فيما يلي فوائد من كتاب”غمامتان” لمؤلفه فايز الزهراني.
المعارف والعلوم في حد ذاتها لا تبني الأمة المسلمة.
وهذا درس في حد ذاته.
انظر إلى ما وصل إليه العالم الغربي اليوم من الفنون والعلوم، ولكنها لا تصلح لبناء أمة مسلمة.
وإنما يبني الأمة المسلمة العلم ذو المنهجية القرآنية، العلم الذي تحفه الرقابة الأخلاقية،هذا هو الحد الفاصل بين العلم الباني والعلم التدميري، بين العلم الذي انتهجه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان والعلم الذي انتهجته بنو إسرائيل من قبل، وعلى طريقهم تسير الأمم الكافرة اليوم.
الأم الصالحة هي الرصيد الاستراتيجي في نصرة دين الله وبناء أمة قوية،بتحرير أولادها لله تعالى من كل عبودية وارتباط يقيدهم عن آداء حق الله، وأداء حق الأمة عليهم، ولايثنيها عن ذلك الخوف على الولد من الموت أو العوز أو البعد.
اليوم تعاني الأمة من الدعوات المكثفة لحرف الإنسان عن فطرته وللتشويش على محكمات دينه؛ فإن الحاجة تزداد إلى الدعوة إليها وتثبيتها في الناس وحمايتها والدفاع عتها بالقلم واللسان والبيان، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبدروس العلم وخطب الجمعة، وعلى صفحات الإنترنت ومواقع التواصل، وعلى أي منبر يؤمه الناس وبأي وسيلة تصل إلى هذه النتيجة.
فرحم الله امرأً دعا الناس إلى التوحيد وإقامة الصلوات الخمس وزكاة المال ،وبر الوالدين، وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والإحسان إلى المساكين.
ورحم الله امرأً حذر الناس من خطر الشرك والقتل، والزنا والسرقة، وشرب الخمر وإتيان الفواحش، والظلم، والغدر وأحذ الرياء وأكل المال بغير الحق.
ألا إن هذا أعلم ما يدعو المؤمن إليه .. أهله وجيرانه وأصحابه وأهل مسجده وأحبابه وأبناءه، وهذا هو جوهر دعوة الأنبياء والرسل والمصلحين.
على أن أمراً مهما ينبغي التنبيه إليه هنا، وهو أن هذه المحكمات ليست من العلم الذي يختص به النخبة من طلاب العلم والفقهاء والمفكرين والمثقفين، بل هي من العلم العام الذي -كما يقول الشافعي – يرويه العامة عن العامة ويتوارثونه خلفهم عن سلفهم، فيمكن للوالدين أن يساهما في هذه الدعوة العظيمة من خلال تربية أبنائهما عليها، ويمكن لمدير الدائرة أن يضبط أهداف دائرته في ضوئها، ويمكن للتاجر أن تتبدل إلى: يؤدي دورا في الحفاظ عليها، ويمكن للحاكم أن يجعل نظامه محكوما بها.
ويمكن للمعلم أن يضع بصمته في صد العوادي الفكرية عليها في طلابه، وهلم جرا.
فتلمس دورك في تشييد بناء المحكمات، واحفظ بشرف وراثة الأنبياء والرسل.
وليهنك الأجر العظيم من الله.
هذه سبيل الأنبياء.. الدعوة إلى أم الكتاب.
عالجت سورة البقرة تعريف الملائكة وآدم والشيطان؛ تعريفا مرتبطا بمفهومي العبودية والإلهية.
وذكرت أن الله تعالن خلق الملائكة وآدم والشيطان.
وأن العلم الموجود عند آدم إنما اكتسبه من تعليم الله له.
وأن الملائكة لم تكن تعلم حكمة الله في خلق آدم.وأن آدم عبد جرى عليه قلم التكليف، بعد أن خلقه الله وعلمه. وأنه بعد أن علمه الله أسجد له الملائكة.
ثم أنزله الله من الجنة بعد أن وقعت منه معصية جره الشيطان إليها. وأن الشيطان مطرود من رحمة الله، لأنه أبى واستكبر عن طاعة الله.
وأنه يأمر بالسوء والنقائص، ويعد بالفقر.
وأن الله يدعو إلى الخير ويعد بالرحمة، إلى آخره.
واليوم تحاول الآلة التربوية الغربية نزع صفة الشر عن الشيطان، وتغرس في نفوس الأجيال الجديدة حبه وتعظيمه من خلال تحسين صورته وتجميلها وإسباغ معاني الخيرية والإحسان إليها، عبر التقنيات الحديثة كالروايات و الأعمال
السينمائية، وينفقون في سبيل ذلك الأموال الطائلة.
ومن يتأمل سورة البقرة يدرك ضلال من يسوي أحد هذه المخلوقات بالله تعالى، أو يجعل شيئا منها جزءا منه سبحانه أو فرعا له، تعالى وتقدس.