علو الهمة يزيد وينقص؛ فالإنسان بحاجة أن يغذيه مرة بعد مرة. علو الهمة تهفو إليه الفطرة القوية.
علو الهمة، هو أن تعيش لغاية شريفة، وليس أعظم من غاية شريفة أن تعيش لتنصر دين الله، أن تدل الخلق على الخالق، أن ترى الجنة في كل شيء.
علو الهمة، ألاَّ تقف نفسك دون الله، ولا ترضى بغيره بدلاً منه؛ فالهمة العالية لا ترضى إلا بما هو في القمة، وترفض ما دون ذلك، وقيل: (المرء حيث يجعل نفسه، إن رفعها إرتفعت، وإن قصر بها اتَضعت).
وعرف ابن القيم رحمه الله علو الهمة فقال: (علو الهمة ألا تقف -أي النفس- دون الله، ولا ترضى بغيره بدلاً منه، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيئٍ من الحظوظ الخسيسة الفانية).
إن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل جانب؛ فكوني صاحبة همة، وسيري نحو القمم، واشغلي نفسك بالمعالي؛ وإلا شَغلَتْها التفاهات ووساوس الشيطان.
كوني في الأمة عظيمة ولا تكوني تافهة، لا يكن همك الشاغل أين سأخرج وماذا سآكل، وإياكِ ووهم الانشغال بالمعالي وأنتِ متكئة على أريكة وتتبعين هنا وتتبعين هنا وتنتقلين من قناة إلى قناة، انشغلي بإصلاح نفسك ولا تكوني فارغة تتبع؛ بل غارسة تتشبع، انهضي كفى ما ضاع من عمرك!
فلنشعل في قلوبنا نار التحدي، تلك النار التي تصنع العظماء وتدفعنا نحو القمم، تلك النار التي تجعلنا نسقي الأمة خيراً.
قد حث الإسلام على ترقية غايات المسلمين، وتَرَفَّع بنفوسهم عن الدنايا وصعد بها إلى المعالي. علو الهمة ينزع منا سفاسف الأمور، ويجتث منا شجرة الذل والهوان، فنصبح لا نرضى بالدون والهوان ولا نقنع بالسفاسف.
تَتَبعي سير الصحابة والصحابيات في علو هممهم، خاطبي نفسكِ لتكون في الأمة عظيمة، الأمة اليوم لا ينقصها تافهين، كفى ما بها. تابعي نفسك، أصلحيها أعلِي من همتها لتصل بك إلى المعالي، واحذري من مجالسة الباطلين والمثبطين وساقطي الهمة؛ فإن ذلك من أسباب دنو الهمة. وقد قيل: (ولا تجلس إلى أهل الدنايا *** فإن خلائق السفهاء تعدي). واحذري متابعة وسائل الإعلام الهابطة التي تعمق في النفوس احتقار الذات والشعور بالدونية.
وإياكِ والتسويف والتمني، تذكري دائماً الآخرة؛ فإنها سبب في المسارعة، وسلي الله أن ينزع من قلبك الوهن، وهو كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم: “حب الدنيا وكراهية الموت”.
عليكِ بالعلم؛ فإنه يصعد بالهمة ويحث على طلب المعالي والترفع بالدنايا.
لا تُثقلنَّكِ الصَّوارفُ عن غايتِك!