حذر الإسلام من الاختلاط في الوظائف والأندية، والمواصلات، والأسواق، والمستشفيات، والزيارات بين الجيران في الأعراس والحفلات، والخلوة في أي مكان ولو بصفة مؤقتة كالمكاتب، والعيادات، وغير ذلك من الأماكن التي ينبغي أن لا يخلو فيها الرجل بالمرأة خلوة بحيث يأمنا من دخول الناس عليهما.
فإن الخلوة في حد ذاتها حرام ولو لم يرد في ذهن أي منهما أي فكرة محرمة، فإذا خلا بها فقد ارتكبا وزراً،
ولا شك أنه ينبغي أن نراجع أنفسنا، ونجتهد في اتقاء الخلوة والاختلاط والتبرج ما استطعنا، فإن الستر والصيانة هما أعظم عون على العفاف والحصانة، فاحترام القيود التي شرعها الإسلام في علاقة الجنسين هو تمام الأمن من الفتنة والعار والفضيحة والخزي،
إن على الرجال أن يصونوا بناتهم وأزواجهم من الاختلاط بالأجانب والتبرج أمامهم، فجعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية، والفضائح المشينة التي هي صفعة قوية في وجه كل من يجادل بعدما تبين، والإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي شاع فيها الاختلاط ناطقة -بل صارخة- بخطر الاختلاط على الدين والدنيا،
ولما وقعت فتنة الاختلاط التي سنها أول من سنها طه حسين في الجامعة المصرية وقعت حوادث يندى لها الجبين، وبما أنه هو الذي تآمر لفتح باب الاختلاط في الجامعة سئل عن ذلك، فرد طه حسين على الحوادث التي وقعت فقال: لا بد من ضحايا.
ولكنه لا يبين بماذا تكون التضحية، وفي سبيل ماذا لا بد من ضحايا، فالمعروف أن الإنسان يضحي بشيء رخيص في سبيل شيء أغلى وأثمن، فما هو الشيء الذي هو أسمى وأغلى من أعراض المسلمات بحيث نضحي بأعراضنا في سبيل مصلحة أكبر!! والله المستعان.
وعلى أي الأحوال نستطيع بكل قوة أن نجزم بحقيقة لا مراء فيها ولا جدل ولا شك، وهي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض، وذبح العفاف، وإهدار الشرف، ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي أنتجت هذه الجريمة وسهلت سبيلها فإنك ستجد حتماً أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة الإسلامية بين الرجال والنساء،
ومن خلال هذه الثغرة دخل الشيطان، وصدق الله العظيم
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27-28].