ظهر في أحد مقاطع الفيديو التي تبثها المقاومة الإسلامية في غزة بشكل دوري لتوثيق عملياتها؛ كتاب رسائل القرآن بشكل واضح ومقصود؛ لترسل رسائل مشفرة بالغة الأثر للعالم كله.إنه القرآن؛ الحبل المتين والحصن الحصين، والقلعة التي لا تنهدّ؛ لتبقى شاهدة على زوال كل شيء دونها.
و{إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
فلا داعي لكثرة التأويل، والتفسير، والتحليل، والمحاولة الميؤوس منها؛ لإفراغ المقاومة من أبعادها الروحية والدينية، وتشويه المقاصد، ومحاولة حصرها في رحلة الصراع على السلطة، أو إرهاب للآمنين وإن لم يكونوا أصحاب الأرض والوطن. لا داعي لكل ذلك؛ فالقرآن لنا دستور، وبه ولأجله صُلنا وجُلنا، وأقدَمنا وأحجَمنا، ورابطنا وقاتلنا، وعلى معانيه نحيا وعليها نموت، وعليها سنلقى الله، غير مبدّلين ولا محوّلين ولا متحوّلين، بل ثابتين ثابتين.
ولولا معاني القرآن التي ارتوت منها القلوب، وتشرّبتها الأرواح المؤمنة؛ لما رأينا ذاك الاندفاع الجسور نحو ساحات الوغى بأقدام حافية، وأجساد خِفاف متجرّدة من دروع تحميها، وخُوَذ تدفع عنها الأذى.
ولسان الحال:
ماض وأعرف ما دربي وما هـــــــــــــــــــــــــــدفي
والموت يرقص لي في كل منعطــــــــــــــف
وما أبالي به حتى أحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذره
فخشية الموت عندي أبرز الطُّـــــــــــرف
وما أعجب بطولات المجاهدين في غزة! إذ لا نجد لها تفسيراً سوى أنها نِتاج تربية قرآنية لا تعرف اضطراباً ولا تهلهلاً؛ بل مراغمة واستعلاء بالإيمان ينمو، فكان المشهد مبهراً تتجلى فيه معاني اليقين بالله، والتعطش للشهادة، والرغبة في اللحاق بركب محمد وصحبه.
ذاك هو مشهد المقاتل المؤمن و”المركافا” الأكثر تحصيناً في العالم؛ ولكن لا حصانة اليوم إلا لمن حصنه الله.
“المركافا” التي يتبجحون بها وبقدراتها التي لا تعرف الهزيمة! أليست التي تحوي نظام الحماية النشط، بأجهزة استشعار ورادارات للكشف عن التهديدات، والقدرة على اعتراضها؟ أليست التي تحصّنت بدروع معيارية سهلة الاستبدال والترقية؛ فيسهل التكيف مع الظروف المتغيرة، والبقاء على أهبة الاستعداد ضد أي تهديد؟ أليست التي وُصفت بأنها الأقوى في أرض الحرب؟ لقد فجّرها المقاتل المؤمن بعبوّة ناسفة من مسافة الصفر.
الكل مندهش وعاجز عن التحليل في غياب المعطيات والتفسيرات المنطقية. مقاتل حافي القدمين في يديه عبوة ناسفة، مقابل دبابة “المركافا” العظيمة! المنطق والعقل والعلم وكل شيء يرجح؛ بل يؤكد تأكيداً لا شك فيه؛ أن “المركافا” تعلو ولا يُعلى عليها؛ فكيف يدعسها مقاتل بأقدام حافية؟
نعم بأقدام حافية، ولسان الحال:
وسل الفوارس يخبروك بهمـــــــــــــتي
ومواقفي في الحرب حين أطاهـــا
وأزيدها من نار حربي شعلــــــــــــــــــــــــة
وأثيرها حتى تدور رحاهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
وأكون أول ضارب بمهنـــــــــــــــــــــــــــــــــــد
يفري الجماجم ما يريد سواهــــا
وتسقط أسطورة “المركافا” والجيش الذي لا ينهزم، أمام أصغر مقاتل في غزة! فهل لهذه الحقيقة المدهشة من تحليل يستوعبه العقل؟ لا تحليل منطقي هنا في ساح الوغى، ووحدها معية الله من تستحوذ على المشهد.
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}.
ويقهر حافي القدمين “المركافا”، وتثخن العصبة المؤمنة الجراح في أعظم جيش بالعالم. وما ذلك إلا آية من آيات الله؛ تشهد على عظمة القرآن؛ إذا تربت على معانيه النفوس، ونبت بأنواره اللحم والدم.
سيكون العدو حينها في مواجهة “المركافا” المسلمة التي لا تقهر؛ مجاهد رباني يعشق الموت أكثر مما يعشق هو الحياة.
وذكّرهم يا طوفان
نوّر جبينك فـي هـدى القـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرآنِ
واقطف حصادك بعد طول نضال
واسلك ْدروبَ العارفيـن بهمــــــــــــــــــــــــــة ٍ
والـزمْ كتـابَ الله غيـرَ مبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال
فهو المعينُ على الشدائـد ِ وطــــــــأة
وهو المهيمنُ فوق كـل مجـــــــــــــــــال
وهو الشفيع ُ على الخلائق ِ شاهـدٌ
في موقف ٍ ينجي من الأ هـــــــــــــــــــــــــوال
قرآننـا سيظـل نـور هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدايـة ٍ
دستـورَ أمتنـا مـدى الأجيــــــــــــــــــــــــــــــــــال