لا تيأس من روح الله

|

لا تيأس من روح الله

مهما كثرت ذنوبك وعظم جرمك وانتابك اليأس والضعف؛ لا تقنط من رحمة الله، فعفو الله أعظم، وقد ذكر بمواضع كثيرة من القرآن أنه الغفور الرحيم. ومن الآيات التي لو تأملتها لأزيح عنك اليأس وامتلأ قلبك طمأنينة وتعظيماً لله، قوله تعالى:

 ﴿قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].

ابتدأها سبحانه وتعالى بقول: “يا عبادي”؛ لتأنس نفسك وتطمئن، وفي قوله “لا تقنطوا”؛ أي لا تيأسوا وتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، لا تقنطوا حتى لو كثرت الذنوب والعثرات وظننتم أن ليسَ لها سبيل يصرفها، تذكر أنه يغفر أعظم ذنب وهو الشرك لو أتاه صاحبه تائب ذليل.

فإذا وقعت بذنب؛ بادر للاستغفار، واعلم أنَّ الله يغفر الذنوب ويعفو عن السيئات، ولا يتعاظمه ذنب سبحانه وتعالى من أن يغفره.

وتأمل في قصة العبد الذي أذنب ذنباً ثم استغفر: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِيما يَحْكِي عن رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قالَ: “أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قالَ عبدُ الأعْلَى: لا أَدْرِي أَقالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ ما شِئْتَ”.

فما دمت على هذه الحال، كلما بدر منك زلل أو وقعت في خطأ؛ استغفرت الله وعدت إليه وجاهدت نفسك بأن لا تقع بالمعصية؛ أبشر بعفو الله.

ولا أدل على عظيم حب الله ﷻ للمستغفرين من قول رسول الله ﷺ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ”.

وقد تكون بعض الذنوب خيراً؛ لأنه عندما يفعل الذنب يقع بنفسه ألم وندم فيكثر الاستغفار، وربما عند وقوعه به يورث لقلبه حياءً من الله ومراقبة له، وبلا هذه الزلة ربما قل استغفاره، وهذا لا يعني أنه يفعل الذنب متعمد؛ بل يبتعد عنه وعن الوسائل التي تقرب منه، وما زال العبد في خير إذا عاد واستغفر كلما أذنب. وقد قيل: (ليسَ العجبُ مِمَّن هلك كيف هلك، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا).

وما أجمل ما قاله الشافعي:

‏إِن كُنت تغدو في الذنوبِ جَليــــــــــــــداً
وَتَخافُ في يَومِ المَعادِ وَعيــــــــــــــــــــــــــــــدا
فلقد أَتاك من المُهَيمِنِ عَفـــــــــــــــوُهُ
وَأَتاحَ مِن نِعَمٍ عَلَيكَ مَزيـــــــــــــــــــــــــــــــــدا
لا تَيأَسَنَّ مِن لُطفِ ربِّك في الحَشا
في بَطنِ أُمِّكَ مُضغَةً وَوَليـــــــــــــــــــــــــــــــــدا
لَو شاءَ أَن تَصلى جهنَّمَ خالِــــــــــــــــــــــــداً
ما كانَ أَلهَمَ قَلبَك التَوحيـــــــــــــــــــــــــدا

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة