تزييف الحقائق

|

تزييف الحقائق

أوهموها أنها بتبرجها وتنوعها بإغراء الرجال، والخروج للعمل ومزاحمتهم، بهذا تقدم شيئاً للمجتمع وتسعى لنهضته بفسقها، ووالله هذا الجهل بعينه؛ فهي لا تساهم إلا بإفساده وانتشار الفتن والفواحش فيه.

أوهموها أنَّ القارّة في بيتها، والممتثلة لأمر ربها، والمطيعة لزوجها، ومن تربي أطفالها ليكونوا رجالاً يحملون هم أمتهم، هي المتخلفة التي لا تقدم شيئاً لمجتمعها ومقيدة حريتها. والفرق واضح وضوح الشمس بين التي تسعى للإصلاح والتي تفسد لمن وعى.

ومن الجهل الذي تفشى في زماننا؛ أننا نظن أنَّ ربة المنزل لا تقدم شيئاً لأمتها، أو التي قيدت حريتها الزواج والأسرة. ومن المعلوم أنها هي التي تقدم الكثير؛ فمن أصلابها يخرج الرجال والقادة والمجاهدين والعلماء؛ فهي التي تساهم ببناء هذه الأمة إذا أحسنت التربية.

افتخري بكونك ربة منزل، لا تقوليها وأنت مطأطئة رأسك، فأنت الأُم والأمة أنت. يكفيك فخراً أنك حافظتي على نفسك من الفتن والفساد الذي يطرأ للنساء ولم تنصتي للأفكار التي تأتي من الغرب والنسوية وحرية المرأة الزائفة.

يا أخية، إنَّ الجاهلية والغرب هم من قيدوكِ، والإسلام هو من فكَ قيدك وحررك؛ فلا ترجعي وتمدي لهم يديكِ بملئ إرادتك. فالحرية كل الحرية؛ بعفافك وحيائك وامتثالك لأمر ربك، الحرية أن لا تحتاجي لأن تثبتي نفسك لأحد بأنك قادرة أو قوية؛ بل تُقري بضعفك الذي جبلت عليه كأنثى، وتعترفي بأنك بحاجة لرجل يرعاك ويقوم على شأنك.

والزواج والأسرة والأولاد لم يقيدوا حريتك؛ فالزواج هو الوسيلة للمحافظة على المجتمع المسلم من الفتن والشهوات، وهو حاجة فطرية جبلنا عليها. والزواج غاياته عظيمة وشريفة؛ فمن البيت والأسرة المسلمة يخرج الرجال الصالحين والنساء الصالحات، ومنه يخرج العاملين لهذا الدين والساعين بنهضته؛ فلا يوهموك بأنك لا تقدمين شيئاً؛ فقيامك في بيتك من أعظم الأمور وأشرفها.
وقال الشيخ محمد صالح المنجد فك الله بالعز أسره: (أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم؛ فإنَّ المجتمع يتكون من بيوت، هي لبناته، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعاً قوياً بأحكام الله، صامداً في وجه أعداء الله، يشع الخير، ولا ينفذ إليه الشر).

ولتتذكري أن كثيراً من علماء المسلمين كانت وراءهم أم، كانت سبباً وعوناً في كونهم ما كانوا عليها. فهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: (حفظتني أمي القرآن وأنا ابن عشر سنين وكانت توقظني قبل صلاة الفجر وتُحمي لي ماء الوضوء في ليالي بغداد الباردة، وتُلبسني ملابسي، ثم تتخمر وتتغطى بحجابها، وتذهب معي إلى المسجد؛ لبعد بيتنا عن المسجد ولظلمة الطريق).

وغيره الكثير من العلماء الذين كانت أمهاتهم تدفعهم دفعاً لطلب العلم، حتى أخرجوا لنا هذه القدوات التي نفتخر بها، والعلماء الأفذاذ.

وربة منزل كلمة شريفة وطاهرة، فقبل ما يقارب مئة عام فقط؛ كانوا يفتخرون بالفتاة التي تحسن رعاية شؤون بيتها، ويقال لها (ست بيت)، واليوم أصبحت كلمة يستحى منها، ولله الأمر.

وهذا مما وصلنا إليه بسبب الأفكار المسمومة من الغرب؛ فهم كُل ما يسعون إليه هو هدم الأسرة المسلمة، وإلى الآن يسعون بشتى الطرق لذلك، وعندما رأوا تماسكها لدى المسلمين وترابطها؛ لجأوا إلى تزيف الحقائق وهدم الأفكار أولاً ليقدروا على هدم الأسرة؛ مثل أنَّ الزواج تخلف لم تعد الأنثى بحاجة إليه، وأن ربة المنزل لا تقدم شيئاً؛ بل العاملة هي التي تقدم، وهذا دأبهم؛ يدسون السم بالعسل.

وبالفعل هي تقدم وتقدم الكثير لمؤسساتهم وتزيد أرباحهم وأموالهم، وتنفعهم لمصالحهم الشخصية، وأيضاً تنفعهم بشيء مخيف جداً والله لمن تأمل عواقبه، ألا وهو تدمير المجتمع المسلم وتفكيك الأسرة، وهكذا تحقق لهم ما يريدونه من فتن للمسلمين وإغوائهم ومحاربة الزواج ومحاربة التعدد؛ ليصلوا لما يريدونه وهو تدمير الأسرة، وللأسف من يساعدهم في بناء هذه الفكرة وتقوية عمودها، هم نساء مسلمات والله المستعان.

ولو نظرنا للواقع لعلمنا أنهم نجحوا ببعض الأمور، فاليوم أصبح السن القانوني للزواج فوق الثامنة عشر، وذلك ليعم الفساد وتنتشر العلاقات المحرمة والارتباط، والعياذ بالله.
وأصبحت الفتاة تتخطى العشرين ولم تتزوج ولا تعرف شيئاً عن الزواج وحقوق الزوج وتكوين أسرة، وكل همها أن تكمل الدراسة وتحصل على الشهادة وبعدها تفكر بالزواج، أو تتزوج وتعمل، وهنا المصيبة؛ أنها لن تستطيع التوفيق بينهم؛ فيخرج للمجتمع أطفال فاقدين للحنان ليسوا أسوياء إلا من أراد الله بهم خيرًا -وأتكلم هنا عن غير المضطرة للعمل-.

وهذه كلها أفكار نسجها لنا الغرب ليقوعونا بشباكها، ولله در من صمت أذنيها ولم تلقي بالاً لهذه الأفكار العفنة.

فديننا لا يقول لنا ذلك؛ بل قال سبحانه وتعالى:

﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣]، 
وقال سبحانه: ﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾ [الروم: ٢١]،
 وقال: ﴿إِنَّ الَّذينَ يُحِبّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النور: ١٩]

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة