بعد عملية ردع العدوان للشباب السوري المجاهد بإذن الله، وبعد أن استعاد أرضه من يد الطغاة؛ تهافتت منظمات الحقوق وتعاول مدعو الإنسانية، على ألا يجعلوا سوريا دولة إسلامية؛ بل يريدونها ديمقراطية علمانية، والعذر الممنهج: تواجد طوائف كثيرة للشعب السوري. وحتى لا يكون في ذلك حرج وخوف على مشاعرهم بأنه إذا حكمت الشريعة ستكون في قلوبهم خصاصة.
ليكن في قلوبهم ما يكن، ولتعول وتولول المنظمات والدول، ألم تكتفوا من التدخل الخارجي؟ وما أعطت حقوقكم الشعب السوري والأمة غير تجرع كأس الذل والهوان؟ أين حقوقكم حينما قام الشعب على الطاغية الكافر ولم تأبهوا؛ بل دعمتم المليشيات لنهب الثروات، وزرعتم داعش حنيما كانت الأمة لا تعرفها، وسلطتم الضوء عليهم على أنهم هم الثوار المخربين الإرهابين وهم الإسلاميين المتشددين الأصوليين؟
جميعنا نعلم من هم ومن خلفهم! الشعب السوري شعب ذا أغلبية مسلمة سنية، والطوائف الأخرى أقلية؛ فالنصيرية -وهم الطغاة وأتباع بشار- كما وصفهم شيخ الإسلام: (هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى؛ بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد ﷺ أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم) [مجموع الفتاوى ٣٥-١٤٩]؛ فهم مشركون وضررهم على أمة محمد كبير. والنصرانية أقلية كذلك، كانت في عهد الدولة الأموية ومن بعدها تعيش بسلام ولم نسمع أن مسلم انتهك حقهم، الدروز أقلية، فقل لي بالله لمن الحكم؟ قل لي من الذي ضحى بالدماء وعذب وهجر؟ من حرر هذه الأرض؛ المنظمات، النسوية، السياسة؟ بل أهل السنة؛ فمن يتجرأ على القول بأنه يريدها كذا وهو راكن في بيته لم يحرك ساكناً، الذي يحكم هو من ضحى بسبيل رفع الظلم وراية التوحيد.
لم نسمع قط أن بني أمية في عهدهم نكلوا بالأقلية، أوليس حكم الإسلام عدل؟ فيكف تبتغون حكم بغير حكم الله؟ أبعد أن نصركم وآزركم، تبتغون حكم البشر الوضعي الغربي، الذي حينما أتى ما سبب إلا الضعف للأمة وانحلالها؟ قولوا بربكم، هل حينما حكمت الشريعة كانت الأمة في انحدار؟ أولم تكن الأمة في عز وقوة وعلم وعلماء؟
أولم يعش اليهود ٨٠٠ سنة في سلم تحت رعاية المسلمين وكانت أفضل حقبة زمنيه لهم؟ أولم يعِش غيرهم حتى؟ ألم تكن العلوم دارجة والمدارس تصدح، والآداب تنضخ، والدين في قوة وعزة؟ أولم تكن دول الغرب تستقرط منا وتهابنا وخافنا؟ أولم تكن لغتنا اللغة العالمية ولغة العلم والأدب؟ كيف تريدونها غير إسلامية؟ أويحكم منهج ودستور غير الذي يريده المسلمون؟ كيف يحكم دستور بغير الإسلام وأهل سوريا مسلمين؟
ترون الإسلام غير عادل وليس بأهل ليحل الخلاف ويلزم الحقوق ويضبط الناس ويحكم بينكم بالعدل والقسط؟ خسئتم وخسئ مبتغاكم، فلقد شبعنا من خبثكم وتدخلكم وتحاملكم على الإسلام وأهله لا وفقكم الله. أقيموا شرع الله وامضوا، وسحقاً لكل ناعق، دعوا القوافل تمشي فما التوفيق إلا بالله، فلا تشكروا الله بعد الهداية والفتح والتمكين بالنكران وتحكيم شرع غيره، وكأنه سبحانه جل في علاه لم ينزل دستوراً من عنده بعدل وقسط، دستوراً يصلح شؤون البلاد والعباد كلهم جل شأنه، فلا تكن نفوسكم نفوساً ضيقة ومريضة وجبانة.
وكما قال محمود شاكر رحمه الله: (اذكروا اسم عدوكم، فإن نسيانه جريمة، واعرفوا عمل عدوكم فإن جهله هو الذل، وحرضوا أنفسكم على أن تقاتلوه بالليل والنهار، في تفكيركم وأعمالكم، وفي بيوتكم وشوارعكم … لا تنسوا، فإن النسيان هو الهلاك) [جمهرة مقالاته، ج٢، ص٩٤٩].
قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110].
وقال جل جلاله: ﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: 16].
وقال عز من قائل: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256].
وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ﴾ [النحل: 36].
وقال الحق: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ [الزمر: 17].
وقال الملك: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [الحج: 56].