المساكنة وإحلال الزنا

|

المساكنة

تسمى هذه الظاهرة المنتشرة في الدول الغربية بـ(المساكنة)؛
والتي هي في نظر علم النفس الاجتماعي: “عبارة عن رجل وامرأة، يعيشان مع بعضهما البعض خارج إطار الزواج، ويعيشان كزوجين في معيشتهما ديمومة، ولكنها خارج الالتزامات والحدود”.

وهي من الأمور التي لا يتقبلها المجتمع العربي والمسلم، وفيها يقوم المتساكنان بإبرام (عقد شفهي) يلزم كل طرف بمجموعة من الحقوق والواجبات تجاه شريكه في السكن، (غير أن تغيير المسميات لا يغير من الحقيقة شيئًا).

فالمساكنة تنافي الشريعة، وتخالف المبادئ الشرعية؛ التي شرع لأجلها الزواج، وتوقع الأفراد والمجتمع في حظيرة قذرة من الفساد الأخلاقي؛ بدءًا من الزنا؛ الذي يتجه باتخاذ شكل مقبول في نظر الآخرين، ومرورًا بضياع حقوق المرأة والرجل علىٰ السواء، وانتهاءً بحقوق الأبناء الذين يعيشون تحت سقفٍ متهاوٍ لا رابط فيه؛ سوىٖ العلاقة الجنسية بين الوالدين!

والتي قد تفقد قيمتها مع مرور السنوات؛ ليبدأ كل شريك بالبحث عن شريك آخر (يساكنه) ويعيش معه حياة جديدة. فتنهار الأسرة (غير الشرعية) منتجة كمًّا هائلًا من المشاكل والانحرافات.

ويرجع سبب ظهور المساكنة في المجتمع الغربي إلىٰ انعدام الأخلاق، واعتبار الزنا أمرًا طبيعيًا ومشاهَدًا، وغير منكر لديهم، وصعوبة تحمل أعباء الحياة الزوجية من ناحية، والأنظمة القانونية عند رغبة أي طرف من الأطراف في الطلاق؛ من ناحية أخرىٰ.

ومع ذلك، فقد بدأت بالظهور في عدد من المجتمعات الإسلامية، وإن كانت لا تصل إلىٰ العدد الهائل الذي وصلت إليه في الغرب، وما تزال في بداياتها مغلفة بالسرية الشديدة.

ويعلل المتساكنون سبب لجوئهم إلىٰ ذلك؛ بغلاء المعيشة، وصعوبة إجراءات الزواج، والتقاليد، والعادات؛ التي قد تحول دون الموافقة علىٰ زواجهم بمن يحبون، أو استحالة هذا الزواج؛ بسبب اختلاف دين كل منهما.

ويتعلل آخرون بأن نمط الحياة (هكذا) بدون أية قيود، وتقاسمهما لأعباء المعيشة يعطي راحة لكل منهما؛ فالـ(حب) -كما يقولون- يعيش بدون زواج، وما الزواج إلا وسيلة لقتله.

وهذه الأسباب -جميعها- ليست إلا ذريعة لممارسة الخطيئة، ومطاردة الشهوات؛ بلا رادع من ضمير أو دين.

وأيا كان سبب دخولها إلىٰ المجتمع العربي المسلم فإن الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تقبل بها كنظام حياة، حتىٰ وإن قبلت بها بعض القوانين الوضعية؛ التي تبيح ممارسة الزنا لغير المتزوجين.

ولا يمكن اعتبار الأسباب الآنفة الذكر إلا ذريعة لممارسة الخطيئة في غياب وعي الطرفين، وسعيهما وراء اللذة قصيرة الأمد.

ويتعاطف بعض المختصين مع المتساكنين؛ باعتبارهم ضحايا المجتمع، والأزمات الاقتصادية التي يعاني منها، ويرىٰ إلقاء اللوم عليه؛ لأنه تسبب فيما وصل إليه الشباب؛ من محاولات تفريغ لشهواتهم بالطرق غير المشروعة.

والتعاطف هنا يزيد من سلبية الشباب، وإقبالهم علىٰ المساكنة، وتحويل المجتمع -حتىٰ وإن كان فاسدًا- إلىٰ شماعة يعلق عليها أخطاءه؛ وكأنه لن يسأل عن خطيئته.

وإنَّ أفضل حل لهذه المشكلة: هي الزواج المبكر؛ سواء للشباب أو الشابات؛ لإعفاف الأنفس، وإعادة الهيبة للحياة الزوجية، وضمان للحقوق.

يشير بعض الباحثين؛ الذين يرون المساكنة حقًا مشروعًا لمن يريد، -وإن كانت المجتمعات (المحافظة) ترفضه- إلىٰ أن الحرية الجنسية كانت هي الفطرة التي خلق الإنسان عليها، وأن البشر لم يكونوا إلا قطعانًا تنتقل من مكان إلىٰ آخر، ويمارس أفرادها الجنس دون وجود قيود أو حدود علىٰ العلاقات.

ولكن الدين الإسلامي ينفي مثل هذه المزاعم وينسفها؛ ففي قصة آدم -عليه السلام- الذي هو أصل البشرية، وخَلْق حواء من ضلعه؛ لتكون زوجًا له نفيٌ قاطع لعدم وجود الخصوصية، ودليل قاطع بأن الزواج تزامن مع بدء الخليقة.

وفي الرد علىٰ شبهة من يقول بأن أبناء آدم -عليه السلام- تزوجوا بأخواتهم- يرد موقع الإسلام سؤال وجواب؛ فيقول: “إنّه من المعلوم أنّ الأحكام تختلف باختلاف الشرائع؛ مع بقاء الأصول والمعتقد ثابتة في الجميع،

وإذا كانت صناعة التماثيل جائزة في شريعة سليمان فإنها محرّمة في شرعنا، وإذا كان سجود التحيّة جائزًا في شريعة يوسف فهو محرم في شرعنا، وإذا كانت غنائم المعارك محرّمة علىٰ من قبلنا فهي حلال لنا، وإذا كانت قبلة غيرنا من الأمم إلىٰ بيت المقدس فقبلتنا إلىٰ الكعبة، وهكذا؛ وقد كان في شرع آدم -عليه السلام- تزويج الأخ من أخته، بخلاف شرائع من بعده.

وفيما يلي، توضيح من الحافظ ابن كثير في هذه المسألة؛ إذ يقول ابن كثير رحمه الله: “إن الله -تعالىٰ- شرع لآدم -عليه السلام- أن يزوج بناته من بنيه؛ لضرورة الحال، ولكن قالوا: كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثىٰ؛ فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر.

قال السدي فيما ذكر عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي -صلىْ الله عليه وسلم- : أنه كان لا يولد لآدم مولود إلا ومعه جارية؛ فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر”.
[تفسير ابن كثير، سورة المائدة، آية: 27]

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة