فيما يلي فوائد من كتاب “شريك حياتي من فضلك افهمني” لمؤلفه أسامة يحيى أبو سلامة.
من أهم أسباب الخلافات الزوجية أن الرجل يتعامل مع زوجته وكأنها ينبغي أن تكون -من حيث التكوين النفسي- رجلا مثله!
والمرأة كذلك تتعامل مع زوجها وكأنه ينبغي أن يكون -من حيث التكوين النفسي- امرأة مثلها.
كيف هذا؟ ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ (آل عمران ٢٦).
لا عضوياً ولا فسيولوجياً (وظائف الأعضاء) ولا نفسياً.
“ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار”
أساليب النساء بالنسبة للنساء، وكذلك أساليب الرجال بالنسبة للرجال صحيحة وطبيعية ومنطقية، ولكن بسبب الجهل بالاختلافات بين الرجال والنساء، قد يبدو للرجال أن أساليب النساء وكذلك يبدو للنساء أن أساليب الرجال غير صحيحة وغير طبيعية وغير منطقية.
إن تفهم الاختلافات بين الرجل والمرأة سوف ييسر على كل طرف استيعاب دوافع حدوث الكثير من الأمور التي تبدر من الطرف الآخر، وبالتالي قبولاً والتعامل معها بعلم وحكمة وبتقدير وفير واحترام كبير، مما يتيح إنبات وإنماء حياة زوجية لا تعرف ضيقا ولا شقاءً، وتتسم بالحب والهناء. (صفحة: 12)
وستظل الحقيقة التي لا يمكن غض الطرف عنها ولا تجاهلها قائمة؛ وهي أن الزوجين مهما اختلفا ومهما تجافا فإن أحدهما لا يتحمل العيش وحيداً عن الآخر بعيداً؛ وستظل المرأة كزوجة، هي السكن الدافئ، والمحبة الوارفة، وسيظل الرجل كزوج، هو العضيد القوي والصاحب الأمين.
﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ (صفحة: 14).
(وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ)
يتمتع الرجل بهيكل عظمي أكبر وأقوى، ونسبة كثافة للعظام أكثر من المرأة، كما أن عضلاته أقوى منها، الأمر الذي يعينه على تحمل الأعمال التي تستلزم المشاق الجسدية.
عدد كريات الدم الحمراء أقل عند المرأة بنسبة حوالى ٢٠% مما عند الرجل، ولذا كان من الطبيعي أن تصاب المرأة بالإجهاد عند قيامها بعمل شاق أسرع من الرجل الذي يقوم بنفس العمل، أما الرجل فيحوز -بسبب النسبة العالية من كريات الدم الحمراء- على نسبة أعلى من الغذاء والأكسجين وبالتالي تتوافر لديه طاقة أكبر، الأمر اللازم لحركته الدؤوبة ونشاطه الجسدي الشاق.
من الاختلافين السابقين يتضح لنا أنه من الغبن -أي غبن- أن يُطلب من المرأة تأدية أعمال مثل التي يؤديها الرجل.
إننا بذلك نظلم كلا الطرفين، عاملنا المرأة مثل الرجل وفي هذا ظلم لها، أو اعتبرنا الرجل مثل المرأة وفي هذا ظلم له، كقول العقاد “إذا ساويت بين مختلفين فقد ظلمت الإثنين”، لأنهما ليسا سواء، ولا يمكن أن يكونا سواء في القدرة على تحمل المشاق الجسدية. (صفحة: 16 – 17).
يود الرجل في الحوار أن تسمع أفكاره، أما المرأة في الحوار فتود أن تُتفهم مشاعرها. والمرأة عندما لا تستمع لأفكار زوجها فإنها -عنده- لا تثق به، وبالتالي فهي لا تحبه، لأن التي تحب عند الرجل، هي التي تثق به. والرجل عندما لا يتفهم مشاعر زوجته فإنه -عندها- لا يهتم بها، وبالتالي فهو لا يحبها، لأن الذي يحب عند المرأة، هو الذي يهتم بمشاعر الطرف الآخر. (صفحة: 29).
لا يحدث التقاء في حديث الرجل مع زوجته أبدا إن كان إتجاه حوارهما مختلف، رغم أنهما ربما يتحدثان في موضوع واحد لتبيان ذلك نضرب هذا المثل:
رجل يناقش زوجته في موضوع تأخر ابنهما في التعليم:
هو : لابد من تنظيم وقت استذكار الولد (يتحدث عن الحل).
هي: أنت غير موجود بالبيت لأجل ذلك الولد لا يستذكر جيداً (تتحدث عن السبب).
هو يتحدث عن الحل وهي تتحدث عن السبب فلن يلتقيا أبدا، وسينقلب
الحوار إلى جدل؛ ثم خلاف؛ فنكد،
ولذلك عند مناقشة أمر ما بين الرجل وزوجته لابد من اتفاقهما ليس فقط على عنوان الموضوع ولكن أيضا على اتجاه الحوار.
هل سنتحدث في الحلول؟
أم سنذكر الأسباب؟… أم ماذا؟ (صفحة: 30).
عندما تقول المرأة لزوجها: “أنت لا تسمع كلامي أبدًا”، فإنها في الحقيقة لا تعني أن زوجها لا يستمع إليها “أبدا” فكلمة “أبدا”، كلمة تعميمية وهي عندها تعبر عن استيائها وضيقها بعدم استماع زوجها إليها في هذه اللحظة فقط.
إن المرأة لا تكترث بالتعريف الدقيق للكلمات ولا تعبأ إن استخدمت مفردات اللغة في موضعها أم لا، كما أنها لا ترى بأساً في استخدام الإيحاءات العاطفية والمبالغة، حتى تؤثر على مستمعيها، أما الزوج فيترجم الكلام حرفياً، لقد فهم أنها تقصد أنه منذ أن عرفها وهو لا يسمع كلامها مطلقا، ولكنها الحقيقة لا تقصد ذلك أبداً.
يجب أن يعي الرجل أن المرأة تستخدم الكلمات التي لا تقصد معناها وهذا يعني أنه يجب عليه ألا يتناول حديثها حرفياً أو يسعى لتعريف كلماته كما يجب أن تفهم المرأة أنها ينبغي عليها أن تتحاور مع زوجها بأسلوب منطقي قدر جهدها حتى يفهمها. (صفحة: 31).
مما يُغفل عنه
إن ما يحفز الرجل على البذل والعطاء هو شعوره بالاحتياج إليه، بالاحتياج إلى رأيه وفكره، إلى ذكائه وعقله، إلى قوته وساعده، ولذلك كلما زاد إحساس الرجل باحتياج أسرته إليه ارتفعت همته في خدمتها والقيام بشؤونها.
نساء كثيرات لا يعلمن أن مساعدة أزواجهن وتشجيعهم تتم بطلب مساعدتهم وإشعارهم بحاجتهن إليهم، دون إلحاح أو محاصرة.
من أجل ذلك كان من الممكن وبمنتهى السهولة أن تستخرج المرأة من زوجها أقصى بذل وأسخى عطاء إذا قالت له: “إحنا ما نقدرش نعيش من غيرك” -مثلا- إنها عبارة توحي بالاحتياج الشديد إليه، فكانت العبارة التي تحمله على أن يزيد من بذله ويكثر من عطائه.
أما ما يحفز المرأة لمزيد من البذل والعطاء إحساسها بالاحترام والإعجاب ممن حولها، فهي ترغب من زوجها أن يثني عليها وعلى ما تؤديه من أعمال باستمرار. فالزوجة تقوم -مثلا- بطهي الطعام لساعات طوال، تقضيها بالمطبخ أمام حرارة نار الفرن، وبين نفايات حوض الأواني، لتعد مائدة زاخرة بالأطعمة المناسبة لزوجها وأولادها، وتكون في غاية الغبطة والرضا إن قيل لها فقط “تسلم إيدك” إنها جملة قصيرة فيها من الثناء ما يجلب الإرواء. (صفحة: 40).
طبيعة الأنثى

إن طبيعة المرأة الأنثوية تملي عليها أمرين:
أولاهما: توقع حاجة الآخرين للمساعدة.
ثانيهما: المسارعة في تقديم المساعدة والنصيحة والتوجيه دون أن يطلب منها ذلك.
ولا شك أن هذه الطبيعة جعلت المرأة متميزة في هذا الصدد ومتوافقة تماما مع دورها كزوجة وأم، والتي عليها استقراء طلبات زوجها وحاجات أطفالها قبل أن يطلبوها منها، كي تهب لقضائها. وتنتظر المرأة أن يكون سلوك زوجها مثلها، فهي تريد منه أن يحس بها دون أن تتأوه، وأن ينهض لمساعدتها حال حاجتها لهذه المساعدة، ودون أن تطلبها منه، بينما الحقيقة أن الرجل -نظرا لطبيعته- لا يستشف حاجة الآخرين للمساعدة، ويحتاج ممن يريد المساعدة أن يطلبها منه بطريقة صريحة مباشرة، أو يعرب عنها بدموع متساقطة أو نوبات غضب عارمة. (صفحة: 43).
ويجدر بنا أن نوجز مواصفات الطريقة الصحيحة التي ينبغي للمرأة أن تسلكها لتطلب من زوجها أمرًا، وهي كالتالي:
١- اختيار التوقيت المناسب.
٢- وضوح الطلب بلا أي مواربة أو تورية.
٣- الإيجاز في الطلب.
٤- عدم الإلحاح.
٥- اختيار الكلمات المناسبة، فإن ما نقوله قد يكون مهمًا، ولكن كيفية قوله هي الأهم.
٦- استخدام وسائل الأنثى و”أسلحتها” بالجرعة الملائمة وفي التوقيت المناسب. (صفحة: 44).
مساعدة الرجل لزوجته والمرأة لزوجها
كيف إذاً يساعد الرجل زوجته عند تعرضها للضغوط والمشاكل؟ إنه بلا شك سؤال هام جدا؛ وعلى قدر أهميته قد لا يعرف إجابته أغلب الرجال!
مساعدة الرجل لزوجته تكون أولاً بحسن الإنصات لها والإصغاء لشكواها والتجاوب مع مشاعرها ومشاركتها لأحاسيسها، وعدم المسارعة بتقديم حلول ونصائح.
والذي يحدث أن الرجل الذي جبل على حل المشاكل ما أن تنبري زوجته لتحدثه عن بعض مشاكلها رغبة في الحديث معه فقط، إذا به يحاصرها بالنصح والتوجيه وطرح الحلول، مما يترتب عليه استياء زوجته منه وضجرها بنصائحه وتوجيهاته وحلوله، وهو يتعجب لماذا هي منه غضبى وهو يقدم لها النصائح والتوجيهات والحلول لمشاكلها!
إنها أيها الرجل لا تريد أيا من ذلك البته، وإنما ما تبغيه حقيقة هو الحديث والحديث فقط ثم إنصاتك لها بقلبك قبل أذنيك وتجاوبك مع مشاعرها ومشاركتها لأحاسيسها.
وكيف إذاً تساعد المرأة زوجها عند تعرضه للضغوط والمشاكل؟ إنه بلا شك سؤال هام جدا وعلى قدر أهميته قد لا تعرف إجابته أغلب النساء.
مساعدة المرأة لزوجها تكون أولاً باحترام صمته ثم تشجيعه بعد ذلك، دون تقديم أي انتقادات أو توجيهات أو حتى نصائح، إلا إذا طلب زوجها منها ذلك بوضوح. (صفحة: 47 – 48).
هنا يجدر بنا ذكر بعض من أشهر دوافع الصمت الزوجي الأخرى. حتى لا تنحصر بأذهاننا في السبب السابق ذكره فقط والتي ربما يمثل فيها الصمت وسيلة حكيمة للهروب من المشاجرات الزوجية، مثل:
(1) تناقض آراء الزوجين في كثير من الأمور.
(2) عدم الصراحة والوضوح بين الزوجين.
(3) ايثار الصمت على إثارة النقد الهدام (أو الصحيح الذي يقال في غير وقته المناسب وبغير جرعته الملائمة) ومن ثم النكد.
(4) اتساع الفارق بين ثقافة واهتمامات وميول وطباع ونضج وعمر كل من الزوجين.
(5) عدم اهتمام أحد الزوجين بالآخر الاهتمام الكافي.
(6) الرتابة في الحياة الزوجية.
(7) ضغط الظروف الاقتصادية القاهرة. (صحفة: 57).
للرجل والمرأة احتياجات عاطفية أساسية، ذات تأثير بليغ على إيقاد وإنماء وإبقاء جذوة الحياة الزوجية مستقرة مستمرة مستعرة بينهما.
ويقف الحب على قمة هذه الاحتياجات العاطفية لكل من الرجل والمرأة على السواء وتشمل احتياجات الرجل العاطفية الرئيسية الأخرى على:
(١) قبول زوجته به.
(٢) ثقتها فيه.
(٣) تقديرها له.
أما أهم احتياجات المرأة العاطفية الرئيسية الأخرى فتتلخص في:
(١) تفهم زوجها لها.
(٢) رعايته إياها واهتمامه بها.
(٣) احترامه لها.
وهناك احتياجات عاطفية أخرى للرجل والمرأة ولكنها كلها -تقريبا- تنبثق من هذه الاحتياجات الأساسية السابقة وتحوم حولها. (صفحة: 58).
يتم حصول كل من الرجل والمرأة على احتياجاتهم العاطفية من شريك الحياة بإقامة علاقة تبادلية، يبذل فيها كل طرف ما عليه بذله لإرواء الطرف الآخر، وطريقة البذل المثالية هي:
(١) أن أبدأ أنا أولاً بعمل ما يجب علي عمله (أو بمنح ما يجب علي منحه)، ولا أنتظر أن يبدأ الطرف الآخر بالعمل (أو بالمنح).
(٢) أن أفعل ما يجب علي فعله ولا أتعجل النتيجة.. التي سوف تأتي بإذن الله في حينها المقدر لها.. طال الزمان أم قصر. (صحفة: 59).
على المرء أن يسعى إلى الخير
جهده وليس عليه أن تتم المطالب.
التقدير والاحترام من الفقه
إن التقدير يعطى كثمن لأعمال ومهام أنجزت، وهذا يستدعي السعي والكد والتعب، أما الاحترام فيعطى لشخص المرء وماهيته بغض النظر عن قيامه بأعماله ومهامه أو عدم قيامه بها.
إن ما تؤديه المرأة في بيتها مع زوجها كزوجة وأبنائها كأم لا يستطيع أحد كائناً ما كان أن يقدره حق قدره لا يستطيع أحد أن يقدر عمل الزوجة الوفية الصالحة ولا أن يقدر عمل الأم الرؤوم الحانية لا يستطيع أحد كائنا ما كان فعل ذلك، ولهذا يجب أن تحترم المرأة لكونها أنثى ولكونها زوجة ولكونها أمًّا.
إن قيمة المرأة وكرامتها الحقيقية تتحقق عن طريق ماهيتها “وليس عن طريق تقدير أفعالها”.
ولذلك عندما تشعر المرأة بأنها لا تستقبل الاحترام الكافي فلن يكفيها مطلقا تقدير الناس لها إنها لا ترتوي أبداً من التقدير بل الذي يرويها هو الاحترام على هذا جبلت المرأة السوية وفطرت.
إن نجاح الرجل في تغطية احتياجات زوجته العاطفية يكسبها شعوراً بالأمان، وهو شعور إن دثر المرأة أشعرها براحة نفسية غامرة، فلا استقرار نفسي للمرأة إذا لم تشعر وهي في ظل زوجها بالأمان.
إن فقدان المرأة للأمان يحملها على أن تتصرف بغير أمان فتراها تتوجس من الحاضر القلق! وتتحسب للمستقبل المظلم! وتخفي عن زوجها ما تصنع وما تشعر وتدخر دون علمه المال وتراوغ وتكذب! (صفحة: 75).
قبس من التراث
ولقد حفظ لنا تراثنا الإسلامي العربي البديع نصائح أم لابنتها ليلة زفافها، ما يبين أن المرأة منذ القدم كانت مدركة بالاحتياجات العاطفية للرجال والنساء، ملمة بواجبات الزوجة، عالمة بطبائع الرجال، خبيرة بنفوسهم.
وأرادت هذه الأم الحكيمة وتدعى أمامة بنت الحارث أن تورث هذا الإدراك والإلمام والعلم والخبرة لابنتها أم إياس بنت عوف بن مسلم الشيباني عند زفافها بعمرو بن حجر ملك كنده، فأوصتها وصيتها الرائعة البليغة قائلة لها:
أي بنية .. إن الوصية لو تركت لعقل وأدب، أو مكرمة وحسب، لتركت ذلك منك، ولزويته عنك، ولكن الوصية تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل.
أي بنية .. إنه لو استغنت المرأة بغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، لكنت أغنى الناس عن الزوج، ولكن للرجال خلق النساء ولهن خلق الرجال.
أي بنية .. إنك قد فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك ملكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي عني خلالاً عشراً؛ تكن لك دركاً وذكراً:
فأما الأولى والثانية: فالمعاشرة له بالقناعة، وحسن السمع والطاعة، فإن القناعة راحة القلب، وحسن السمع والطاعة رأفة الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والرعاية على حشمه (أقربائه) وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال من حسن التقدير، والرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
- واتقي الفرح عنده إن كان ترحاً (حزيناً)، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير.
- وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً، يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
- وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
- واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك. (صفحة: 76 -77).
الإخفاق
إن الإخفاق الذي يصيب الزوجين في مساندة ودعم كل منهما للآخر عاطفيا إنما يأتي في المقام الأول من عدم فهم الاحتياجات العاطفية للطرف الآخر.
ولذلك كثيرا ما نجد المرأة تشتكي من زوجها لأنها أعطته كل شيء ولم تأخذ شيء، وكذلك الرجل أيضا يردد نفس الشكوى والحقيقة الغائبة تكمن أن كلا من الزوجين محق في قوله .. كلا من الزوجين يبذل ما يستطيع بذله لإسعاد الطرف الآخر .. ولكن .. الذي يبذل ليس دائما من احتياجات شريك الحياة الذي يبذل يكون غالبا من احتياجات باذله.
إنه يعطيها احتياجاته هو .. ولا يعطيها احتياجاتها هي!!
وأنها تعطيه احتياجاتها هي .. ولا تعطيه احتياجاته هو!!
كلا الزوجين ظن أنه أعطى ما هو مطلوب منه بينما الحقيقة أن كلا منهما لم يعط شيئا مما عليه وبالتالي لم يأخذ شيء مما له.
كلاهما ساء فهمه فخاب عطاؤه وهو يحسب أنه يحسن صنعا. (صفحة: 78).
من التصورات الخطأ التي شاعت وتجذرت في مجتمعاتنا هو أن إفصاح أحد الزوجين عن حبه للآخر قد يعد دليلاً على ضعفه، ولا يؤدي إلا إلى ازهاق الكرامة وذبح الكبرياء!
لو كان الأمر كذلك ما قدَّم النبي نموذجاً رائعاً في إظهار حبه لزوجاته. فعندما سأله عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن أحب الناس إليه ظنًّا منه أنه هو أحب الناس إليه، فإذا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم يجيب: عائشة؛ هكذا وببساطة وأمام الناس.
كما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن في حجر زوجته الحبيبة عائشة (رضي الله عنها) وهي حائض، ويتلمس موضع شفاهها في الكوب ليشرب منه بعدها، ويلعق أصابعها بعد الأكل، ويغتسل معها في إناء واحد، ويسابقها فتسبقه تارة ويسبقها أخرى، وتشب على كتفه لترى لعب الأحباش بالمسجد، ويدللها قائلا: يا عائش.
وتلك زوجته صفية (رضي الله عنها) عندما أتته وهو معتكف بالمسجد لتحضر له طعاما، فلم يتركها تعود وحدها، بل قطع معتكفه وعبادته إلى عبادة أخرى إلى توصيلها لبيتها ليزيد من أنسها به.
صلى الله عليك يا رسول الله. (صفحة: 82).
حالة الانسحاب والابتعاد
يمر الرجل بدورة حب لزوجته، تتبادل فيها فترة دنو واقتراب من زوجته يعقبها فترة انسحاب وابتعاد عنها ثم تأتي بعد ذلك فترة دنو واقتراب منها مرة أخرى يعقبها فترة انسحاب وابتعاد عنها ثانية وهكذا وسبب ذلك أن الرجل يشعر ربما بدون أي مقدمات أو أسباب واضحة، وربما أيضا هناك أسباب بحاجته للبحث عن نفسه وذاته واستقلاليته فتخيم عليه -رغماً عنه- الرغبة في الانسحاب والابتعاد عن زوجته وأسرته، وأنه كما انسحب وابتعد عنها فجأة فسيعود إليها أيضاً فجأة.
والمرأة لا تستوعب هذه الحالة التي تنتاب زوجها استيعاباً جيداً، والسبب أن الانسحاب والابتعاد عند المرأة يخضع لإرادتها واختيارها ورغبتها وأنه يتم عندها -بعكس الرجل-، بطريقة تدريجية كما أن عودتها من هذه الحالة تدريجي أيضاً.
إنها لا تفهم أن ذلك لا ينطبق على الرجل أبداً، إنها لا تفهم أن الرجل لا يتمتع بأي سيطرة على هذه الحالة مثلما تتمتع هي.
وتعتبر هذه الحالة -على غرابتها بالنسبة للمرأة- صحية وذات فائدة واضحة للرجل وزوجته على السواء فالرجل يعود لزوجته بعد أفول هذه الفترة من الانسحاب والابتعاد وهو ملئ بالعواطف مشحون بالحنين. (صفحة: 95).
القوامة
الأسرة ككيان لابد له من قائد ولابد للقائد من قوامة ولابد للقوامة من تبعات ولابد للتبعات من قيادة رشيدة ورعاية محبة ويتربع على قمة هذه القيادة والرعاية الالتزام بالإنفاق المادي وإذا ما أخذنا في الاعتبار صفات الرجل الفطرية من حبه للعطاء المادي وعقلانيته وجرأته وقدرته على تحمل المشاق والتصدي للمشاكل، وإذا ما أضفنا نقيض ذلك بالمرأة ذات الطبيعة المزاجية المتقلبة والعاطفة الجياشة والتبعية الفطرية للزوج وحبها للأخذ المادي، وضعفها ورقتها، استطعنا أن نجيب بسهولة على السؤال المحوري التالي: لمن تكون القوامة؟ للرجل أم للمرأة؟
طبقاً لما سلف إنها وبلا تردد يجب أن تكون للرجل دون المرأة ليس في هذا تقليلاً من شأن المرأة ولكن فيه مراعاة لنفسيتها وتقديراً لطبيعتها من ناحية، ولاتساقها تماماً مع طبيعتها هي وطبيعة الرجل أيضا من ناحية أخرى.
إن قيادة البيت تستلزم اتخاذ قرارات في بعض أمور مصيرية، وهي أمور يلزمها قدر كبير من الكياسة وضبط العاطفة والحزم، وعدم التردد والتخطيط والنظرة العقلانية في ضوء ذلك قيم القرآن الكريم القدرات والإمكانات المختلفة للرجل والمرأة فحسم قضية القوامة قوله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء ٣٤).
أنها قوامة لا تعني الاستعلاء والإلغاء، قوامة لا تعني التجبر والتسلط؛ بل هي قوامة مسؤولة، قوامة سيحاسب عليها الرجل يوم يقف أمام ربه، ويالها من وقفة.. قوامة إذا ما انتفت قدرة الرجل عليها، كان يكون سفيهاً أو ضعيفاً، ينتفى منه القيام بها. (صفحة: 110).