من جملة الإختبارات واللبلاءات التي كُتِبَت علينا: سنين حربٍ أحرقت الأخضر واليابس، أُزهِقَت فيها الأنفُس، ورُبِطَت فيها البطون من شدة الجوع، هُدِّمَت منازل على رؤوس أصحابها، فُجِعَت أُسَر آمِنة، وشُتِّتَ شملُ أحبابٍ للأبد.
موت، وقصف،وجوع، وهم، وخوف،وعجز، وحرمان، وقلوب تكاد أن تُقلع من شدة الهلع.
وفي خِضَم هذه الأحداث كان الحمل الأكبر على الرجل الذي عليه أن يخرج ليأتي بقوت عياله، فضلا عمن حمل روحه على كتفه وانبرى ليقاتل، بينما تودَع النساء والأطفال في أماكن اكثر أمانا وأبعد عن شبح الموت؛ فكان الرجال لهم النصيب الأكبر من حصد المنايا.
فلم نسمع إمرأة تطالب بحقها المسلوب وتطلب بأن تكون نِداً للرجل وتقف في صفوف القتال تحت وطأة الصواريخ، ولم نرى من تصيح علينا بمظلوميتها لتخرج في الظروف القاهرة لتأتي بلقمة العيش وتجعل نفسها طعما للطائرات المسيرة.
سنين مرت وأخذت معها ما أخذت وذاق الناس فيها ما ذاقوا، لتأتينا بعدها أقوام لم نعهدهم ولم نألفهم ولم نعلم حقيقة وجودهم، تحت أسم (المنظمات الدولية).
منظمات ترعاها أمريكا وأخواتها التي وجدت تربة خصبة لتبث سمومها وافكارها الهدَّامة للدين.
ظاهر الأمر مساعدات وإعادة إعمار وتعويضات لأناس متعطشين بعد حرمانٍ ذاقوه، وما هي إلا حملات تجنيد لمشاريعها وخدمة لانظمتها واجندتها.
جاءت المنظمات وجاءت معها أفكارها المسمومة، ولعل أخطرها (الفكر النسوي) الذي لم يكن ليخطر على بال حرة كريمة معززة مصانة أن تعتنق افكارًا تخرجها من خدرها للذل والعبودية وتزج بها في سوق العمل لتحيد بها عن وظيفتها الأساسية.
يا من حُفِظتِ على مر العصور بشرع خالقٍ تحت قوامة أب ثم زوج ثم إبن، كيف تسللت الى داخلك قناعات جعلتكِ نِداً لهم.
ها أنتِ ذا تصارعين بقايا فطرتك التي تطلب عزها بمن يكفيها ذل مخالطة الرجال وتَحمُّل طباع اللئيم منهم ومريض النفس، بل قولي ذل الخضوع لأحكام وقوانين تُفرض عليكِ، تمنعك من راحة واستقرار في بيتٍ دافئ يحفظ لك دينك ويُبقي على حيائك من ان تنزعهُ أُلفة المخالطة والإعتياد.
كيف حال أطفال يُحرمون من حنان الأم في أكثر فترات عمرهم حاجة لها، بعد أن يُلقون في الحضانات؟ وكيف حال قلبكِ وانتي ترمين بطفلك الرضيع بأيدي غريبة عنه؟
لتعودي آخر النهار منهكة تعجزين عن القيام بحق زوجٍ فقد جزءاً من قوامته وتنازل عن بعض حقوقه وتغافل عن تقصير من أجل مال لا يضمن له ولعائلته العيشة السوية.
الزوج الذي لا أحسبه إلا شريكاً بهذا الفعل، وإلا فكيف يرضى لزوجته بأن تقضي الساعات الطوال تحت إمرة مدير وتحت انظار زميل وعند طاعة مراجع؟!
وكيف يضمن أن تعود له زوجته بنفس القلب الذي خرجت به صباحا وهي تخالط وتشارك من قد يتميز عنه بميزاتٍ وخصال؟!
ثم يتوقع منها أن لا تراهم إلا إخوة وزملاء، ويبقى وحده من فاز بقلبها وشغل تفكيرها! إن الله عز وجل ما حرم شيء إلا لحكمة، وغالبا تقصر عقولنا عن أبصار حكم الله في شرعه وما حرم علينا وما أحل.
فالواجب علينا سد الذرائع وصفع أبواب الفتن بكل ما اوتينا من قوة، وإلا اهلكنا أنفسنا، فلا يلومن أحد إلا نفسه.