حانت اللحظة، لحظة انتظار المولود، لحظة مدهشة؛ أليس كذلك؟ ما هي مشاعرك بهذه اللحظات، ما بين فرح بالمولود وبين ألم الولادة؟ لا عليك، أيام ويذهب الألم وتبقى البسمة على ثغر طفلك ترافقك.
إنها اللحظات الأولى، وها هو أصبح بين يديك، قد توقف عن البكاء عند أول عند لحظة حملته بها؛ وكأنه يعلم أنك أمه. ربما اشتم رائحتك، أو شعر بملمس يديك، أو بدفء حضنك.
تضميه وكأنك تريدين أن تبردي هذا الشوق، شوق انتظاره تسعة شهور؛ لتصبحي أم ويصبح زوجك أب. ما أجمل هذه اللحظات! إنها لا تقاس بكنوز العالم، اللحظة التي ينتظرها الزوجين حين يقول ابنهما: ماما وبابا.
-ولا تحزني إذا نادى طفلك أباه قبل أن يناديكِ، ولأقل لك سراً: بالتأكيد قد غششه أباه وأنتِ لا تدري-.
ليكبر وتبدأ مشاغباته ويملأ بيتكم ضجيجاً، وربما كان ضجيجُ كل ما تصل إليه يده؛ لكنها مع ذلك ومع لملمتك لكل ما يبعثره؛ هي لحظات جميلة بالرغم ما تسببه لك من إرهاق، أنتِ نفسك سعيدة بها.
حين تمسكين بيده وأباه بالأخرى؛ ليقفز هو وأنتم ترفعوه ليشعر أنه يطير، وتبدأ صوت ضحكته تتعالى. عندما تدخلين للمحل؛ فيطلب طفلك كل ما يراه، وكطبيعة الأطفال يظن كل شيء ملكه؛ فلا تلبي طلبه؛ فيذهب الأب وقد أحضرها له وتقولين وأنتِ مغتاظة: أنت تكبر له رأسه.
دعكِ من هذا، هل جربتِ أن يشتري زوجك لابنتك شكولاتة أو وردة أو شيء ما؛ فيلاحظ زوجك الغيرة قد ارتسمت على ملامح وجهك؛ فيشتري لكِ مثلها ويراعي روحك التي لم تكبر؟ لا تظني أنك وحدك وتشعرين بالحرج؛ فأكثر النساء كذلك.
كلها لحظات لا يشبع منها، ومع كل مولود يتجدد الشعور، وتصبح المشاعر فياضة أكثر. إنها اللهفة لمولود آخر، اللهفة التي تظل ترافق الأم حتى لو عانت من الولادة ما عانت.
لن أكذب عليك، وسأصارحك بالحقيقة: هذه اللحظات كلها موجودة؛ بل عندما تصبحين أماً ستجدين لحظات أجمل منها ستعيشينها مع زوجك وطفلك؛ ولكن من بين هذه اللحظة سيتخللها الألم والوجع والحزن والمشاكل؛ فلا بؤس الحياة يدوم ولا سعدها، وكل ما واجهته بيومك من ألم يذهب عندما تري ضحكة طفلك، عندما تذهبين لوضعه بالسرير وأنتِ مطمئنة عليه.
عندما تبدأ رحلته المدرسية؛ فتتبعيه بنظراتك، وتحرسينه بأدعيتك. عندما تأخذيه بيدك للمسجد وتحثيه على طلب العلم، حتى يحبه ويألفه؛ فيأتيكِ بعد مدة ببشارة: (قد حفظت القرآن وسألبسك تاج الوقار بالجنة يا أمي). عندما تريه وقد تجمع حوله الطلاب وثنوا الركب، ستفخرين به وتحمدي الله على فضله.
هذه اللحظات وجمالها، والأحلام الوردية التي تتمناها كل أنثى ولا تأنف منها فطرة سوية؛ يسعى الغرب بكل ما أوتوا من قوة أن يسلبوها منك ويشوهوها. فاسمعي مني: حلمك الوردي بأن تكوني أماً؛ اجعليه واقعاً، ولا تسمحي للنسوية ولا الرأسمالية ولا شياطين الإنس بسلبه منكِ. وإذا يوماً ضعت في الطريق الذي زينوه لك، وعلمتِ أنه صحراء جادبة؛ فلا تقلقي، البوصلة ترافقك دائماً، اسمحي لي أن أهمس بأذنك: إنها فطرتك يا ابنتي؛ فاصغي لها.
بقلم: سميرة نشار