وهل للعناء من شكل يميزه؟

|

وهل للعناء من شكل يميزه؟

يظهر لي في كثير من الأحيان فيديوهات لأشخاص من غزّة يطهون (قلّاية بندورة وما شابهها من أصناف بسيطة، حساء، أندومي)، إن أكلها أي شخص منّا ثلاث أيام متتالية سيلوي شفته متأففاً: ألا يوجد غير هذه الطبخة؟

فرأيت تعليقاً أجنبياً ترجمته: كيف تقولون أن لديكم مجاعة؟ الأكل متوفّر كما أرى.

كظمت غيظي وتجاهلت الأمر. والآن رأيت مقطعاً آخر لكن التعليق من شخص عربيّ، ولكْنَةٍ عربية: لماذا تمثلون وتكذبون؟ أنتم تأكلون، أين الجوع؟

أولاً: يجب أن تعرف أنه رغم أن الهدف الأساسي للإعلام -ومن ضمنه اليوتيوب- هو رسم صورة عامة للوضع وحقيقيّة؛ إلا انه لم يعد كذلك، فأنت الآن ترى الوضع من زاوية كل شخص. فعندما ترى شخصاً أو شخصين أو لِنَقُل خمسة، يملكون رفاهية أكل البندورة التي تحسدهم عليها، وتراقبهم بعين جائعة، فهذا الظاهر.

أنت لم ترَ الآلاف في الخيام ليس لديهم جوالات أصلاً، ولا يملكون إيصال صوتهم ولا رؤية وسماع تفاعلك معهم، أو لديهم لكنهم لا يملكون رفاهية شراء باقة نت. وفعلاً، الحقيقة أنهم يأكلون علف الحيوانات، الأمر لا يحتاج لتوثيق حتى نجعل أمثالك يصدقون.

نظرة خاطفة لملامح الوجوه المتعبة ونحول الأجساد، وتكوّم البشر حول شجرة مليئة بالأوراق لا الثمار؛ تشرح ما يعجز الإعلام عن شرحه.

إضافة إلى ذلك؛ أصحاب قنوات اليوتيوب حالهم أفضل ١٠% من بقية الشعب بسبب أرباح اليوتيوب، رغم أنّي لا أعرف آلية الربح من اليوتيوب وكميّتها بشكل عام.

بعضُ الناس، أعاذنا الله أن نكون ذوي نفوس دنيّة مثلهم؛ بعد أن فكّر وقدّر ليتصدق، لديه شروطه الخاصة: مهلا أودّ أن أرى قفصك الصدري بارزاً
وثيابك متسخة، ولابأس أن تبكي؛ كي أصدّق أنكّ فعلاً تتألم من الجوع، وأخيراً؛ أثبت لي عبر تحاليل أنك لم تأكل من أسبوع.

فلان يتيم؟ لايظهر عليه ذلك!
حسناً، كيف يكون شكل اليتيم في رأي هؤلاء الأشخاص؟ سحنة بائسة، رؤوس منكّسة، ثياب مزقة؟

كيف يكون شكل ذوي الشهداء والمعتقلين؟ يندبون ويصرخون؟

خسئت ظنونهم، أيتامنا فدائيو الغد، زوجات الشهداء لبِنات البناء شامخات أبيّات. أمهات الشهداء، مشكاة الطريق وسراج الأفئدة في ظلمة الفِتن العاصِفة. شهداؤنا عبّدوا لنا طريق النصر. جيلُنا بكُل أعماره وأجناسه؛ أبيّ ،شامِخ الرأس، مستقيم الصدر، لا يُثنيه كيد اليهود ولا ينال من عزيمته حقد أصحاب الأهواء والشهوات والنفوس المريضة.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة