﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾

﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾

تضيق على المسلم دنياه وهو يرى ما يرى ولا يستطيع حراكاً، يحترق قلبه حزناً على ما فيه إخوانه واستحلال دمائهم الطاهرة من أعداء الدين، يُفزعه تذكر وقوفه بين يدي الله وهو سائله عما قدم، فها هو يهرع بضعفه ليفتح مصحفه، فقد اعتاد تطبيب جراحه بما فيه. وإذا بكتاب الله يُعزيهم قبله، ويسليه في مصابه هذا: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾.

لا تخف، ولا تحزن، فما كان خالقك وخالقهم نسياً.

لدماء توحد الله أرخصتها أيادي المجرمين، فسقت بطهرها بساتين كانت تنتظر ماءاً ليسقيها، وإذا بالدماء الطاهرة تجري خلالها، لأم ثكلى تندب روحها التي غادرت مع أحبابها بلا عودة، وهي تناديهم كل صباح ولا تسمع منهم مجيباً، لجثث باتت رماداً، أو لبقايا منها تناثرت هنا وهناك: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾.

لعيون بريئة غادرها النوم كما غادرتها أحلامها التي كانت تبنيها عوداً عوداً، لبيوت المسلمين التي تُهدم، ونفوسهم التي نامت في العراء وكادت تموت جوعاً، وبلاد المسلمين تحتضنها من كل الجهات فكانوا كالغريب بين أهله، لبعض الدمعات التي صورتها الكاميرات ولكثيرٍ منها  غفلت عنها أعين البشر؛ ولكنها محصية دمعة دمعة عند من وسع علمه كل شيء.

لأرواح باتت أرقاماً تُعد وتُحصى بين شهيد وجريح؛ فلا تزداد المروءات بازديادها إلا سُكوناً، وخُنوعاً، وعمى، لنفوس لقيت ما وعدها ربها حقاً، وأخرى تنتظر. لآلاف الأطفال الذين كانوا “روح الروح” لمحبيهم، ومئات الصرخات التي نادت تحت الركام لعل يداً تنقذها، فأغمضت عيونها منتظرة المجهول، ولم تستيقظ بعدها وفارقت روحها الجسد: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾.

ما كان سبحانه نسياً للشوكة يُشاكها المسلم؛  فكيف بدمه المُراق؟ كيف لفقدانه ظلماً وعدواناً للضرورات التي حفظها له دينه؟

ليتنا نوقن بهذا فتطمئن نفوسنا، وتغدو جراحاتنا في سبيله بلسماً، ونُحلق بها خِفة في سماء الرضى بعد أن ضاقت علينا الأرض برحبها.

نطمئن فرحاً بربنا العليم بكل شيء وإن قلب الناس الحقائق، فقد يتناسى العالم المنافق ما يجري وما جرى؛ ولكن الله لن ينسى سبحانه:

﴿وَمَا یَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَلَاۤ أَصۡغَرَ مِن ذَ ٰ⁠لِكَ وَلَاۤ أَكۡبَرَ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینٍ﴾.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة