فوائد من كتاب “تربية الأولاد في الإسلام”

|

فيما يلي فوائد مستخلصة من كتاب “تربية الأولاد في الإسلام” من تأليف مسعد حسين محمد.

أهداف الزواج الإسلامي

الزواج في الإسلام فطرة إنسانية، والزواج الإسلامي ليس غاية جنسية بين الزوجين، وإن كان الإسلام قد أباحها، وجعل عليها الثواب لمن قضاها في الحلال، كما جعل عليها العقاب لمن قضاها في الحرام ، وإنما الزواج له أهداف أسمى من مجرد هذه العملية نذكر منها:

١- تكثير عدد المسلمين بما تطيب به نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة: فعن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة». وعن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أحب امرأة ذات حسن وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : «لا» ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم». (صحفة 18).

حث الإسلام على الزواج للحفاظ على الأنساب من الاختلاط من جراء الزنا، فبالزواج الذي شرعه الله يفتخر الأبناء بانتسابهم إلى آبائهم، وبهذا الزواج يسلم المجتمع من الأمراض الخطيرة التي توهن الجسم، وتنشر الوباء وهي الأمراض التي تنتشر بين أبناء المجتمع، نتيجة الزنا والاتصال المحرم.

وبهذا الزواج يسلم المجتمع من الانحلال الخلقي، فإن غريزة ميل كل جنس للآخر، حين تنتظم في سلك الإسلام بالزواج الشرعي يقوى المجتمع ويتحلى بأفضل الأخلاق. (صحفة 18).

السكن الروحي والنفسي

فبالزواج تنمو روح المحبة والمودة بين الزوجين، فالرجل يكد في عمله نهارًا، فإذا فرغ من عمله وعاد لمنزله واجتمع بأهله وأولاده، ذهب عنه تعب اليوم، وفي هذا يقول الحق تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَمِنْ ءَايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مودَةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم : ٢١]. (صفحة: 19).

التعفف والتقرب إلى الله عزَّ وَجل

ليست العملية الجنسية بين الرجل والمرأة عملية للإمتاع أو لإنجاب الأولاد فقط، ولكنها قربة إلى الله عَزَّوَجَلَّ يثاب عليها المرء. فعن أبي ذر قال: قال رسول صلى اله عليه وسلم : (وفي بضع أحدكم له صدقة» قالوا: يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ . قالوا: بلى، قال: فكذلك لو وضعها في الحلال كان له أجر». (صفحة: 19).

التقديم للنفس عند الممات

إن في إنجاب الذرية الصالحة استمرارًا لعمل العبد بعد مماته. فعن أبي هريرة رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). لذا فالذرية الصالحة هي الادخار الحقيقي للإنسان في الدنيا في الدنيا والآخرة. (صفحة: 19)

الإسلام دين أسرة

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».

ونقصد بالدين الفهم الحقيقي للإسلام، والتطبيق العملي السلوكي لكل فضائله السامية، وآدابه الرفيعة، ونقصد كذلك الالتزام الكامل بمنهج الشريعة، ومبادئها الخالدة. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عَنْهُما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم».

إن الإسلام دين أسرة، ويقرر رسول الله صلى اله عليه وسلم مسئولية المؤمن في أسرته وواجبه في بيته، الذي هو أساس المجتمع المسلم، وإن مما يساعد الأب المؤمن على تربية طفله، ورعايته الزوجة الصالحة، التي تتفهم دورها، وتقوم به على أكمل وجه وهي الركن الرئيسي في هذه العملية، فالأب وحده لا يكفي، لابد من أب وأم ليقوما بالتربية معا، فعبثاً يحاول الرجل أن يربي أولاده بمفرده، فلابد من مشاركة النساء في التربية، فهن الحارسات على النشء. (صفحة: 21).

الاغتراب في الزواج

ومن هذه القواعد ما أثبت صحته العلم في أيامنا هذه ألا وهو تفضيل الزواج من نساء أجنبيات على النساء ذوات النسب والقرابة، حرصا على إنجاب أطفال أصحاء، وضمانًا لسلامة هؤلاء الأطفال من الأمراض الوراثية في العائلة أو إنجاب أطفال ضعاف، ذوى عاهات. وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال لآل السائب حين رأى أولادهم ضعافا : قد أضويتم فانكحوا في النوابغ النوابغ الغرائب. ضاويًا : نحيفا ضعيف الجسم. وقد أثبت العلم الحديث صحة مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن الزواج بالأقارب يجعل النسل ضعيفًا، ويورث الأولاد صفات خلقية ذميمة، وعادات قبيحة. (صفحة: 22).

الزواج بالرجل الصالح

كما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج بذات الدين، فقد حث أولياء البنت بأن يزوجوا كريمتهم من رجل صالح ذي خلق ودين. فعن أبي حاتم المزنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير». و أي فتنة أعظم على الدين والتربية من زواج فتاة مؤمنة بشاب منحل لا يراقب فيها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يقيم للشرف والغيرة والعرض وزنًا ولا قيمة؟

ومما سبق يتضح أن الاختيار على أساس الدين والأخلاق من أهم ما يحقق للزوجين سعادتها الكاملة، ولأولادهم تربيتهم الإسلامية. وإذا تم الاختيار على الأسس والقواعد السابقة فقد تم وضع اللبنة الأولى لعش إسلامي هادئ، يشع بنور الإيمان. (صفحة: 24).

النية الصادقة في الولد الصالح

إذا كان الاستفتاح باسم الله، والتعوذ من الشيطان مأمورًا به في هذه اللحظات، فلابد أيضًا من النية الصادقة عند الجماع أن ينجبا الولد الصالح. فعن أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال سليمان بن داود عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : لأطوفن الليلة على مائة، امرأة، أو تسع وتسعين، كلهن يأتي بفارس؛ يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل ؛ والذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله؛ فرسانا أجمعون». قال ابن حجر: أي ينوي عند المجامعة حصول الولد؛ ليجاهد في سبيل الله، فيحصل له بذلك أجر، وإن لم يقع له ذلك. (صفحة: 26).

صلاح الوالدين وأثره على الأبناء

قال تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَلِحَا ﴾ [الكهف : ۸۲] . قال القرطبي : ففيه دليل على أن الله تعالى يحفظ الصالح في نفسه وفي ولده، وإن بعدوا عنه، وقد روى أن الله يحفظ الصالح في سبعة من ذريته، وعلى هذا يدل قوله تعالى: إِنَّ وَلِيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّلِحِينَ ﴾ [الأعراف : ١٩٦]. (صفحة: 27).

إخلاص الدعاء

فإذا كانت النية الصادقة كان على الزوجين أن يخلصا الدعاء الله عَزَّ وَجَلَّ أن يرزقهما الذرية الصالحة، فالدعاء بطلب الذرية الصالحة من سنن المرسلين. قال الله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم : ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّلِحِينَ ﴾ [الصافات : ١٠٠]. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَوةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [ ابراهيم : ٤٠] . وعلى لسان زكريــا عَلَيْهِ السَّلَامُ : ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ، قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طيبَةٌ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاو ) [ العمران : ٣٨]. ويقول تعالى في صفات عباد الرحمن:

﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان : ٧٤]. (صفحة: 27).

مواصفات البيت المسلم

ومن الواجب تهيئة البيت المسلم؛ لاستقبال رحمات الله عزوجل ومــدده انتظارًا للمولود، ولا يكون ذلك إلا بأمور:

إحياء البيت بذكر الله: فعن أبي موسى رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت» رواه مسلم).

إعمار البيت بتلاوة القرآن: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) رواه مسلم وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ( إن البيت ليتسع على أهله، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويكثر خيره -أن يقرأ فيه القرآن، وإن البيت ليضيق على أهله، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين ، ويقل خيره- ألا يقرأ فيه القرآن» رواه الدارمي.

عدم تعليق الصور: وذلك للنهي الشديد عن ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ، وحتى تدخل الملائكة البيت؛ فإن بيتًا لا تدخله الملائكة فهو مرتع للشياطين. فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة). (صفحة: 28).

طرد الشياطين من المنزل

وذلك بإلقاء السلام: عن جابر أنه سمع رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل منزله فذكر اسم الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا ذكر اسم الله عند دخوله ولم يذكره عند طعامه يقول: أدركتم العشاء ولا مبيت لكم، وإذا لم يذكر اسم الله عند دخوله قال: أدركتم المبيت والعشاء» رواه مسلم.

– إعمار البيت بصلاة السنن فيه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي السنن الرواتب إلا في حجرته.

– التقليل من زينة البيت: روى البخاري أن النبي صلى اله عليه وسلم أتى بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء على فذكرت له ذلك، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم قال : إني رأيت على بابها سترا موشيا» فقال: «ما لي وللدنيا فأتاها على فذكر ذلك لها، فقالت – أي فاطمة – : ليأمرني فيه بما شاء. قال صلى الله عليه وسلم: ترسل به إلى فلان؛ أهل بيت بهم حاجة». (صفحة: 29).

الإخلاص مطلب مصيري

الإخلاص من صفات المربي الأساسية وهو من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربي حتى يخرج عمله على أتم وجه وأكمل صورة وأقوى بناء.

و في كثير من آيات القرآن توجيه إلى الإخلاص في العمل وإتقانه وربطه بأهم رابطة بين العبد وربه وهي العبادة. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَوَةً وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البَيِّنَةُ : ٥]. (صفحة: 30).

الحِلم

وهي صفة حمدها الله عَز وجل في كتابه، ومدحها نبيه صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف. ومن أجل هذا حض الإسلام على الحلم ورغب فيه في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ليعلم الناس – وبالأخص المربين والدعاة – أن الحلم هو من أعظم الفضائل النفسية والخلقية التي تجعل الإنسان في قمة الأدب، وفي ذروة الكمال، وفي أعلى مراتب الأخلاق.

من هذه الآيات: قَال تعالى : ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العمران : ١٣٤]، (صفحة: 32).

الشعور بالمسؤولية

لهذا كله نجد الإسلام حمَّل الآباء والأمهات والمربين جميعا مسؤولية التربية في أبعد حدودها، وفي أوسع مراميها.

قال تعالى: {وَأمْر أَهْلَكَ بِالصَّلَوةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [ طه : ١٣٢ ] .
وقال تعالى : {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم : ٦] .
وقال تعالى : (وَلَتَسْألن عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) (النحل : ٩٣).
وقال تعالى : ﴿ وَقفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾ [الصافات : ٢٤].

عن ابن عمر رَضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته». (صفحة: 33).

حقوق المولود

إذا يسر الله وخرج المولود صارحا إلى الحياة، أصبح له على والديه حقوق أرشد إليها الإسلام نذكر منها:

١- إخراج زكاة الفطر: حتى لو ولد فجر يوم الفطر، فيجب على ولي هذا المولود إخراج زكاة الفطر عنه، وهي صاع من تمر أو شعير. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعا من شعير على كل عبد وحر؛ صغير أو كبير. رواه البخاري

٢- استحقاق الميراث: لو مات إنسان ووارثه حمل، يوقف له الميراث فإن خرج حيا كان له، وإن خرج ميتا فلا يورث منه، بل لسائر ورثة الأب، فإن خرج حيًا، ثم مات بعد أن وجدت فيه أمارة الحياة من عطاس؛ أو تنفس أو حركة دالة على الحياة يورث منه.

٣- البشارة والتهنئة بالمولود: الأولاد زينة الحياة الدنيا، وبهجة النفوس، تتلهف النفوس لقدومهم، وتنشرح القلوب برؤيتهم، ويستبشر بهم المؤمنون. قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْنَهُ بِغُلَمٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات : ١٠١ ]. وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرُوهُ بِغلَمٍ علِيمٍ﴾ [الذاريات : ٢٨]. ولما كانت البشارة تسر الإنسان وتفرحه، استُحِبَّ للمسلم أن يبادر إلى مسرة أخيه وإعلامه بما يفرحه. (صفحة: 36).

تعليم الطفل اسم الله

ومن الشهر الرابع يبدأ جميع من حول الطفل في تعليمه اسم الله، ويكون ذلك بلطف ورقة حتى لا يبغض الطفل هذا الاسم والعياذ الله، ويمكن للأم وهي ترضعه أن تذكر الله بنغمات جميلة محببة للنفس حتى يعتاد الطفل سماعها. (صفحة: 46).

تلقين الطفل لا إله إلا الله

فإذا ما كان وقت نطقهم فليلقنوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ﷺ، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سُبْحَانَهُ وتوحيده، وأنه سُبْحَانَهُ فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا.

يقول ابن القيم : فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: «لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سُبْحَانَهُ وتوحيده، وإنه سُبْحَانَهُ فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا». (صفحة: 46).

حماية عقيدة الطفل من الشرك

وذلك بالبعد عن تعليق التمائم أو التعاويذ تحقيقًا لعقيدة التوحيد بأن الذي بيده النفع والضر هو الله. فقد نهى رسول الله ﷺ عن تعليق التمائم ، فقال ﷺ: «من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا أودع الله له».

١٤ – تعويذ المولود بكلمات الله وهو من سنن المرسلين، عوذ بها إبراهيم عليه السلام ولديه ، وكان رسول الله ﷺ يعوذ بها الحسن والحسين.

فعن ابن عباس رَضي الله عَنْهُما قال : كان رسول الله ﷺ يعوذ الحسن والحسين بـ أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ويقول : إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق». (صفحة: 47).

منهج الشحن العقائدي المعنوي

ويكون ذلك من خلال تعزيز العقيدة الإسلامية لدى الولد: إن تعزيز العقيدة من أعظم الأسس في استمرار المؤمن على مراقبة الله تعالى في كل شؤون حياته، واستشعاره عظمته وخشيته في كل الظروف والأحوال.

وهذا من شأنه أن يقوي القوة النفسية، والإرادة الذاتية لدى الفرد المؤمن.. فلا يكون عبدًا لشهوته في يوم من الأيام، ولا أسيرًا لأطماعه وأهوائه في وقت من الأوقات، بل يندفع بكليته جسما وروحًا وعقلا إلى تطبيق المنهج الرباني كما أنزل الله وكما أوحي إلى رسول الله ﷺ الفعلية وسلك دون تردد أو حرج، وشعاره في هذا قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة : ٥٠] .
وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتاكمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا هَنكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾ [الحشر : ٧].

وهو يعلِّم الولد أن من مقتضيات هذا الإيمان الأخذ بشريعة الله بلا حرج، والاستسلام الكامل لتعاليم الإسلام قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء : ٦٥]. (صفحة: 48).

الغضب

كل منا يغضب وينفعل، وخاصة الأطفال؛ نظراً لضعف استيعابهم مما يجري، وعلى الأم أن تُعلّم الطفل وتعوده الطريقة الصحيحة في التعبير عن الغضب، من خلال عبارات واضحة ومهذبة.. كأنْ يُعوّد الطفل أن يقول: أنا مستاء من كلام فلان، وأنا منزعج من التصرف الفلاني. (صفحة: 48).

منهج التلقين النظري ونقصد بالتلقين

الجانب النظري في الإصلاح والتربية.

٣- منهج التدريب العلمي ونقصد بالتدريب الجانب العملي في التكوين والإعداد.
ومن هنا كانت قابلية الطفل في التلقين والتعويد أكثر قابلية من أي سن آخر أو من أية مرحلة أخرى.

ولذا كان لزامًا على المربين من آباء وأمهات معلمين أن يركزوا على تلقين الولد الخير وتعويده إياه منذ أن يعقل ويفهم حقائق الحياة.

أما الجانب العملي لهذا التلقين فهو تهيئة الولد وتعويده أن يؤمن بقرارة نفسه، وأعماق وجدانه، أن لا خالق ولا مبدع ولا إله إلا الله سبحانه وبذلك تنمو لديه عقيدة راسخة ثابتة .. ولا يكون ذلك إلا عن طريق الآثار التي يراها الطفل كأن توجهه إلى النظر في الزهرة أو النبات أو السماء، أو الأرض، أو البحر، أو الإنسان، أو الحيوان.. وغيرها من المخلوقات ليستنتج ذهنيًا، ويستدل عقليًا على المؤثر وهو الله سُبْحَانَهُ.

وإليك نماذج عملية للربط بين الجانب النظري والعملي وبين جانب التلقين والتدريب وذلك بأمثلة من السنة المطهرة والأوامر النبوية:

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الصلاة

الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المربين بأن يلقنوا أولادهم ركن الصلاة وهم في سن السابعة؛ لما روى الحاكم وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عَنْهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع».

وهذا هو الجانب النظري. أما الجانب التدريبي العملي فهو تعليم الولد أحكام الصلاة، وعدد ركعاتها، وكيفيتها، ثم تعويده إياها بالمراقبة والصبر عليها والمثابرة ، وأدائها في المسجد بجماعة .. حتى تصبح الصلاة لديه خلقا وعادة. (صفحة: 50).

أما الجانب التدريبي العملي فهو ترويض الولد وتدريبه على امتثال أوامر الله، و اجتناب نواهيه، فإذا وجد المربى الولد فعل منكرًا أو اقترف إنما .. من سرقة أو شتيمة أو إيذاء جار، أو كذب أو غير ذلك، يحذره ويقول له : إن هذا منكر وهو حرام. وإذا وجده فعل خيرًا أو صنع معروفًا .. من صدقة أو تعاون أو صدق في القول أو إحسان إلى إنسان أو حيوان .. يرغبه ويقول له : إن هذا معروف وهو حلال .. وهكذا يلاحظه ويلاحقه حتى يصبح الخير لديه خلقا وعادة. الأمر بحب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته: الرسول صل الشالية على أمر المربين بأن يلقنوا أولادهم محبة نبيهم، ومحبة آل بيته وأصحابه، وتلاوة القرآن الكريم وهذا هو الجانب النظري. أما الجانب التدريبي العملي فهو أن يجمع المربى أولاده ويقرأ عليهم مغازي رسول الله صلى اله عليه وسلم وسيرة آل بيته وأصحابه، وشخصيات القادة والعظماء في التاريخ الإسلامي .. ويعلمهم تلاوة القرآن، حتى يقتدي الأولاد بسير الأولين بطولة وجهادًا .. فيرتبط الأولاد بالتاريخ الإسلامي. (صفحة: 50).

التأديب في الإسلام

عن أبي سعيد الخدري رَضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من عال ثلاث بنات فأدبهن فأحسن تأديبهن وزوجهن ، وأحسن إليهن فله الجنة».
وفي قوله تَعَالَى: ﴿ قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم : ٦] . قال مجاهد: أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله، وأدبوهم، إن الأشياء لا تعرف إلا بأضدادها، فلا يعرف طعم الراحة إلا من شقى ولا يعرف طعم الحنان إلا إذا ذاق ألم التأديب.

والأطفال منهم من ينفع معه النظرة العابسة للزجر والإصلاح، ومنهم من يحتاج إلى التوبيخ، ومنهم من لا يجدي معه سوى العصا. وقد أوصى كثير من علماء التربية بعدم اللجوء إلى العقوبة إلا عند الضرورة القصوى، وألا يلجأ إلى الضرب إلا بعد التهديد والتخويف. وليكن معلوما أن التأديب ليس عملا انتقاميًا من الطفل، وإنما هو ضرورة تربوية تهذيبية تقويمية للطفل. (صفحة: 51).

التصحيح الفكري لخطأ الطفل

إن الطفل قد يشذ بتفكيره الصغير عن الحق والصدق، فيقول ما لا يعقل، أو يفعل ما يضره؛ لذا يجب على الوالدين تعليمه الصحيح من القيم حتى يتسنى له العمل بالصحيح ولنا في رسول الله صلى اله عليه وسلم الأسوة الحسنة في تصحيح وتصويــب فكر الأولاد فمن ذلك: عن عبد الرحمن بن أبي عقبة عن أبيه وكان مولى من أهل فارس، قال: شهدت مع النبي صلى اله عليه وسلم أحدا فضربت رجلًا من المشركين فقلت: خذها وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلا قلت وأنا الغلام الأنصاري ؟! ابن أخت القوم منهم» رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضَ اللَّهُ عَنْهُ قال : أخذ الحسن بن على رَضِوَانَهُ عَنْها تمرة الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كخ ) .. ارم بها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ؟!» (۱). فهل رأيت أروع من هذا التوجيه النبوي، كيف كان الرفق واللطف ولين الجانب في الحديث الأول بقوله صلى اله عليه وسلم: (هلا قلت»، لقد كان صلى اله عليه وسلم مثالا عمليا للرفق والتواضع في تعليم الصغير. (صفحة: 52).

الضرب وقواعده

إذا لم يُجد النصح والإرشاد، ومشاهدة السوط معلقًا، وشــد الأذن، وظل الطفل مصرًا على أخطائه، ومعاندًا ومشاكسًا كان الضرب هو العلاج الأنجع والأمثل، ولكن هذا العلاج له أصول وقواعد نذكرها: أولا – الضرب لا يكون قبل سن العاشرة وهذه القاعدة انطلاقًا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، وأضربوهم عليها وهم أبناء عشر (۱) فالضرب يكون من سن العاشرة، وليس قبل ذلك. سئل الإمام أحمد: هل يجوز ضرب الصبي على الصلاة؟ قال : إذا بلغ عشرا، وقال: إن أبا عبد الله قال : اليتيم يؤدب، ويضرب ضربًا خفيفًا. وقال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن ضرب المعلم الصبيان، فقال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإن كان صغيرًا لا يعقل فلا يضربه. وعلى هذا فالوالدان مدعوان للتروي واستخدام الفكر عند معالجة أخطاء الأطفال، فقليل من الضرب ينفع ويجدي وكثرة الضرب قد تعود الأطفال على العصيان وتقلل هيبته وتفقده مفعوله. (صفحة: 54).

الضرب للتأديب لا يزيد عن ثلاث

الضرب في التعزير لا يزيد عن عشر ضربات بأقصى حد. فعن أبي هريرة رض الله عنه قال : كان النبي صلى اله عليه وسلم يقول: «لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله». وفي مصنف عبد الرزاق: «لا عقوبة فوق عشرة أسواط إلا أن يكون في حد من حدود الله». ولما كان الطفل في مراحل نموه لم يتعد حدًا من حدود الله ولم يدخل بعد في ســـن التكليف؛ لذا فعقوبته عقوبة تأديب. وكان عمر بن عبد العزيز يكتب إلى الأمصار: لا يضر بن المعلم فوق ثلاث؛ فإنها مخافة للغلام. وقال الضحاك : ما ضرب المعلم غلامًا فوق ثلاث فهو قصاص. ثالثًا – لا ضرب أثناء الغضب في الغضب يخرج الإنسان عن شعوره؛ لذا أوص النبي صل الله عليه وسلم رجلًا عندما قال له: أوصني، فقال صلى اله عليه وسلم: «لا تغضب» . وقد نهى رسول الله صلى اله عليه وسلم أن يقضي القاضي وهو غضبان. وقد أمر عمر بن عبد العزيز رحمه الله بضرب إنسان، فلما أقيم للضرب قال: اتركوه، فقيل له في ذلك، فقال: وجدت في نفسي عليه غضبًا فكرهت أن أضربه وأنا غضبان. (صفحة: 55).

لا تضرب الطفل إذا ذكر الله فقد يضرب الوالد ولده، ومن شدة الضرب يستجير الولد بالله عَزَّوَجَلَّ، وهنا يدعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوقف الضرب، فإن الاستمرار في الضرب وحالة الطفل هذه تعد تعديًا على رسول الله صلى اله عليه وسلك، ودليلا على حب الانتقام والتشفي في نفس الوالد من هذا الطفل. ويجب أن يكون الضرب مفرقًا لا مجموعاً في مكان واحد، وأن يكون بين الضربتين زمن حتى يخف الألم من الضربة الأولى، وألا يرفع الضارب ذراعه لأعلى، ويتجنب الضارب أن يضرب رأس الصبي أو وجهه؛ وذلك لما رواه أبو داود عن النبي صلى اله عليه وسلم : إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه؛ لذا يجب أن يفرق الضرب، بحيث يأخذ كل عضو حقه من الضرب، وأفضل أماكن التأثر من الضرب اليدان والرجلان. (صفحة: 55).

من الأخطاء

من الأخطاء التي يقع فيها الوالدان، أو أولياء أمر الطفل عدم الذهاب إلى المدرسة أثناء فترة الدراسة، وبعد دخول الطفل، بل إن بعض الوالدين قد لا يكون قد دخل المدرسة التي قضى فيها ابنه عدّة سنوات، وهذا الانقطاع عن المدرسة والقائمين عليها خطأ شديد الضرر على الطفل، لأن المدرسة امتداد للمجال الذي يتربى فيه الطفل فلا تخرج المدرسة عن نطاق مسئولية الوالدين عن الطفل، إن شعور الطفل باتصال الوالدين بالمدرسة والقائمين عليها ، يجعله يدرك أنه لم ينقطع عن أسرته ووالديه، وأنه يتحرك تحت الرعاية والرقابة الدائمة، وهذا الشعور يعطيه الثقة في نفسه وفي المكان ومَنْ فيه من ناحية، ويشجعه على الاستقامة والاجتهاد من ناحية أخرى، ولوائح ونظم المدارس تعين أولياء الأمور على التواجد في المدرسة، بل المشاركة في بعض الأنشطة، وإبداء الآراء والاقتراحات، وإهمال هذا الاشتراك يشعر الطفل بالدونية أمام الأقران، ويفرح ويفخر الطفل بوجود أحد الوالدين بالمدرسة، خاصة لو تحدث مع الناظر و المسئولين، ولا يكفي مجرد الحضور في المدرسة، ولكن يلزم متابعة أخبار الطفل ونشاطاته، مع المدرسين والإخصائي الاجتماعي والطبيب المدرسي، للوقوف على ملاحظاتهم عن الطفل، ومدى تقدمه أو تأخره الدراسي وما يطرأ عليه من أعراض عاطفية، أو نفسية،و مرضية، وأن يظل هذا الاتصال طوال مدة الدراسة، واعتباره واجبًا دائما للوالدين، وليس في بداية دخول المدرسة وفقط. (صفحة: 58).

مما لا يحتاجه الطفل

لا يحتاج الطفل عادة إلى المساعدة في أمور الأكل واللبس والاستحمام، ابتداء من سن السادسة، ولكن بعض الأمهات لا يقتنعن بذلك، ويستمررْنَ في تقديم نفس المساعدة للطفل، وهذا يؤثر في استقلالية الطفل بنفسه، ويعوده الاعتماد على الغير، وكثير من الأطفال يضيقون بهذا التصرف، ولا يرغبون فيه، وقد يكون الدافع للأم هو المساعدة وتقديم الخدمة والقيام بواجباتها بعاطفة صادقة، ولكن لابد أن نفرق بين ما هو عاطفي من التصرفات، وما هو مطلوب عقليا وواقعيا ، فالطفل يكبر في الحقيقة والواقع ويظل في نظر والدته صغيرًا دائما. (صفحة: 59).

أسئلة الطفل

قد تكون أسئلة الطفل من البساطة، أو التفاهة بالنسبة للوالدين بحيث لا يأبهون لها، ولكنها قد تكون غالبًا عند الطفل هامة وشاغلة لذهنه . فلذلك يجب الإجابة عنها والإنصات لها، لتشجيعه على التساؤل، وهو أداة هامة للعلم والتعليم، كما أن احترام أسئلته بالاستماع والإجابة يعطيه ثقة في نفسه، كما يعوده على احترام السماع للآخرين. ومن ناحية قد تكون أسئلة الطفل في غاية من الأهمية أو الخطورة، وفي هذه الحالة يجب أن يجاب عن كل هذه الأسئلة، حتى ولولم يكن يدرك الطفل أهميتها أو خطورتها، وحتى لا يتوقف عندها ويتفطّن لها بطريقته في هذه السن غير المناسبة، لأن إهمال الإجابة لا يجعل الطفل يهملها عند نفسه حتى ولو طلبنا منه أن يهملها، وينطبق هذا الأمر على الأسئلة التي نصنفها تحت بند – العيب – فكلها يجب الإجابة عنها، ويمكن توضيح ما فيها من – العيب – إن كان لذلك مقتضى، وبأسلوب يفهمه الطفل. وسوف نتناول المسألة بالأمثلة إن شاء الله في فصل عبادات الطفل. (صفحة: 61).

تصل أسئلة الطفل إلى قمتها خلال هذه الفترة، وخاصة في الصفين الثاني والثالث الابتدائي، ومعظم هذه الأسئلة من نوع : لماذا ؟ والمطلوب من الوالدين خاصة، ومن المعلمين إجابة الطفل على ما يسأل عنه الطفل، وشرح ما يغمض عليه من الأمور، لأن الامتناع عن الإجابة، لا يُنهى التساؤل من نفس الطفل، بل يزيده إصرارًا على معرفة هذا الأمر، وقد يُرضى نفسه في هذه الحالة بإجابة خاطئة من عند نفسه، وتظل كفكرة راسخة في النفس ، تشوّش عليه الحقائق والمبادئ التي يسلك سلوكه على مقتضاها، فإذا كان هذا الغموض الذي أراد أن يستوضحه في أمور الدين والأخلاق، فإن عدم إجابة الطفل على أسئلته، يكون لها آثار ضارة فيما بعد. (صفحة: 61).

مما يطرأ على الطفل

مما يطرأ على الطفل في هذه المرحلة، أنه يستطيع التفكير باستخدام المعلومات التي يدركها إدراكًا مباشرًا، كما يستطيع أن يتصوّر ذهنيًا سلسلة أحداث عن الماضي، والحاضر، والمستقبل، وهذا يمكننا في التعامل معه أن نذكره بأخطائه السلوكية الماضية، ويفهم عندئذ الربط بين العقاب في الماضي على مثل هذا الخطأ، وبين العقوبة والخطأ لو وقعت منه مستقبلًا، فيمكن تنبيهه حتى يتجنَّبها. والطفل في هذه المرحلة يدرك معنى الموت، ولكن بلا اهتمام كبير بما يحدث بعده، وقد لا يشغله منه سوى الخوف من اختفاء الأشخاص الذين يحبهم من حياته. كما أنه يدرك ذاته من خلال المعلمين والأقران، بجانب رؤيتها من خلال الوالدين، بعد أن لم يكن يراها إلا من خلال الوالدين فقط. كما يدرك بوعى الفروق الجنسية، والأدوار الجنسية. (صفحة: 62).

يتعلم طفل هذه المرحلة أن الصراخ ليس مقبولا اجتماعيا، ويكتشف أن الكلام وإتقانه أداة هامة للتقبل الاجتماعي، فهو يحاول تحسينه بجانب ما أضافته قراءته من المحصول اللغوي. ويقدر عدد الكلمات التي يعرفها طفل ينهى الصف الأول الابتدائي، ما بين عشرين إلى أربعة وعشرين ألف كلمة، وهي حصيلة تقترب من ستة في المائة من کلمات معجم عادي، ويبلغ محصول طفل في الصف السادس إلى حوالي خمسين ألف كلمة. ويلاحظ تفوّق البنات في المحصول اللغوي، وفي القدرة على التعبير عن المعاني، والطفل يفهم معاني كثيرة ولا يستطيع أن يستخدم لها ألفاظا من عنده. وعموما تحدث طفرة في محصول الطفل اللغوي في سنوات ما قبل المدرسة، وخلالها. (صفحة: 63).

الحاجة للتقدير

يحرص الطفل على الحصول على تقدير من حوله، بإنتاج شيء ما، يروق في نظر الكبار ، وهذا يعطيه شيئًا من الرضا النفسي، ويزيده حرصًا على المثابرة في الأعمال حتى تكتمل، أو إتقان مهاراته حتى يحصل على الإعجاب من الآخرين. ولكنه في نفس الوقت يشعر بمرارة الفشل إذا لم يحقق النجاح في هذا الإنجاز، وقد يشعر بنقص كفاءته إذا تكرر ذلك الفشل، وللخروج من ذلك، وحتى نشبع عنده حاجته إلى التقدير، فيدفعه ذلك إلى التفوق واكتساب المهارات، يحسن أن نتيح للطفل أعمالًا ومهاما نعرف مسبقا قدرته على إنجازها، ثم نشجعه حتى يؤديها، ثم نثيبه عليها، إما بالمدح أو بتقديم الجائزة له عن عمله، فيشعر بالنجاح ويحرص أن يكون ناجحًا دائما، ويراعي اختيار الأعمال والمهام التي تكون محبة لديه، كما يجب أن نحذر الحكم بالتفاهة على إنجازاته، أو بعدم أهميتها، بل يلزم إبداء الاهتمام له وبكل ما يقدمه لنا أو يعمله، وأن نثنى على أعماله، حتى يشعر بأنه قام بعمل ممتاز، أو أنه أدى مهمة كبيرة، لأن مفهومه عن نفسه يَتَكَوَّن من تقديرات الآخرين، وخاصة الوالدين والمعلمين، ومن جانب آخر، لأن الطفل يرى في كل ما يقدمه ويؤديه إنجازًا عظيمًا يستحق التقدير والانتباه، فيصدم من الحكم عليه بعكس ذلك. (صفحة: 70).

مرحلة مهمة

مرحلة الإدراك والتحصيل أنسب وأنجح فترة للتعليم والتدريب، هي فترة التعليم الابتدائي، وفيها يتأسس عند الطفل معظم قواعد السلوك والمفاهيم والمبادىء والعادات، وخلالها تنمو عقليته وشخصيته ويتسع إدراكه، وهي المرحلة التي تبنى عليها المراحل اللاحقة، فالعناية بتعليم الطفل وتدريبه وتوفير كل ما يلائم تحقيق هذا الهدف، يجب أن يعمل له الوالدان، وأن يكونا عونا له على النجاح اللازم، وتحقيق أفضل استيعاب علمي، نظريًا وعمليا، طبقًا 6 لقدرات الطفل من غير إجهاد له وإرهاق ،مضن، ولا تساهل يفوت على الطفل إحراز التحصيل والنجاح الذي يتناسب مع قدراته. (صفحة: 71).

الطفل واكتساب المعايش والصفات قلب الصغير قابل لكل ما ينقش فيه

يقول الإمام الغزالي في «الإحياء»: اعلم أن طريق تهذيب الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبيان أمانة عند الوالدين، وقلبه جوهرة طاهرة نفسية ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يُمال به إليه، فإن عُود الخير، وعُلّمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه والداه، وكلّ معلّم له ومؤدّب ، وإن عُوِّد الشر، وأهمل إهمال البهائم شقى وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له، ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا، فبأن يصونه عن نار الآخرة أولى، وصيانته بأن يؤدبه ، ويهذبه ، ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء، ولا يعوده التَّنعم، ولا يحبب إليه الزينة والرفاهية، فيضيع عمره في طلبها إذا كبر، فيهلك هلاك الأبد، وينبغي أن يراقبه من أول أمره، وأول ظهور محايل العقل عليه، ظهور الحياء لديه، فإنه إذا كان يحتشم ويستحي ويترك بعض الأفعال، فليس ذلك إلا لإشراف نور العقل عليه، وهذه بشارة تدل على اعتدال الأخلاق وصفاء القلب، وهو مبشّر بكمال العقل عند البلوغ، فالصبي المستحي لا ينبغي أن يُهمَل، بل يستعان على تأديبه بحياته وتمييزه. (صفحة: 72).

يقول الغزالي أيضًا : ولن ترسخ الأخلاق الدينية في النفس ما لم تتعود النفس جميع العادات الحسنة، وما لم تترك جميع الأفعال السيئة، وما لم تواظب عليه مواظبة من يشتاق إلى الأفعال الجميلة ويتنعم بها، ويكره الأفعال القبيحة ويتألم بها، والأخلاق الجميلة تكون باعتياد الأفعال الجميلة، وبمشاهدة أرباب الأفعال الجميلة ومصاحبتهم، وهم قرناء الخير وإخوان الصلاح، إذ الطبع يسرق من الطبع، والشر والخير سواء في ذلك. والأصل في تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء. وكل مولود يولد معتدلاً صحيح الفطرة، وإنما بالاعتياد والتربية تتهذَّب أخلاقه وكلما ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمود، فينبغي أن يُكرم عليه، ويجازي عليه بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك مرَّة، فينبغي أن يتغافل عنه ، فإن عاد ثانيًا فيعاتب سرا، ولا يكثر عليه العتاب في كل حين، فإن ذلك يهون عليه الملامة، ويسقط وقع الكلام من قلبه، ويحسن أن يظل للأب عنده هيبة من أن يوبخه، والأم تخوفه بالأب. (صفحة: 72).

ميزة الصغير

الصغير سريع القبول للعلاج جدا، لعدم المعارضة عنده من كبر وعناد ورياسة، فيمكن ترسيخ الخلق فيه بسهولة، عكس الكبير إذ يصعب معه التغيير، وإن كان ممكناً، حيث يتضاعف عنده الجهد والمجاهدة، إذ عليه أن يقتلع مارسخ في نفسه أولا، و ما اعتاده، ثم غرس صفة الصلاح واعتيادها. والصفات الحميدة متعاونة وبعضها مرتبط ببعض، والصفات الخبيثة يستدعي بعضها بعضًا، ويجر بعضها إلى بعض، ويبدأ باكتساب الصفة الحميدة الأهم، فإن المشاغل كثيرة والوقت لا يتسع لإتقان الجميع فالحزم أن يصرف الطاقة في اكتساب أهم الصفات، ثم يأخذ من كل صفة أحسنها إن تيسر له، حتى يستكمل ما يقدر عليه فيما بعد. وينبغي أن يتقن الطفل والصغير الطريق الحميدة المرضية، والصفات الحسنة، حتى يشب على الأنس بها وحبها والرغبة فيها، فلا يضره بعد ذلك أن يعرف الطرق الأخرى؛ لأنه بتكوينه أصبح نافرا منها، مصدودًا عنها. (صفحة: 73).

وسائل التربية الإسلامية التربية بالقدوة الحسنة

وتعد من أهم وسائل التربية حيث يكون المربى من خلالها عدة بناءات داخلية لدى من يربيه، عن طريق سلوكياته التي تنعكس بالانطباعات المؤثرة أفعالا يقلدها ويتمثلها الطفل الناشئ الذي يربيه. (صفحة: 84).

التربية الفكرية

المقصود بالتربية الفكرية هو تعزيز ارتباط المسلم منذ أن يعقل ويميز إلى أن يترعرع يافعا، إلى أن يصبح شابًا، إلى أن يتدرج رجلًا – بنظام الإسلام دينا ودولة، وبتعاليم القرآن دستورًا وتشريعا، وبالعلوم الشرعية منهاجا وأحكامًا، وبالتاريخ الإسلامي روحًا وقدوة، وبالثقافة الإسلامية مدنية وحضارة، وبمنهجية الدعوة الإسلامية اندفاعًا وحماسًا. وينتهج المربى في سبيل ذلك عدة سبل:

1 – التعريف بنظام الإسلام وشريعته، وسنة نبي الإسلام، وأحكام كل سنة.

2 – التوجيه إلى تعاليم القرآن كدستور للإسلام.

3- تعليم العلوم الشرعية بمناهجها وأحكامها.

4 – قراءة التاريخ الإسلامي ليكون لديه القدوة والمثل والعبرة والعظة.

5 – تعويده على الاطلاع على الثقافة الإسلامية وحضارة الإسلام.

6 – التعريف بمنهجية الدعوة الإسلامية لتكون سبيله في الحياة. (صفحة: 90).

التربية الاجتماعية

المقصود بالتربية الاجتماعية هو أن يسعى المربى جهده في ربط ولده منذ أن يتفهم حقائق الأشياء – ببيئة اجتماعية نظيفة صالحة، يكتسب منها التزكية لنفسه، والطهر لقلبه، والتثبيت لإيمانه، والعلم النافع لعقله، والأخلاق الفاضلة الصحية لجسمه، والتوعية الإسلامية لفكره ، والجهاد الصادق لدعوته، والإشراف الرباني لروحه، والاندفاع الإيماني لدينه ويكون ذلك من خلال انتهاج نهج تربوي يتضح فيما يلي:

١- ربط الناشئ بالصحبة الصالحة من الأمور التي ينبغي على المربى أن يلحظها، ويهتم بها، ويسعي جهده في تحقيقها: تعزيز ارتباط الولد بأربعة أصناف من الأصحاب:

الأول. صحبة البيت.

الثاني. صحبه الحي.

الثالث. صحبه المسجد.

الرابع. صحبة المدرسة أو العمل. (صفحة: 91).

تلقين الطفل كلمة التوحيد

كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يستحبون أوّل ما يفصح أن يعلموه لا إله إلا الله سبع مرات، فيكون ذلك أول ما يتكلم به. شه قال ابن القيم رحمه الله: «فإذا كان وقت نطقهم، فليلقنوا: لا إله إلا الله محمد رسول فة الله سُبْحَانَهُ ، وتوحيده ، وأنه سبحانه فوق عرش الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفـ ينظر إليهم ويسمع كلامهم ، وهو معهم أينما كانوا، وكان بنو إسرائيل كثيرًا ما يسمعون أولادهم – عمانويل – ومعنى هذه الكلمة : إلهنا معنا ، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله : عبد الله، وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل ؛ وعقل علم أنه عبد الله وأن الله سيده ومولاه». سمع والسر في هذا: لتكون كلمة التوحيد، وشعار الدخول في الإسلام أول ما يقرع الطفل، وأول ما يفصح به لسانه، وأول ما يتعقلها من كلام، فكما كان التأذين في أذن المولود عند ولادته؛ ليكون أول ما يسمعه شهادة التوحيد، فعند نطقه يجب أن يكون أول ما ينطقه شهادة التوحيد التي سمعها عند ولادته. (صفحة: 96).

غرس محبة الله عَزَّ وَجَلَّ في نفس الطفل

إن النفس البشرية مجبولة على حب من أحسن إليها، والطفل ضعيف يميل كثيرًا لمن يحسن إليه، وفي مراحل الطفل الأولى يجب أن نجعله يحب الله عَزَّوَجَلَّ لما أعطاه إياه عَزَّوَجَلَّ فجميع النعم من عطائه سُبْحَانَهُ. يقول تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحال : ٥٣] ويقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة : ٢٩]. لذا فيجب على الوالدين الاستمرار في عرض نعم الله عَزَّوَجَلَّ علينا وخاصة المحسوسة ومنها : إنه هو الذي خلقنا وهو الذي جعل لنا العينين لنرى بهما، وهو الذي أعطانا السمع لنسمع به، وهو الذي أعطانا الأسنان والأضراس لنأكل بها، وهو الذي أعطانا القدمين النسير بهما. ونظل هكذا نعدد نعم الله عَزَّوَجَلَّ علينا، ونخبرهم أن نعمه علينا سُبْحَانَهُ لا تعد ولا تحصى ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل : ١٨]. (صفحة: 97).

غرس الخوف من الله ومراقبته في نفس الطفل

ويأتي ذلك بترويض الطفل على أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مطلع عليه في سره وعلانيته يراقبه ويراه، فهو سُبْحَانَهُ يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور. وتعويد الطفل على مراقبة الله عَزَوَجَلَّ فيها حل لكثير من مشاكل الطفل، ودفعه إلى الأمام بفضل مراقبته الله عَزَوَجَلَّ، وإيمانه به ، والاستغاثة به عندما يصاب بالمصائب. ويجعل ترويض الطفل على إخلاص النية الله عَزَوَجَلَّ، وتعليمه أن العمل يجب أن يكون خالصا لوجه الله، وأن العمل لا يقبل من العبد إلا إذا كان حالصًا الله، وابتغى به مرضاته. يقول تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الَّذِينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَوَةً وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البَيِّنَةُ : ٥]. ويقول الرسول الكريم صلى اله عليه وسلم : إن الله عَزَّوَجَلَّ لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغى به وجهه. (صفحة: 98).

غرس حب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار في نفس الطفل

: وذلك بتعريف الأطفال بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وكيف اختاره ربه عَزَّوَجَلَّ واصطفاه ليكون رسولا لهذه الأمة؟! محمدا وبهذا يتحقق الشطر الثاني من الشهادة العظمى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن ارسول الله صل الله عليه وسلم. إن من الملاحظ في عصرنا الحالي أن أولادنا وشبابنا يجعلون قدوتهم هذا المطرب أو لاعب الكرة المشهور ير ذاك ؛ وذلك لغياب القدوة الحسنة والأسوة السوية عندهم، وقد كان الصحابة – رضوان الله عليهم – يرسخون في نفوس أبنائهم حب رسول الله صل الله عليه وسلم، ويثبتون هـذا الحب في نفس الطفل، حتى إذا شـب واحتاج لقدوة يقتدي بها – وهذه هي النفس البشرية دائمًا ما تبحث عن شخصية مشهورة قوية تقتدي بها، وتسير على هداها، وتقلدها في حركاتها – حتى إذا ما احتاج الشباب لهذه القدوة كانت شخصية النبي صل الله عليه وسلم وحبه راسخة في نفوسهم فلا يخرجون للبحث عن مطرب أو لاعب كرة ليكون قدوتهم. ومن حب رسول الله صلى اله عليه وسلم يتفرع حب آل بيته الكرام وأهل بيته هم زوجاته وأولاده على أصح الأقوال. يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) [ الأحزاب : ٣٣] عن أنس رضي اللَّهُ عَنْهُ أن رجلا سأل رسول الله صلى اله عليه وسلم: متى الساعة؟ فقال ول الله صلى عليه وسلم : (وما أعددت لها ؟ فقال : لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال النبي صلى عليه وسلم : «أنت مع من أحببت». (صفحة: 99).

قراءة السيرة النبوية للطفل

والسيرة النبوية العطرة مليئة بمعجزات النبي صلى اله عليه وسلم، والقصص المشوقة، والحوادت المثيرة بكل ما تحمله من معان تربوية. ويتفرع 6 عن السيرة العطرة المغازي، وهي الغزوات التي خرج فيها رسول الله صلى اله عليه وسلم هو وصحابته الكرام مقاتلًا مدافعا عن دين الله عَزَوَجَلَّ، فيجب تعليمها للأطفال والخروج منها بالعظات والعبر حتى يتأسى الأولاد بسيرة نبيهم صلى اله عليه وسلم وما فعله صحابته الأطهار في الدفاع عن دين الله وعن نبيهم وقد كان الصحابة – رضوان الله عليهم – يعلمون أولادهم مغازي الرسول صل الفعلية وسلك وسيرة الصحابة، وتلقينها لأولادهم، فقد كانوا يقرءونها مع القرآن. يقول زين العابدين بن علي رضايته عنها: كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلى اله عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن الكريم. (صفحة: 103).

حفظ الأطفال للأحاديث النبوية

ومن محبة رسول الله صلى اله عليه وسلم يتفرع حفظ الأطفال لحديثه صلى اله عليه وسلم وهم صغار، فيجب على الوالدين اختيار الأحاديث المناسبة في كلماتها ومعانيها؛ لتحفيظها للصغار بترديدها أمامهم وشرح معانيها وتبسيطها لهم ليستطيعوا حفظها والعمل بها. ولقد كان الأطفال في زمن النبي يتسابقون في حفظ أحاديثه صلى الله عليه وسلم حريصين كل الحرص على ذلك. فعن سمرة بن جندب رَضِوَاللَّهُ عَنْهُ قال : لقد كنت على عهد رسول الله صلى اله عليه وسلم غلاما، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا رجالا ههنا هم أسن مني ) وهذا هو ابن عباس رَضِوَانَهُ عَنْها وهو غلام صغير يبيت عند خالته ميمونة زوج النبي صلى اله عليه وسلم ، فأتاه المؤذن فخرج صلى اله عليه وسلمك إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورا، واجعل في لساني نوراً ، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نوراً ، واجعل من فوقي نوراً ، ومن تحتي نورا، اللهم أعظم لي نورا» فيحفظها الغلام ثم يرويها عن رسول الله صلى اله عليه وسلم، وقد كان السلف الصالح حريصين كل الحرص على تعليم أولادهم الحديث الشريف. قال الزبيدي: كانت لمالك بن أنس ابنة تحفظ علمه – يعني: الموطأ – وكانت تقف خلف الباب، فإذا أخطأ التلميذ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه. (صفحة: 109).

صحة الإنسان

لقد اهتم الإسلام بصحة الإنسان، وسلامة جسده من الأمراض والأسقام، كما اهتم بسلامة روح المسلم من الشرك، ولقد حرص الإسلام في توجيهاته على الحث على التداوي؛ حتي يكون المسلم قويًا صحيح البدن يخدم دينه ووطنه. عن أسامة بن شريك قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا يا رسول الله أنتداوي ؟ فقال صلى اله عليه وسلم: نعم يا عباد الله ( تداووا فإن الله عَزَّوَجَلَّ لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد قالوا ما هو ؟ قال صلى الله عليه وسلم : (الهرم ) وعن جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكل داء دواء، فإذا أصاب الدواء بريء بإذن الله عَزَّوَجَلَّ». ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير». (صفحة: 110).

الرياضة البدنية

إن الرياضة البدنية تبني جسم الطفل وعقله، وتجعله يتصدى للأمراض فينشط جهاز المناعة، ويتصدى للعدوى ومن المعروف أن العقل السليم في الحسم السليم، وهذه قاعدة وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ بعثته صلى الله عليه وسلم فقال: «عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره» رواه الحكيم الترمذي. فصحة الطفل تكون في رياضته وحركته ونشاطه. وإذا نظرنا نظرة فاحصة لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة، لوجدناه صلى اله عليه وسلم يخص رياضات معيّنة بالذكر دون غيرها لما لها من أثر في بناء جسد الطفل وشخصيته. فعن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال : كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشى الرجل بين الغرضين (الرمي»، وتأديبه فرسه وملاعبته أهله وتعليمه السباحة» [رواه الطبراني]. وقال عمر بن الخطاب لولاته في الأمصار: «أما بعد: فعلموا أولادكم الرماية، والسباحة وركوب الخيل. وقد مر النبي صلى اله عليه وسلم على نفر من أسلم يتناضلون بالسوق فقال صلى اله عليه وسلم : ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ، ارموا وأنا مع بني فلان فأمسك أحد الفريقين عن الرمي، فقال رسول الله صلى اله عليه وسل: «ما لكم لا ترمون؟». تربية الأولاد فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ارمـوا وأنا معكم كلكم». يتناضلون: يتدربون على الرمي. (صفحة: 111).

اتباع السنن

ينبغي أن يؤدب الطفل على اتباع السنن النبوية في الطعام والشراب والنوم، فهناك خمسة آداب للأكل والشرب:

۱ – عدم تناول الطعام إلا بيمينه و أن : يسمى الله.

٢ – الأكل مما يليه .

٣- عدم المبادرة إلى الطعام قبل غيره من الكبار.

٤- ألا يحدق في الطعام وإلى من يأكل.

ه – ألا يسرع في الأكل.

ويجب أن يتعود سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الابتعاد عن التخمة أثناء الطعام؛ لئلا يمرض. فعن المقدام بن معد يكرب قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: «ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه (صفحة: 112).

إن من السنة تعويد الأطفال والكبار النوم بعد صلاة العشاء حتى يستطيعوا الاستيقاظ مبكرين نشيطين قد شبعوا من نومهم لصلاة الفجر. ومن المعلوم أن هواء الفجر نقي لم يتلوث بعد، فإذا قاموا وصلوا واستنشقوا هذا الهواء صحت أجسادهم وقويت. وكان رسول الله صل الله عليه وسلم ينهي عن السمر بعد العشاء فيقول صلى الله عليه وسلم : سمر بعد العشاء». لا وكان عبد الله بن عمر رَضَ الله عنها إذا صلى الفجر لم يدع أحدًا من أهله صغيرًا ولا كبيرًا نائمًا حتى تطلع الشمس. (صفحة: 113).

المرض

إن من الأمراض أمراضًا تعدى من خالط المريض، أو استعمل أدواته، أو استنشق هواء الغرفة الموجود بها المريض، وكل هذا قد أثبته العلم الحديث، ولكن رسول الله صل الله عليه وسلم منذ بداية البعثة الشريفة كان قد وضع قاعدة عامة ألا وهي: لا يخالط المريض المصح. فعن أبي هريرة رضوَاللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول الله : «لا يوردن ممرض على مُصح». فيجب على الوالدين التحرز من العدوى بإبعاد طفلهما عن مخالطة الأطفال المرضى، وكذلك إبعاد الطفل المريض عن سائر إخوته حتى لا يعديهم. (صفحة: 114).

الأخلاق

وقد اعتنى الإسلام ببناء الأخلاق في المسلم، وإعداده سلوكيا واجتماعيا منذ طفولته بقواعد وأسس نذكر منها: الأدب: الأدب هو الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: هو تعظيم من فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه حسن العشرة. وتوريث الأطفال الأدب خير لهم من توريث المال، الأدب يكسبهم المال والجاه والمحبة للإخوان، ويجمع لهم بين خيري الدنيا والآخرة. وقال بعض السلف الصالح لابنه : يا بني لأن تتعلم بابا من الأدب، أحب إلى من أن تتعلم سبعين بابا من أبواب العلم. (صفحة: 116).

تنشئة الإنسان في الإسلام

حرص الإسلام على تنشئة الإنسان تنشئة متوازنة، بحيث يتكون تكوينا منسجما مع طبيعته التي خلقها الله ، ومع فطرته التي فطره عليها، وهكذا كانت إحدى خصائصه المميزة التوزان في الأمور كلها بلا إفراط ولا تفريط. والدافع الجنسي خلقه الله تعالى في النفس البشرية ليكون سببا في استمرار الكائنات الحية جميعها، ومن بينها الإنسان، وقد خصّ الله تعالى زمنًا معينًا لتفجير هذه الطاقة في الإنسان، ليصبح قادرًا على الإنجاب… وسمى الشرع الحنيف هذا السن بسن التكليف؛ أي: بدخول الطفل هذا السن يصبح مسؤولاً عن تصرفاته، محاسبًا على أعماله. ولكي يسير الدافع الجنسي في نفس الطفل بشكل هادئ ، بلا تهيجات خارجية تغذيه نحو الانحراف عن السلوك القويم، رعى الإسلام هذا الطفل، وطالبه بأوامر ونواه، وذلك لكي يتهذب الدافع الجنسي، ويبقى متوازنا طاهرا بلا انحراف، نقيا بلا تلوث. فما هي الأركان والقواعد الضابطة التي خصها رسول الله صلى اله عليه وسلم في تهذيب الطفل جنسيًا، وذلك ليقوم الوالدان باتباعها، فيحفظا بها طفلهما من الانحراف الجنسي، وتبقى فطرته نظيفة طاهرة عفيفة، لم تخدشها الجاهلية بمستنقعها الآسن؟ (صفحة: 117).

استئذان الطفل في الدخول

الطفل يعيش في منزله كثيرًا، وينتقل سريعًا في أرجاء البيت، والاستئذان بالنسبة له أمر صعب وشاق في كل لحظة، وفي كل آن؛ لذلك وجدنا القرآن الكريم يحدد للطفل الصغير طريقة الاستئذان، فيتناولها بالرعاية، والتوجيه، وذلك بأسلوب تدريجي رائع، فحددها له أولًا، وهو طفل صغير أن يستأذن في ثلاثة أوقات حساسة: من قبل صلاة الفجر … ووقت الظهيرة عند القيلولة وبعد صلاة العشاء ونلاحظ أن هذه الأوقات هي أوقات نوم الوالدين، وقد دخلا في غرفة النوم، حتى إذا قرب من سن الاحتلام وجب عليه الاستئذان في البيت في الدخول على والديه في كل آن، وكلما وجد أمامه الباب مغلقا في وجهه، ووالديه في الغرفة. فلنعش لحظات مع التوجيه القرآني الذي خصَّ هذا الأمر بالتفصيل، والبيان دون غيره؛ لما له من أهمية كبيرة في ميزان الشرع. يَتَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَعْذِيكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَتُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُم مِنكُمْ ثَلَثَ مَرَّةٍ مِّن قَبْلِ صَلَوةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَوَةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْأَبَتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَلُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَتَذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كذلك يبين اللهُ لَكُمْ وَايَتِهِ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) [النور : ٥٨ – ٥٩] (صفحة: 118).

تعويد الطفل غض البصر وحفظ العورة

إنَّ البصر وذاكرته بسرعة فائقة… فإذا تعود غضّ بصره عن العوارت كافة المنزلية والخارجية، مستعينا بمراقبة الله تعالى له كما فعل الطفل الصالح عبد الله التستري؛ الذي كان يردد ورده القلبي قبل أن ينام الله شاهدي… الله ناظري… الله معي فإن ذلك يُورث حلاوة الإيمان، التي يجدها الطفل في نفسه. نافذة الطفل على العالم الخارجي، فما تراه عيناه ينطبع في ذهنه، ونفسه، وقد يتهاون الطفل أحيانًا، وينسى أخرى، ويغلبه هواه في لحظة ما، فيرسل بصره نحو الفتيات بشهوة، وتللُّذ، فماذا فعل رسول الله صلى اله عليه وسلم في مثل هذا الموطن؟. أخرج البخاري والترمذي وأبو داود عن عبد الله بن عباس قال: «كان الفضل ابن عباس ردیف رسول الله صلى اله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخره. (صفحة: 121).

أما ستر العورة فإن الطفل يتعوّدها مع بداية أمره بالصلاة، حيث لابد أن يكون لباسه ساترا لعورته، وذلك لتكون صلاته صحيحة سليمة من صغره، وبالتالي ينشأ على حب ستر العورة، صبيا كان أم بنتا، فالصبي يلبس ما يستر عورته، والبنت كذلك، وتزيد عليه أن تتعود الحجاب، فتبدأ بحجاب الصلاة، وهكذا ينشأ الطفل مستقيما صالحا مهذبة نفسه، قويمة أخلاقه، قويًا في إيمانه. (صفحة: 123).

التفريق في المضاجع بين الأطفال

وهو ركن أساسي في تهذيب الطفل جنسيا، وعدم إثارة غريزته بشكل سيئ، وهذا لا نظير له في العالم كله من تشريعات … إنها نظرة النبوة، والدقة النبوية في تهذيب الطفل، والاهتمام به، فروى أبو داود بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وَفَرِّقُوا بَيْنَهم في المضاجع». وفي رواية الحاكم في مستدرکه، وقال صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي : «إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم، وإذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة» [رواه الدارقطني : (٢٣٠/١)] . إذًا هذا التفريق يبدأ في سن العاشرة؛ حيث تكون الغريزة في طريقها للنمو، ولكن كيف يتم التفريق في المضجع؟ إنه عدم نوم طفلين تحت لحاف واحد، أو ينامان في سرير واحد، أما على فراش واحد، وبلحافين مختلفين فلا حرج، وكلما ابتعدوا عن بعضهما فهو أفضل. (صفحة: 124).

تعليم الطفل الغسل

تعلم الطفل المميز فروض الغسل وسننه حينما يتوقع الأبوان قرب بلوغ الصبي، والبنت على السواء، عند ذلك وجب عليهما تعليم الأطفال فرائض إسقاط الحدث الأكبر – الجنابة – وسننه، وكذلك يحدثانهم عن أسبابه، وعن طبيعة المادة التي تخرج، ولونها؛ أي: يقدمان لهم درسا في فقه الغُسل من كتب الفقه؛ ولأن يحدثهم الآباء حديثاً هاديًا عن هذه الأمور؟، خير من أن تمتد أيدي السوء لتنتشلهم، ويقدمون لهم الشُّمَّ الزعاف، وعمر بن الخطاب رَضَوَاللهُ عَنْهُ يقول: «ينقض عرا الإسلام عروة عروة من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية». فلابد من أن يقدم الأب لصبيه والأم لبنتها حديثًا وأحاديث عن فقه الإسلام في هذه المادة التي تخرج من جسم الإنسان، وماذا يفعله الإنسان في مقابل ذلك، وما يعني خروج هذه المادة بالنسبة للشرع؟. إنه يعني دخول سن التكليف في الحياة … إنه بدء الفرائض على الإنسان، والنواهي الربانية له … وبذلك أصبح الإنسان محاسبًا على الصغيرة والكبيرة على أعماله، وأقواله، وأن الملكَيْن رقيبًا ،وعتيدًا ، بدأ كل منهما مهمته في تسجيل الحسنات والسيئات … إلى غير ذلك من مواعظ هادئة، تنبه الطفل نحو العمل الصالح، وكراهية العمل الطالح. (صفحة: 129).

شرح مقدمة سورة النور وتحفيظها للطفل المميز

بعد بلوغ الطفل سن العاشرة، يفرق في مضجعه عن إخوته، فهذا يعني أن بعض الدلالات الجنسية بدأت بالظهور رويدا رويدا. ففي هذه السن نبدأ بوضع الوقايات النفسية، والمناعات الإيمانية في نفس الطفل، ليقوى بها على التحكم في غريزته، وضبط نفسه، والحفاظ عليها من ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله تعالى، فكان السلف – رضوان الله عليهم – يقدمون لأطفالهم سورة النور كوقاية لهم مع الشرح والبيان، ويهتمون بتحفيظها في سن المراهقة قبيل البلوغ وخاصة البنات . وقد أوضح الجاحظ: «بأن المعلمين كانوا يعنون عناية خاصة بتحفيظ الفتيات سورة النور». (صفحة: 130).

الزواج المبكر

مهما قيل في الزواج المبكر من مساوئ في العصر الحاضر، فإن محاسنه تفوقه، وخاصة إذا صحبه تأمين الحياة المادية، سواء من مساعدة الوالدين، أو من كسب الفتى الناشئ. وما أمراض الأمة النفسية والاجتماعية والحوادث الجنائية إلا نتيجة طبيعية لتأخير الزواج، ولن نناقش هذا الأمر كثيرًا، فحسبنا أن نقدم من حياة السلف الصالح هذه النماذج التي قدمها الإمام الراوي عبد الرزاق المتوفى سنة (٢١١هـ) في مصنفها، :باب: نكاح الصغيرين المجلد السادس صفحة [١٦٢]:

١- عن عروة قال : نكح النبي صلوا عليه عائشة وهي بنت ست، وأهديت إليه وهي بنت تسع، ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة.

٢- وعن أبي جعفر قال خطب عمر إلى علي ابنته فقال : إنها صغيرة، فقيل لعمر: إنما يريد بذلك منعها، قال : فكلمه، فقال علي: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، قال : فبعث بها إليه، قال: فذهب ،عمر، فكشف عن ساقها، فقالت : أرسل، فلولا أنك أمير المؤمنين لصككتُ عنقك. (صفحة: 133).

مبادئ هامة في التربية

عند الحديث عن تربية الأولاد، لابد من الحديث عن بعض المبادئ الهامة في التربية وأثرها في تكوين شخصية الطفل ومنها: ۱ مسئولية الوالدين إن السنوات الأولى من حياة الطفل هي فترة تكوين شخصية يصعب تغيير ماغرس في أثنائها في الطفل من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات، وقد دلت التجارب على الأثر الكبير للأسرة في تكوين هذه الشخصية وتشكيلها. وذلك لعدة أسباب منها ١ – أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون خاضعًا لتأثير جماعة أخرى غير أسرته. ٢ – أن الطفل يكون سهل التأثر ، سهل التشكيل شديد القابلية للتعلم. ٣- أن الطفل عاجز ضعيف الإرادة قليل الحيلة. لذا كان أثر الأسرة في الطفل أثرًا عميقا لا يعادله أثر. ومن هنا يحمل الإسلام الوالدين المسئولية الكاملة في تربية أبنائهم. فعن ابن عمر رَوَاللَّهُ عَنْهُما عن النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راعٍ، والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع ومسئول عن رعيته». وتبدأ هذه المسئولية منذ لحظات الولادة؛ لحماية الفطرة السليمة التي فطر الله عليها المولود. فعن أبي هريرة رض الله عنه قال : قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه». (صفحة: 147).

للنجاة من النار

وقد أمر الله عزوجل الوالدين بإنقاذ أنفسهم وأولادهم من النار. فقال تعالى: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَهُ ﴾ الخير : ٦] ولكن كيف تكون هذه الوقاية؟ تكون بأمرهم بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن معصيته بأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فحق على المسلم أن يعلم أهله وقرابته ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه. والأم في هذه المسئولية كالأب سواء بسواء، بل مسئوليتها أعظم وأخطر، فهي بملازمتها أطفالها منذ الولادة إلى أن يشبوا هي أعظم خطرًا وأقوى تأثيرًا من الوالد الذي يسعى على مطالب الحياة غالب يومه. وهكذا نرى أن مسئولية الوالدين كبيرة ، فإذا أدياها كاملة كما ينبغي كان الأولاد زرعا ونتاجا يحصدانه في الدنيا والأخرى. له فعن أبي هريرة رزينه عنه أن رسول الله صلوا عليه قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو فإن أهمل الوالدان تربية أولادهما حصدًا عقوفًا منهم، ولن ينتفعوا بهم صغارًا ولا كباراً. يقول ابن القيم: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا، کہا عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال : يا أبت عققتني صغيرا فعققتك كبيرا، وأضعتنى وليدا فأضعتك شيخا. (صفحة: 148).

القدوة الحسنة

للقدوة الحسنة أثر كبير في نفس الطفل، إذ كثيرًا ما يقلد الطفل والديه، والأطفال بمراقبتهم لسلوك الكبار يقلدونهم فيها، فإن كان سلوكهم سيئًا فهذا يجعلهم يتطبعون عليه، وإن كان سلوكهم حسنًا فيعتبرونهم القدوة العليا لهم، والأخلاق الحميدة التي تزرع بداخلهم طوال العمر. عباس : ونذكر واقعة تؤكد صدق هذا الكلام وهي واقعة الطفل الصغير عبد الله بن عندما شاهد أمامه من يقوم الليل، فإنه سارع لتقليده. فعن ابن عباس رضي لله عنها قال: بتُ عند خالتى ميمونة ليلة، فلما كان في بعض الليل، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت نحوا مما توضأ، ثم ج جئت فقمت عن يساره ولني فجعلني عن يمينه، ثم صلى ما شاء. فنرى أن الطفل قد قام وتوضأ مثلما فعل رسول الله صلى اله عليه وسلم، ثم وقف يصلي … وهكذا تكون القدوة الحسنة. (صفحة: 149).

الرحمة والمحبة في التربية

لقد حض الإسلام الوالدين على التحلي بالرأفة والرحمة والمحبة للأطفال لينشأوا نشأة إسلامية، وذلك لأن العاطفة تشكل عند الطفل مساحة واسعة، فهي تكون نفسه، وتبني شخصيته. ولقد كان السبب الأول في نجاح دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ هو ما مدحه به قائلًا : وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [العنوان : ١٥٩]. والرحمة صفة من صفات الرب الكريم، وما أرسل محمد صل الله عليه وسلم إلا من أجلها، فلقد قال تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَلَمِينَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٧]. ولقد تجلت هذه الرحمة في الرسول الكريم صلى اله عليه وسلم في تعامله مع الصغار، فهو صلى الله عليه وسلم أرحم بهم من ذويهم. فعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: «ما رأيت أحدًا أرحم بالعيـال مـن رسـول الله صلى ال عليه من ونذكر بعض مواقف الرحمة بالأطفال في حياة سيدنا رسول الله صلى اله عليه وسلم: فعن عائشة رَضِوَانَهُ عَنها قالت: قبل رسول الله صلى اله عليه وسلم الحسن والحسين ابنى علي رضي الله عنه، وعنده الأقرع بن حابس فقال الأقرع : إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت منهم أحدًا قط، فنظر إليه رسول الله صلى اله عليه وسلم ثم قال: «من لا يرحم لا يُرحم». (صفحة: 151).

الدعاء للأبناء

الدعاء للأولاد من سنن الأنبياء والمرسلين، وبفضل دعائهم لأولادهم شبوا صالحين، وجعل الله عَزَّوَجَلَّ منهم الأنبياء. فهذا إبراهيم عليه السلام يدعو ربه قائلًا: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِى أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم : ٣٥]. ويدعو قائلًا: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَوَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا أَغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [ ابراهيم : [٤٠ – ٤١ : وهذا زكريا عَلَيْهِ السَّلَامُ يدعو ربه ربه قائلًا: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [ العمران : ٣٨]. وها هو نبينا محمد صلى اله عليه وسلم يأتيه جبريل ومعه ملك الجبال ويقول للرسول صلى اله عليه وسلم يا محمد! هذا ملك الجبال تأمره أن يطبق عليهم الأخشبين، فإذا بالرسول صلو ال عليه وسلم الرحمة المهداة يرفض أن يأمر ملك الجبال بذلك بعد أن أدموا قدميه الشريفتين، وسخروا منه صلوا عليه وسلم، بل دعا لهم قائلًا: «إني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من الله» فأسلمت ثقيف بأكملها بعد الفتح وأخرج الله من أصلابهم رجالًا ذادوا عن الإسلام وحاربوا من أجل فتوحاته. يعبد وإذا كان الدعاء للأولاد من سنن الأنبياء والمرسلين، فإننا مأمورون به، بل ومأمورون بعدم الدعاء على أولادنا. فعن جابر بن عبد الله رَضَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة، فينزل فيها إعطاء، فيستجاب لكم». وذكر الغزالي في الإحياء أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن المبارك يشكو له عقوق ولده، فقال له : هل دعوت عليه ؟ فقال : بلى ! فقال عبد الله بن المبارك: أنت أفسدته. (صفحة: 155).

تجنب المبالغة في التقريع

تجنب كثرة اللوم واجتناب التحقير كثيرا ما نرى الأب أو الأم، يكثران لوم طفلهما وعتابه وتحقيره على أفعال تكون قد صدرت منه، وقد يكون هذا اللوم والعتاب أمام أصدقاء الولد، أو أمام إخوته، أو أمام بعض معارف الوالدين مما يؤثر على نفسية الطفل بالسلب، فينطوي على نفسه محملًا نفسه البريئة هموما لا طائل لها، ويزرع في نفسه التمرد على القيم والأخلاق، ويتجه بدوره إلى الانحراف وعقوق الوالدين ولنا في هذه القصة المغزى العظيم. فقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر يشكو من عقوق ولده، فأحضره أمير المؤمنين ولامه على عقوقه لوالده، فقال الولد يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال عمر : بلى قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر : ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، قال الولد: يا أمير المؤمنين ! إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوس، وقد سماني جعلا ، ولم يعلمني من الكتاب حرفًا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له : جئت إلى تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك. ويستحسن إظهار محاسن الطفل أمام الحاضرين، ليشعر بذاته، ويزداد حيوية و نشاطًا، فالثناء على الطفل أفضل من إظهار عيوبه، أما في داخل البيت فلا مانع من النصح لعدم تكرار الطفل ما فعل من أخطاء، وتوجيهه نحو الأحسن والأفضل. عن أبي هريرة رَضَي اللَّهُ عَنْهُ قال : بـال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى اله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلا من الماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين» (صفحة: 156).

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة