خير القرون

|

وإن أكثر ما يحن له القلب في هذا العصر البائس، عبق ونور من ذاك الزمن الفاضل؛ زمن الخيرية والسبق، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام يمهدون الطريق لهذا الدين، حتى يبلغ التوحيد الآفاق.

وما أكثر حاجتنا اليوم لذلك النهج القويم، والمعالم الكبرى للرعيل الأول؛ من حيث فهمهم للدين، ونهجهم الإصلاحي، وتعاملهم مع التحديات والصعوبات التي واجهت الأمة منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولأجل هذا كان لزاماً على كل مسلم عامل في الحقل الإسلامي، حامل لراية الإصلاح، أن يكون على دراية تامة، وفهم واضح لا تشوبه شائبة لجيل السلف الصالح، من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وأن يكون متحلياً بأخلاقهم، ومتبعاً لهم، ومقتفياً لأثرهم، ولا يكتفي برفع شعار “أتباع السلف” بينما هو ضارب عرض الحائط للمعالم الكبرى لذلك الجيل.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم….” رواه البخاري ومسلم.

فخير الناس من هذه الأمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التابعين، ثم أتباع التابعين، وهم السلف الصالح الذين أثبتت نصوص القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على فضلهم وعظيم مكانتهم.

قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

 فللمهاجرين فضل الفداء والهجرة، وللأنصار فضل الإيواء والنصرة، وعنهم رضي الرحمن وأعد لهم فضلاً عظيماً.

قال رجل للمعافى ابن عمران: أين عمر بن عبد العزيز من معاوية؟ فغضب غضباً شديداً وقال: لا يقاس بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية صاحبه، وصهره، وكاتبه، وأمينه على وحي الله.

وقال عبد الله بن مسعود: (من كان منكم مستنّا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).

وإننا نعجب من قوم يسيئون لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرون أن بلاء الأمة بدأ من سقيفة بني ساعدة، ولا يرون خيرية في هذه القرون؛ فيناقضون بذلك صريح القرآن، وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم.

ذلك أنهم بنوا رؤيتهم على المتشابهات. والأصل الصحيح في ذلك بناء الرؤية على المحكمات الثابتة، ثم رد المتشابهات لهذه الرؤية المحكمة الشمولية. وبهذا ضلوا وأضلوا خلقاً كثيراً، ولا زالوا ينوحون ويندبون ويلطمون، ولم يتركوا ضلالة إلا أتوا بها، ولا سباً وشتيمة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا تحملوا وزرها إلى يوم القيامة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ما ادرك مد أحدهم ولا نصيفه” رواه مسلم.

يَـا بَاغِيَ الإِحْسَـانِ يَطْـلُبُ رَبَّـهُ
لِـيَـفَـوزَ منْـهُ بِـغَـايَــةِ الآمَـالِ

أنْظُرْ إِلَى هَدْيِ الصَّحَابَةِ والَّـذي
كانُوا علَيهِ في الزَّمانِ الـخَالِـي

واسْلُكْ طَرِيقَ القَوْمِ أينَ تَيَمَّمُوا
خُذْ يَمْنَةً ما الدَّربُ ذاتَ شِمَـالِ

تَاللهِ مَا اخْتَارُوا لِأنْـفُسِهِمْ سِوَى
سُبُلِ الـهُدَى في القَوْلِ والأَفْعَالِ

دَرَجُوا عَلَى نَهْجِ الرَّسُولِ وَهَدْيِـهِ
وَبِـهِ اقْتَـدَوْا في سَائِـرِ الأَحْـوَالِ

نِعْمَ الرَّفِيقُ لِطَالِبٍ يَبْغِي الـهُدَى
فَمَـآلُـهُ في الـحَشْـرِ خَيْـرُ مَــآلِ

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة