لا تكن فتاناً

|

لا تكن فتاناً
{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)}.

آية عظيمة مهيبة؛ يود الإنسان لو يسير بها بين من سمته الالتزام، فيقول له: لا تكن فتاناً.

هذه الآية من أوجه تفسيرها، أن الله عز وجل يحذرنا من تعمد الحلف بالله مع إضمار النية على الفساد والكذب والخيانة ونقض الحلف، وأعد ذلك من الصد عن سبيل الله.

ففطرة الإنسان السوية تجعله يشعر بالأمان والثقة والارتياح لمن يحلف له بالله عز وجل، وحين يجد أن الحالف أخلف وأفسد، وأدرك أن هذه كانت نيته من البداية، ينطفئ في نفسه جلال الحلف وذكر الله تعالى؛ خاصة مع تكرار هذا الفعل، ثم ما هي إلا خطوات حتى يتهاون بحدود الله عز وجل.

وبالقياس على ذلك؛ فكل مستن بسنة ظاهرة، ثم هو يسير بين الناس بالخيانة والفساد؛ فهو يصد عن سبيل الله عز وجل، فليتحمل هذا الوزر وما يترتب عليه من عذاب.

فأحياناً، تجد رجل ملتحي، يعمل بالتجارة مثلاً، يأمنه الناس لسمته الذي يذكرهم بالله عز وجل ودينه ونبيه؛ فإذا به غشاش مخادع سارق مخلف الوعد والعهد.

هذا جرمه لا يتوقف على ما ارتكبه من ذنب فقط؛ بل صده عن سبيل الله؛ فمن يتعامل معه بعد ثقته فيه لسمته، غالباً سيفقد الثقة في كل من هذا هو سمته، ولعله فتن في دينه بسببه.

ولو علم ذاك المخادع الذنب الذي يلحقه، ولو علم أنه بذنبه ذلك لم يزد رزقه شيئاً، ولو علم العاقبة، لو آمن بذلك حقاً؛ ما أظنه ليفعل.

ذاك فساد أثره متعد لأطراف كثيرة؛ فالذنب مركب تركيباً مرعباً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ومن اعتلال العقل والفهم في هذا المقام، أن يظن الظان، أن هذا الملتحي عليه حلق لحيته حتى لا يستوجب هذا العقاب والوعيد، فيقلع عن الخير ويصر على الشر. بينما الواجب عليه أن يجاهد نفسه ويحملها على ترك المعاصي وعلى  مخالفة هواه والشيطان، فيثبت على الطاعة ويترك المعصية، حتى وإن مات مجاهداً صادقاً ولو كان متعثراً دون إقلاع تام، خير من أن يلقى الله مصراً على معصيته أو أن يترك لأجلها الطاعة.

قد يقول قائل: (وما الملتزم إلا إنسان يصيب ويخطئ وليس بملاك معصوم). وهذا حق في غير موضعه هنا، فمن نتكلم عنه هو شخص مرابط على معصية لا يبرحها، وليس شخص زل في معصية لطبيعة بشرية.

وختاماً، نحن لا نحكم على الحق من خلال الأشخاص؛ بل نحكم على الشخص بمدى اتباعه للحق مستقيماً عليه؛ أما مصيبة بعض الناس أن يعادي الحق لخطأ أقام عليه أحد منتسبيه، أو أن يحكم على فئة كاملة من الناس، من خلال تعامله مع شخص واحد أو حتى اثنين أو أكثر.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة