حكايةُ عفاف

|

حكايةُ عفاف

عفافُ شابَّةٌ عمرها ١٩ عامًا، فتاةٌ ذكيّةٌ، عرفت دورها كامرأة مسلمة، وتجاهد للحفاظ على فطرتها من لوث الملوّثين وفساد المُفسدين.

عفافُ امرأةٌ صغيرةٌ، ككلّ النّساء؛ تحملها فطرتها على الشّوق للزّواج؛ حتّى تسكن نفسها وتستند على رجلٍ صالحٍ يعينها في أمر دينها ودنياها، ويكون لها ذرية صالحة.

بدأ الخطّاب يطرقون باب والد عفاف منذ سنة، ووالدها يؤجّل أمر زواجها، ويقول أنّها لا زالت صغيرة. وتخجل عفاف من أن تصرّح برغبتها في الزواج؛ لأنّها تعرف أن والديها يرفضان الأمر قبل إنهاء الجامعة -التي تنتظر بفارغ الصبر متى تفتكّ منها-.

وتختار عفاف أن تصبر حتى تصل للعمر الذي يراه والديها مناسبًا، وتختار أن تُصارع رغبتها في بناء أسرةٍ مسلمة، وتؤجلها لحين آخر.

تمثّل عفاف حال كثيرٍ من الشابات المسلمات المجاهدات لالتزام شرع الله، واللاتي ينشدن الزّواج لتستقرّ نفوسهنّ وتهدأ، وليلبين نداء فطرتهنّ للتّبعُّل والتّجمُّل والحصول على الثّناء في الحلال، فيبقين في صراع وجهاد دائم في سنوات ازدهارهنّ وعنفوانهنّ وعطائهنّ.

ويمثّل والدي عفاف حال كثيرٍ من أولياء أولئك الفتيات، الذين يؤجّلون زواج بناتهنّ، ويحسبون أنّ صمتهنّ رضًى.

لا يتصوّر كثيرٌ من الأولياء، أنّ ابنته اللطيفة التي لن يتوقّف عن رؤيتها صغيرة؛ أصبحت امرأةً يوم بلغت، ونمت لديها رغباتٌ كباقي النساء، تشتهي ما يشتهينه وتحبّ ما يحببنه.

لديها رغبةٌ في التّزيُّن لزوج، ورغبةٌ في الحصول على الثناء والمديح، ورغبةٌ في الحصول على العاطفة، ورغبةٌ في أن تكون زوجةً وأمّ. وهذا الطبيعيّ والمعتاد، وغير الطبيعي أن تظلّ تحسب ابنتك صغيرةٌ لا تشعر بما يشعر به الكبار، وغير الطبيعي أن تطلب منها ألّا تشعر بذلك. وأكثر ما يمكن تصنيفه تحت “غير طبيعي”، هو أن تفكّر أنّها سيئة الخلق أو متجاوزةٌ لحدّها إن رغبت في الزّواج، وتبقى تصنّفها تحت كلمة “صغيرة”.

على الأولياء أن يبدؤوا بتفهم الأمر، وأن يعلموا أنّ الفتن مستشرية والقلوب هشّة، ولا معصوم إلا من عصمه الله، وأن يعلموا أن بناتهنّ قد يصمتن خجلًا؛ لكنهنّ يعانين من الأمر سرًّا، -وأنا أخصّ في مقالي هذا البنات المستقيمات الصّالحات اللاتي لا يُنشدن إلا الحلال، وتتفطّر قلوبهنّ في ظلّ هذه الفتن-.

ولا يعني هذا أن نقبل بأوّل خاطبٍ للفتاة؛ لكن لا نعضل زواجها يوم يأتِها خاطبًا كُفئًا بحجّة أنّها لا تزال صغيرة.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة