الأنمي، ومُصَادمة الدين:

|

الأنمي

١- الـزنـا واتـخـاذ الأخـدان:

والـزنـا ليس بالضرورة زنـا الفرج، بل يشمل كذلك زنـا القلب؛ بالعشق والغرام، وزنـا اليد؛ باللمس والاختلاط، وزنـا القدم؛ بالسعي إلىٰ الحرام وأماكن الموبقات، ومـن أقدَم علىٰ هذه المقدِّمات؛ تجرأ ولا بد علىٰ أعظم الفواحش والمنكرات.

والنـظر المحرم بريد الـقلب إلىٰ الزنـا، بل إنه زنـا؛ كما في الحديث الصحيح: «إن العين تـزني، وزنـاها النظر»
[متفق عليه]

فمن شؤم النظرة المحرمة أن أثرها يدوم في القلب؛ كالنقش علىٰ الحجـر، ولا ينقطِع هذا الأثر إلا بقطع مادته.
قال ابن القيم رحمه الله:
“إطلاق البصر ينقش فِي الْقلب صورة المنظور إليه، والقلب كعـبة، وما يرضىٰ المعـبود بمزاحمة الأصـنام!”
ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه:
“الإثم حـوازُّ القلوب، وما من نـظرة إلا وللشَّـيطان فيها مطـمع”
وحوازُّ؛ بتخفيف الواو وتشديد الزاي جمع حازَّة، وهي الأمور التي تحِزُّ في القلوب؛ أي: تؤثِّر فيها تأثيرًا طويلًا.

وكونك مسلمًا؛ يقتضي إيمانك بحرمة الزنا، وكل ما يؤدي إليه؛ فهذه الأعمال لا تعرضه لك مباشرة فى كل قصصها، بل تجعلك تألف كل صغيرة وكبيرة تمهد له؛ بداية من تبرج النساء واعتياد النظر إليهن -لأنهن مجرد رسوم-، ثم اعتياد الاختلاط بين الجنسين؛ فقط لأنه أمر مقبول في ثقافة تلك البلدان؛ وجب علىٰ المشاهد قبوله أيضًا!


ونرىٰ كثيرًا من المدافعين يصف بعض الأعمال بالبراءة، وأنها نظيفة خالية من الشذوذ والزنا الصريح، ولكنه نسي هذه المقدمات التي لا يخلو منها أي عمل، وإطلاق البصر في مشاهدتها، واعتياد الملابس المتعرية والعلاقات الأفلاطونية، وهي علاقة بين النساء والرجال بدون دوافع جنسية -علىٰ حد زعمهم- وتسمىٰ صداقة؛ حيث يقضي الشاب مع صديقته أيامًا وشهورًا سفر ومغامرات؛ بحجة الدراسة، أو فريق لمحاربة الأشرار وتكوين ثنائيات؛ إما متوافقة (وغالبًا تكون في الأكشن والمغامرات)
أو ثنائيات بينها منافسة ومهاترات، وتأخذ طابعًا كوميديًا.

وينخدع كثير من المتابعين أنه في مأمن من قصص الحب؛ ما دام التصنيف ليس رومانسيًا؛ واقعًا في فخ التصنيفات؛ فكل هذه الأشكال السابق ذكرها؛ تمثل خطوات متدرجة نحو التطبيع مع الإباحية، وهذه الخطوات موجودة في معظم التصنيفات، بل لا يكاد يوجد أنمي يخلو من أحدها، ويتحمس المتابع لنسج علاقة بين الشخصيات، ويبدأ المتابعون تبادل تخميناتهم بشأن مَن تصلُح لمن، ومن يمكن للبطل أن يتزوجها وهكذا..

والاعتياد علىٰ وجود رجال ونساء في المشهد؛ يمهد لدخول عالم الرومانسية، أو علىٰ الأقل تقبله واحترامه!
فتلقائيًا؛ يجد المتابع نفسه متعاطفًا مع علاقات الحب التي تحدث بين الشخصيات، ما دامت لا تحتوي علىٰ مشاهد مخلة، وشيئّا فشيئًا يصبح مستعدًا لمتابعة التصانيف الجنسية بالكامل!

وهذا المسمىٰ (الصداقة) يعد تلبيسًا وتحايلًا علىٰ الشريعة؛ لإضفاء الشرعية علىٰ أمر محرم؛ وهذا من كيد الشيطان؛ ليهون علىٰ الناس فعلها، بل إنه قد يسميها بأسماء تُحبّ النفوس مسمياتها، قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
“وأول كيده ومكره: أنه كاد الأبوين بالأيمان الكاذبة أنه ناصح لهما وأنه إنما يريد خلودهما في الجنة، قال تعالىٰ:

﴿فوسوس لهما الشيطان لِيُبدي لهما ما وُرِىَ عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما من الناصحين * فدلاهما بغرور﴾ [الأعراف:20-22].

فآدم وحواء كذبهما عدو الله، وغرهما، وخدعهما؛ بأن سمىٰ تلك الشجرة شجرة الخلد؛ ليجعل المعصية تبدو جذابة ومغرية؛ فهذا أول المكر والكيد، ومنه ورث أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تحبُّ النفوس مسمياتها، وورّث عدو الله هذا المكر لأوليائه وحزبه عند خداعهم للمؤمنين”
فأي شيء تريد تمريره للناس، وكان مرفوضًا دينيًا أو أخلاقيًا أو عرفيًا؛ فقط سمه بغير اسمه، وسيمر آمنا مطمئنًا، لا يروعه إلا العالمون؛ لأنهم يعرفون حقيقته.

ووضح ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين) أن تغيير الأسماء لا يغير من الحقائق؛ فقال:
“ولا ريب أن المحرمات لا تزول باستحلالها بالأسماء كمن يسمي الخمر نبيذًا، والمكس حقًا، والربا معاملة”
وقد أخبرنا النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- عن مثل ذالك؛ فقال:
“لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا”

فسميت الخمرُ ‏مشروبًا روحيًا، ولم يقف الأمر عند الخمر ولن يقف بل سيتعداها إلىٰ غيرها؛ فسميت الربا فوائد، وسميت الردة بحرية المعتقد والرأي، والآن سمي اتخاذ الأخدان والزنا أيضًا بالصداقة!

فالشريعة حذرت من هذه الفتنة المضلة؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.

فالخلاصة: أن إلباس الحق بالباطل وإلباس الباطل بالحق لا يغير من حقيقة أي منهما، والله لا يُخَادَع.

٢- المكنسة السحرية:

ما حكم السحرة الذي يركبون المكنسة في الهواء؛ كما نشاهدهم في أفلام الكرتون والأنمي؟

قال ابن قدامة في المقنع:
“والساحر الذي يركب المكنسة، وتسير به في الهواء ونحوه؛ يَكفر، ويُقتل”.

٣- الأنمي، والدعوة للواط والشذوذ فيه:

“فتاة تحتضن أخرىٰ، وشاب يحتضن آخر، ومشاعر وأحاسيس بين الجنس الواحد، وعلاقات غرامية”..
هذه ليست كلمات، بل هي مشاهد تُبث ليل نهار، وتُعرض تارة وأخرىٰ؛ تتكرر حتىٰ تتطبع معها وتألفها، ثم تدافع عنها وتتبناها، أخيرًا؛ وتفعلها، ويا لها من نهاية إن لم يتداركك الله بلطفه، وهذه هي حرب الأفكار؛ فلا تعجب!

“إنها فاحشة قوم لوط”:

قال تعالىٰ: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر، الآيات: (72-76)].

بهذا الوصف؛ أخبرنا سبحانه -وتعالىٰ- عن عقوبة قوم لوط؛ نتيجة لما فعلوه من منكر عظيم، وجريمة شنعاء؛ استحقوا بها غضب الله، ومقته، وعذابه الشديد، وجمع عليهم أنواعًا من العقوبات؛ من الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم؛ وعذَّبهم، وجَعَل عذابهم مستمرًا؛ فنكّل بهم نكالًا لم ينكّله بأمة سواهم؛ وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة.

وقد شَنَّع الشارع من هذه الجريمة، وكانت عقوبتها من أشد العقوبات، وقد بسط ابن القيم -رحمه الله- الكلام في هذه المسألة، وذكر حجج الفقهاء وناقشها؛ فقال:
“ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد؛ كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات، وقد اختلف الناس؛ هل هو أغلظ عقوبة من الزنا، أو الزنا أغلظ عقوبة منه، أو عقوبتهما سواء؛ علىٰ ثلاثة أقوال:

فذهب أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، ومالك، وإسحاق بن راهويه، والإمام أحمد (في أصح الروايتين عنه)، والشافعي (في أحد قوليه)؛ إلىٰ أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنا، وعقوبته القتل علىٰ كل حال، محصنًا كان أو غير محصن.

وذهب الشافعي (في ظاهر مذهبه)، والإمام أحمد (في الرواية الثانية عنه)؛ إلىٰ أن عقوبته وعقوبة الزاني سواء.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلىٰ أن عقوبته دون عقوبة الزاني؛ وهي التعزير”.

إلىٰ أن قال: “قال أصحاب القول الأول (وهم جمهور الأمة وحكاه غير واحد إجماعًا للصحابة): ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل؛ كما سنبينه إن شاء الله تعالىٰ” (١).

وثبت عن ابن عباس؛ فيما يرويه عن رسول الله -صلّىٰ الله عليه وسلم- أنه قال: «لعن اللهُ من وقع علىٰ بهيمةٍ، لعن اللهُ من عَمَلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، لعن اللهُ من عَمَلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ؛ ثلاثًا”..
ولم يجئ عنه لعنة الزاني ثلاث مرات في حديث واحد، وقد لعن جماعة من أهل الكبائر؛ فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة، وكرر لعن اللوطية؛ فأكده ثلاث مرات!

وقوله: «مَلعونٌ مَن وقَعَ علىٰ بَهيمةٍ»؛ بأنْ عاشَرَها، وجامَعها؛ كما يُجامِعُ الرجلُ زَوجتَه..
«مَلعونٌ مَن عَمِلَ بعملِ قَومِ لوطٍ»؛ بأنْ واقَعَ الرِّجالَ في الأدبارِ، وإتيانِ الذُّكورِ شَهوَةً مِن دون النِّساءِ.

وهذا اللَّعنُ تَحذيرٌ نَبَويٌّ، وتَهديدٌ لِمَن استحَلَّ هذه الأُمورَ أو فعَلَها؛ حتىٰ يَرتدِعَ عنها، مع ما له مِن عُقوباتٍ أُخرىٰ دُنيَويَّةٍ؛ مِن التَّعزيرِ، وضَمانِ إصلاحِ ما أتلَفَه، ورَدِّ ما غصَبَه مِن أمْوالِ النَّاسِ، ثُمَّ إنْ مات وهو مُستحِلٌّ ومُصِرٌّ علىٰ ذلك؛ فعِقابُه عندَ اللهِ شَديدٌ.

وقال بعض العلماء: “إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين”.

فيا ليت شعري؛ ماذا سيقولون لو رأوا الحال اليوم، وهم يعاينون من المسلمين تلك الأفعال، ويرون محبتهم وتعظيمهم للوطيين، والاحتفاء بهم وموالاتهم؛ حتىٰ فاق تعظيمهم لهذه الحثالات تعظيمه لسلفهم الصالح، والقدوات العظيمة؛ التي يزخر بها تاريخهم المجيد!

ولسان حالك يقول: “هذا من فعلها، لا من يشاهدها!”
إن القارئ للقرآن ستكفيه آياته؛ دليلًا وهاديًا له فيما يعايشه في أيامه؛ فانظر لقوله تعالىٰ:

﴿وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَیۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَـٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ یُكۡفَرُ بِهَا وَیُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُوا۟ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِی حَدِیثٍ غَیۡرِهِۦۤ إِنَّكُمۡ إِذࣰا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡكَـٰفِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعًا﴾ [النساء: ١٤٠].

وهل هذه المشاهد إلا محاداة لله، ولدينه، واستهزاءً بشرعه، واستخفافًا بمعصيته!
وهل الجلوس لمشاهدتها إلا رضًا بما فيه وقبولًا به؟!

ولنقطع الشك باليقين؛ هاك بعضًا من الفتاوىٰ المتعلقة بهذا الأمر:

“فنعم الله لا تحصىٰ ولا تعد أعظمها نعمة الإسلام، ثم نعمة الخلق والإيجاد، ونعمة السمع والبصر والفؤاد والعقل، وصدق الله القائل: وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الأنسان لظلوم كفار﴾ [إبراهيم:34].

فكن لنعم الله تعالىٰ من الشاكرين، واعلم أن الله مطلع علىٰ أفعالك وأقوالك؛ فكن لربك مراقبًا، ومن عذابه خائفًا وجلًا، واستعن بالله تعالىٰ علىٰ دفع وساوس الشيطان، وأكثر من العبادات، ونخص من بينها الصيام، لأن النبي ﷺ أوصى من لا يستطيع الزواج بالصيام كما جاء في صحيح البخاري، فقال:” ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”. واعلم أن مشاهدة الأفلام الجنسية من أشد الأمور تحريمًا، ومن أقبح وأشنع المعاصي، وتزداد خبثًا وسوءا إذا كانت للوطيين، وفاعل ذلك علىٰ خطر عظيم، فكف عن فعلك وأقلع”.اهـ (٢)

وكذلك في قولهم:
“فلا يجوز للمسلم مشاهدة الأفلام الجنسية، ويجب عليه أن يبتعد عنها وعما يدعو إليها أو يقرب منها.
فقد قال الله عز وجل:

﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن﴾
[النور: 30-31].

ومشاهدة هذه الأفلام؛ تؤدي إلىٰ قساوة القلب، والغفلة عن الله -تعالىٰ- وعن ذكره، ومن ثم يأتي ارتكاب الفواحش العظمىٰ؛ لذلك فحكمها الحرمة”. (٣)

وجاء في إجابة: “هل مشاهدة افلام اللواط كفاعلها وهل هي من الكبائر في موقع طريق الإسلام؟
الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَىٰ رسولِ اللهِ، وعَلَىٰ آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ: فإنَّ مُشاهدة المواقع الإباحية مُحَرَّمٌ مِنْ كلِّ وجهٍ، وتفتح أبواب الشرِّ علىٰ مِصراعيها؛ حتىٰ تطلبَ النفس فعل الفاحشة الكبرىٰ، وهو مِن هذا الوجه قد يَصِلُ إلىٰ حد الكبائر أو يزيد؛ فالإصرار علىٰ الصغيرة يقلبها كبيرة”. (٤)

وقال ابن عثيمين رحمه الله: “الجلوس مع أهل المنكر مع استطاعة الإنسان أن يقومَ- مشارك لهم في الإثم؛ لقوله تعالىٰ:

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء:140]. 

يعني: إن قعدتم فأنتم مثلهم، ولا يحل لأحد أن يقعد مع أهل المنكر، إلا إذا كان في خروجه ضرر، أما مجرد أن يَغْضَب أهله أو ما أشبه ذلك، فهذا ليس بعذر، فلو كان أهله -مثلًا- يفتحون التلفاز علىٰ شيء محرم، ونهاهم، ولكن لم ينتهوا؛ وجب عليه أن يقوم، فإذا قال: “إن قمتُ يزعل عليَّ أبي، أو أمي، أو الزوجة، أو ما أشبه ذلك؛ فإنه لا يجوز أن يبقىٰ، بل يجب أن يقوم ولو غضبوا؛ لأنه التماس رضا الناس بسخط الله، يعني تقديم ما يرضاه الناس علىٰ ما يرضاه الله، والعياذ بالله!” اهـ.

وقال ابن تيمية رحمه الله: “ولا يجوز لأحد أن يشهد مجالس المنكرات باختياره بغير ضرورة”.

وغيرها من الأدلة الكثير؛ التي تحرم مشاهدتها صراحة، أو ذكر ما يماثلها من الأفلام، والتي تدخل هذه الفاحشة فيها بمقتضىٰ الحال.

وعلىٰ هذا؛ فلا يجوز للمسلم -الغيور علىٰ نفسه ودينه- النظر، والتلذذ، واستباحة هذه المشاهد السافلة؛ التي تدعو للرذيلة، والانسلاخ من الفطرة، وعليه أن لا يدخل تلك المستنقعات ليختبر إيمانه فيها؛ فإن القلوب تتغير تدريجيًا، والافكار تنبت مع الزمن كما تنبت الحبة في الأرض؛ فلا يرىٰ نفسه إلا وقد استمرأ تلك الأفعال، وأصبح يراها حقًا يجب احترامه؛ راميًا بشرعه ودينه خلف ظهره، عابدًا لهواه، معظمًا للفسوق، هاربًا من مواجهة الحقائق التي تهدم صنم الشخصيات العظيمة لديه!

فاقطع هذه السبل الخبيثة عنك، واغسل قلبك منها، واستبدلها بالخير النافع؛ الذي يأخذ بك لخيري الدنيا والآخرة.

٤- الأنمي والموسيقى:

من طوام عصرنا.. استشراء الكثير من المعاصي؛ حتىٰ ألفها الناس، وصارت جزءًا لا يتجزأ من ثقافة العصر؛ بل أصبحت صنمًا؛ لا يستطيع أحد الاقتراب منه، ولا المساس به.

ومن هذه المعاصي -بل ومن أهمها وأبرزها- الموسيقىٰ؛ فالموسيقىٰ أصبحت أساسًا في حياة أغلب الناس لا فكاك منه، ورغم القهر الذي ينتاب المسلم الغيور علىٰ دينه -الذي يكره ويتألم حين يُعصى الله عز وجل-؛ إلا أنه لا يملك -حين التفكر في هذا الأمر- إلا قول رسول الله -صلىٰ الله عليه وسلم- الصادق الأمين؛ الذي لا ينطق عن الهوىٰ، بل وحيًا من عند الملك سبحانه وتعالىٰ؛ فهذا عين ما أخبرنا به صلوات الله وسلامه عليه، وعلىٰ آله وصحبه.

فقد ثبت في السنة تحريم آلات المعازف في جملة من الأحاديث الصحيحة؛ منها قوله صلىٰ الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف»
[رواه البخاري في صحيحه؛ معلقًا بصيغة الجزم].

ومن ذلك -أيضًا- قوله صلىٰ الله عليه وسلم: «صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة»
[رواه البزار وحسنه الألباني]

وقوله صلىٰ الله عليه وسلم: «إني لم أنه عن البكاء، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: لطم وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان»
[رواه الحاكم والبيهقي وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني].

ومن ذلك؛ قوله صلىٰ الله عليه وسلم: «إن الله حرم علي -أو حرم- الخمر، والميسر، والكوبة؛ وكل مسكر حرام»
[رواه أبو داود، وأحمد، والبيهقي، وصححه الألباني؛ والكوبة: الطبل].

وقد انعقد إجماع العلماء -قديمًا- علىٰ تحريم استعمال آلات اللهو والمعازف؛ إلا الدف، وممن حكىٰ هذا الإجماع: (أبو الطيب الطبري، والقرطبي، وابن رجب، وابن الصلاح، وابن حجر الهيتمي) وغيرهم.
وللعلماء في هذا المسألة مصنفات مشهورة؛ منها: (كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع؛ لابن حجر الهيتمي، وإغاثة اللهفان؛ لابن القيم)، ولابن القيم رسالة مستقلة في حكم الغناء، ولابن رجب رسالة في ذلك.

وبطبيعة الحال؛ فالأنمي والرسوم المتحركة مثلها في هذا مثل السائد؛ فلا يكاد يخلو فيلم رسوم متحركة من الموسيقىٰ بصور فجة.

وكما قال أهل العلم: “يحرم مشاهدة الأعمال التي تحتوي محاذير شرعية؛ ومن بينها الموسيقىٰ”.

من المفجع -حقًا- أن يستهين المسلم بنظر الله -عز وجل- له، وأن يستهين بحدود الله -عز وجل- وأوامره ونواهيه..
ومن المحزن أن يضيع المسلم عمره المحدود ووقته المعدود فيما يغضب الله عز وجل؛ فيأتي يوم القيامة يحمل جبالًا من الأوزار، فينظر يوم القيامة أيمن منه؛ يبحث عما يفتدي به؛ فلا يجد إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرىٰ إلا ما قدم، فينظر بين يديه؛ فلا يجد إلا النار!!

فالعاقل؛ من افتدىٰ بنفسه من النار، واشترىٰ الجنة؛ بأعمال البر والتقوىٰ، والوقوف علىٰ حدود الله..
فالأمر جد؛ لا هزل فيه، والنار عذاب؛ لا نعيم فيها، والجنة نعيم مقيم، ليس فيها أي ألم، ولا هم، ولا غم، ولا عذاب؛ فتخير لنفسك أيها العاقل الفطن!

٥- الأنمي، والتدرج في عبادة الأصنام:

ياله من عنوان مفجع! لماذا تربطون الأنمي بكل شيء سيء في الوجود!!

في اليابان.. بدأنا منذ فترة نسمع الكثير من الأخبار عن افتتاح المتاحف والمعارض؛ الخاصة بالأنمي والمانجا.. والتي لاقت إعجابًا كبيرًا من متابعي الأنمي في جميع أنحاء العالم، وبطبيعة الحال في عالمنا الإسلامي!

مشكلة هذه المعارض لا تتمثل فقط بخطورة الهوس الشديد في الأنمي؛ بل المشكلة الأكبر -والتي قد تكون في الأصل نتيجة مشكلة الهوس- هي مشكلة عقدية..

رأينا في هذه المعارض الكثير من التماثيل التي تم نحتها لشخصيات الأنمي أو المانجا؛ مثل: (مدينة كونان، ومتحف خاص بهجوم العمالقة، وقرية ناروتو) [١]
والنماذج تطول؛ فهذه الظاهرة أصبحت منتشرة كثيرًا في اليابان، وهي ليست غريبة عليهم؛ نظرًا لمعتقداتهم؛ كما سنبين لاحقًا.

ولكن؛ العجيب أن نرىٰ متابعين مسلمين ينشرون هذه الافتتاحات على حساباتهم، ويعلقون عليها بعبارات من قبيل: “أتمنىٰ زيارة هذا المكان”، أو: “يا ليتهم يفتتحون عندنا شيئًا مشابهًا”!
هل يخفىٰ عليهم حرمة هذا الأمر وكارثته؟

حتىٰ وإن كان افتتاح مدينة مليئة بأصنام ومجسمات للشخصيات قد يبدو بعيدًا في عالمنا الإسلامي؛ إلا أن العديد من مظاهر هذه المشكلة قد بدأ بالفعل؛ فتقريبًا لم تعد دولة إسلامية تخلو من متاجر تبيع مجسمات صغيرة للأنمي، وميداليات، وصور كبيرة لها (بوسترات)؛ وكل هذا دون أدنىٰ شعور بالذنب لدىٰ من يشتري مثل هذه المجسمات!

يجب أن لا يخفى علىٰ مسلم -يخشىٰ الله حرمة- اقتناء مثل هذه المجسمات والميداليات؛ لكونها لشخصيات ذوات أرواح. (٢)

قد يقول قائل: لكن هذه المجسمات لشخصيات خيالية ليست موجودة في واقعنا!

= نقول له:
روى البخاري (5956)، ومسلم (2107) –واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: “قَدِمَ رَسُولُ الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَىٰ بَابِي دُرْنُوكًا (نوع من الستائر) فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ؛ فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ”.
فصورة الخيل بأجنحة صورة خيالية، ومع ذلك أمر النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- بنزعها.

قال علماء اللجنة:
“مدار التحريم في التصوير؛ كونه تصويرًا لذوات الأرواح؛ سواء كان نحتًا، أو تلوينًا في جدار، أو قماش، أو ورق، أم كان نسيجًا؛ وسواء كان بريشة، أم قلم، أم بجهاز، وسواء كان للشيء علىٰ طبيعته، أم دخله الخيال ” انتهىٰ. (٣)

وأصبحنا نرىٰ شبابًا (ذكورا وإناثًا) يمشون في الشوراع؛ وهم يرتدون ملابس مطبوعة عليها شخصياتهم المفضلة، وهذا مما عمّت به البلوىٰ حقيقة!
فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابًا فيها صورة حيوان أو إنسان”. (٤)

كل هذه المظاهر من خطوات الشيطان؛ فلا نستبعد أن نرىٰ بعد فترة افتتاح مدينة أنمي مليئة بالتماثيل والأصنام!

هذه مجرد حالات فردية من متابعين.. لم كل هذا الخوف والقلق؟!

= اهدأ يا أخي، ودعني أعطيك معلومة صغيرة؛ في اللغة العربية: (هذه وتلك)؛ هذه: اسم إشارة للقريب، وتلك: اسم إشارة البعيد.

في قصة سيدنا آدم والشيطان، تأمل قول القرآن علىٰ لسان إبليس: ﴿ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين﴾، ثم استطرد: ﴿وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين﴾!
لم يتوقف الأمر هنا: ﴿فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتها..﴾ إلىٰ آخر القصة التي تعرفها.

الشيطان حين أغوىٰ أبانا آدم وأمنا حواء- لم يغويهما من بعيد، بل قربهما من الشجرة؛ حتىٰ صارت في متناول أيديهما، وبدأ بالوسوسة؛ فالقرب سهل عليه عمله جدًا، حتىٰ إذا ضعفا لمجرد لحظة؛ وقعا بالفعل في الذنب!

صحيح معك حق؛ لكن ما العلاقة! لم أفهم..

= قبل ذلك؛ سأحكي لك قصة قوم نوح، وعبادتهم للأصنام، أتعرف أن الخمسة أصنام التي عبدها قوم نوح عليه السلام، هم في الأصل كانوا رجالًا صالحين، يعبدون الله -عز وجل- ولا يشركون به شيئًا، أحبهم قومهم حبًا عظيمًا، حتىٰ عندما ماتوا؛ أبوا إلا أن يحيوا ذكراهم؛ فصنعوا لهم تماثيل حتىٰ تذكرهم بهم، ويدعون لهم، حتىٰ إذا مات الجيل الذي شهد هؤلاء العباد، وما يليه، وظلت التماثيل موجودة- وسوس لهم الشيطان أن هؤلاء آلهة كان يعبدها آباؤكم وأجدادكم؛ فعبدوها، تخيل!!!

تخيل أن يخرج الناس من الدين ويكفرون بالله -عز وجل-، ويعبدون الأصنام؛ بسبب تماثيل صنعت لغرض نبيل أصلًا، ولم تكن لغرض العبادة أبدًا..

تخيل أن تجتمع هاتان القصتان علىٰ أرضنا؛ فتجد يوم القيامة أن أبناءك أو أحفادك عبدوا الأصنام؛ بسبب ما تراه أنت الآن مجرد ترفيه!

تخيل أن يخلدوا في النار -بلا موت ولا خروج-؛ بسبب ما تشجعه أنت الآن!

تخيل أن الله -عز وجل- أرسل الرسل جميعًا، وأنزل الكتب؛ لإخراج الناس من عبادة الأصنام، وعبادته وحده لا شريك له، ثم نحن نحضر الأصنام بأيدينا، ونفتن بها أبناءنا، ونعين الشيطان عليهم.

كيف ذلك! أعوذ بالله من ذلك، ماذا تقول أنت؟!

= لست أنا من يقول، ولكن انظر للمظاهر التي ذكرناها سابقًا، وانظر لأخبار إنشاء مدن كاملة لشخصيات الأنمي؛ وقارن بين ما سيحدث، وبين ما حدث مع قوم نوح -عليه السلام- ومع سيدنا آدم.

يمكنك الآن الربط بين ذلك الخبر وتلك القصص التي حذرنا بها ربنا -عز وجل- من نفس المسار ونفس الفخ!!

دعني أخبرك أن الأصنام هي جزء -أصلًا- من الأيدولوجيا اليابانية؛ فهي مرتبطة بالبوذية، والشنتوية، والوثنية؛ فالأصنام جزء لا يتجزأ من اعتقاداتهم ودياناتهم؛ لذلك تجد تعظيم التماثيل بكل شكل ممكن متوفر في المجتمع والثقافة اليابانية؛ فتخيل أننا حين نستورد تلك التماثيل، فإننا نستورد جزء من عقائدهم ودياناتهم؛ حتىٰ وإن كانت التماثيل مختلفة -قليلًا- عن معبوداتهم، فلا بأس؛ فإنما هي خطوة أولية!!!

بالفعل بدأت أتخيل إعادة سيناريو قوم نوح، أعوذ بالله، أمر مرعب حقًا؛ خاصة أني أعلم أن صناعة التماثيل في ذاتها حرام.

= صحيح، حرم الإسلام نحت التماثيل ونصبها؛ حتىٰ يسد باب الذرائع من أصله علىٰ الشيطان؛ فيحفظ بذلك دين المسلم.

فانتبه يا أخي، وانتبهي يا أختي، ولا تفتحا الباب؛ فإنكما إن تفتحانه تلجانه، ولا بد.

٦- الأنمي والحيوانات:

لابد أن تعلم أن أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة -عمومًا-؛ سواء كانت كرتون أو أنمي؛ لم تترك أي أمر من أمور العقيدة؛ إلا وَسَعَتْ لنقضه وتشويهه، ولم تترك أي خصوصية لثقافات، ولا لقيم مجتمعية أبدًا، خاصة في بلادنا.
من أعظم أمرٍ في العقيدة؛ حتىٰ ما يُعد من أبسط الأمور- نالت منه تلك الرسوم؛ بالتحريف والتجريف!

سأحدثك هنا عن أمر قد تعتبره بسيط أو هامشي، ولكن حين تنظر لمآلاته؛ ستعلم مقدار الجرم الذي ارتكبْتَه أنت أولًا في حق نفسك ورعيتك.

سنتحدث عن الحيوانات، وتصوير الرسوم المتحركة لها:
أولًا؛ لا بد أن تعرف أني كمسلم؛ لا أنظر لأي شيء في الكون- إلا نظرة مستمدة من الوحي، وأن الوحي لم يترك لنا أي شيء لم يخبرنا عنه؛ إما تصريحًا أو تضمينًا، ومن تلك الأشياء التي رسم لنا الوحي نظرتنا تجاهها، وطريقة تعاملنا معها- الحيوانات.

فمثلًا؛ قال رسول الله -صلىٰ الله عليه وسلم- عن القطط: “إنها من الطوافين عليكم والطوافات”
مما يدل علىٰ طهارتها، وأنه لا بأس بتربيتها في البيوت، وهكذا..

أما عن الفأر؛ فقد أخبرنا النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- أنه من الفواسق التي تُقْتل؛ حتىٰ في الحرم؛ روىٰ مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- أنه قال: “خمس فواسق يُقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا”.

فانظر لقول الشرع ها هنا في القط والفأر؛ ثم انظر مثلًا لـ

(توم وجيري)!

ففضلًا عن المصائب السلوكية والعقدية والتربوية التي يحويها؛ فقد قَلَبَ رؤية الشرع لهذه الحيوانات تمامًا؛ فيعمل علىٰ ترسيخ صور ذهنية في عقل متابعيه؛ أن الفأر كائن لطيف، ظريف، مظلوم، مقهور؛ فعلينا أن نحبه ونتعاطف معه، وهكذا؛ أما القط فهو كائن قاسي، غبي، متجبر؛ لا بد أن نعاديه!

فتخيل أن طفلًا اعتاد علىٰ رؤيته، ثم كبر قليلًا، وعلم أن النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- يأمرنا بقتل الفأر؛ كيف تظن أن يكون انطباعه عن النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- وعن الدين؟
خاصة في ظل موجات التشكيك والدعوة للإلحاد، التي تسعىٰ لسرقة أبنائنا؟

ليس هذا النموذج الأوحد علىٰ ما نتكلم عنه..بل هناك

(بومبا)

بومبا هذا خنزير، أتىٰ في دور لطيف ظريف، بل في دور يتمتع مع ظرافته بالحكمة، وهو طيب القلب، مناسب لأن يكون صديق وفي.. وهذا في فيلم من أشهر أفلام الرسوم المتحركة وأكثرها انتشارًا!
فكيف بالمسلم الصغير، حين يعلم -أو تذكره- أن الخنزير حيوان نجس وحرام -طبعًا- أكله، أو التجارة فيه، أو تربيته، أو حتىٰ مجرد التواجد في أماكن تربيته واصطياده!

نأتي لحيوان آخر، وهو

الكلب:

كثيرًا ما صورت الرسوم المتحركة الكلب بصورة تجعل المتابع يتعلق به ويتخذه صاحبًا؛ مثل: (١٠١، بولت، بالتو)، وغيرهم كثيرٌ جدًا!
دعنا نرىٰ رأي الشرع:
نهىٰ النبي -صلىٰ الله عليه وسلم- عن بيع الكلاب، ونهىٰ وعن تربيتها في المنازل؛ إلا كلب الصيد، أو كلب الحراسة -علىٰ ألا يدخل المنزل أبدًا-.
‏وبَيَّن أن من أدخله بيته؛ ينقص من حسناته كل يوم قيراطين!

الخروف شون:

الشاب الذي أحب هذا الكرتون، وتعلق به؛ حين تُلقي عليه شبهة تافهة؛ مثل: (دين وحشي ذلك الذي يسمح بذبح هذه الأعداد من الخِراف)، وهذا يقصد به طبعًا شعيرة الأضحية؛ التي يستخدمها الملحدون في الآونة الأخيرة كثيرًا- ماذا سيعتمل في قلبه في ظنك؟
وما الذي سيضمره في نفسه تجاه دينه؛ مع بُعد الناس عن دينهم؛ فلا يعلمون عنه إلا قشور، ومع تهميش الدين في حياة الشباب بهذا الشكل المفجع؟

وغير ذلك من المخادعات والمغالطات الكثير..

ماذا إذن؟
هل ستترك نفسك -أو رعيتك- لهذه الرسوم تعيث في عقولهم، ونفوسهم، ودينهم؛ فسادًا وخرابًا؟

هل تستطيع أن تتخيل أنه حين يرتبط الطفل مثلًا بهذه الحيوانات نفسيًا ووجدانيًا، ثم تقول له: “هذه تُقتل، وهذا نجس، وهذا لا يجوز لك تربيته في البيت”؛ كيف سيكون رده، وأي شيء سيتأثر داخله أكتر؟ دينه، أم قناعته ومشاعره التي تشربها من هذه الرسوم؟!

تُعَرِّض ابنك للهلاك؛ بتركه لهذا السم الذي يسري في نفسه بطيئًا دون أن تراه، حتىٰ يتعرض لأول منشط؛ مثل الشبهات التي تُلْقىٰ عليه، أو التشكيك، وغيره؛ تجد التفاعل يشتد، وربما لن تستطيع حينها أن تقيه من الهلاك، إلا أن يتغمده الله برحمة منه وفضل!

تسلط الجن والشياطين علىٰ متابع الأنمي، بعلمه أو بغير علمه:

من المعلوم أن الشياطين حاضرة لبني آدم في كل شؤونِ حياتهم؛ فهم حاضرون عند الأكل، وعند الجماع، وعند ولادة المولود، وعند الموت، وفي كل حال، وقد قال رسول الله ﷺ: “إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم”، وقال تعالىٰ حاكيًا عن إبليس:

 ﴿لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ﴾. [الأعراف: ١٦]،

وقال الله -عز وجل- ردًا عليه في موضع آخر:

﴿إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوينَ﴾. [الحجر: ٤٢]؛ 

فاتباع الشيطان في ارتكاب الحرام؛ يجعل له سلطانًا عليك، شئت أم أبيت.

ولا شك أن للشيطان حضور في الأنمي الذي يقضي الناس في متابعته أوقاتًا كثيرة، وهذا الحضور يتمثل علىٰ هيئة عقائد شركية ومفاسد، كما بيّنا من قبل.

ومشاهدة المسلم لهذه الشركيات والكفريات كبيرة من كبائر الذنوب، وصم الله من يفعل ذلك بالنفاق في القرآن، بل في بعض الحالات بالكفر؛ قال تعالىٰ:

 ﴿وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم فِي الكِتابِ أَن إِذا سَمِعتُم آياتِ اللَّهِ يُكفَرُ بِها وَيُستَهزَأُ بِها فَلا تَقعُدوا مَعَهُم حَتّىٰ يَخوضوا في حَديثٍ غَيرِهِ إِنَّكُم إِذًا مِثلُهُم إِنَّ الله جامِعُ المُنافِقينَ وَالكافِرينَ في جَهَنَّمَ جَميعًا﴾. [الأحقاف: ١٧].

والكفريات والشركيات في الأنمي مستفيضة كثيرة؛ من يشاهدها باستمرار يدخل في الآية السابقة؛ لأنه يأخذ حكم القاعد مع المستهزئين بالله وآياته من الملائكة وغيرهم، وهذا نفاق، وإن رضي بما يرى فقد كفر.

فكيف لا يكون للشيطان تسلط بالأذىٰ علىٰ من دخل في سخط الله بالكبيرة، وكان بينه وبين الكفر شعرات؟
قال الله تعالىٰ لإبليس:

﴿إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوينَ﴾. [الحجر: ٤٢].

ومفهوم الآية؛ أن تسلط الشيطان علىٰ الشخص كان باتباعه إياه مسبقًا؛ فكان للشيطان عليه سلطان بذلك.

ومن أحد أنواع حضور الشياطين علىٰ متابعي الأنمي؛ وضع بعض السمعيات التي إذا بدأ الإنسان بسماعها؛ فتحت ثغرات عليه وعلىٰ بيته؛ وذلك لأن بعض الترانيم والترددات -كالموجودة في أغاني الميتال- تضرب علىٰ أوتار الإنسان الروحية فيسهل بعد ذلك اختراقه، وحالات المس التي تحصل أثناء حفلات موسيقىٰ الميتال والروك عمومًا لا تُحصىٰ، بل والوفاة!
فكذا في الأنمي، وقد قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوىْ (٢٩٥/١١): ‏”من أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية: سماع الغناء والملاهي”.

ودخولهم على الإنسان في المقام الأول ليس للأذية النفسية أو العضوية، بل الأذية الدينية المتعلقة بتعلق روح الإنسان بخالقها، واستحضار أسئلة الوجود، ومراقبة الرب تبارك وتعالىٰ؛ فيبدأ بالذهول عن ذلك كله، ويغرق في الملذات والدنيوات مع الوقت، ثم يأتي بعد ذلك الأذىٰ النفسي والعضوي.

النوع الثاني: السحر البصري، وهذا موجود في كتب السحر، فتجد أن بعض الأسحار تعمل بمجرد النظر إليها، فيقولون: “من نظر إلىٰ هذا الطلسم عند مغيب الشمس؛ يحصل له كذا وكذا”، ويقولون: “من داوم النظر في هذا الكلام خمسة أيام حضرت له الملائكة”، والملائكة هنا يقصدون بها الشياطين، ولكن يخشىٰ السحرة من التصريح.

فهذا النوع موجود في كتب السحر، وهو موجود في الأنمي أيضًا، وانفعال هذه الأسحار قد لا يكون مباشرًا، بل يكون حسب انفعال نفسك معها! فقد يأخذ الأمر أيامًا، أو أسابيع، أو شهور؛ حتىٰ يبدأ تأثير السحر علىٰ روحك فيسرقها منك؛ بزجّها في الدونيات وانشغالها بها، حتىٰ إذا استمكنت منك الشياطين؛ انتقلوا إلىٰ مستوى الأذىٰ النفسي والعضوي، ولذا تجد كثيرًا من مدمني الأنمي والتفاهة مصابين بأمراض نفسية وحُزن مستمر، ونزعم أنا إذا أردنا إحصاء عدد المرضىٰ عضويًا منهم لكان أعلىٰ من غيرهم بسبب تسلط الشياطين عليهم.

نسأل الله العافية والسلامة!

الكل يشاهد، لا أريد أن أكون غريبًا بين أقراني!

مما ترسخ في عقول الناس؛ ارتباط شيوع الأمر عندهم، وانتشاره بين الناس، وفعلهم إياه- بإباحته، ولو كان حرامًا؛ فمتىٰ ما كان منتشرًا؛ استساغه الناس، وسهل عليهم ارتكابه؛ فكما يقولون: “حشر مع الناس عيد”، هكذا ترسخت فكرة الأكثرية، وجعلها مقياسًا بين الناس.

أنت كمسلم؛ مقياسك للأمور ليس مرتبطًا بذلك البتة، بل مرتبطًا بالسماء، وبنور الوحي الذي بين يديك؛ فتقيس الأمور، وتسبر صحيحها من سقيمها بميزان الشرع الحكيم؛ الذي كان وسيبقىٰ ما فيه كالشمس وسط النهار، لا تطولها معايير البشر، ولا تستطيع لها تغييرًا.

فهل يا ترىٰ كانت الكثرة يومًا دليلًا علىٰ الصحة في ديننا الحنيف؟

لو تمعنت النظر في كتاب الله؛ لرأيت ارتباط لفظ الأكثرية بـ “لا يعقلون، لا يشكرون، لا يذكرون، لا يؤمنون، لا يوقنون”، وغيرها من الألفاظ التي تدل علىْ الذم لا المدح؛ فالكثرة ليست دليلًا بذاته.

إيمانك بذلك يجعلك لا تخشىٰ من التزامك بالحلال وابتعادك عن الحرام؛ فكونك غريبًا بدينك بين الناس، لا يعني أنك علىٰ خطأ وضلال؛ فقد ورد عَنِ النبيِّ -صَلَّىٰ اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أنه قالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ؛ فَرَأَيْتُ النبيَّ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ».

وتمعن بـ”ليسَ معهُ أحَدٌ”، لم يضره ذلك، ولم يغير مقامه عند الله؛ فصاحب الحق يكفيه أنيسًا أن الله معه، وناظرٌ إليه، ومعينٌ وناصرٌ له؛ سبحانه!

فلا تخجل من ترفعك عن الحرام ،وتركك إياه؛ طاعة لله وخشية منه، ولا تخشىٰ من قولك “لا” لأكثريتهم المخالفة لشريعة الله، لن ينفعوك شيئًا ولن يضروك؛ فأنت الجماعة ولو كنت وحدك!

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة