الارتباط؛ تساؤلات وتوجيهات

|

وقعت عيني على منشور لفتاة منذ زمن، ومما كان فيه أنها أحبت شاباً ولا تستطيع فراقه؛ فلا هي تريد عصيان ربها، ولا تقدر على فراق محبوبها، وكان كلاماً مؤثراً فيه ألم حقيقي إحساسه خرج من فؤادها. بكت عيناي حينها وقالت لي نفسي: إلى هنا وصلنا! وبكيت مشفقة عليها، وفي آنٍ آخر، لم أرتضي فعلها وإن كاد ليتفطر قلبها من الشوق.

قلت: أين أبوها وأين أخوها؟ لا؛ بل أين عفتها وحياؤها؟ تعجبت للوهلة الأولى، ثمَّ نظرت بعين الناقد لواقعنا؛ فوجدتُ أنها ليست لوحدها من وقع بهذا؛ بل كثيرات، وبعضهنّ قصصهنّ مروعة أكثر منها. وأكثر من وقع به هنَّ الفتيات المراهقات -زعماً-؛ لاختلاط مشاعرهنّ في هذه الفترة، وتصديقهنّ لكل كلمة تقال لهنّ، وجهلهنّ بالسوء حولهنّ.

وقفت حينها للحظة بينما كنت أقلب قصصهنّ بذهول، وجال في عقلي ألف سؤال، وفؤادي أُتْرِعَ شفقة عليها، أردت الأخذ بيدها وإخراجها من بئر هذه القذارة، وتعليمها والتهوين عليها بعضاً مما تجده؛ فإذا بي أجد كل الأبواب مغلقة، ليسَ هناك وسيلة لِأُعيد حواء لرشدها، فتركت الأمر ونسيته إلى أن أتت الفرصة، وها أنا أكتب مقالي لكِ يا مسلمة؛ فاسمعيني بقلبك واعملي بنصيحتي لكِ بجوارحك، عسى أن تخرجي للنور وتضعي لمسة منكِ على سواد الماضي؛ لينير لك دربك، عسى ربك يخرجك من ظلمات المعاصي إلى نور العبادة.

ومن لم تتلطخ بوحل هذه القذارة، فاحمدي الله أولاً وآخراً، واعلمي أنه فضلٌ من ربك فاشكريه، ولا بأس بقراءة مقالي فقد يكون معيناً بإذن الله على عدم الوقوع به، وإذا اختلطت ببقع منه -أي لا زال الأمر بالبداية- أو تلطخ غيرك به؛ فهو يعينك على تنظيفهما. وأسأل الله أن يكون نافعاً لي ولكنّ، وأن يتقبله خالصاً لوجهه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عنه الغافلون؛ أما بعد: فقد انتشر في عصرنا هذا مصطلح جديد، وهو ما يسمونه “الارتباط”، ويكون بين شاب وفتاة من غير أي ارتباط شرعيّ ولا عقد بينهما؛ بل تعارف بعضهما على بعض إلى أن يفكروا بالزواج أو الخطوبة، يستحلون بها ما حرّم الله عليهم من لمس وغزل وغيرها، والله المستعان. ولنصحح المفاهيم؛ فهذا عندنا يسمى العلاقات المحرمة، علاقات لا يرضاها الله، ولا ديننا، ولا تقاليدنا، ولا ترضاها كل أنثى لديها فطرة سوية ولم تبع عفافها لرجل رآها سلعة فأراد شراءها -واعذريني على هذا اللفظ؛ ولكن الرجل الذي لا يخاف ربه هكذا يرى الأنثى فلا تنصدمي-.

العلاقات المحرمة قد انتشرت في هذا الزمن وبكثرة، ومن الناس من يعلم أنها حرام؛ ولكنهم لا يقدرون على ترك معشوقهم، ومنهم من أصبحت عندهم شيئاً عاديّاً وأمراً لا بد منه قبل الزواج بحجة إبليسية: (أن نتعرف على بعضنا فقط، نيتنا طيبة)، وهو في كِلا الأمرين حرام وتجاوز شرعي.

 قال الله عز وجل: ﴿يَستَخفونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَستَخفونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتونَ ما لا يَرضى مِنَ القَولِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعمَلونَ مُحيطًا﴾ [النساء: ١٠٨]. 

هذا هو حالهم، يستخفون عن أعين الناس ولا يتيقنون أنَّ رب الناس يراهم. وترى الفتاة في خوف دائم؛ فهي بين دوامتين، لا تريد أن يعرف أباها ولا الناس لكيلا تفتضح، ولا تريد تركه فهي ضعيفة أمامه.

يا أختي، أعلم أنك في مرحلة صعبة عليك، وأن مشاعرك بدأت تنضج وتريدين أن تُحِبي وأن تُحَبي؛ لكن لا يأتي رجل بكلمتين معسولتين يوقعك وتصدقينه! اعلمي أنَّ هذا حرام، ويجلب سخط الله عليك، واعلمي أنَّ من تكلمينه كذاب.

  • ستقولين: كيف يكذب علي، هو يحبني؟
  • سأقول لك: أنه لو أحبك بصدق لأتى من الباب، أنت تظنين أنه يقفز الجدران لأجلك، ويكابد الحياة ليبقى معك؛ لكن لماذا لا يهون على نفسه ويطرق باب وليّك؟
  • هو لا يستطيع، لا مال له.
  • حسناً، فلنصدق أنه فقير. لكن؛ لماذا لا يعمل ويجمع المال؟ أليسَ يحبك ويكابد عناء العيش للحظة معك؟
  • هو يعمل؛ لكن الحياة صعبة والمال لا يكفي للزواج.
  • إذاً هو يغشّك؛ فلو كان يحبك لخاف عليك عذاب جهنم، ولو كان يحبك لتركك وعمل وجمع المال ثمَّ أتاك حلالاً، والرسول ﷺ قال: “ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهم” وذكر منهم “متزوِّجٌ يريدُ العفافَ”، فلو صدق في طلب العفاف؛ لأعانه الله مصداقاً لقول رسولنا الكريم.
  • طيب، هو يحبني؛ لكن عائلته لا تسمح له أن يتزوجني. 
  • لماذا عائلته لا تسمح له؟ بل لماذا هو يسمع كلامهم بهذا؟ أوليسَ القرار له لأنه رجل؟ وإلا فأين رجولته؟ إذا كنت امرأة دينة وخلوقة؛ لماذا لن تقبل عائلته بك؟ إلا إذا كانت لديهم عنصرية ولا يزوجون ابنهم إلا من نفس بلدهم أو من نفس المنطقة أو من اختيار الأهل تعنتاً وتضييقاً، وللأسف من هذه الأفكار وبسبب الأهل يعاني الأبناء. ولمثلهم نقول: تذكّروا حديث الرسول ﷺ في خطبته: “يا أيُّها النَّاسُ، أَلَا إنَّ رَبَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، أَلَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على أَعجَميٍّ، ولا لِعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا لِأَحمَرَ على أَسوَدَ، ولا أَسوَدَ على أَحمَرَ إلَّا بالتَّقْوى” فلا فرق إلا بالتقوى. وقال الرسول ﷺ: “لم يُرَ لِلْمُتَحابَّيْنِ مثلُ النكاحِ”؛ فإذا طلب ابنكم الزواج من فلانة، إذا كانت دينة وصالحة؛ تقبلوا اختياره؛ فالقرار قراره وهو من سيعيش معها وليسَ أنتم. ولكِ أنتِ نُكمل: لا تعلّقي نفسك مع رجل لا يملك أن يخطبك، وتحرقي سنين عمرك انتظاراً.
  • نحن نعلم أنه حرام، وندمنا؛ ولكن لا يمكنني تركه، والوصل بيننا مستحيل.
  • اعلمي يا أخية أن كل شيء مقدر لك، وما كان لك لن يأخذه أحد، فنصيبك سيصيبك، وإذا قدر لك ربك أن تتزوجيه؛ سيجمعك به ولو كنت بالشرق وهو بالغرب، وكلها أقدار مقدرة، ما عليك إلا أن تتقي الله وتصبري، واتركيه لله واستودعيه عنده؛ فربنا لا تضيع عنده الودائع، والدعاء وصل بينكم ولو تقطعت السبل. أعلم أنَّ ترك من هام قلبك بحبه صعب، ومن قال أنه سهل؟ ولكن أجره كبير وعظيم، وهو جهاد مع نفسك، وتؤجرين عليه؛ فأشد الجهاد جهاد النفس والهوى. وسؤال لك أنت: هل ترضين أن تخسريه دنيا وآخرة؟ هل تعصين الله به وترضين عليه أن يعصي الله بك.

وأوجه لكِ توصيات ومقترحات تعينك في أمرك بعد استعانتك بالله:

  • أولاً: ابتعدي عنه وأرسلي له رسالة أخيرة تقولين فيها باختصار أنك ستتركينه؛ لأنَّ هذا الفعل لا يُرضي الله، وأنكما يجب أن تتوبا أنتما الاثنان، ومن غير انتظار للجواب احذفي كل شيء، لا تبقي أي أثر أو شيء يخصه. ولا تذهبي فجأة؛ بل قولي له برسالة مختصرة، لِكي لا يتعبك ويبقى يسأل عنك ويحاول الوصول لرقمك ليعرف سبب تركك له، أنت بغنى عن هذا، ولكيلا تحرقي كبده من الانتظار؛ فاتقي الله بنفسك وفيه.
  • ثانياً: الألم حتمي، وقد يكون شديداً وليس بسهل؛ ولكن عليك المثابرة والصبر، وسيجعل الله لك من أمرك مخرجاً. 
  • ثالثاً: تذكري أنك لا زلت في ستر الله، وخافي من انكشاف الستار عنك. فإذا كنت لا تخافين من عذاب ربك والعياذ بالله؛ فماذا عن كلام الناس والسمعة السيئة؟ ماذا عن أبيك الرجل الطيب ذا السمعة الحسنة بين الناس؟ أتشوهينها لأجل رجل لم يعرف قيمتك؟ أبوك الذي رباك كل هذا العمر حتى كبرت؛ أهكذا تردين له معروفه وتكسرين ظهره؟ والله وتالله لو يطعن الأب بسكين أهون عليه من أن يعلم أنّ هذا الفعل خرج من ابنته، ولك أن تتخيلي مقدار ألمه، ولن تبلغي. أبوك الذي يفخر بك ويريدك أن تكوني أماً صالحة ويزوجك لرجل يخاف عليك، غيور يقدرك ويحترمك؛ أهكذا بكل بساطة لأجل نزوة تكسرين ظهره؟ أعيذك بالله يا أخية أن تردي معروف والدك بطريقة كهذه.
  • رابعاً: اعلمي أنَّ من يحبك حقاً يطرق بابك بالحلال ولا يسعى لكِ حراماً، ومن يحبك سيتركك ولا تستغربي؛ أجل سيتركك بالمعروف، ويوضح لك أنه فعل ذلك لأنه حرام، ولكيلا يخسرك بالدنيا والآخرة. بل من يحبّك؛ يحادث وليّك ويخطبك، ولا يحادثك أنت. آه يا أخية لو تعلمين كيف يفكر بك من تكلمينه، لا يفكر بك سوى أنك نزوة عابرة، عندما يمل منك يذهب لغيرك، ولا تظني أنه لا يوجد رجال صالحين، لا، ولكنهم لا يسترقون النظر من النوافذ؛ بل يطرقون الأبواب، ويسعون للحلال. وإذا أردت أن تعرفي إذا كان كذاباً أو لا؛ قولي له أنك تريدين أن تبتعدي عنه لأنه فعل حرام ولا يرضي الله، وهنا ستظهر حقيقته، فإن وافق قولك فهو على خير، سواء أكان صادقاً في حبه فقرر خطبتك أو كان كاذباً في حبه فرحل؛ أما إن قال لك أنه لا يستطيع العيش بدونك، والحياة من بعدك ظلام دامس، وصفّ العبارات التي كلها كذب؛ فقد تبين كذبه على نفسه وعلى الله، وأنت بغنى عنه. وبكلتا الحالتين عليك تركه.
  • خامساً: اتقي الله في نفسك وفيه، اتركيه ولا تقولي أخاف أن أكون أوجعته أو كسرته بفعلي، يا أختي، من منكما لن يتألم؟ أنت ستتألمين وهو، وهذا لا بد منه، ولعله بهذا تكفَّر عنكما ذنوبكما وتحط خطاياكما، هذا ما أمرك فيه ربك، أمر بترك المعاصي واجتنابها؛ فلا تتركي مجالاً للشيطان ليوسوس لك؛ بل صديه واعلمي أنه القرار الصائب ولا تتراجعي عنه.
  • سادساً: احفظي حياءك وعفتك، فإذا خسرتها؛ خسرتِ كل شيء، هما كنز فلا تضيعيهما، واعلمي أنَّ الرجل الذي معك والله لو أتاحت له الفرصة للزواج بك فلن يفعل لأنه يبحث عن أنثى عفيفة حتى لو كان غير عفيف -إلا ما ندر-. الرجل تعجبه الفتاة التي تجملت بالعفة وتوشحت برداء الحياء، وأنت كأنثى أكرمها الله وأعزها؛ لا ترضي لنفسك بالمذلة؛ بل تعلمي قيمة نفسك وقدرها، ولا تسمحي لأحد بالاقتراب منك بكلمة أو لمسة سوى زوجك. واعلمي أنّ الرجال الذين لا دين يردعهم هم أتباع لشهواتهم، لا يهمها سوى أنفسهم وما تدعوهم إليه، وأعيذك بالله أن ترضي أن تكوني مع من هذا حاله.
  • سابعاً: اشغلي نفسك ووقتك، تعلمي القرآن والحديث، مارسي الرياضة، تعرفي على صحبة صالحة، اذهبي لأماكن ليسَ بها اختلاط أو فتنة، ابتعدي عن مواقع التواصل والأغاني؛ فهما أكثر ما يهيج العواطف، احترمي ضعفك ولا تقولي لن أتذكره وتعودي إلى نفس المحادثة، وتسرحي بعالمكما الذي رسمته في خيالك، احذفي أي محادثة تخصه أو أي شيء يذكرك به؛ لأنَّ باب الفتن مفتوح يا بنيتي، باب الفتن لا يغلق بهدوء؛ بل يغلق بقوة، ولا تبقيه مفتوحاً ولو بالشيء البسيط؛ فلن تفلحي حينها بالنسيان.
  • ثامناً: ما قدره الله لك سيأتيك؛ فاصبري واحتسبي الأجر، ولا تضيعي تعب والديك بلحظة عابرة زائلة، ولا تتنازلي عن حيائك وعفتك مهما كان، ولا تساومي عليها. وإذا أرسل لك شاب أينما كان ومهما كان، ولو كان ملتزماً؛ لا تردي عليه، وأغلقي الباب من أوله، سدي الذرائع كلها من البداية ولا تُدخلي نفسك بأماكن فيها فتن، وحينما تشعرين بفتنة؛ اهربي منها هروبك من الأسد.
  • تاسعاً: املئي قلبك بحب ربك، عندها ستجدين السعادة، الحب أمره خطير والقلب أمره أخطر، والحب ينبع من القلب فكيف التحكم بهما؟ عليك المحافظة على قلبك. وإني لأجد أنَّ هذا الأمر من أشق الأمور على الأنثى؛ لأنها بطبيعتها مرهفة المشاعر، وتتعلق بسرعة -وهذا لا يبرر المعصية؛ فهي عاقلة مكلفة-؛ ولكن عندما يمتلئ هذا القلب بحب ربه؛ أتراه سيلتفت لغيره؟ كلا؛ بل سيسعى لإرضاء ربه كما كان يسعى لإرضاء محبوبه. وعلى الأنثى أن تمسك قلبها حتى يأتي نصيبها، تبقى ممسكة قلبها وكابحة هواها عن الحب إلى أن يعقد قرانها، حينها يمكنها أن تترك قلبها لرجل أتاها حلالاً، وتطمئن معه، حينها فقط ستشعر باستقرار قلب محارب كان في جهاد قبل أن يُعْلَنْ ارتباط قلبيهما ببعضهما، ويا هنيئاً لكل بنت استطاعت الحفاظ على قلبها لهذه اللحظة، يا هنيئاً لها.


كلمة للشاب:

اعلم أيها الشاب أنّ ما تفعله مع البنات حراماً ويقلل من مروءتك. أولا تخاف أن يُرَدَّ عليك بأن يبتليك الله بأختك أو ابنتك عافاك الله؟ أترضى أنت ما تفعله معهم أن يفعله غيرُك مع أختك أو ابنتك؟ بالتأكيد لا -وإذا كان نعم؛ فهذا ضعف في دينك وغيرتك وعليك مراجعة نفسك-. وإن كنت وقعت وأخطأت؛ فتب إلى الله واتقيه في نفسك وفيها، واتركها إذا كنت تحبها حبّاً حقيقيّاً طاهراً عفيفاً، واسعَ لكي تنالها بالحلال، لا تدنس عفافها بسوء ولو بكلمة غزل. فاتق الله، واشغل نفسك عنها بحفظ قرآن وأحاديث وتعلم سيرة النبي، واحذف كل رسائلها وكل ما يخصها، وابتعد عن مواقع التواصل والأغاني وكل ما يهيج حبك لها، واستعن بالله ولا تعجز؛ ستستطيع أن تنساها إذا استعنت بالله. واطلبها من ربك بصلواتك وقيامك، وادعُ بأن تكون زوجتك؛ ولكن لا تفكر بالأمر كثيراً، وإن استعصى اجتماعك بها أو كانت لا تناسبك بعد توبتك ولا يتغير حالها؛ فاسعَ للزواج من امرأة صاحبة دين وعفاف إن رضيت دينها وخلقها واستطعت تقبلها ومحبتها، وبالتأكيد لو قدر الله أن تجتمع أنت ومن أحببت سابقاً وقد تلاقت الطرق؛ فيمكن الزواج بالثانية. الدنيا لا تقف على أحد؛ فلا تجعلها تقف عندها، ولعل نصيبها في غيرك ونصيبك في غيرها؛ فلا نتألى على الله، ولنرضى بأقداره.

كلمة للوالدين:

هذه الكلمة موجهة للآباء والأمهات، ألا فاتقوا الله في أولادكم، املؤوا قلوبهم بالحب الكافي لهم حتى لا يبحثوا عنه في أماكن سوء، علموهم دينهم، علموهم تقوى الله بالسر والعلن، علموهم أن الله ينظر إليهم وخوفوهم من ربهم قبل أن تخوفوهم منكم. راقبوا هواتفهم، ولا أقصد بأن يكون مع الفتاة الهاتف فتأخذه أنت أيها الاب الكريم أو الأم الحنونة أمامها وتريها أنك تفتش جوالها، لا، هذا الفعل يكسر ثقتها بنفسها وفيكم، من غير علمها تأخذه وترى ولا تراقب الهاتف لأنك تشك بها؛ بل لأنك تخاف عليها وعلى مستقبلها. ولا أنصح أبداً أن يكون لديهم هواتف قبل ١٦ أو حتى قبل أن يفهموا كيف يتعاملون به؛ لأنه للأسف نرى من عمرهم أكبر من ذلك ويقعون بالحرام بسبب الهاتف؛ فالهاتف فساد للأولاد.

إذاً؛ متى أشتريه لهم؟ إذا علمتم أن أولادكم يخافون الله، وتعلمون أنهم بالغين فكرياً، وأنهم سيعلمون كيف يتصرفون به وأنتم على يقين إنهم يعلمون بمراقبة الله لهم ويتصرفون وفقاً لهذا؛ حينها يمكنكم الشراء، فللهواتف نفع، منها أن أكثر الدورات الشرعية باتت على الهاتف؛ فإذا كانوا بقدر هذه الثقة؛ أعطوهم إياه مع المحافظة على أوقات لأخذه والضوابط. ومهم ألا ينعزلوا بالهاتف لوحدهم؛ بل أمام أعين العائلة يؤخذ الهاتف. عودوهم على هذا؛ فحينها لن يفرق مع إخوانهم الذين سيأتون بعدهم؛ لأنه أصبح مثل تقليد على الكل من الأولاد الصغار فعله، ولا تثقوا فيهم ثقة عمياء وتظنون أنهم لا يخطئون، اعلموا أنَّ الشيطان ما زال موجود، وما زال يوسوس لنا، فإياكم والإفراط بالثقة، ولا أعني بذلك عدم ثقتكم بهم نهائياً، فهذا خطأ؛ ولكن من غير إفراط ولا تفريط.

كلمة للأم:

يا أيتها الوالدة، ابنتك أغدقي عليها بالحنان والحب والعطف، كوني لها صديقة لكي تخبرك بكل ما تشعر به وما يحصل معها، اكسري الحاجز الذي بينك وبينها باستماعك لها وتفهمك لمشاعرها، ولا تؤخري عليها الزواج لسبب أنها صغيرة. إذا كانت ابنتك واعية وقادرة على حمل هذه المسؤولية وتفهم ما معنى الزواج وتعلم ما لها وما عليها؛ فلِمَ التأخير؟ للأسف؛ فإنَّ تأخير الزواج هو ما أوقع كثير من البنات بالعلاقات المحرمة، فالأنثى تحب أن تتزين وتسمع المديح، وأن تجد من يحبها وتحبه ويكون عندها رجل يحنو عليها ويتفهمها ويغار عليها، وكل هذه الأشياء لن تأخذها حلالاً إلا بالزواج؛ فلو أخرته عنها ستبحث عنه بغير الزواج، ولو بتصبيرات صغيرة، وهذه ليست تبريرات للمعصية؛ لكننا مأمورون بسد ذرائع المعصية وما يقرب منها، فاتقي الله في ابنتك.

كلمة للمجتمع بالعموم:

دعوا عنكم ما استوردتموه من الغرب وأذنابهم حول الزواج والعلاقات، دعوا عنكم ضرورة إكمال الجامعة أولاً ليتم الزواج، اتركوا ما اخترعتموه من شروط وهمية ومتطلبات كثيرة للزواج، يسّروا الحلال ليتعسّر الحرام، اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة