مواقع التواصل تحمل بين طياتها الخير والشر، الصالح والطالح، النافع والضار؛ فهي نعمة ونقمة في آن واحد.
نعمة من حيث فتحها لأبواب الخير
فتحت لنا أبواباً من النفع والدعوة لا يحصيها إلا الله، جعلت لنا منابر نزاحم بها أهل الفساد من حيث نشر الثقافة الصحيحة والوعي السليم السوي، سهلت علينا المسيرة العلمية، وسھلت لأهل العطاء والإنجاز عطاءاتهم. بنقرة واحدة تستطيع إيصال رسالتك للعالم، وغيرها الكثير من التفاصيل الميسرة. ومثل هذه النعمة حقها أن تشكر ولا تكفر، وشكرها يكون باستعمالها في الخير والنفع، والدعوة لله، والإصلاح ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
نقمة من حيث كونها محرقة الأعمار
احتوت هذه الوسائل على أسباب التشويق والمتعة؛ مما جعل المشاهد يضيع ساعات وساعات أمامها بلا ملل أو ضجر؛ فهي بحق سارقة الأعمار والأوقات. إذا نظرت إلى عدد الساعات التي تقضيها فيما لا ينفع على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تجدها كثيرة جداً، وإنك ربما في نفس هذا الوقت الضائع قرأت جزئين من القرآن، أو قرأت كتاباً، أو تابعت محاضرة! وإذا لم ينتبه الإنسان لنفسه أضاع فيها عمره؛ فلذلك يجب أن تعلم أن الوقت رأس العمل مع الله، وأنك مسؤول عنه. وضع نصب عينيك حديث “لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمره فيما فعل، وعن ماله من أين إكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه”.
نقمة من حيث ما تبثه من أفكار هدامة
يحاولون اليوم من خلال هذه المواقع بث الأفكار المسمومة في المجتمع، يحاولون غرس التفاهة في الشباب. جعلوا العالم غرفة صغيرة كل ما ينتشر في مجتمعهم ويهدمه يصل لنا. يحاولون نشر الشذوذ والإلحاد والنسوية، وقد يدسون ذلك مع كل مقطع لغرس فكرة خبيثة. لا يزالون يسربون الأفكار البهيمية ويبثون السموم ويصدرون الأفكار الغربية بطريقة جذابة مضللة. وغيرها من النقم الكثير.
لا بد من حماية وقتك
انتبه لوقتك أن يضيع سُدى، فالملهيات والمشتتات حولك كثيرة، كل شيء حولك يُضيع وقتك بطريقة ما، لا بد من تحديد هدفك. لا تكن عشوائياً، لا تدخل تطبيقاً إلا وأنت تعرف ماذا تريد؛ وإلا استدرجك بجاذبيته. لا تكثر من الوسائل على هاتفك، اكتفِ بالمهم، وسلِ الله دائماً ألا يجعلك فارغاً يتَتَبَّع؛ بل غارساً يتشبَّع.
ابتعد عن مواقع التواصل وما تقدمه لك من ابتذال وتفاهة وفراغ، ولا بد عندما تتركها أن تشغل نفسك بغيرها حتى لا تشعر بالفراغ، اشغل نفسك بما ينفعها فهكذا هي التزكية؛ تخلية وتحلية.
ومن وسائل الإسلام لاستغلال الوقت، الحث على مداومة العمل وإن كان قليلاً، وكراهيته للكثير المنقطع؛ وذلك أن استدامة العمل القليل مع اطراد الزمن وسيره المتواصل؛ يجعل من التافه الضئيل زنة الجبال من حيث لا يشعر المرء.