إن الإسلام حرم سفر المرأة بغير محرم، وبعض النساء حينما نتكلم في هذا تظن أن هذا نوع من التشديد أو التعسير عليهن، ولا يدركن أن هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بهن؛ لأن المرأة مظنة الشهوة والطمع، والمرأة لا تكاد تقي نفسها لضعفها ونقصها.
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- : أنه سمع النبي ﷺ يخطب ويقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) (لا تسافر) فهنا أطلق السفر ولم يقيده بمدة ولا بزمن، وهذا هو الصحيح أن السفر هو كل ما أطلق عليه لفظ السفر فإنه يتناوله هذا الحديث،
يقول الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: “كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ذلك في ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك.
وفي رواية ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- المطلقة: “لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم” وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.
وقال الحافظ -رحمه الله-: “قد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات. أي: الروايات التي فيها تقييد مختلفة ومتفاوتة، فالمخرج من هذا كله أن يقال: السفر مطلقاً”.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي ﷺ يخطب يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتب في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك)، فأمره أن يترك الجهاد وينطلق كي يصحب امرأته في الحج.
يقول ابن العربي: “كل أحد يشتهيهن وهن لا مدفع عندهن، بل ربما كان الأمر إلى التخلي والاسترسال أقرب من الاعتصام، فحد الله عليهن بالحجاب وقطع الكلام وحرم السلام، وباعد الأشباح إلا مع من يستبيحها وهو الزوج، أو يمنع منها وهم أولو المحرمية،
ولما لم يكن ذلك من تصرفهن جعل الأصل قرارها في البيت، فلما لم يجد مفراً من أن يخرجن لقضاء حاجتهن أذن لهن فيه بشرط صحبة من يحميهن، وذلك في مكان المخالفة وهو السفر مقر الخلوة ومعدن الوحدة”.
والسفر غالباً يكون فيه وحدة ويكون فيه خلوة، فإذا تركت وحدها تتعرض لما لا تطيق، وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: “المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كبيرة”.
أي: حتى لو كانت امرأة كبيرة؛ فإن السفلة والسقطة من الناس لا يرتدعون حتى عن الكبيرة، كما يقول الشاعر: ولكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يوماً لها سوق.
فيقول النووي : “قد قالوا: (لكل ساقطة لاقطة) ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطتهم من لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته وقلة دينه ومروءته وحيائه”.
فتباً لهؤلاء الذين يطلقون لبناتهم ولنسائهم العنان يسافرن دون محرم، ويجعلون من علامات المرأة المتحررة المتنورة أنها تسافر دون محرم!
وأنها الآن تجهر وتفخر بأنها تسافر بدون محرم، ويخلون برجال أجانب مدعين أن الظروف تغيرت، وأن المرأة اكتسبت من التعليم ومن الحرية ما يجعلها موضع ثقة أبيها وزوجها،
ما هذا إلا فكر خبيث دس إلينا ليفسد حياتنا، وما هي إلا حجج واهية ينطق بها الشيطان على ألسنة هؤلاء الذين انعدمت عندهم غيرة الرجولة والشهامة، فضلاً عن كرامة المسلم ونخوته.