النظرات المشفقة، لعلّنا نحب حياتنا التي نحن عليها.
يبقى دائماً السؤال الذي يراودك بين الفينة والأخرى: لماذا أنا من بين كل هذه الجموع، حتى أقوم بتغليف جزءٍ من حياتي لا اريده أن يظهر أبداً أبداً؟
أنا ما جئت هنا لأقول لك كلمات ربما تظنني “أتفلسف” كما يقال، لا؛ بل سأنهي حديثك مع نفسك بأن الله اختار لك هذه الحياة، الله اختارك أنت من بين الجموع لهذا الابتلاء، ما عساك أن تفعل انت؟ لماذا حتى تتمنى غلافاً لذاك الجزء الذي بُلِيتَ به؟ ألل تعلم بأن إخفاءك وتغليفك لحياةٍ تعيشها سيكون أشد ألماً على قلبك؟ نعم، والله ألم الإخفاء أشد مرارةً من إظهاره.
فكن يَا بُنَيَّ عبداً صبوراً، واعلم أنما هذه الحياة دقائق وثوانٍ، وهناك يوفى الصابرون أجرهم. عش حياتك لله، وارضَ بما قسمه لك من ابتلاء واصبر عليه.
ألا تتذكر حديث حبيبنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-: “لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة”. وما عليه من خطيئة! يا اللّٰه ما أعظمه من دواء للقلوب! والله لو أن الصابر لم يكن له فوز وبشرى جزاء صبره إلا محو خطاياه لكفته.
والسلام على قلبك يَا بُنَيَّ من كل أَذىً ذقته ومراراً تجرعته.
ـ