صلة الرحم بركة الرزق والعمر معاً

|

صلة الرحم بركة الرزق والعمر معاً
يقول الباري عز وجل: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ﴾ [النساء:١]

صلة الرحم من أحب الأعمال وأفضلها عند الكبير المتعال، ولذلك عظّم الله شأنها ورفع الله قدرها، وأمر عباده أن يتقوه فيها،فأمر الإسلام بصلة الرحم والحرص على الروابط التي تربط الأفراد بعضهم ببعض وحمايتها من الخصومات والمنازعات. فكانت من الأمور الهامة التي اعتنى بها النبي ﷺ في دعوته.

فالأرحام أمرهم عظيم وشأنهم كبير، وصلة الرحم منسأةٌ في الأثر، وزيادة في العمر، وبسطٌ في الرزق، وتيسيرٌ في الخير، وقلّ أن يصل عبدٌ رحمه إلا خرج مسرور النفس منشرح الصدر قوي العزيمة على طاعة الله. وتعد من أسباب الرزق الشرعية، وهذا الكلام مأخوذ من قوله ﷺ: (مَن سرَّه أن يُبْسَط له في رزقه، وأن يُنْسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).

قال ﷺ: (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، مَنسأة في العمر) يعني: تطيل عمر الإنسان.

وقال الطيبي رحمه الله: إن الله يبقي أثر واصل الرحم طويلا فلا يضمحل سريعا كما يضمحل أثر قاطع الرحم.فهذه صلة الرحم بما فيها من هذا الفضل العظيم، حتى لو كان الإنسان فاسقًا، فقد قال النبي ﷺ: (إن أعجل الطاعة ثوابًا صلة الرحم، حتى إن أهل البيت لَيَكونوا فَجَرَة -مقيمين على مَعاصٍ- فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا) رواه ابن حبان وهو حديث صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم “ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها”. (رواه البخاري). قوله: «ليس الواصلُ بالمكافِئ»؛ يعني: ليس واصِلُ الرَّحِمِ من يفعلُ بأقاربه ما فعلُوه به؛ أي: إذا وصلوه وصَلَهم، وإذا قَطَعُوه قَطَعَهم، بل الواصلُ من إذا وصَلُوه وصَلَهم، وإذا قَطَعُوه وَصَلَهم.

لا يدخل الجنة قاطع ….

قال الله تعالى:

{ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم } . (سورة محمد:32-33).

من المعلوم أن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، فهي من أحب الأعمال بعد توحيد الله وبر الوالدين، ودخل صلوات الله وسلامه عليه المدينة فكانت أول الكلمات التي قالها: (أيها الناس! أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلام).

ومن وصل الرحم وصله الله، ففي الحديث القدسي: (إني أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي، فأنا الرحمن وهي الرحم، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته)، فمن قطعه الله فبئس -والله- حاله، ولذلك أخبر الله عز وجل أن من قطعها ملعون، وأنه لا ينتفع بخير ولا ذكر.

قال تعالى:

﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد:٢٢ - ٢٣]،

قال بعض العلماء: أصمهم فإذا سمعوا موعظةً لا ينتفعون بها، (وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فإذا رأوا خيرًا لا يهتدون إليه -والعياذ بالله- ولذلك تجد بعض الناس إذا ذكّرته بالله لا يتذكر، فهو قاسي القلب يتمنى أن يكون خاشعًا، وقد حالت الرحم بينه وبين الله عز وجل، فالرحم أمرها عظيم.

ومن أعظم العقوبات التي يعاقب بها قاطع الرحم أن يحرم من دخول الجنة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع”. (رواه البخاري ومسلم). يعني قاطع رحم.


 ومعنى عدم دخول الجنة كما قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: “لا يدخل الجنة قاطع” هذا الحديث يتأول تأويلين سبقا في نظائره في كتاب الإيمان، أحدهما: حمله على من يستحل القطيعة بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها فهذا كافر يخلد في النار ولا يدخل الجنة أبدا، والثاني: معناه ولا يدخلها في أول الأمر مع السابقين بل يعاقب بتأخره القدر الذي يريده الله تعالى. (انتهى كلامه رحمه الله).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم” (رواه أحمد).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة: قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى ، قال: فذلك لك ” . رواه البخاري.

وما أسوأ حال من يقطعه الله .. ومن قطعه الله فمن ذا الذي يصله؟
فكم منا من يجد في قلبه الظلمة ويجد في نفسه الوحشة، وقد يبتلى ببعض الذنوب، وقد يبتلى ببعض المعاصي بسبب لعنة أصابته بقطيعة الرحم.

وعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”. (رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه).

وقد رأينا مصداق هذا في دنيا الواقع، فقاطع الرحم غالبا ما يكون تعبا قلقا على الحياة، لا يبارك له في رزقه، منبوذا بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال.

فإذًا: عليك بصلة الرحم، تصل الأقارب وتزورهم، تعين محتاجهم، تهديهم، وتعودهم، وجميع أنواع الصلة سبب لمجيء الرزق إليك، ولو كانوا على البُعد، فلن يخلو الأمر من وسيلة للصلة.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة