الذي يخلعون رداء العادات والتقاليد، ويصمّون آذانهم عن كلام الناس وماذا سيقولون؛ أولئك هم الأحرار حقاً. يعرضون أعمالهم على ضوء القرآن والسنة؛ ما خالفها نبذوه، وما عدا ذلك؛ فلا يأبهون إذا خالفوا صنم العادات والتقاليد الذي نحته الأجداد وظل الأبناء يحومون حوله متبتلين في محرابه. همهم رضا الله لا الناس، من الطفولة إلى الكهولة فاللحد.
تعرف سويّ العقل، سليم الفطرة، الذي يتساءل صحّة ومدى نفع ما يقوم به الناس، ولا يتبع مأجراً عقله معلقاً على جبهته (هذا ما وجدنا عليه آباءنا)، مردداً بببغائية اعتدنا أن نفعل هكذا.
•يجب أن تضع ابنك في الرّوضة (مرحلة ما قبل المدرسة)؛ نداءات من الجيران والأقارب والأباعد.
يضعه في الروضة الفاخرة التي وضع قريبه فيها ابنه، لا يسأل عن عقيدتهم، لا يطّلع على ما يُعرض على ابنه، ولا يعلم هل ابنه بحاجة حقاً لذلك وهل فعلاً يجب كما قيل. هلا أمعنّا النظر قليلاً أن الابن تربة لينة تقبل كل ما يُزرع فيها ولو كان تبناً، وتُصقَل شخصيته ويأخذ شكل القالب الذي يوضع فيه؟
ما ضرّنا لو أنفقنا من وقتنا على ابننا في تحفيظه القرآن، في هذه السنوات الذهبية، بدَل أن يتعلم الأناشيد التي لا معنى لها؛ فيعتاد عقله على المعاني الباهتة؟
•عندما تُزوِّج العائلة ابناً/بنتاً؛ وجب أن يُصنع جهاز (عزومة قبل حفل الزفاف، تأتي المدعوّات من “النسوة” ويتفرجن على كل الأغراض التي اشتراها وجهزها العروسان وتم نقلها لمنزلهما المستقبلي، ويتبادلون التبريكات؛ فتكون عين النسوة فاحصة لكل التفاصيل متنقلة من أثاث لأثاث ومن غرفة لغرفة ومن درج لدرج).
هل حقاً يجب أن نعرض مقتنياتنا؛ لنحظى بالقبول الاجتماعي؟ تجيبك: والله أنا لا تعجبني؛ لكن اعتدنا على هذا، ومن ثم ماذا سيقول الناس عنا؟ بخلاء، خالفوا العادات المبجلة. وماذا سأجيب حين أُسأَل؟
فليقولوا مايقولوا؛ فلتَكن وليمة بقدر استطاعتكم وادعوا أقرباءكم. نيتكم نشر الحبور بين الأقرباء، وزيادة أواصر المحبة، وصلة رحم، وتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم “أولم ولو بشاة”.
•يموت أحد الأفراد؛ تراهم يتراكضون ليشتروا أطول وأعرض وأفخم قبر. ماذا يقول الناس، مات فلان ولم يكرموا قبره برخامة مرصعة موشّاة بالألوان؟
فلنفكر قليلاً، ألا نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في قبره؟ نهاية الحياة الدنيا، وبداية حياة البرزخ.
•ينجح أحد الأبناء؛ إن لم يسجل في كليات القمّة فقد جلب العار للعائلة واخجلتاه. ننسى أن نسأل أنفسنا: هل حقاً يجب أن يكون ابني مثل ابن جاره أو قريبه؟ وهل يجد نفسه في هذا المجال؟ أم سيبدع في آخر؟
إن الانعتاق من قيد العادات ليس بالأمر السهل إذا كانت بوصلتك معطّلة، كما يقول الدكتور عبد الرحمن ذاكر عمّن لا يسقط الناس من حسابه: (الناس أكبر عندك، وليس الله أكبر ).
حين تحطم وثن العادات، وتخطو نحو ما يُريحك؛ ستجد عدداً كبيراً من الناس يقول لك: والله أنا أيضاً كنت أنتظر من يخطو هذه الخطوة لأنفذها بعده؛ لأنني لا أملك جرأة البدايات. ستجد عدداً كبيراً في داخله سخط على العادات وَوَدَّ لو تشجّع أحد وكسرها.
وهناك عدد آخر اعتاد عليها وألفها ولا يراها إلا جزءاً من الحياة، وستكون في عينه وكأنَك كفرت في ملة التقاليد.